جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
نعمة أم نقمة؟

العزلة الاجتماعية وآثارها

24 أكتوبر 2024 / 10:36 PM
العزلة الاجتماعية وآثارها
download-img
تُعَدُّ العزلة الاجتماعيَّة من المشكلات الكبرى في العصر الحديث، والتي تنتج عن عدة عوامل، منها اجتماعيَّة؛ مثل المعاناة من ظروف حياتيَّة صعبة كفقدان أحد الأحبَّة، أو الطلاق، أو فقدان الوظيفة، أو تقاعُد الموظَّفين، ومنها عوامل نفسيَّة؛ مثل الاكتئاب، واضطرابات الشخصيَّة، والقلق الاجتماعيّ، والخجل، وصعوبات التواصل الاجتماعيّ، ومنها أيضاً عوامل صحِّيَّة مثل المعاناة من الأمراض المزمنة والإعاقات.

ما هي العزلة الاجتماعيَّة؟

تعني العزلة الاجتماعيَّة (Social Isolation) غياب التواصل الاجتماعيّ أو نقص الروابط الاجتماعيَّة لدى الفرد،  مما يعني تفاعله مع عدد محدود من الأشخاص، وعادةً ما تُقاسُ بعدد الاتِّصالات أو اللقاءات الاجتماعيَّة خلال فترة زمنيَّة محدَّدة، ويمكن أن تؤدِّي العزلة الاجتماعيَّة إلى الشعور بالوحدة (Loneliness) لدى البعض، في حين قد يشعر البعض الآخر بالوحدة دون أن يكونوا منعزلين اجتماعيّاً.

آثار العزلة الاجتماعيَّة: تهديدٌ للصحَّة العامَّة

نتجت عن العزلة الاجتماعيَّة تأثيرات سلبيّة كثيرة تمثِّل تهديداً كبيراً للصحّة العامَّة، وتشمل هذه التأثيرات الصحَّة الجسديَّة والنفسيَّة للفرد، إضافة إلى التأثيرات المعرفيَّة والاجتماعيَّة، وفيما يأتي تفصيل ذلك:

تأثير العزلة الاجتماعيَّة على الصحَّة الجسديَّة

تشمل مشكلات الصحَّة البدنيَّة لدى المنعزلين اجتماعيّاً العديدَ من الأمراض المزمنة، مثل: أمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض السمنة، والسكريّ، وضعف الجهاز المناعي، وكذلك زيادة الالتهابات، ومشكلات الجهاز الهضميّ وآلام الصدر. 


وبحسب ما ورد في الموقع الإلكتروني الرسمي لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية (HHS)، فإنَّ المخاطر الصحية المرتبطة بالعزلة الاجتماعية مشابهة لتلك الناجمة عن تدخين 15 سيجارة يوميّاً، بما فيها زيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغيَّة، وحدوث الوفاة في سنٍّ مبكِّرة.


وتؤثِّر العزلة الاجتماعيَّة سلباً على العادات الصحيَّة للفرد، مما ينعكس بصورة أكبر على صحَّته الجسديَّة، ووفقاً لجمعية القلب الأميركيَّة، يميل الأشخاص المنعزلين اجتماعيّاً إلى تناول كمِّيَّة أقلّ من الخضراوات والفواكه، فضلاً عن ضعف اهتمامهم بالأنشطة البدنيَّة، وكذلك قلة المتابعة الطبيَّة وزيارة اختصاصيّ الرعاية الصحِّيَّة.

 

قد يؤدِّي الشعور بالوحدة أيضاً إلى تقليل جودة نوم الشخص المنعزل اجتماعيّاً، مما يؤدِّي حدوث مشكلات أخرى، مثل؛ التعب، والانفعال، وقلَّة التركيز خلال النهار؛ لأنَّ أجسامهم لا تحصل على الراحة الكافية.

تأثير العزلة الاجتماعيَّة على الصحَّة العقليَّة (النفسيَّة)

قد تؤدِّي العزلة الاجتماعيَّة إلى حدوث اعتلال نفسي للشخص المنعزل اجتماعيّاً، نتيجة قلَّة عنايته بنفسه وشعوره المفرط باليأس، فضلاً عن غياب الدعم والتحفيز النفسيَّ من الآخرين، ومن العواقب المحتملة للعزلة الاجتماعيَّة؛ تعاطي الكحول، وزيادة الشعور بالرغبة في الانتحار، وارتفاع مستويات التوتر.


ووفقاً لدراسة نُشرت في مجلة (Humanities and Social Sciences Communications) المُتخصصة في مجال العلوم الإنسانيَّة والاجتماعيَّة في عام 2021 حول تأثير العزلة الاجتماعيَّة على الرفاهية والرضا عن الحياة خلال فترة حظر التجوّل أثناء جائحة "كوفيد-19" (COVID-19)، وُجِد أنّ هناك علاقة بين العزلة الاجتماعيَّة وزيادة الضغوط المرتبطة بالعمل، وارتفاع مستويات تعاطي المخدّرات، وانخفاض الرضا عن الحياة على نَحوٍ عامٍّ.


كما يُمكن أن يشعر الشخص المنعزل اجتماعيّاً بالشكِّ في نفسه، ومن ثمَّ يبدأ بالتشكيك في قيمته الذاتية، وقد تتحوَّل أنماط التفكير السلبيَّة هذه إلى الاكتئاب، كما يمكن أن يؤدِّي التوتُّر والقلق لديه إلى عزل نفسه، مما يزيد من شعوره بالوحدة والعزلة عن المجتمع، إضافة إلى أن الانغماس في منظوره الخاص قد يؤدِّي إلى رؤية مشوَّهة للعالَم ولذاته وللآخرين. 

تأثير العزلة الاجتماعيَّة من الناحية المعرفيَّة والاجتماعيَّة

تؤثِّر العزلة الاجتماعيَّة سلباً على الصحَّة المعرفيَّة (الإدراكيَّة) للفرد المنعزل اجتماعيّاً، إذ يشعر بالاغتراب، أو عدم القدرة على التواصل العميق مع الآخرين، إضافة إلى ضعف تقدير الذات، والشعور بالإجهاد عند محاولة التفاعل الاجتماعي.


ووفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، فإنَّ أحد التأثيرات الرئيسيَّة للعزلة الاجتماعيَّة والشعور بالوحدة هو زيادة إنتاج الكورتيزول (Cortisol)، وهو أحد الهرمونات التي تُفرز استجابةً للضغوط المختلفة كالقلق والتوتر، ويمكن أن تؤدِّي المستويات المرتفعة من الكورتيزول إلى مشكلات في صحَّة الدماغ، مثل ضعف القدرة على التركيز.


كما أنَّ الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعيَّة لفترة طويلة يمكن أن يؤثِّر سلباً على صحَّة الدماغ، من خلال تقليل المهارات المعرفيَّة، مثل القدرة على اتِّخاذ القرارات أو حلِّ المشكلات، كما يمكن أن تحدث مشكلات في الذاكرة، لا سيما عند كبار السنّ؛ مثل مرض الزهايمر، والخَرف، والتدهور المعرفي، وانخفاض القدرة على أداء المهامّ اليوميَّة.



ختاماً، تعد ضغوطات الحياة الكبرى سبباً شائعاً للعزلة الاجتماعيَّة، ويمكن التغلُّب على آثارها السلبيَّة بمواجهة آثار الشعور بالوحدة من خلال توسيع الشبكة الاجتماعيَّة، وذلك بالتواصل مع العائلة والأصدقاء، والقيام بأنشطة مسلّية معاً، إضافة إلى المشاركة في الأعمال التطوعيَّة، والانضمام إلى مجموعات أو نوادٍ لتعزيز التواصل الاجتماعيّ، كما ينصح بعدم التردد في طلب المساعدة من الأخصائيّ النفسيّ عند الحاجة.

 

   المراجع


[1] socialbridgingnc.org, Social Isolation and Loneliness
[2] canada.ca, Social isolation of seniors - Volume 1: Understanding the issue and finding solutions
[3 helpguide.org, Loneliness and Social Isolation
[4] online.maryville.edu, What Is the Impact of Social Isolation on Cognitive Health?
[5] verywellmind.com, The Impact of Social Isolation on Mental Health

October 24, 2024 / 10:36 PM

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.