جار التحميل...
فيما يأتي أهم علامات عدم الثقة بالنفس، وبعض النصائح لمعالجتها والتغلب عليها، والوصول إلى مستوى أفضل من الثقة بالنفس:
إن التحدث بشكل سلبي عن النفس يعني التركيز على نقاط الضعف عوضاً عن كل نقاط القوة الموجودة، والتي لا يراها الشخص في نفسه، حيث يكون الانتقاد وإلقاء اللوم على النفس وكشف عيوبها بشكل مستمر هو سيد الموقف دائماً، والتصرف بهذا الشكل يعني أن الإنسان بالفعل لديه مستوى متدنٍ من الثقة بالنفس.
الحل يكمن في الإيجابية مع النفس، بفعل كل ما يمكن أن يجعلك تشعر بالراحة والسكينة والرضا، مثل تخصيص الوقت لجلسات التأمل بهدف اكتشاف نقاط القوة، وتدوين ما تتوصل إليه لتعمل على تعزيزه أكثر، والوقوف أمام المرآة والتحدث بشكل إيجابي ولطيف، ومن المجدي تحدي الأفكار السلبية بالحديث المستمر مع النفس، بحيث تكون واعياً لما تقوله عن نفسك، والاقتناع داخلياً بأنه يجب أن تكون لطيفاً، وتتحدث عن نفسك تماماً كما لو كنت تتحدث عن شخص تحبه، وتضعه في قائمة أولوياتك.
بناءً على دراسةٍ نُشرت عام 2011 في مجلة (Journal of Sport and Exercise Psychology) أُجريت على مجموعة من الرياضيين حول مدى تأثير الحديث مع النفس في الكفاءة والأداء، تبين أن الحديث الإيجابي مع النفس يؤثر إيجاباً في مدى نجاحهم في حياتهم مقارنة بالحديث السلبي.
تأثّر الإنسان من النقد وإن كان بنّاءً بشكل دراميٍّ مبالغ فيه، مثل أن يغضب أو يبكي إذا تعرّض للانتقاد في عمله أو من صديق له، أو يأخذ أي نقد على المحمل الشخصي بحساسية، ويتصرف بعاطفية بدلاً من العقلانية، غالباً ما يشير بشكل واضح إلى عدم الثقة بالنفس، فالشخص الذي لا يثق بنفسه بما يكفي لا يقبل التحديات والعقبات، ويستسلم لها بسرعة.
هذه الحساسية الكبيرة تجاه آراء الآخرين أو انتقاداتهم هي أمر لا بد من التعامل معه، ومعالجتها تبدأ من تغيير النفس من الداخل، ومن النصائح المهمة إقناع النفس بشكل مستمر بأن انتقاد الناس لبعضهم البعض هو جزء من التفاعل الاجتماعي، وأن هذا شيء طبيعي، وأن كلام الآخرين ليس بالضرورة كلام صحيح أو دقيق، لذا فإنه من الضروري أخذ الانتقاد بروح رياضية في بعض الأحيان حتى نتعلم منه، أو إسقاطه في مكانه إذا كان غير صحيح.
من المهم تقبُّل فكرة أن الكمال شيء غير موجود، وأن الجميع يخطئ، وأنه لا بأس من وجود نقد بنّاء في بعض الحالات؛ كالنقد البنّاء في بيئة العمل مثلاً، عندما لا يكون الانتقاد لذاتك أو لشخصك، قدِّمْ مصلحة العمل، وخذ التجارب والانتقادات كفرصٍ للتعلّم والتطور الذاتي، ولا تجعل الأمر شخصياً.
نصيحة: الأمر برمته يعتمد على كيفية تعاملك وأخذك للأمور، ربما عليك أن تبني حاجزاً داخلياً حول مساحتك الشخصية الخاصة بالثقة بالنفس، وأن لا تجعل الانتقادات تدخل عميقاً إلى نفسك، بل أن تفكر بها بموضوعية، وتحدد فيما إذا كانت هجومية بالفعل وعليك إسقاطها، أم بنّاءة ولمصلحتك وعليك الاستفادة منها.
من الفشل من أكثر علامات تدني الثقة بالنفس، حيث لا يخاف الإنسان من التحديات فقط، بل ينسحب من المواقف الصعبة سواء أكان ذلك في الحياة العملية أو الشخصية، لأنه ببساطة لا يثق بقدرته على النجاح، ويشك في مدى كفاءته، وحين تضطرب الأمور ربما يلقي اللوم على الآخرين، فهو لا يرغب بتحمّل مسؤولية المواقف؛ لأنه غير مقتنع بكونه قادراً على تحمّل المسؤولية، وحل المشكلات.
يكمن حل هذه المشكلة في المواجهة والمحاولة، فكما قالت سيدة الأعمال الأميركية سارا بلاكلي: "الفشل ليس نهاية الأمر، الفشل هو عدم المحاولة، لا تخافوا من الفشل"، ويُنصح الشخص المتردد من المحاولة بأن يتحدى نفسه ليتخلص من الخوف، ويرفع مستوى ثقته بنفسه، وألا يكون عنيفاً في الوقت نفسه، فالتحدي الحقيقي هنا هو أن يكون لطيفاً مع نفسه، ويسير معها خطوة بخطوة، تماماً كما يتعلم الطفل خطواته الأولى، حتى يستطيع المشي بسرعة وشجاعة.
حتى يكون الأمر عمليًا أكثر، جرب وضع أهداف صغيرة، ثم تحقيقها للشعور بالإنجاز، وتجاوز الإحباط أمام الأهداف الكبيرة، فتحقيق نتائج فعلية يمكن أن يقلّل مستوى الخوف من الفشل، ويعزز شعور الثقة بالنفس، ولا تنسَ التطوّع وخوض تجارب جديدة في مجالٍ تحبّه، فالتطوّع يجعل الإنسان أكثر إصراراً على النجاح، ويعلّمه الكثير في كل تجربة، ومن الجدير بالذكر أن دولة الإمارات العربية المتحدة توفر منصات مثل منصة متطوعين. الإمارات تتيح فرصة التطوع في الميدان أو إلكترونياً وهذه فرصة لكسر حاجز الخوف.
ولتعزيز الشعور الإيجابي تجاه النفس والحياة، ولتكون أكثر هدوءاً من الداخل من المهم الاهتمام بصحتك، والحصول على قسط كافٍ من النوم، وتناول طعام صحي، وممارسة الأنشطة الرياضية.
من الجيد أحياناً أن نقارن أنفسنا بالآخرين، حتى نتعلم منهم، ونرى جهودهم في الوصول لأحلامهم، وبالتالي نستلهم من إصرارهم ونجاحاتهم لتحسين أنفسنا، ولكن إذا كانت هذه المقارنات تجعلنا نرى أفضلية الناس علينا وأننا أقلّ منهم، وتوصلنا للشعور باليأس، والإحباط، وعدم الكفاءة، وتقليل احترام الذات، فنحن أمام مشكلة كبيرة تُدعى المقارنة السلبية للنفس بالآخرين، وهي بالطبع من علامات عدم الثقة بالنفس.
حين يفكر الإنسان بهذه الطريقة عليه أن يسأل نفسه بشكل واعٍ: "ما الذي يجعلني أظنّ أن فلاناً أفضل مني؟ وهل كل جوانب حياته مثالية بالطريقة التي أراها؟" حتى يكبح شعور المقارنة السلبية في داخله، ولا بأس من أخذ الحيطة والحذر كي لا يدخل في هذه المقارنة، فعلى سبيل المثال لا داعي لقضاء الكثير من الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي التي يعرض فيها الناس أفضل ما لديهم.
بل ومن الجيد أن يذكّر الإنسان نفسه بالنِّعَم التي يعيش فيها كل يوم، كأن يقول "الحمد لله، أنا ناجح"، و"منزلي نظيف وأنيق"، و"لدي سيارة أستطيع الذهاب فيها إلى العمل"، وغيرها من الكلمات الملهمة، وحتى يعزز شعور الثقة بالنفس فإن الاحتفال بالنجاحات الصغيرة مثل أداء مهمة صعبة في العمل، أو تجاوز فصل دراسي في الجامعة بعلامة مرتفعة، وغيرها سيكون خطوة إيجابية في هذه الرحلة.
يقول بعض الناس آسف لأنهم عطسوا في الشارع، أو اصطدموا بأحدهم، بل يبالغون في الاعتذار أحياناً حتى يعتقد من حولهم أن هناك أمراً فظيعاً قد قاموا به، غالباً ما يشعر هؤلاء الأشخاص بالذنب كثيراً تجاه أنفسهم، وهذه العلامة من علامات ضعف الثقة بالنفس، والتي قد تجعل الآخرين يفقدون احترامهم وثقتهم بهم، وبالحديث عن هذا فقد أكدت دراسة نشرتها المجلة الأوروبية لعلم النفس الاجتماعي في عام 2013، أن الأشخاص الذين لا يندمون كثيراً على كل صغيرة وكبيرة من حياتهم، لديهم مستوى أعلى من الثقة بالنفس، واحترام ذواتهم.
نصيحة: عليك أن تفكر جيداً في الموقف، وتحدد فيما إذا كان بالفعل يحتاج منك أن تقول "أنا آسف" أو "أنا أعتذر" للآخرين، إذا كان يستحقّ فبالطبع هذا شيء جيد، ولكن إذا كان لا يستحق، توقّف عن قول هذه الكلمة؛ لأنها تعكس صورة سلبية عنك، قل "شكراً لك لانتظارك" بدلاً من "أنا آسف لقد تأخرتُ دقيقتَين" وتبدأ في التبرير.
إرضاء الآخرين ووضعهم أولوية على حساب نفسك، سواء بعدم وضع الحدود، والسماح لهم بالتدخّل في كل كبيرة وصغيرة، أو تقديمهم وتقديم رغباتهم على ما تريده أنت أو على حساب وقتك، علامة فارقة ومهمة قد تدل على عدم الثقة بالنفس، فالأشخاص الواثقون بأنفسهم، يعرفون حدودهم وحدود غيرهم، ولا يجعلون أنفسهم في آخر القائمة دائماً.
من المهم خلق هالة من الحب والثقة تجاه نفسك، ومنح نفسك الوقت بدلاً من تقديمه كلّه للآخرين، كأن تمارس هواية تحبّها، أو تفعل أي شيء يعبّر عنك وتريده بشدة، وبالطبع أحط نفسك بأشخاصٍ يدفعونك للأمام بدلاً من استغلالك.
من الأمور المهمة في وضع حدود الآخرين هو تعلّم قول لا، فحين لا يريد المرء أن يفعل شيئاً ما يطلبه منه الآخرون، يمكنه ببساطة أن يقول لا، بطريقة لطيفة وحازمة، وفي حال كانت هذه المهارة ضعيفة لديك، يمكنك تعزيزها بالقراءة في هذه الجزئيّة، كأن تقرأ الكتاب المشهور (كيف تقول لا) للكاتبة سوزان نيومان.
نصيحة أخيرة: في النهاية كلنا نمرّ بمراحل صعبة من حياتنا، ونشعر بتدني ثقتنا بأنفسنا، لكن المهم ألا ننهزم ونتوقف، بل أن نستمر بتطوير ذواتنا وتعزيز ثقتنا بأنفسنا بشكل مستمر، فالثقة بالنفس مفتاح من مفاتيح النجاح والسعادة في الحياة.
[1] zencare.co, 9 Signs of Low Self-Esteem & 10 Ways to Build Confidence
[2] lifehack.org, 10 Signs of Low Self-Esteem And How To Gain Confidence
[3] mind.org.uk, Self-esteem
[4] verywellmind.com, The Toxic Effects of Negative Self-Talk
[5] sychcentral.com, Tips to Soothe Your Worries of What Others Think of You