جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
رحلة في طريق الشفاء

كيفية التعامل مع متلازمة ستوكهولم

15 ديسمبر 2024 / 2:34 AM
كيفية التعامل مع متلازمة ستوكهولم
download-img
تُصنَّف متلازمة ستوكهولم (Stockholm Syndrome) بأنّها من الظواهر النفسية، وتتضمّن تطوّر ارتباط عاطفي، ومشاعر تعاطف، أو حتى مشاعر مودّة وتعلُّق عند الفرد المُصاب بها تجاه الشخص المُسيء؛ لتعرُّضه لفترات طويلة من القلق، والخوف، والعزلة، تُؤدّي إلى تطوير الروابط مع المسيء؛ للبقاء على قَيد الحياة.

واستمدَّت هذه الظاهرة اسمها من حادثة سطو على بنك وقعت عام 1973 في ستوكهولم بالسويد، عندما احتجز اللصوص عدداً من مُوظَّفي البنك بوصفهم رهائن لستَّة أيام، وخلال هذه المُدَّة، طوَّر بعض الرهائن رابطة عاطفية معهم، لدرجة أنّهم رفضوا الشهادة ضدّ سارقي البنك بعد نجاح الشرطة في إطلاق سراحهم، بل وجمعوا الأموال أيضاً؛ للدفاع عنهم.


ويُشار إلى أنّ هناك العديد من الطرق للتعامل مع متلازمة ستوكهولم، إلّا أنّها جميعها تتطلّب التحلّي بالثقة والجرأة لاتِّخاذها؛ بهدف التعافي من هذه المتلازمة، وهي على النحو الآتي:

الاعتراف بالإصابة بمتلازمة ستوكهولم وإدراك المشاعر الشخصية

تتطلَّب أولى خُطوات التعافي من متلازمة ستوكهولم الاعتراف بالإصابة بها؛ إذ يساعد هذا في إدراك المشاعر، وإدارتها بما يضمن تحقيق السلامة والراحة العاطفية، وتطوير الذكاء العاطفي والوعي اللازِمَين للتخلُّص من قُيود هذه المتلازمة. 


بمعنى أنّ الفرد عندما يفهم مشاعره، ويصل إلى حالة من الوعي الذاتي، يكون قادراً على تحديد المُحفِّزات والأسباب الكامنة وراء تعلُّقه بالشخص الذي يُسبِّب له الأذى، واتِّخاذ خيارات مناسبة بحَقِّها تساعده على التعافي، والذكاء العاطفي مُهِمّ؛ لدوره في التعبير عن المشاعر تعبيراً صِحِّياً وبنّاءً، وتمهيد الطريق أمام طلب المساعدة من الآخرين، والابتعاد عن الطرف المُؤذي.

التصالُح مع الذات

يتضمّن التصالُح مع الذات، أو التعاطف الذاتي (Self-compassion)، تجنُّب إلقاء اللوم على النفس بسبب الأفكار والمشاعر التي يكون مصدرها الشخص المسيء ونرجسيته التي يتمتّع بها، والتي يمكن أن تكون مُعقَّدة ومُدمِّرة؛ فالاستسلام لها لن ينجم عنه سوى تفاقُم مشاعر العار، وانعدام الأمن والثقة، وبدلاً من الرضوخ لها، لا بُدّ من تذكير النفس بأنّ ما يحصل يمكن أن يتعرّض له أيّ شخص آخر، وأنّ التعافي من هذا الوضع ممكن.

الحصول على دعم الآخرين والانخراط في ممارسات الرعاية الذاتية 

تحتاج ضحية متلازمة ستوكهولم إلى دعم وتفهٌّم من قِبَل الأشخاص المُحيطين؛ لتتجاوز الحالة التي تعاني منها، وللأسرة والأصدقاء دور حاسم في تعزيز ثقة الضحية بنفسها بوصفهم مصدر قوّة وتشجيع؛ لذا، من المفيد مشاركة التجارب والخبرات معهم، والاستفادة من نصائحهم. 


ومن المفيد أيضاً الاطِّلاع على تجارب الآخرين المُشابِهة، والاستفادة من خبراتهم، وطرق العلاج التي أجدت معهم، وهذا الأمر كفيل بمساعدة ضحية متلازمة ستوكهولم في إدراك أنّها ليست وحدها التي مرّت بمثل هذه التجربة، وأنّها قادرة على التعافي.


ويحتاج المُصابون بهذه المتلازمة أيضاً إلى تمكين أنفسهم، وإدراك أنّ تجاربهم الماضية لا تمثّل النهاية، وأنّ بإمكانهم التغلُّب على كلّ ما يواجههم، ويحتاجون إلى الاهتمام بأنفسهم، وإعطاء الأولوية للرفاهية الشخصية، وممارسة الأنشطة الممتعة، وعدم استعجال عملية الشفاء. 


ومن الأمثلة على الممارسات المفيدة: التأمُّل، وتمارين اليقظة الذهنية، وتمارين التنفُّس، وكتابة اليوميات، إضافة إلى الأنشطة البدنية التي تسهم في إطلاق هرمون الإندورفين المُهِمّ لتحسين الحالة المزاجية، والاستقرار العاطفي، والتفاعلات الاجتماعية الإيجابية التي تُعزّز الصحّة العقلية والجسدية.

وضع الحدود والابتعاد عن الطرف المُؤذي

يتضمَّن وضع الحدود في هذه الحالة خلق مسافة بين الضحية والشخص المسيء؛ للحفاظ على السلامة والصحّة العقلية والنفسية، ورؤية الأشياء بوضوح أكبر، والتحفيز على بدء عملية التعافي، والتمهيد للابتعاد عن المُسيء، ومن وسائل وضع الحدود قَطع وسائل التواصل والاتِّصال به جميعها؛ لتجنُّب التأثُّر بألاعيبه وأكاذيبه.


ويُعَدّ الابتعاد عن الطرف المؤذي، وبدء حياة جديدة، قراراً صعباً في حالات كثيرة، إلّا أنّه أمر لا بُدّ من الإقدام عليه لإتمام عملية الشفاء؛ لذا، على الفرد أن يظلّ مُؤمِناً بأنّه يستحِقّ حياة خالية من الإساءة، وأن يُعيد بناء الثقة بنفسه وبالآخرين. 


وهناك نقطة لا بُدّ من الانتباه إليها، وتتمثَّل بأنّ الفرد قد يمرّ بانتكاسات يجِد فيها نفسه حزيناً على الأوقات الجيّدة التي شاركها مع الشخص المسيء، أو قلقاً حيال المستقبل، ومُحاصَراً بمشاعر الذنب والخوف، وهنا، لا بُدّ من إدراكه أنّ مثل هذه المشاعر ما هي إلّا جزء من رحلة التعافي التي قد تستغرق كفايتها من الوقت والطاقة.

العلاج النفسي

قد يكون التعامل مع متلازمة ستوكهولم صعباً للغاية؛ ممّا يستدعي اللجوء إلى المُعالِجين، والأخصّائيِّين؛ لوضع خُطّة علاج متكاملة تُوفِّر لضحايا المتلازمة بيئة آمِنة وداعمة تساعدهم على اكتشاف مشاعرهم، وتطوير آليات صِحّية للمواجهة.


ويساعد المعالجون في تحديد التدخّلات العلاجية المناسبة لكلّ حالة، والتي تختلف بين الأفراد؛ لعدم وجود خيار علاجي محدَّد لمتلازمة ستوكهولم، ومن الأمثلة على هذه العلاجات: الجلسات الإرشادية، والعلاج بالتعرُّض، إلى جانب مناهج العلاج النفسي، مثل العلاج المعرفي السلوكي (CBT). 



وختاماً، لا بُدّ من الإشارة إلى أنّ هناك طرقاً تُسهِم في التعامل الاستباقي مع متلازمة ستوكهولم، ومنع تطوّرها، ومن أهمّها: التثقيف ورفع مستوى الوعي بخصوصها؛ الأمر الذي يساعد الأفراد على تجنُّبها منذ البداية، وطلب المساعدة عند الوقوع ضحيّة لها.


ولا بُدّ عند التعامل مع المُصابين بمتلازمة ستوكهولم من إظهار الدعم العاطفي والتفهُّم، وعدم الحُكم عليهم، وتشجيعهم على زيارة مُعالِج نفسي موثوق به إن كانت الأعراض خارجة عن السيطرة. 

 

 المراجع


[1] my.clevelandclinic.org, Stockholm Syndrome
[2] onedose.io, What is Stockholm Syndrome?
[3] coachfoundation.com, Stockholm Syndrome
[4] bayareacbtcenter.com, Overcoming Stockholm Syndrome with San Francisco Therapists
[5] goodtherapy.org, Why Stockholm Syndrome Happens and How to Help

December 15, 2024 / 2:34 AM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.