جار التحميل...
فيما يأتي توضيح ذلك:
عند الرغبة في تحقيق النجاح، لا بُدّ من معرفة أسباب عدم القدرة على تحقيقه؛ لتجنُّبها في المستقبل، وفيما يلي الأسباب الأكثر شُيوعاً للفشل:
لا يفتقر كلّ مَن يتعرَّض للفشل إلى المعرفة أو الموهبة؛ إذ قد يكون شخصاً ذكياً وموهوباً إلّا أنّه لا يمتلك ميزة المُثابَرة والانضباط؛ فالنجاح لا يتطلّب الموهبة فقط، بل يتطلّب سنوات من العمل، وهو لا يأتي دون جُهد ومُثابَرة، وعليه، إن كان الشخص لا يستطيع ضبط نفسه، أو يلتزم بخُطَّة العمل، أو يحاول بجِدّ في كلّ مرَّة، أو يُضحّي بكثير من الأمور؛ كبعض التسلية، فإنّه على الأغلب سيتعرَّض للفشل.
يُفضِّل بعض الأشخاص العمل بمفردهم لتحقيق أهدافهم، ويميلون إلى العُزلة وعدم إشراك الآخرين في خُطَطهم أبداً، وقد يعود ذلك إلى عِدَّة أسباب، منها: عدم الثقة بالآخرين، وبالتالي عدم الرغبة في تفويض العمل لهم أو طلب المساعدة منهم، بل إنجاز الأعمال الصغيرة والكبيرة بصورة منفردة، ممّا يؤدّي إلى استنفاد الطاقة والوقوع في الخطأ -في بعض الأحيان-، كما قد يكون عدم طلب مساعدة الآخرين نتيجة التكبُّر؛ برؤية الفرد نفسه أفضل من الآخرين وأكثر تفوُّقاً منهم ولا يحتاج إلى مساعدتهم.
قد تكون المُماطَلة وتأجيل المهامّ إلى أوقات لاحقة عادة مُزمِنة تُسبِّب الفشل؛ فالأشخاص المُعتادون على وضع المتعة والترفيه على رأس قائمة أولوياتهم دائماً دون النظر إلى المهامّ المُتراكمة أو الوقت المُحدَّد لإنجازها، يُعانون في الغالب من ضغوط نفسية نتيجة تراكُم هذه المهامّ، ومع مرور الوقت، يصبح من الصعب عليهم تحقيق أهدافهم؛ سواء على المستوى الشخصيّ، أو المهنيّ.
غالباً ما يعجز الأشخاص الفاشلون عن تحمُّل مسؤولية أفعالهم أو الأمور التي تحدث في حياتهم، وهم دائماً يجدون الأعذار لكلّ شيء، ويُلقون باللَّوم على القدر أو الحَظّ؛ سواء في النجاح، أو الفشل، ويستسلمون لمصيرهم بغضّ النظر عن الجهود التي بذلوها، وهم ما لم يتحمَّلوا مسؤولية أفعالهم، لن يتمكَّنوا من السيطرة عليها وسيتعرَّضون للفشل.
كما قد يعود عدم تحمُّل الشخص مسؤولية أفعاله إلى اعتقاده الدائم بأنَّه الضحية، وهو ما يُعرَف بـ"عقلية الضحية"، والتي تؤدّي بالشخص إلى الاعتقاد بأنّ الفشل ليس نتيجة أفعاله، بل نتيجة مؤامرة العالَم ضِدّه، كما يقضي الشخص ذو عقلية الضحية وقته في إلقاء اللَّوم على الآخرين، ممّا يمنعه من التعلُّم من أخطائه وتحقيق أيّ تقدُّم أو نجاح.
المُبالَغة في قضاء الوقت بالتفكير في كلّ ما يمكن أن يحدث بحثاً عن خُطَّة مِثاليّة قبل البدء، يمكن أن يؤدّي إلى غَرَق الشخص في أفكاره؛ إذ تتراكم الكثير من الأفكار في ذهنه دون أن يستطيع تحديد نقطة البداية، ويستمرّ بالقفز من فكرة إلى فكرة دون أن يبدأ فعلياً بالخُطّة، وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ التخطيط مهمّ فعلاً، لكنَّه يصبح دون فائدة إذا استمرّ الشخص في التفكير والتخطيط دون اتِّخاذ إجراء فعلي.
تمثِّل الرؤية تصوُّر الفرد لما يجب أن يكون عليه في المستقبل، لذا تُمكِّن الرؤية الفرد من بناء خُطَّة واضحة لتحقيق أهدافه، وتُساعده على التحرُّك نحوها، ويُشار إلى أنّ عدم توفُّر رؤية أو هدف عند الشخص مماثِل للسَّير دون معرفة الوجهة؛ إذ ليس لديه هدف مُحدَّد، ولا حافز لتحقيق النجاح.
الفشل تجربة مُحبِطة ومُزعِجة وذات آثار سلبية على الفرد؛ سواء من الناحية النفسية، أو الجسدية، أو الاجتماعية، ويمكن تلخيص تلك الآثار بالآتي:
يُؤدّي الفشل إلى تشويه العديد من الأفكار لدى الفرد ودخوله في حالة نفسية سيِّئة؛ إذ ينتابه الشُّعور باليأس؛ لاعتقاده بأنّ أهدافه بعيدة المنال ولا يمكن تحقيقها، لذا يشعر بالعَجز والاستسلام، وكاستجابة لهذا الفشل، قد يتوقَّف عن المحاولة؛ كي لا يشعر بألم الفشل مرّة أخرى.
كما ينشأ لدى الشخص خوف من الفشل في المستقبل دون وجود أسباب حقيقية تُبرِّر هذا الخوف، ويبدأ بخلق الأعذار للفشل المُتوقَّع؛ لتجنُّب الألم؛ كأن يختلق أسباباً عندما يخشى الفشل في مادّة دراسية، مثل "الأستاذ لا يُحبّني"، وهذا السلوك يُؤدّي إلى إعاقة نجاحاته المستقبلية وتولّد عقدة نقص لديه، بالإضافة إلى أنّ الفشل غالباً ما يُرافقه الشُّعور بالقلق والتوتُّر والاكتئاب وكبت المشاعر.
قد ترتبط الآلام النفسية التي يُسبِّبها الفشل؛ كالاكتئاب، والقلق، بالألم الجسدي؛ فيشعر الشخص بعد المرور بتجربة الفشل بالألم في أنحاء جسده دون وجود سبب عُضويّ حقيقي، كما قد تظهر لديه أعراض جسديّة شائعة، مثل الأرق، ممّا يُؤدّي إلى الشُّعور بالإرهاق والتعب العامّ.
تمتدّ آثار الفشل لتُؤثّر في حياة الشخص الاجتماعية؛ إذ يُؤدّي الفشل إلى ظهور صعوبات في حياة الفرد الاجتماعية؛ سواء في المنزل، أو مع الأصدقاء، أو في العمل؛ فغالباً ما يميل الشخص بعد الفشل إلى العُزلة والابتعاد عن دائرته الاجتماعية، كما أنّه يشعر بتدنّي احترام الذات، ممّا يُقلِّل تقديره لذكائه ومهاراته، وبالتالي التأثير سلباً على أدائه في العمل.
لا بُدّ من إيجاد طرق للتخلُّص من الفشل؛ لفتح الباب أمام الفرص التي تساعد على النُّمُوّ والتطوُّر، وفيما يلي بعض الاستراتيجيات التي تساعد في ذلك:
على الفرد أن يعترف بمسؤولياته في التعامل مع جوانب حياته المختلفة؛ فعندما يقع الشخص في الخطأ، عليه أن يعترف أنَّه المسؤول عن ذلك، وأن يعمل على تحسين مهاراته، والتفكير في أسباب أخطائه؛ ليتَّخِذ الإجراءات اللازمة لتجنُّب تكرار هذه الأخطاء في المستقبل؛ فالاعتراف بالمسؤولية يُظهِر الاستعداد للنُّمُوّ الشخصي والتعلُّم من الأخطاء، ممّا يساعد على التخلُّص من الفشل وتحقيق الأهداف.
لتجنُّب الفشل، ينبغي على الفرد وضع أهداف قابلة للتحقيق، بحيث تكون واقعية ومتوافقة مع مستوى مهاراته؛ لتفادي الإحباط والفشل، ومن الضروري أيضاً أن تكون الأهداف قابلة للقياس؛ حتى يسهل عليه تحديد التقدُّم نحو الهدف المُحدَّد، وفهم ما إذا كان يتحرّك في الاتِّجاه الصحيح أم لا، كما أنّ من المهمّ وضع جدول زمنيّ لكلّ مهمّة؛ لتنظيم الأهداف وتنفيذها بفعالية، ولضمان تحقيقها بنجاح في مواعيدها المُحدَّدة.
يعني الالتزام أن يبذل الشخص جهوده في اتِّخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق الأهداف التي حَدَّدها لنجاحه، والعمل بجِدّ رغم التحدّيات والمُغرَيات الخارجية كلّها، كما يسهم الالتزام في تعزيز الحافز لديه نتيجة إنجازه الكثير من المهامّ مع مرور الوقت.
يمكن تعزيز فرص النجاح عبر تعلُّم المهارات المختلفة، مثل: زيادة القدرة على التركيز، وإدارة الوقت، والانتباه إلى التفاصيل، كما يساعد بناء عادات يومية؛ كاتِّباع روتين يوميّ في تحديد وقت إنجاز المهامّ، مثل: الاستيقاظ باكراً، ومراجعة جدول الأهداف، وتحديد المهامّ اليوميّة، ومراجعة الجدول الزمنيّ لكلّ مهمة، ممّا يُعزِّز تحقيق الأهداف المُستقبَليّة بنجاح.
من المهمّ أن يُحيط الفرد نفسه بشبكة اجتماعية داعمة من العائلة والأصدقاء وزملاء العمل؛ لتُوفِّر له كافَّة أنواع الدَّعم؛ كالدَّعم المعنوي الذي يُعبّر عن التعاطف مع الشخص عندما يواجه التحدّيات، والتشجيع المُستمِرّ لزيادة ثقته بنفسه، والدَّعم المادّي، مثل المساعدة في أداء المهامّ، وتقديم المَشورة والإرشاد اللازِمَين لتحقيق الأهداف.
وفي الختام، من الجدير بالذِّكر أنّ الفشل قد يكون فرصة للتعلُّم إذا جرى التعامُل معه بشكل صحيح، ولا يعني الفشل نهاية الحياة، بل يمكن أن يكون درساً قَيِّماً يساعد في فهم الأخطاء والأسباب التي أدَّت إليه؛ لتجنُّبها في المستقبل، ولا يُمثِّل السُّقوط أو التعثُّر نهاية الطريق، بل هما جزء من الحياة، والأهمّ من ذلك كلّه النهوض مُجدَّداً لتحقيق الأهداف المرسومة.
المراجع
[1] success.com, The 7 Reasons We Fail
[2] markmanson.net, 10 Reasons Why You Fail
[3] medium.com, 20 Reasons Why People Fail to Succeed in Life
[4] axahealth.co.uk, Tips to overcome feelings of failure
[5] indeed.com, 9 Strategies for How To Deal With Failure (Plus Tips)