جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
جزء من إنسانيَّتنا

أهمية العلاقات الاجتماعية: مفتاح النجاح والسعادة

15 أكتوبر 2024 / 8:36 AM
أهمية العلاقات الاجتماعية_ مفتاح النجاح والسعادة
download-img
الإنسان مخلوق اجتماعي بطبيعته، يسعى دائماً إلى بناء شبكة من العلاقات المُتنوّعة التي تُشكِّل جزءاً أساسياً من هويّته وتطوُّره الشخصي، وتُلبّي حاجته الفطرية إلى التواصل والانتماء، كما تُؤدّي دوراً مِحوَرياً في تشكيل شخصيته، وتحقيق توازنه العاطفي؛ فالعلاقات الاجتماعية، كالعلاقات الأسرية والصداقة وغيرها، تتجاوز التفاعل السطحي لتصل إلى مستويات عميقة من الترابط العاطفي والفكري، وتبرز أهمية هذه الروابط بشكل خاصّ في العصر الحالي الذي يشهد تحوّلات سريعة في أنماط التواصل والتفاعل الاجتماعي، وفيما يأتي بعض النقاط التي تُوضّح أهمية العلاقات الاجتماعية:

تعزيز الصحة النفسية

تُمثّل العلاقات الاجتماعية ركيزة أساسية في بناء صحّة نفسية متوازنة للفرد؛ فهي تمنحه شعوراً عميقاً بالانتماء، ووجود هدف في الحياة، وتسهم في زيادة شعوره بالسعادة والرضا، كما تُخفّف تأثير الضغوط اليومية؛ فالإنسان يميل بفِطرته إلى التواصل مع أقرانه والاندماج في نسيج المجتمع، وهو عندما يحظى بشبكة علاقات اجتماعية متينة، يصبح أكثر مناعة في مواجهة التحدّيات النفسية، وتقِلّ احتمالية تعرُّضه لاضطرابات، مثل: القلق، والاكتئاب.

وقد تُؤثّر العلاقات الاجتماعية الإيجابية بشكل ملحوظ في جودة النوم، إذ يستمتع الأفراد الذين يتمتَّعون بعلاقات اجتماعية قوية بنوم أكثر هدوءاً وراحة، ممّا ينعكس إيجاباً على صحّتهم النفسية؛ فالروابط الاجتماعية تُشكِّل حِصناً منيعاً يَقي الفرد من الآثار السلبية للضغوط النفسية، ويمدُّه بالقوة اللازمة لتخطّي العقبات، وبهذا تصبح العلاقات الاجتماعية بمثابة صمّام أمان يحافظ على التوازن النفسي للفرد في مواجهة تقلّبات الحياة.

تعزيز الصحة الجسدية

تؤدّي العلاقات الاجتماعية دوراً حيوياً في تحسين الصحة الجسدية للإنسان؛ فالأشخاص الذين يتمتَّعون بشبكة علاقات اجتماعية قوية يعيشون حياة أكثر صحّة مقارنة بأقرانهم المُنعزِلين اجتماعياً؛ إذ يُؤثّر وجود الروابط الاجتماعية إيجاباً على مجموعة واسعة من الحالات الصحّية، بما في ذلك أمراض القلب، والأوعية الدموية، والسرطان.

بالإضافة إلى أنّ العلاقات الاجتماعية تسهم في تعزيز السلوكات الصحّية الإيجابية، مثل: ممارسة الرياضة، واتِّباع نظام غذائي متوازن، والالتزام بالأنظمة الطبّية؛ فالأصدقاء والعائلة يُشجِّعون ويدعمون بعضهم بعضاً لاتِّخاذ خيارات صحّية أفضل، ممّا يؤثِّر إيجاباً في الصحّة الجسدية على المدى الطويل، ومن ناحية أخرى، يُسهم الدعم الاجتماعي في تخفيف الضغط النفسي، ممّا يُؤدّي إلى انخفاض ضغط الدم، ومُعدَّل ضربات القلب، ومستويات هرمونات التوتُّر، وهذه التأثيرات الفسيولوجية الإيجابية تساعد في تحسين الصحّة العامّة.

زيادة الثقة بالنفس والتعاطف

تُشكِّل العلاقات الاجتماعية القوية حافزاً قوياً لتنمية الثقة بالنفس، وتطوير القدرة على التعاطف مع الآخرين؛ فمن خلال التفاعلات الإيجابية مع المُحيطين، يكتسب الفرد نظرة أكثر إيجابية إلى ذاته ويدرك قيمته الحقيقية، ممّا ينعكس بشكل مباشر على ثقته بنفسه وقدراته.

وفي الوقت ذاته، تُسهم هذه التفاعلات في توسيع مداركه وفهمه لمشاعر الآخرين وتجاربهم، ممّا يُعزّز قدرته على التعاطف معهم والتواصل بشكل أعمق، ويؤدّي هذا التعاطف المُتنامي إلى توطيد العلاقات وتعميقها؛ إذ يسود جَوّ من التفاهم المُتبادَل، والتعاون البَنّاء، وبهذا تصبح العلاقات الاجتماعية وسيلة فَعّالة لتطوير الذات، وفهم الآخرين بشكل أفضل.

زيادة الشعور بالرضا والإنجاز

تؤدّي العلاقات الاجتماعية دوراً محورياً في تعزيز الشعور بالرضا والإنجاز في حياة الأفراد؛ فالتواصل مع الآخرين؛ سواء عبر مكالمة هاتفية قصيرة، أو الخروج في نزهة بين أحضان الطبيعة، أو غيرها، يُتيح فرصة ثمينة للتعبير عن المشاعر؛ إذ قد يمرّ الأشخاص خلال هذه التفاعلات الاجتماعية بلحظات من الضحك والبكاء أو التنفيس عن مشاعرهم، ولهذا التعبير العاطفي تأثير إيجابي عميق في الدماغ؛ إذ يُحفِّز إفراز موادّ كيميائية مهمّة، مثل: الدوبامين "Dopamine"، والإندورفين "Endorphin".

وتُعرَف هذه الموادّ الكيميائية بـ "ناقلات السعادة العصبية"؛ لدورها الأساسي في تعزيز الشعور بالسعادة، وتحسين المزاج العامّ؛ فعندما يُعبِّر الفرد عن مشاعره بصدق في بيئة آمِنة مع أحبّائه، يجري إطلاق هذه الموادّ في الدماغ، ممّا يُولِّد شعوراً عميقاً بالراحة والرضا، ومع تكرار هذه التجارب الإيجابية، يصبح الأفراد أكثر قدرة على الاستمتاع بالحياة والشعور بالإنجاز، ويُعزّز القدرة على مواجهة التحدّيات اليومية بثقة وإيجابيّة أكبر.

إثراء التجارب الحياتية وتوسيع الآفاق

تضطلع العلاقات الاجتماعية بدور محوري في إثراء التجارب الحياتية، وتوسيع آفاق الأفراد؛ إذ تفتح نافذة على عَوالِم وخبرات مُتنوّعة؛ فمع تطوّر الحياة، وتغيُّر الأدوار والأولويات، تتغيّر العلاقات الاجتماعية، ممّا يؤدّي إلى ظهور أشخاص جُدد في حياة الفرد في كلّ مرحلة، وهذا التنوّع في العلاقات يسهم في النموّ الشخصي، ويُوسّع المدارك؛ إذ يترك كلّ شخص أثراً في حياة الآخرين حتى لو كانت العلاقة مُؤقَّتة، والتفاعل مع مجموعة متنوّعة من الأشخاص يُعرّض الفرد لوجهات نظر مختلفة وخبرات مُتنوّعة، ممّا يُعمِّق فهمه للعالم من حوله، ويُطوِّر مرونته الفكرية.

وتعكس دورة حياة العلاقات الاجتماعية التغيُّرات في اهتمامات الفرد وظروفه الحياتية؛ فالشابّ قد يركّز على استكشاف علاقات جديدة وتوسيع دائرة معارفه، بينما قد تتحوّل الأولويات في منتصف العمر نحو الاهتمام بالعائلة والمهنة، وفي المراحل اللاحقة قد ينصبّ الاهتمام على رعاية الوالدين، أو الاستمتاع بالتقاعد؛ إذ تجلب كلّ مرحلة معها فرصاً لتكوين روابط جديدة تُثري الحياة، وتدعم النموّ الشخصي، وهذه التغيُّرات في العلاقات تُذكِّر الأفراد بأنّ تكوين الصداقات، أو فقدانها أحياناً، ما هو إلّا جزء طبيعيّ من الحياة، وأنَّ الانفتاح على تكوين روابط جديدة يمكن أن يفتح آفاقاً جديدة، ويُثري التجارب الحياتية باستمرار.

وفي الختام، يُنصَح بتبنّي طرق عملية لتعزيز التواصل الاجتماعي، مثل: تخصيص وقت منتظم للتواصل الفَعّال مع العائلة والأصدقاء عبر اللقاءات الشخصية أو المكالمات الهاتفية، وإظهار التقدير والدعم في الأوقات الصعبة، والاحتفال بالإنجازات معاً، ويمكن تعميق الروابط العاطفية؛ بالتعبير الصادق عن المشاعر، واحترام رغبات كلّ فرد وحدوده الشخصيّة، بالإضافة إلى إمكانيَّة توسيع دائرة العلاقات؛ عبر التطوُّع في المنظَّمات غير الربحية، والمشاركة في الأنشطة المجتمعية، والانضمام إلى مجموعات محلّية ذات اهتمامات مشتركة، مثل نوادي القراءة.

المراجع

[1] psychcentral.com, The Importance of Connection
[2] crw.ecu.edu, The Crucial Role of Social Well-Being and Relationships in our Life
[3] betterhealth.vic.gov.au, Strong relationships, strong health
[4] ncbi.nlm.nih.gov, Social Relationships and Health: A Flashpoint for Health Policy
[5] cdc.gov, Social Connection

October 15, 2024 / 8:36 AM

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.