جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
افتح عقلك وقلبك

طرق تعزيز الذكاء العاطفي لعلاقات إيجابية ونجاح في الحياة

06 أغسطس 2024 / 12:54 PM
طرق تعزيز الذكاء العاطفي لعلاقات إيجابية ونجاح في الحياة
download-img
يُقصَد بالذكاء العاطفي، قدرة الفرد على التعرُّف إلى مَشاعِره الشخصيَّة وتفسيرها بشكل صحيح، ثمّ التحكُّم فيها بطريقة سَليمة وبَنّاءة، بالإضافة إلى فَهم مَشاعِر الآخرين وتفاعُلاتهم؛ فهذه المهارات تسمح للفرد، ببناء علاقات صِحِّيَّة، وإدارة الضغوطات بفعالِيَّة.

ويُعَدّ الذكاء العاطفي، مفتاحاً للنجاح في العديد من المجالات، بما في ذلك العمل، والعلاقات الشخصية؛ فالأشخاص الذين يمتلكون مُستَوىً عالِياً من الذكاء العاطفيّ، غالباً ما يكونوا قادرين على التعامُل بشكل أفضل مع الضغوطات والتحدِّيات، وهم يُظهِرون مهارات تواصُل فَعّالة، ويتمتعوا بالمرونة في التعامُل مع مختلف الأوضاع الاجتماعية، ويكونوا قادِرِين على اتِّخاذ القرارات الصائبة.

ويتألَّف الذكاء العاطفيّ، من أربعة مُكوِّنات رئيسة، وهي: 1- الوعي الذاتي؛ وهو القدرة على التعرُّف إلى المشاعر الشخصِيّة، وفهم كيفيَّة تأثيرها في السلوكيات والقرارات. 2- ضبط الذات؛ وهو القدرة على التحكُّم في ردود الأفعال العاطِفِيَّة، وإدارة المشاعر، بطريقة تُساعد على التعامل مع المواقف بفعالِيَّة. 3- الوعي الاجتماعيّ؛ وهو القدرة على فهم مشاعر الآخرين، وقراءة الإشارات غير المنطوقة، والتعامل معها بشكل مُلائِم. 4- المهارات الاجتماعيَّة؛ وهي القدرة على التواصُل والتفاعُل مع الآخَرين بفعالِيَّة، وبناء علاقات صِحِّيَّة ومُؤثِّرة. 

وبالرَّغم من أنَّ بعض الأشخاص، يمتلكون مهارات أو جوانب مُعيَّنة من الذكاء العاطفيّ بصورة طبيعيَّة دون أن يبذلوا جهوداً كبيرة، إلّا أنَّه يمكن للجميع تعلُّم الذكاء العاطفي وتطويره وتحسينه؛ بتوجيه الجُهود نحو تطوير الجوانِب التي تحتاج إلى تحسين، وفيما يأتي بعض الطُّرق التي تُعزِّز الذكاء العاطفي:

استكشاف المشاعر الشخصية

عندما يُواجه الأشخاص مشاعر سَلبِيَّة، مثل القلق أو الاستياء، فهم غالباً ما يلجأون إلى تجاهُلها، وتشتيت انتباههم بأمور أُخرى، دون أن يُدركوا أنَّ هذا التجاهُل، يمنعهم من فَهم دواخِلِهم وأسباب تلك المشاعر؛ فهي تحمل رسائل مُهِمَّة تحتاج إلى استكشاف وفهم؛ إذ يمكن أن تكون إشارات تحذيرِيَّة، تدلّ على وجود احتياجات عاطِفِيَّة أو نفسِيَّة ينبغي تلبيتها.

وبالانتباه إلى تلك المشاعر واستكشافها، يمكن للأشخاص أن يكتشفوا جوانب جديدة من أنفسهم، ويفهموا احتياجاتهم الحقيقيَّة بصورة أفضل؛ فمثلاً، يُمكن أن يكون القلق حول المُستقبل إشارة إلى ضرورة تحديد أهداف واضحة، بينما قد يكون الاستياء من الوضع الحاليّ، دافِعاً لاتِّخاذ خطوات نحو التغيير وتحسين الأوضاع، وبالتالي يُمكن اعتبار تلك المشاعر السلبيّة، فرصة للنُّمُوّ الشخصيّ والتطوُّر؛ إذ يمكن استخدامها كمُحرِّك لاتِّخاذ الخطوات الإيجابِيَّة نحو التغيير والتحسين.

وتُعَدّ كتابة المشاعر، وسيلة فَعّالة لاستكشافها وفهمها بصورة أفضل؛ إذ تُساعِد هذه العمليَّة، على زيادة الوعي بالمشاعر الداخلية والأفكار، ما يُسهِّل عملية التفكير فيها، وبالتالي فهمها بشكل أفضل.

إدراك مشاعر الآخرين

الفهم العميق لمشاعر الآخرين، من أهمّ جوانب الذكاء العاطفي؛ إذ يبدأ الشخص ببناء هذا الوعي العاطفي، من خلال التفكير في مشاعره الشخصية، وتحليلها بدِقَّة، ومع ذلك، لا يكتمل الذكاء العاطفي، إلّا بالقدرة على فهم كيفية تصوُّر الآخرين لسلوكه، وتواصله معهم.

ويتطلَّب الذكاء العاطفي، أن يكونَ الشخص قادراً على تحليل استجابات الآخرين لتصرُّفاته وتواصُله، وعلى ضوء ذلك، يُمكِنه ضبط رسائله وتوجيهها بما يتلاءم مع مشاعِرهم وتوقُّعاتهم، ويُعَدّ هذا الجانب الحَسّاس، جزءاً أساسيّاً من كونه شخصاً عاطفيّاً ذكِيّاً ومُتفهِّماً.

وعندما لا يكون الشخص مُتأكِّداً من رُدود أفعال الآخرين تجاهه، فيمكنه بسهولة استخدام السؤال كأداة للتواصُل، بحيث يطرح الأسئلة مُباشَرة؛ ليُظهِر اهتمامَه الصادق، واستعداده لفَهم مَشاعِرهم ورُدود أفعالِهم وتقديرها.

الاستماع الفعّال للآخرين

يتجاوز الاستماع الفَعّال، سماع الكلمات، ويتعدَّى ذلك ليشمل فهمها كلَّها، بما في ذلك المشاعر والمعاني الكامِنة خلفها؛ إذ يصرف المُستَمِع تركيزه كلَّه إلى ما يُقال، بما في ذلك الرسائل العاطفية، والمواقف الشخصية، التي قد تكون مُخبَّأة خلف الكلمات.

والتواصُل الفعّال، يحتاج إلى إنشاء بيئة مُريحة يشعر فيها الشخص بالراحة في التعبير عن آرائه ومشاعره بحُرِّية ودون مُقاطَعة، ممّا يُعزِّز بناء جَوّ من الثقة والقبول بين الطرفَين، الأمر الذي يُسهِّل بالتالي التفاهُم، ويُعزِّز العلاقات الإيجابية.

وبالإضافة إلى ذلك، يتضمَّن الاستماع الفَعّال، مُراعاة الإيماءات والتعبيرات غير اللفظيَّة التي تعكس المشاعر والمَواقِف الحقيقية للمُتحدِّث؛ فهذه العوامل تؤدّي دوراً حاسِماً في فَهم الرسالة بشكل صحيح، وتفسير النِّيَّة الحقيقيَّة للمُتحدِّث. 

ومن الأمثلة على ذلك، قول شخص ما: "أنا بخير"، بينما تظهر عليه علامات القلق أو التوتُّر في لغة جسده، وذلك يُشير إلى أنَّ كلماته لا تُعبِّر عن حالته الحقيقيَّة، وعلاوة على ذلك، ينبغي على المُستَمِع أن يتخلَّص من التشتُّت الذهنيّ؛ كالانشغال بأفكار أخرى، أو التخطيط للرُّدود، والتفاعُل بفعالِيَّة مع المُتحَدِّث، ممّا يعكس اهتمامه الحقيقيّ، ويُسهِم في بناء علاقات تواصُل فَعّالة ومُثمِرة.

التعاطف مع الآخرين 

التعاطف هو القدرة على فَهم مشاعر الآخرين، ورؤية الأمور من وجهات نظرهم، وهو جزء أساسيّ من الذكاء العاطفي؛ إذ يُتيح للفرد التواصل بفعالِيَّة مع الآخَرين، وبناء علاقات إيجابِيَّة قوِيَّة، ويتميَّز مَن يمتلك هذه القدرة، بفَهم عميق لديناميّات السُّلطة التي تُؤثِّر في العلاقات الاجتماعية، وتُشير هذه الديناميّات إلى التوزيع غير المُتكافِئ للقُوَّة، أو التحكُّم في العلاقات الاجتماعية.

ففي كل علاقة، يكون هناك مَن يمتلك قدراً أكبر من السُّلطة أو التأثير ممّا لدى غيره، فيُؤثِّر على كيفية تفاعل الأفراد وتصرُّفاتهم؛ فقد يُظهِر الموجودون في موقع أقلّ للسُّلطة، مشاعِرَ الخوف أو الضعف، بينما قد يظهر الأشخاص بموقعٍ أكبر للسُّلطة، سلوكيات من الاستبداد.

وباستخدام التعاطف، يصبح الفرد قادراً على فهم هذه الديناميّات السُّلطَوِيَّة، وتأثيرها على الأفراد، ما يُمكِّنه من التفاعل مع الآخرين، بطريقة تأخذ في الاعتبار مواقفهم ومشاعرهم، بناءً على السِّياق الاجتماعي، والقُوى المُؤثِّرة في العلاقة.

التعامل بإيجابيّة مع الصراعات

التعامل بإيجابية مع الصراعات، يعني التفاعل مع الخلافات بطريقة بَنّاءة ومُوجَّهة نحو إيجاد حُلول تُعزِّز العلاقات والثِّقة بين الأفراد؛ إذ لا يُمكن تجنُّب وجود صراعات واختلافات في أيَّة علاقة إنسانِيَّة؛ فلكلّ فرد احتياجاته وآراؤه وتوقُّعاته الخاصَّة، ومع ذلك، يمكن أن تكون الصِّراعات، فرصة لتحسين الفهم المُتَبادَل، وتطوير طُرُق جديدة للتفاعل.

ويشمل الحلّ الإيجابي للصِّراعات، الاستجابةَ للخِلافات بروح مُتَعاوِنة ومُنفَتِحة للحِوار، مع التركيز على العمل المُشتَرَك لإيجاد حلول مُرضِية للأطراف جميعها؛ إذ يُعزِّز هذا النهج الثِّقة، ويزيد فُرَص التعاون المُستَقبَلِيّ، كما يُسهِم في بناء بيئة آمِنة وإيجابيَّة، تُشجِّع على التعلُّم والتطوُّر الشخصيّ.

التخلص من التوتر

للتوتُّر تأثير كبير في الذكاء العاطفي، والتخلُّص منه يساعد على تعزيز هذا الجانب المهمّ؛ فالإنسان عندما يكون هادئاً ومُتَّزِناً، يُمكنه التفاعل مع مُحيطه بشكل أفضل، وتزداد قدرته على التعبير عن مشاعره بشكل صحيح وفَعّال، ممّا يُعزِّز التواصل الاجتماعيّ والعلاقات الإيجابِيَّة.

كما أنَّ التخلُّص من التوتُّر، يُحسِّن القدرة على التركيز، والتعلُّم، واتِّخاذ القرارات بشكل أفضل؛ فالتوتُّر المُفرِط يُقلِّل من القدرة على التحمُّل، والتكيُّف مع المُتَغيِّرات والتحدِّيات، وبناءً عليه، على الفرد أن يسعى إلى التخلُّص ممّا يُصيبه من التوتُّر بسرعة؛ بفهم تأثيره فيه؛ أي العلامات التي تظهر عليه فتنبِّهه إلى أنَّه في حالة توتُّر؛ كتشنُّج العضلات أو المَعِدة، ثمَّ عليه أن يُحدِّد كيفيَّة استجابته للتوتُّر؛ إذ يتفاعل كلّ فرد معه بطريقة مختلفة، وبناءً على هذه الاستجابة، يُمكنه أن يستكشف تقنيات مُتنوِّعة لتخفيفه.

وقد يلجأ البعض إلى الرياضة أو التمارين البدنية، كوسيلة لتخفيف التوتُّر والتهدئة، في حين يُفضِّل البعض الآخر، التركيز على تقنيات الاسترخاء، مثل التأمُّل والتنفُّس العميق، وعلاوة على ذلك، يمكن للفرد، تجربة العديد من الأنشطة التي تساعده على تحسين مزاجه وتهدئة أعصابه؛ كالاستماع إلى الموسيقى المُفضَّلة، أو قضاء الوقت مع الأصدقاء والعائلة، أو حتى ممارسة الهوايات الممتعة؛ كالرسم، أو القراءة، وباختيار الأساليب التي تناسبهم أكثر، يُمكن للأفراد، تعزيز الهدوء الداخلي والتوازن، ما يُسهِم في تعزيز الذكاء العاطفي، وتحسين القدرة على التعامل مع الضغوطات بصورة أفضل.

الاستماع للتغذية الراجعة بصدر رحب

الاستماع إلى التغذية الراجعة، تعني أن يكون الفرد مُستَعِدّاً لسَماع آراء الآخرين برحابة صدر؛ سواء كانت إيجابيَّة، أو سلبيَّة؛ بهدف التعلُّم والتطوُّر؛ فمن خلال قبول التغذية الإيجابيَّة، يُمكن التعرُّف إلى نقاط القوَّة وتحسينها، بينما يمكن للتغذية السلبية أن تُوجِّهه إلى الأخطاء التي يمكنه تصحيحها، ممّا ينعكس على تطوير أدائه. 

ويُعبِّر الاستماع إلى التغذية الراجعة، عن الاستعداد لتحمُّل مسؤولية السلوكيات، والعمل على تطويرها، كما يعكس الاهتمام بتحسين العلاقات مع الآخرين، وبناء تواصُل فَعّال، وعلى الرغم من صعوبة تقبُّل التغذية الراجعة السلبِيَّة أحياناً، إلّا أنَّها تُمثِّل فرصة للاستفادة من الأخطاء، وتطوير المهارات والقدرات.

منح جزء من الوقت للآخرين

يعيش الناس بالعصر الحاضر، في بيئة مُتَسارِعة ومليئة بالمسؤوليات والضغوطات؛ سواء في العمل، أو الدراسة، أو الحياة الشخصيَّة، وبالتالي يميل الكثيرون، إلى إهمال الجوانب الاجتماعيَّة والشخصيَّة في سبيل النجاح وتحقيق الأهداف، وفي ظلّ هذه الظروف، بدأ الناس يُقدِّرون قيمة الوقت أكثر، ويستثمرونه بفعاليَّة أكبر.

ويُعَدّ قرار الفرد، بتخصيص جزء من وقته يقضيه مع الآخرين، بمثابة هدية ثمينة يُقدِّمها لهم، ويُعبِّر من خلالها عن اهتمامه وتقديره؛ إذ يُظهِر هذا الفعل، رغبة حقيقية في بناء العلاقات الاجتماعية وتعزيزها، وهذا يساعد على خلق بيئة إيجابيَّة وداعمة للعلاقات بين الأفراد، ممّا يُسهِم في تحقيق السعادة والرضا المُتبادَل.

الاعتذار عن الأخطاء

لا بُدَّ من الاعتذار للآخَرين لدى ارتكاب خطأ ما، أو لدى إيذاء مشاعرهم؛ سواء بقصد، أو دون قصد؛ إذ لا يجوز تجاهل الموقف وكأنَّ شيئاً لم يكن، ويُشار إلى أنَّ غالبيَّة الأفراد يميلون إلى التسامح بمُجرَّد رؤيتهم اهتمام الطرف الآخر لأمرهم وتقديره لمشاعرهم؛ فالاعتذار يساعد في إصلاح العلاقات، وتعزيز التواصل الإيجابي بين الأفراد، ومن خلاله يُظهر الفرد تواضُعه ونُضجه العاطفيّ، ممّا يُسهم في بناء الثِّقة، وتعزيز الاحترام المُتَبادَل، كما يُسهِم الاعتذار والاعتراف بالخطأ، في تطوير النُّمُوّ الشخصي؛ فهو فرصة للتعلُّم من الأخطاء والتطوُّر الذاتي، بالإضافة إلى أنَّ الاعتذار، يُسهم في تهدئة الأجواء والعلاقات المُتأثِّرة بالصِّراعات والتوتُّرات.

تقبل الأفكار الجديدة

يُعبِّر الانفتاح على كلّ ما هو جديد، عن القدرة على استقبال الأفكار والمفاهيم الجديدة بروح وعقل قابِلَين للتعلُّم والتغيير، وعادة ما يتمتَّع ذوو الذكاء العاطفي بهذه الصفة؛ فهم مُستَعِدّون للاستماع إلى آراء الآخرين، والتفكير في وجهات نظرهم بتفهُّم طالَما أنَّها لا تتعارض مع الدِّين والقِيَم والمبادئ الإسلامِيَّة، وبفضل هذا الانفتاح، يمكنهم تقبُّل الأفكار الجديدة والتحدِّيات بشكل أفضل، ما يُساعدهم على التطوُّر والنُّمُوّ على الصَّعيدَين؛ الشخصيّ، والمهنيّ، وهم حتى عندما يواجهون أفكاراً جديدة غير مألوفة، يحثُّون أنفسهم على التفكير في كيفيَّة تطبيقها، والاستفادة منها في حياتهم اليوميَّة والعمليَّة.

وفي الختام، يُنصَح بأن يكون تطوير الذكاء العاطفي، هدفاً مُستَمِرّاً في الحياة؛ فمن خلال فهم العواطف الشخصيَّة وعواطف الآخرين، وتطوير مهارات التواصل، والتعبير عن العواطف بشكل صحيح، يمكن تحسين جودة الحياة الشخصية والاجتماعية.

المراجع

[1] indeed.com, How To Improve Emotional Intelligence in 9 Steps
[2] verywellmind.com,  5 Key Emotional Intelligence Skills
[3] professional.dce.harvard.edu, How to Improve Your Emotional Intelligence
[4] psychcentral.com, How Can I Improve Emotional Intelligence (EQ)؟
[5] medschool.vanderbilt.edu, Developing Emotional Intelligence
August 06, 2024 / 12:54 PM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.