جار التحميل...
وتعود مسامحة النفس على الشخص بعدد من الفوائد الإيجابية، مثل: تحسين الصحة النفسية والعقلية، وتقليل خطر الإصابة بالاكتئاب والتوتُّر والحزن، والمساعدة على التقدُّم والنجاح، والتصالُح مع الذات، ممّا يُعزّز الرغبة في تصحيح الأخطاء، وتعويضها، وتحسين الصحة عامة؛ كصحَّة القلب، وضغط الدم.
الاعتراف بالمشاعر التي يُفكِّر فيها الشخص نتيجة الوقوع في الأخطاء، وفهمها، والتعامل معها على نحو صحيح، أمر مهمّ لمسامحة النفس، لذا على الشخص أن يسمح لنفسه بعَيش مشاعر الحزن والغضب مدَّة قصيرة على نحو مُتوازِن، ثمّ التخلُّص منها، وتخطّيها، وعدم المبالغة فيها، والمُضِيّ قُدُماً نحو التصالُح مع الذات.
أمّا الغضب، فيُعَدّ من المشاعر التي قد تؤثّر في الحياة سلباً، وتُسبِّب العديد من المشكلات، لا سِيَّما عند الغضب من الذات، لذا يمكن للإنسان أن يُعبّر عنه بوسائل سليمة وغير عُدوانية، مثل: ممارسة التمارين الرياضية أو الجري، أو ممارسة أيَّة هواية أو نشاط يُساعد على الاسترخاء والهدوء.
التعاطف مع الذات أمر أساسيّ لمسامحة النفس، وهو يتطلّب التعايُش مع فكرة عدم الكمال والمِثالية، والابتعاد عن لوم النفس بقسوة، أو الانتقاد اللاذع عند ارتكاب الأخطاء، بل التعامل بلطف وتفهُّم، واعتماد الأفكار الإيجابية العقلانية البَنّاءة بدلاً من الأفكار السلبية.
بالإضافة إلى أنّ استخدام أسلوب التحفيز والتشجيع أمر بالغ الأهمية؛ لتعزيز قبول الذات، ودفع النفس نحو التقدُّم والنمو، ممّا يساعدها على تجاوُز الحزن والأخطاء، ويمكن القول إنّ أفضل سبيل للتعاطف مع الذات أن يكون الشخص هو الصديق المُتفهِّم والمُحِبّ لذاته.
اليقظة الذهنية (Mindfulness) مهارة تُشجِّع على التركيز في أحداث الحاضر، وتتضمّن بعض الممارسات، مثل: التركيز على الإيجابيات والأمور التي تُشعر الشخص بالفرح والسعادة، مثل: وجبة لذيذة، أو قضاء وقت في الطبيعة، أو ممارسة الهوايات المُفضَّلة؛ كالرَّسم، أو القراءة، إضافة إلى التأمُّل، والهدوء؛ بالجلوس في مكان هادئ مع إغلاق العينَين، والتنفُّس بعُمق، وتجاهل الأفكار السلبية التي تخطر على البال، والتركيز في الشهيق والزفير، ممّا يساعد على تقليل التوتُّر، وزيادة الرضا عن النفس.
يساعد إصلاح الأخطاء -إن أمكن ذلك- في مسامحة الذات، مثل: تقديم الاعتذار، أو التعويض عن الأضرار التي نجمت عن الخطأ، مع ضرورة التعلُّم من الأخطاء، وعدم العودة إليها بالتفكير في الأسباب التي دفعت إلى ارتكاب الخطأ، وتجنُّب الوقوع فيها مرّة أخرى في المستقبل، وعدم الحكم على النفس بسبب موقف مُعيَّن، وتجنُّب الشعور بالسوء، والتركيز على وسائل حلّ المشكلة، ومواجهتها بصدر رحب بغضّ النظر عن النتيجة النهائية.
الشعور بالذنب والندم يمثِّلان صوت الضمير الذي يردع الإنسان عن اقتراف مزيد من الأخطاء، وهما لا يقِلّان أهمية عن الشعور بالفرح والحزن وأيّ عاطفة إنسانية أخرى؛ فلكلّ عاطفة وشعور وقت وغرض وسبب مُعيَّن، ويُؤدّي الشعور بالذنب دوراً مهماً في الرَّدع عن الأخطاء، والدعوة إلى تصحيحها، إلّا أنّ من المهمّ عدم السماح لهذه المشاعر بالسيطرة على الحياة وتدميرها.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الدراسات التي أُجرِيَت على 1381 شخصاً في موقع المكتبة الوطنية للطبّ (national library of medicine) عام 2018م، أظهرت أنّ "قبول المشاعر السلبية، مثل الشعور بالذنب، وعدم الحكم عليها، يُقلِّل المشاعر السلبية، وبالتالي يُعزِّز الصحة النفسية".
وختاماً، يجب أن يتذكَّر الإنسان أنّ الشخص الوحيد الذي لا يمكن الانفصال عنه مهما فعل هو نفسه، لذا لا بُدّ من التصالح مع أخطاء الماضي، ومنح النفس الوقت الكافي للتعافي منها وتصحيحها، أمّا عند انعدام القدرة على مسامحة الذات، وتأثير ذلك في صحّة الفرد النفسية، مثل المَيل إلى العزلة، والتأثير سلباً في العلاقات الاجتماعية، والتقصير في أداء المهامّ اليومية، وظهور أعراض الاكتئاب، فلا بُدّ من مراجعة اختصاصِيّ نفسي؛ للحصول على المساعدة اللازمة والدعم.
[1] mverywellmind.com, How to Forgive Yourself
[2] webmd.com, How to Forgive Yourself
[3] psychcentral.com, How Do You Forgive Yourself? 6 Steps to Get You Closer
[4] healthline.com, How to Forgive Yourself
[5] medicalnewstoday.com, How to let go of the past