جار التحميل...
تعد معرفة الأسلوب الجيد للاعتذار أمراً أساسياً لقبوله من الطرف الآخر، إذ إنّ عدم الاعتذار عند ارتكاب خطأ أو حتى الاعتذار بطريقة غير مُناسبة يؤثر سلباً على العلاقات الشخصية والمهنية، وبالتالي الشعور بالخيبة والغضب والاستياء، وقد تتطور هذه المشاعر مع مرور الوقت لتصبح عدائية.
وفيما يلي مجموعة من النصائح والممارسات المهم اتباعها عند الاعتذار:
إنّ اختيار الوقت والمكان المناسبين لتقديم الاعتذار خطوة أساسية لضمان قبوله، إذ يجب الابتعاد عن الاعتذار في ذروة الخصام والغضب، ويفضل الانتظار حتى تهدأ الأجواء، وتنتهي نوبة الانفعال لدى الطرفين، إذ إنّ تقديم الاعتذار في الوقت غير المناسب قد يزيد من حدة الموقف، ولكن لا يعني ذلك الانتظار لفترة طويلة حتى لا يتفاقم الخصام، إذ يجب تقدير الوقت واختيار اللحظة المناسبة.
فمثلاً؛ إذا كان الشخص وسط حدث مهم أو خاص مثل اجتماع عمل أو احتفال شخصي، فإن تقديم الاعتذار في هذا الوقت قد لا يكون مناسباً؛ لأنه قد يصرف الانتباه عن الحدث أو يُسبب له الإحراج، ومن المهم أيضاً اختيار مكان يمنح الخصوصية والراحة للشخص الآخر.
فتقديم الاعتذار في مكان عام أو مزدحم قد يشعر الشخص بالإحراج أو الضغط، مما يؤثر على قدرته على التعبير عن مشاعره الحقيقية، ويمنع التعبير عن الرأي والمناقشة خاصةً إذا تطلب الأمر ذلك، لذا فإن اختيار بيئة هادئة ومألوفة مثل المنزل أو مقهى هادئ قد يكون الخيار الأنسب.
يجب مراعاة طبيعة الموقف وشخصية الطرف الآخر عند اختيار طريقة الاعتذار، فمثلاً، يُفضّل بعض الأشخاص تقديم الاعتذار شفهياً وجهاً لوجه بقول عبارات الأسف، وهذه الطريقة مُناسبة خاصةً إذا كان الخطأ بسيطاً وفي سياق غير رسمي.
وتتطلب بعض الحالات الأخرى الأكثر تعقيداً أو التي أثرت بشدة على الطرف الآخر اعتذار شخصي صادق مصحوباً بتصرف عملي، ومحاولات لإصلاح الضرر أو تقديم البدائل، أو قد يكون الاعتذار مكتوباً بحيث يُظهر الاهتمام والتفكير العميق مثل رسالة نصية أو بريد إلكتروني، وهذه الطريقة مُناسبة في المواقف الحساسة أو الرسمية، أو في حال بُعد المسافة بين الطرفين.
تعكس القدرة على الاعتراف بالخطأ مدى قدرة الفرد على الإصلاح، ولا بدّ من فهم الخطأ المرتكب ومعالجته بطريقة تُقلل من حدة الغضب لدى الطرف الآخر، كما يجب أن يكون الاعتذار واضحاً ومحدداً، وليس عاماً مثل "أعتذر عما فعلته"، بل يجب الوضوح التام في تقديم الاعتذار، وهذا يتطلب التأني والتفكير، ولا بأس بسؤال الطرف الآخر عن سبب غضبه إن لم يكن معروفاً.
عندما يُظهر الفرد المتسبب بالأذى ندمه تجاه التصرف المؤذي الذي قام به، وشعوره بالأسف والاستياء وتأنيب الذات، يُدرك الآخرين مشاعر التعاطف الصادقة والحقيقية تجاههم، وهذه خطوة مهمة في الاعتذار كونها تُساعد في قبوله، وتفتح الآفاق للتواصل والحوار بين طرفيّ النزاع.
من المهم منح الشخص الآخر الفرصة للتعبير عن مشاعره وتجربته وسبب غضبه واستيائه، مما يعكس احترام الشخص المتسبب بالأذى لمشاعر الطرف الآخر، ويعزّز سبل التواصل المفتوح، فالاستماع دون مقاطعة وبتركيز يتيح الفرصة لفهم وجهات النظر بين الطرفين، ويمكن طرح بعض عبارات الإصلاح بعد الاستماع مثل؛ "أفهم كيف شعرت، وأعتذر إذا كان تصرفي قد آذاك، ولكن أكرر ذلك مستقبلاً"، ويشار إلى ضرورة الحفاظ على الهدوء في هذه الخطوة.
تلعب لغة الجسد دوراً فعالاً في إيصال الاعتذار بلباقة ومصداقية، ويتمثل ذلك في الحفاظ على اتصال العين بنسبة لا تقل عن 50% أثناء الحديث، ولا تقل عن 70% خلال وقت الاستماع للطرف الآخر، مما يعكس مدى الاهتمام والاستماع الفعّال، ولا تقل وضعية الجسم أهمية أيضاً، فالوضعية المفتوحة تُظهر الانفتاح على الحوار وتقبله، على عكس وضعية الانحناء وإغلاق الذراعين التي تشير إلى الحدّة والانغلاق على الحوار.
أمّا عن تعابير الوجه، فيجب أن تعكس المشاعر الحقيقية كالحزن أو التعاطف لتعزيز المصداقية، ولا يمكن تجاهل أهمية المسافة بين الطرفين، بحيث يكون الاقتراب بما يكفي للتعبير عن الاهتمام دون مضايقة الطرف الآخر، ويمكن استخدام حاسة اللمس عند الاعتذار؛ كمسك اليد أو الربت على الكتف، لإضفاء جوّ من الألفة على الاعتذار، مما يجعله أكثر لباقة.
يعد الصدق في تقديم الاعتذار نقطة أساسية لتقبُّله من الطرف الآخر، فلا يجوز تقديم الاعتذار للتخلص من النزاع فقط أو الحصول على الراحة، فهذا حتماً لن يقضي على النزاع، وستبقى آثاره موجودة حتى وإن زالت مؤقتاً، لذا يجدر بالمعتذر أن يوافق ما بين شعوره بالندم وأقواله وأفعاله، فالاعتذار الذي يكون من القلب وبمصداقية عالية ينتج عنه الإصلاح الحقيقي.
يعدّ التعبير عن الامتنان للطرف الآخر لقبوله الاعتذار من آخر خطوات تقديم الاعتذار، إذ يشجع الطرف الآخر على التفاعل إيجابياً، وبالتالي يسهّل النقاشات المستقبلية، كما يعزز الثقة المتبادلة بين طرفيّ النزاع، ويعكس النوايا الحسنة، ويساعد على بناء روابط أكثر عمقاً.
المراجع
[1] wikihow.com, How to Apologize
[2] verywellmind.com, Apologizing Sincerely and Effectively
[3] betterup.com, How to apologize to someone professionally and with grace
[4] hbr.org, The Power of Saying “I’m Sorry” and “You’re Forgiven”
[5] ggia.berkeley.edu, Making an Effective Apology