جار التحميل...
ومن أسباب عدم تحمُّل المسؤولية والتهرُّب منها ما يأتي:
يشعر بعض الأشخاص بالاستحقاق، وبأنَّهم مُتفوِّقون على مَن حولهم؛ ممّا يُشعرهم بأحقِّيَّتهم في فعل ما يُريدونه دون تحمُّل أدنى مسؤولية، ويكون هذا الأمر أكثر وضوحاً عند التحلّي بسِمات نرجسيَّة؛ كالغطرسة، والأنانيّة؛ ممّا يُشعِر الفرد بأنّ ما يُواجِهه من مشكلات سببها الآخرون، فيبدأ بإلقاء اللَّوم عليهم، وينظر إلى نفسه على أنَّه ضحيّة بدلاً من الاعتراف بارتكاب الأخطاء أو الفشل، وتحمُّل المسؤولية.
يُعَدّ تحلّي الشخص بالمِثالية من الأمور التي قد تمنعه من تحمُّل مسؤولية بعض المَهامّ التي يخشى أن يفشل فيها؛ إذ إنّ تقديره ذاته في الأساس نابع من مدى إتقانه مَهامَّه، وقد يؤدّي فشله فيها إلى الاعتراف بذلك، وكي يتجنَّب الفشل، فإنَّه غالباً ما يتهرَّب من أيّ مسؤولية تُشعِره بعدم قدرته على إتمامها بالصورة الكاملة والمِثاليَّة التي يطمح إليها.
عند تحمُّل الشخص المسؤولية في تجربة سلبيَّة سابقة؛ كالتعرُّض لإساءة المعاملة، أو الانتقاد، أو الرَّفض نتيجة ارتكاب خطأ ما، فقد ينعكس الأمر على رغبته في تحمُّل مسؤولية أمور جديدة فيما بَعد، ويُؤدّي إلى رُدود أفعال واستجابات عكسيَّة.
بالإضافة إلى أنّ الشخص قد يستشعر مدى الألم الذي عاشه من قبل كُلَّما واجه مسؤولية جديدة؛ ممّا يؤدّي إلى تهرُّبه منها، وهنا، يُعَدّ عدم تحمُّل المسؤولية وسيلة دفاعية نابعة من الخوف الداخلي وعدم الشعور بالأمان، وليس مُتعمَّداً.
على الرغم من أنّ عدم تحمُّل المسؤوليَّة ليس له تشخيص مُحدَّد، فإنّ هذا الأمر قد يُمثِّل أحياناً عَرَضاً من أعراض حالات نفسية مُعتَرَف بها، مثل: اضطراب الشخصية المُعادية للمجتمع (ASPD)، أو اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)، أو حتى الاكتئاب.
يُعَدّ القلق من الأسباب التي تحول دون تحمُّل المسؤولية؛ فالالتزام بالمَهامّ الكبيرة أو الصعبة يُؤدّي إلى الخروج من منطقة الراحة الخاصَّة؛ ممّا قد يتسبَّب في الشعور بالضيق، أو يزيد تراكم المسؤوليات والضغوط اليومية، ومن ثَمَّ اللجوء إلى سلوكات عِدَّة، مثل: التسويف، والتهرُّب من المسؤوليات؛ لتقليل الشعور المُتزايد بالإرهاق.
قد يشعر الشخص أنّ ما يمتلكه من مهارات أو قدرات لا يُؤهِّله لتحمُّل المزيد من المَهامّ أو الالتزام بمسؤولية مُحدَّدة، مثل: مهارة التنظيم، والتخطيط، وإدارة الوقت؛ ممّا يُقلِّل ثقته بنفسه، ويزيد خوفه من الفشل، فلا يرغب في فعل أمر قد يُشعِره بالخجل الناتج عن حُكم الآخرين عليه أو انتقادهم له، الأمر الذي يؤدّي إلى تهرُّبه من المسؤولية؛ لحفظ ماء الوجه، وتقليل الشعور بالضيق.
معظم السلوكات الشخصية تكون عادات مُكتسَبة، وخاصَّةً من البيئة العائلية في مرحلة الطفولة؛ فاتِّخاذ الطفل والِدَيه قدوة يحتذي بها يُعَدّ من الأمور المُحفِّزة لاكتساب السلوكات، بغضّ النظر عن ماهيَّتها؛ لذا، تُعَدّ مخالَطته الأشخاص الذين لا يُبدون اهتماماً كبيراً بالمسؤوليات المُلقاة على عاتقهم كفيلة كي يسلُكَ المَنحى ذاته عندما تُتاح له الفرصة.
ما إن يتعرَّف الشخص على السبب الحقيقي لعدم تحمُّله المسؤولية، حتى يتمكَّن من زيادة التزامه بما يتوجَّب فعله، والاعتراف بالأخطاء عند وقوعها، وقد يساعده في ذلك الاحتفاظ بسِجِلٍّ يتضمَّن الالتزامات، وجداولها النهائية؛ لمُتابعتها، أو تحديد أهداف شخصية واضحة وقابلة للتحقيق، وتجزئتها إلى مَهامَّ أصغر؛ للتمكُّن من إدارتها، ويُمكن أيضاً طلب الدَّعم من الأصدقاء أو العائلة؛ إذ إنَّ مُتابعتهم أيّ تَراخٍ أو تقصير منه، قد يُشجِّعه على الوفاء بالمسؤوليات.
وإن كان عدم تحمُّل المسؤولية ناتجاً عن الشُّعور بالقلق، فإنّ الاهتمام بالأنشطة والتمارين التي تحُدّ من التوتُّر والقلق يُساعد كثيراً على التحكُّم بالنفس من جديد؛ كممارسة اليوغا، أو تمارين التنفُّس العميق، والحصول على قَدر كافٍ من النوم، وتقليل تناول الكافيين "Caffeine".
المراجع
[1] livewellwithsharonmartin.com, Why People Refuse to Take Responsibility and How to Cope
[2] psychcentral.com, Do You Know Someone with Responsibility Deficit Disorder?
[3] envisionyourevolution.com, Irresponsibility: Understanding a Complex Personality Trait
[4] psychmechanics.com, Fear of responsibility and its causes
[5] mindtools.com, Helping People Take Responsibility