جار التحميل...
وفي المقابل، يساعد الاعتراف بالخطأ في تطوير الذات على الصعيدَين؛ المهني، والشخصي؛ فهو يُعزِّز مهارة تقييم الأخطاء، وتَقبُّل وجهات النظر الجديدة، بالإضافة إلى تقبُّل أخطاء الآخرين والتعاطُف معهم؛ ممّا يُتيح المجال لتعلُّم الخبرات والتجارب الجديدة، واكتسابها دون خوف أو حرج من ارتكاب الأخطاء أو الاعتراف بها.
وفي ما يلي أبرز الخطوات التي تساعد على تحسين مهارة الاعتراف بالخطأ:
تظهر عادةً بعض المشاعر السلبية والعِبارات الناقدة للذات عند ارتكاب الأخطاء؛ فقد يصِف الشخص نفسه بأنَّه "غبيّ"، أو "أحمق"، وأنّ ارتكابه خطأ ما يجعله يجعله سخيفاً أمام نفسه والآخرين؛ ممّا يجعل فصل القيمة الذاتية عن الخطأ الخطوة الأولى في تحسين مهارة الاعتراف بالخطأ؛ لأنَّها تحول دون تقليل الشخص قيمتَه الذاتية، وتُعلِّمه أنّ ارتكاب الأخطاء أمرٌ وارد عند الجميع، والوعي بهذه الخطوة يساعد على الهدوء والتحلّي بالشجاعة للاعتراف بالخطأ، والتعامل معه تعاملاً سليماً.
لا يُمكن الهروب من الاعتراف بالخطأ وتحمُّل مسؤوليّته؛ فبَعد فصل القيمة الذاتية عن الخطأ، تُصبح خطوة الاعتراف بالخطأ أمراً سهلاً؛ لذا، عِوَضاً عن إضاعة الوقت في إلقاء اللَّوم على الآخرين، أو اللُّجوء إلى تقديم المُبرِّرات والأعذار، أو محاولة عَيش دور الضحية وإنكار الخطأ، لا بُدّ من الاعتراف المُباشر والصريح به، وتحمُّل المسؤولية الكاملة عنه دون اللجوء إلى محاولة تحميل الآخرين مسؤوليّته.
فعلى سبيل المثال، إذا أخطأ موظف في مشروع العمل، يكون اعترافه بالخطأ هو التصرُّف الصحيح؛ باستخدام ضمير المُتكلِّم، مثل قول: "أنا مَن ارتكب الخطأ"، دون التهرُّب من ذلك باستخدامه عبارات تدلّ على الجمع، مثل "هذا خطأنا".
بعد الاعتراف بارتكاب الخطأ وتحمُّل المسؤولية، تأتي خطوة مهمّة؛ ألا وهي الاعتذار عن الخطأ، لا سِيَّما إذا سبَّب الخطأ أضراراً للآخرين، ويجب أن يكون الاعتذار صادقاً باستخدام عبارات واضحة وصريحة، مع ذكر نِيَّة مُعالَجة الأمر، أو تقديم حلّ إن كان الشخص قادراً على ذلك.
فعلى سبيل المثال، يمكن قول: "أنا آسف لأنّني تأخَّرت في تسليم تقرير العمل، وأُدرِك أنّه سيكون سبباً في تأخُّر المشروع، سأبذل جهدي كي لا يتكرَّر الأمر ثانية"، أو قول: "أنا آسف لأنّي أضعت حقيبتك التي أعرتَني إيّاها، وسوف أدفع لك ثمنها وأُعوِّضك عن أيّ خسائر".
التعلُّم من الأخطاء خطوة مُهمّة لتحسين مهارة الاعتراف بالخطأ؛ إذ إنّها تُخفِّف حجم السلبية التي تترافق عادةً مع ارتكاب الأخطاء؛ ممّا يجعل عملية الاعتراف بالخطأ أكثر سهولة؛ بمعنى أنّ الأخطاء سوف يُنظَر إليها بوصفها فرصة للنُّمُوّ، وتحسين الأداء، والتفكير، واتِّخاذ القرارات، بطريقة أفضل في المرّات القادمة.
ويُمكن التعلُّم من الأخطاء؛ عبر فهم تفاصيلها، وأسباب حدوثها؛ فعلى سبيل المثال، عند ارتكاب خطأ في تقرير أحد المشاريع وتأخير تسليمه، يُمكن بعد الاعتراف بالخطأ وتحمُّل مسؤولية ارتكابه، تقييم السبب الأساسي للتأخير؛ كسوء التنظيم أو التخطيط؛ فمعرفة السبب قد تساعد في تجنُّب ارتكاب الخطأ مُجدَّداً، وتطوير الأداء في المستقبل.
بعد الاعتراف بالخطأ، لا بُدّ من ممارسة التعاطف والتسامح مع الذات؛ باعتبار أنّ البشر لا يُمكن أن يكونوا كاملين ومِثاليّين في الأوقات جميعها؛ فالخطأ -كما قلنا- جزء من الطبيعة البشرية، ولا يُمكن العودة إلى الماضي ومنع حدوثه، وإنّما يُمكن استخدامها بوصفها دافعاً للنُّمُوّ والتطوُّر.
فعلى سبيل المثال، إذا ارتكب أحد الطُّهاة خطأً في إعداد الطبق الرئيس لأحد الزبائن، لا بُدّ له بعد اعترافه بالخطأ، وتعويض الزبون بطبق أفضل، من تجنُّب جلد ذاته ولومها، بل عليه أن يكون أكثر تعاطُفاً وتسامُحاً مع ذاته التي رُبَّما تعرَّضت للإرهاق من ضغط العمل، وهذا التعاطف سيجعله أكثر تسامُحاً مع أخطائه، وأكثر قدرة للاعتراف بها في المستقبل، ثمّ سيمضي قُدُماً لتحسين أدائه، ومعالجة نقاط تقصيره.
وختاماً، لا تقتصر فوائد مهارة الاعتراف بالخطأ على المستوى الفردي، وإنَّما تتجاوزه لتشمل المستوى الجماعي، وبناء علاقات صِحّية وإيجابيَّة؛ على المستوى المهنيّ، أو على مستوى العلاقات الشخصية؛ إذ يشعر الجميع أنّهم قادرون على الاعتراف بالخطأ في بيئة آمِنة دون الخوف من الانتقاد.
بالإضافة إلى أنّ الاعتراف بالخطأ يُعزِّز التواصل الفَعّال، والثقة المتبادلة بين الأفراد، ويسهم في حلّ النزاعات بطريقةٍ بنّاءة، ويُقوّي الروابط الإنسانية.
المراجع
[1] psychologytoday.com, It's Hard to Admit Mistakes: Here's Why You Should Anyway
[2] awesomeleader.com, Admitting Mistakes the Right Way
[3 healthcareplussg.com, The Power of Admitting Your Mistakes
[4] fellow.app, 6 Ways to Admit You’re Wrong at Work (+ Examples)
[5] wikihow.com, How to Admit Mistakes