جار التحميل...
"إنَّ الأمر كلَّه بيد الله"، هذه حقيقة وعقيدة ثابتة لا بُدّ من الإيمان بها بصدق، واليقين بأنَّ الله يُقدِّر الخير دائماً، وهو وحده مَن يعلم الغيب، والإيمان بأنّ الأفكار السلبية والخوف الزائد من المستقبل إنَّما هي من وساوس الشيطان والنفس، وللتخلُّص منها لا بُدّ من الاستعانة بالله.
يجدر بالذِّمر أنّ الاستعانة بالله عزّ وجلّ تتجلّى بحسن الظنِّ به سبحانه وتعالى، والمُواظَبَة على الأذكار؛ فهي مهمة جداً، وتُحدِثُ فرقاً في التغلُّب على الخوف والقلق، مثل: أذكار الصباح والمساء، وأذكار ما بعد الصلاة، ونحوها؛ إذ إنَّها تُشعِر الإنسان أنَّه في مَعِيّة الله ورحمته ورعايته دائماً، وتبعث في النفس الراحة والطمأنينة.
يرتبط الدعاء ارتباطاً وثيقاً بالتَّسليم لله سبحانه وتعالى، ويُكمِّل كلٌّ منهما الآخر، لذا عند الشعور بالخوف من المستقبل المجهول، يمكن التوجُّه إلى الله بالدعاء، مثل: "اللهمَّ ما أخشاه أن يكون صعباً هَوِّنه، وما أخشاه أن يكون عسيراً يَسِّره، وما أخشاه أن يكون شرّاً اجعل لي فيه خيراً"، وذلك من شأنه أن يُخفِّف كثيراً من الخوف والقلق من المجهول.
ترديد عبارات مُعيَّنة باستمرار، مثل: "لن يحدث إلّا ما كتبه الله"، أو "رَبُّ الخير لا يأتي إلا بالخير"، أو "الأيّام القادمة ستحمل كلّ ما هو جميل"، أو"أنا متفائل، وكلّي أمل بما هو قادم"، أو غيرها، سيشعر الإنسان شيئاً فشيئاً بالراحة، وسيمحو الأفكار السلبية والخوف والقلق، فتحلّ مَحلَّها الطمأنينة والإيجابية؛ إذ إنَّ ما يُحدِّث الشخص به نفسه يترك أثره فيه.
إنّ لذَّة الحياة الحقيقية والاستمتاع بها تتلخَّص في عيش الحاضر وتفاصيله بحُلوها ومُرِّها، دون تفكير زائد أو خوف أو قلق بما يمكن أن يحدث في المستقبل؛ إذ يمكن أن يُشكِّل ذلك حاجزاً وعائقاً كبيراً أمام التقدُّم والإنجاز في الحياة، لذا لا بُدّ من التسلُّح بالثقة بالله وبالنفس، والشعور بالامتنان لأصغر التفاصيل في الحياة، والاستمتاع بها.
يقول الدكتور إبراهيم الفقي خبير التنمية البشرية: "عِش كلّ لحظة كأنَّها آخر لحظة في حياتك، عِش بحبِّك لله عزَّ وجلَّ، عِش بالتطبُّع بأخلاق الرسول عليه الصَّلاة والسَّلام، عِش بالأمل، عِش بالكفاح، عِش بالصَّبر، عِش بالحبّ، وقَدِّر قيمة الحياة".
تساعد تمارين الاسترخاء على الشعور بالراحة والسَّلام الداخليّ، وتهدئة الجسم وتخفيف التوتُّر العضليّ، الأمر الذي يسهم في تخفيف الإجهاد الناجم عن كثرة التفكير في المستقبل والقلق منه؛ فالعلاقة بين الجسم والعقل علاقة مُتبادَلة يُؤثِّر فيها كلٌّ منهما في الآخر، ويمكن ممارسة أحد تمارين الاسترخاء بالجلوس في مكان هادئ ومُريح، ثمَّ أخذ نَفَس عميق ببطء لمُدَّة 4 ثوانٍ، وحبسُه لمُدَّة 7 ثوانٍ، ثمّ الزفير لمُدَّة 8 ثوانٍ، وتكرار ذلك أكثر من مرَّة في الجلسة؛ للشُّعور بالراحة وأنَّ ثِقَلاً ما انزاح عن الصَّدر.
الدَّعم الاجتماعيّ مرحلة مهمَّة في رحلة تجاوز الخوف والقلق من المستقبل؛ لذا يُعَدّ الجلوس مع الأهل أو أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء، والإفصاح عن المشاعر المكبوتة ومشاعر الخوف والقلق، من شأنه أن يُخفِّف منها، ويمنح شعوراً أفضل، وقد يملك أحدهم نصيحة ذهبيَّة، أو حلّاً لامعاً يسهم في تجاوز المشكلة، والشُّعور بالإيجابيَّة.
الاستسلام للحالة السلبية لن يحمل إلّا الضرر، وترك النفس للفراغ سيزيد من الخوف؛ لذا لا بُدّ من إشغال النَّفس خلال اليوم بأمور مفيدة وإيجابية؛ كقراءة كتاب، أو المشاركة في دورات تعليمية، وتحديد الأهداف والأنشطة المُهِمَّة وتخصيص وقت لها، بالإضافة إلى الترفيه عن النفس من فترة إلى أخرى؛ وذلك كلّه لصرف التركيز عن مشاعر الخوف والقلق تجاه المستقبل.
قد يستهين البعض بالأثر الإيجابي الذي تتركه التمارين الرياضية في الصحَّة الجسدية والنفسية على حَدّ سواء؛ فهم لا يعرفون أنّ النشاط البدنيّ من شأنه أن يساعد على إطلاق موادَّ كيميائيَّة في الدماغ، ذات دور فعّال في إشعار الإنسان بالسَّعادة، وبالتالي تخلُّصه من الخوف والقلق الذي يسيطر على تفكيره.
ولتحقيق ما سبق ذِكره، يُنصَح بمُمارَسة أيّ تمرين رياضيّ يُفضِّله الشخص، ويكون قادراً على الاستمرار فيه، بما يُناسب حالته الصحِّية العامَّة؛ كالمشي، أو الجري، أو أيّ تمرين آخر مناسب، ولفائدة أكبر، يُنصَح بأن يكون ذلك بين أحضان الطبيعة وفي الهواء الطَّلق.
[1] verywellmind.com, How to Stop Worrying About the Future
[2] healthline.com, Meet Anticipatory Anxiety, The Reason You Worry About Things That Haven’t Happened Yet
[3] mentalhealth.org.uk, How to manage anxiety and fear
[4] humanwindow.com, How To Deal With Fear Of The Future (Great Advice From 12 Experts)
[5] upjourney.com, How to Overcome Fear of the Future (According to 10+ Experts)