جار التحميل...

°C,
كيف تتخلص من عقلية الضحية؟

كيف تتخلص من عقلية الضحية؟

11 أغسطس 2024 / 1:44 PM
لا تخلو حياة أحد من المشكلات والأحداث غير المرغوبة، علماً بأنّ هناك خياران للتعامل معها؛ إمّا بتحمُّل المسؤولية ومحاولة إصلاح الأمور بوسائل شتّى، أو بلَوم الآخرين والظروف واختيار العَجز تجاه التحكُّم في أيّ حَدَثٍ أو قرارٍ، وهذا ما يفعله تماماً مَن يتبنّى عقلية الضحية (Victim mentality)؛ فهو يشعر بأنّ كلّ شيء ضِدَّه وخارجٌ عن سيطرته، ويأخذ الأمور على محملٍ شخصيّ، ويسيطر الاستياء على تفكيره في كثيرٍ من الأحيان.

وتُعَدّ عقلية الضحية ردّ فعل لصدماتٍ شديدة، أو ردّ فعل للمرور بالكثير من الأوقات الصعبة دون التعامل معها تعاملاً سليماً، لذا تُصبح النظرة تجاه الأشياء في الحياة سلبيَّةً، بالإضافة إلى انعدام الإحساس بالمسؤولية، وتدني الثقة بالنفس واحترام الذات، والشعور الدائم بالفشل، ومواجهة مشكلات في العلاقات الاجتماعية والحياة المهنية.


ويجدر بالذكر أنّ عقلية الضحية تُشكِّل حاجزاً تجاه الحصول على أيّ مساعدة أو حلول من الآخرين؛ لأنَّ التخلُّص منها يحتاج في البداية إلى عزمٍ شخصيّ قبل البحث عن أيّ مساعدة أو تقبُّلها، وفيما يأتي مجموعة من النصائح الفَعّالة التي تُسهم في التخلُّص من هذه العقلية.

تحدي الأفكار السلبية 

لا يُمكن تصحيح الأخطاء دون الاعتراف بها والوقوف على أسبابها أوّلاً، لذا لا بُدَّ من التعرُّف إلى المشاعر والأفكار المُغذِّية لعقلية الضحية ومعالجتها من أساسها؛ فعلى سبيل المثال، لدى الإحساس بعدم الأهمية، تبدأ عقلية الضحية بلَوم الآخرين وإثارة المشكلات؛ للحصول على المزيد من الاهتمام والحُبّ والتقدير، إلّا أنَّ ردّ الفعل الصائب هو تحدّي الأفكار السلبية، ومحاولة التعرُّف إلى الأسباب التي أدَّت إلى ذلك الشعور، وممارسة الامتنان لوجود كثيرٍ من الأشياء الإيجابية الأخرى في الحياة، وإقناع الذات أنَّ الشعور بالحبّ غير محصور في الآخرين.


وفي المقابل، يُمكن الالتفات إلى أشياء مُفضَّلة أخرى تزيد المشاعر الإيجابية وقيمة الذات بدلاً من الشعور بالانهزامية والافتقار إلى الشعور بالأهمية والحُبّ؛ كالاهتمام بالنباتات والحيوانات الأليفة، ومساعدة شخصٍ محتاجٍ، ويمكن تفريغ المشاعر المكبوتة بكتابة اليوميات ومحاولة التعرُّف إلى المواقف والأفكار السلبية من الجوانب جميعها، ورؤيتها من منظورٍ مختلف، وتقييم الخيارات المُتاحة قبل اتِّخاذ أيّ قرار، وإبقاء المشاعر تحت السيطرة.

تعلّم مهارة حل المشكلات

العمل بكلّ الإمكانات المُتاحة هو الخطوة الأساسية لتغيير الأحوال الحالية، وهو المخرج الوحيد للتخلُّص من الندم على أفعال الماضي، أو الخوف من المستقبل؛ لأنَّه يصبُّ التركيز على الحاضر، إلّا أنّ عقلية الضحية تستمرّ في اختلاق الأعذار تجاه تنفيذ أيّ فعل يخدم تقدُّمها؛ لذا فإنَّ أهمّ خطوة هنا تتمثَّل بإنجاز العمل المطلوب دون الخوف من عواقبه، وتعلُّم مهارة حلّ المشكلات؛ لأنَّها تسمح باتِّخاذ خطواتٍ استِباقيَّة للمشكلات المُتوقَّعة، وكيفية التعامل مع المشكلات بفعالية عند حدوثها.

تحمّل المسؤولية 

تميل عقلية الضحية دائماً إلى التملُّص من تحمُّل المسؤولية بإلقاء اللَّوم على الظروف عند كلّ فشل تقع فيه، ورغم أنّ بعضها قد يكون خارجاً عن الإرادة، إلّا أنّ الاستجابة لها تقع ضمن المسؤوليات الشخصية بالكامل، وصاحب تلك العقلية لا يحمل هذه المسؤولية أبداً، لذا يجب عليه تحديد الأولويات، ووضع خطة فعلية لتنفيذها، والتأكد من تجنّب أيّ مُبرّرات، أو لَوم الظروف أو الآخرين، والحفاظ على ضبط النفس عندما لا تسير الأمور وفق ما هو مُخطَّط لها.

بناء الحدود الشخصية

تشعر عقلية الضحية بأنَّها مُلزَمة بتنفيذ كلّ ما يُطلَب منها، ولو كان على حساب الاهتمامات الخاصَّة؛ لأنّ حدود التعامل لديها ليست واضحةً، لذا لا بُدّ من التدرُّب على قول (لا) دون الخوف من الإضرار بالعلاقات ومن التمتُّع بشعور القوة والسيطرة والحفاظ على الرفاهية الشخصية، وعدم تكليف النفس فوق طاقتها والوقوع ضحيةً؛ بمعرفة القِيَم والحدود الشخصية التي يجب على الآخرين ألّا يتجاوزوها، وإيصالِها إليهم بوضوح، والحزم بشأنها، واستخدام نبرة إيجابية لدى الرفض بدلاً من النبرة الهجومية، وتقديم البدائل للطرف الآخر.

محاولة تبنّي نظرة إيجابية عن النفس والحياة

الشعور بالعجز هو المُغذّي الأساس لعقلية الضحية، لذا لا بُدّ من مُحارَبته بإيمان الضحية بقدرتها على مواجهة الظروف مهما كانت، والتأكُّد من أنّ الجميع دون استثناء يمرّون بمواقف سلبية يوميّاً، وتغيير الحديث مع النفس إلى حديثٍ إيجابيّ، بالإضافة إلى تطوير المهارات والقدرات الشخصية التي تخدم الأهداف المنشودة، إلى جانب أنَّ لقضاء مزيد من الوقت مع الأشخاص الإيجابيِّين الذين لا يغرقون في عقلية الضحية في كلّ موقف أثرٌ إيجابيّ جدّاً.

التركيز على الأمور التي يمكن التحكّم بها

إنّ مفتاح التحرُّر من عقلية الضحية هو العثور على ما يمكن التحكُّم فيه والتركيز عليه بغضّ النظر عن مدى بساطته؛ لأنّ كثيرًا من الأمور والظروف لا يُمكن التحكُّم فيها، والتركيز عليها يزيد الشعور بعقلية الضحية، وبالتالي الشعور بالعجز لدى التعامل معها، ممّا يحول دون النظر بإيجابية إلى الحياة، وهنا يجب التنويه إلى أنَّه لا فائدة من الكراهية والغضب تجاه الظروف الصعبة؛ لأنَّها تخلق المعاناة، وتُدمّر العلاقات، وتُعوِّق الفرح والنجاح في كلّ تجربة، والأفضل أن يحلّ مَحلّها التسامح والتعاطف مع الذات.

الوعي بعواقب الاستمرار بالتفكير كضحية

للاستمرار بالتفكير بعقلية الضحية عواقب وخيمة على حياة الفرد، ويجب معرفتها؛ لربط التخلُّص منها بفوائد كثيرة، وأوّل هذه العواقب البقاء ضمن دائرة الشعور بالتوتر والقلق؛ بسبب التركيز الدائم على الجوانب السلبية في الحياة، وكذلك الحديث السلبي مع النفس الذي يتطور لاحقاً إلى تَدَنٍّ في احترام الذات، وهذا الإجهاد المُستمرّ يؤدّي إلى مشكلات صحية مختلفة، مثل: الصداع، واضطراباتٍ في النوم.


كما أنَّ إعاقة التطوّر الشخصي يُعَدُّ من الآثار السلبية التي يجب التنبُّه إليها؛ لأنّ لدى عقلية الضحية اعتقاد راسخ بأنّ النجاح وتغيير الظروف خارج عن السيطرة، ممّا يخلق شعوراً بعدم أهمية تعلُّم مهارات جديدة، وعدم اتِّخاذ خطواتٍ استباقية لتحسين الذات، بالإضافة إلى أنَّ هذه العقلية تُغذّي إحساس الخوف من الفشل عند مواجهة أيّ تحدِّيات في سبيل التطوُّر، ممّا يُبقي الشخص عالِقاً في منطقة الراحة.


وتُعَدُّ العزلة الاجتماعية أيضاً إحدى عواقب عقلية الضحية الخطيرة، وعلى الرغم من أنَّ أنّ أصحابها يُكافِحون لتكوين روابط ذات معنًى والحفاظِ عليها، إلّا أنَّهم يسعون باستمرار إلى التحقُّق من تعاطف الآخرين وصدقهم، وعند كلّ مشكلة يلقون باللَّوم عليهم، ويعدّونهم سبباً في سوء الحظّ دائماً، وهذه العقلية تجعل العلاقات سامَّةً، وتمنع الثقة، وتزيد الشعور بالسلبية، ممّا يدفع الآخرين إلى تجنُّبهم.

طلب المساعدةِ والدعمِ من شخصٍ موثوق

يُساعد وجود شبكة علاقات واعية بعقلية الضحية من الأصدقاء أو العائلة في إبقائها ضمن المسار الصحيح بعيداً عن النظرة السلبية تجاه كلّ شيء، إلّا أنّ من الأفضل طلب المساعدة من خبيرٍ في العلاج النفسي؛ لأنَّه سيتمكَّن من تحديد دوافع عقلية الضحية وأسبابها بدِقَّة؛ من مثل الصدمات النفسية القديمة، وتجارب الطفولة، ثمّ تقديم توجيهات وخطوات للتعامل مع الضغوطات الحالية ومشاعر العجز والإحباط، وتحديد الأدوات اللازمة لبناء مهارات جديدة، مثل: الذكاء العاطفي، والتواصل الفَعّال، وحلّ المشكلات، وتعزيز شعور احترام الذات.


وختاماً، لا تُصنَّف عقلية الضحية على أنَّها اضطراب عقليّ، بل هي صفة مُكتَسَبة، ومع ذلك لا يُمكن أن يتجاوزها الفرد بسهولة دون أن يحصل على الدعم من الأشخاص المحيطين به، والذين يترتَّب عليهم التعاطف معه، وعدم الشعور بالإحباط من رفضه المساعدة في بداية الأمر، بالإضافة إلى تشجيعِه على طلب الدعم من مختصٍّ نفسيّ، وتذكيرهِ بمدى قوَّته، وعدم معاملته كضحية؛ لأنَّ ذلك يجعل الوضع أسوأ، ومساعدتِه على التفكير في أهداف ووسائل جَيِّدة لتغيير حياته إلى الأفضل، مع أهمية الحفاظ على حدود واضحة عند التعامل معه؛ فهو يُلقي باللَّوم على غيره عند حدوث أيّ مشكلة.

المراجع

[1] webmd.com, What Is a Victim Mentality?
[2] verywellmind.com, Victim Mentality: Definition, Causes, and Ways to Cope
[3] positivepsychology.com, Victim Mentality: 10 Ways to Help Clients Conquer Victimhood
[4] tobybarrontherapy.com, Victim Mentality: What It Is and How to Change the Pattern
[5] getmarlee.com, Victim mentality: 8 signs & how to overcome it

August 11, 2024 / 1:44 PM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.