جار التحميل...
تكمن أهمية مهارة الاعتماد على الذات في إدراك حقيقةٍ مفادها أنّ الناس ليسوا جاهزين دائماً للمساعدة، بالإضافة إلى كون هذه المهارة ضرورية للشعور بالقوة والاكتفاء بالنفس، ما يولّد الرضا والسعادة، لكن، هل يمكن تطويرها؟ بالطبع بالإمكان ذلك، لكن لا بدّ من اتّباع النصائح الآتية:
يجب أن يكون الشخص قادراً على التعرّف إلى جميع الصفات الشخصية التي يمتلكها، فمثلاً لا بدّ من تحديد نقاط القوة وتطويرها، إلى جانب تحديد نقاط الضعف التي تحد من إمكانية التقدّم والنجاح لمعالجتها، ويجدر التنويه إلى ضرورة تجنّب التعامل مع مصادر الإحباط؛ فمهما كانت الإنجازات بسيطة، فإنها تستحق الشعور بالفخر، بغض النظر عن وجهات نظر الآخرين، فالثقة بالنفس، وتقبل الذات كما هي، وعدم السماح للآخرين بالتقليل من ذلك، ضروريّ لتطوير مهارة الاعتماد على الذات أيضاً.
لا بدّ من الوضوح في صياغة الأهداف العامة، للتمكّن من المضي قدمًا وتسهيل تحقيقها وإنجازها، كما ينبغي الفصل بين الأهداف التي يرغب الفرد بتحقيقها بنفسه دون طلب المساعدة من أحد، والأهداف التي يحتاج فعلاً إلى المساعدة الخارجية لإنجازها على النحو المطلوب، مع ضرورة وضع حدود لهذه المساعدة قدر الإمكان.
ويجب ألّا تكون الأهداف التي يضعها الشخص نصب عينيه تعجيزية، بل لا بدّ أن تكون قابلة للتطبيق على أرض الواقع، فهذا يجّنبه خيبات الأمل، ويزيد مشاعر الاندفاع المعنوي والحماس، إلى جانب تعزيز الثقة بالنفس بسبب الشعور بالإنجاز، وينطبق ذلك على مختلف أنواع الأهداف؛ سواء كانت طويلة أم قصيرة المدى.
إضافةً إلى ذلك، يترتب على الإنسان دوماً التفكير في مستقبله على نحو جدي، فالتخطيط للمستقبل يؤثر على نحو واضح في تحسين نوعية الحياة عموماً، فهو يشجع على العمل بجد لتحقيق الأهداف المطلوبة بالاعتماد على المهارات الشخصية، بالإضافة إلى أنه يضمن الالتزام بتحقيق هذه الأهداف في جدول زمني محدد.
يُنصح دائمًا بالبحث عن مهارات جديدة، والتعامل معها بمرونة، إلى جانب السعي الدائم لتطوير المهارات الموجودة، الأمر الذي يعزز الشعور بالاكتفاء، والقابلية للتأقلم مع الظروف المتغيرة، بالإضافة إلى مساهمة هذه المهارات في إدارة الأمور الشخصية دون تكرار طلب المساعدة من الآخرين.
فعلى سبيل المثال يمكن أن يبادر طالب يسكن بعيداً عن أهله بتعلّم مهارات الطبخ، وهو من صور الاعتماد على الذات وتنمية الشخصية المستقلة في أداء المهمات البسيطة، بالإضافة إلى أنّه يحفّز استغلال الطاقات الكامنة والاستفادة منها في إنجاز الضروريات، ومن الأمثلة على مهارات أخرى يُنصح بتطويرها مهارة تنظيم الوقت والمهام، والتواصل الفعال، بالإضافة إلى مهارة حل المشكلات التي تمكّن من التعامل مع المشكلات بفعاليّة.
ينبغي دائماً تذكير الجميع بأنهم مسؤولون عن تحمّل نتائج الأفعال الصادرة عنهم، بغض النظر عن مدى بساطتها أو تعقيدها، وبدلاً من اتهام الآخرين بأنهم كانوا سبباً في الفشل، أو اتخاذ الظروف حجّة لتبريره، لا بدّ من امتلاك الشجاعة الكافية للاعتراف بالفشل والنجاح على حدّ سواء، الأمر الذي يحفّز تعلّم الدروس من التجارب الشخصية، والتصرف على نحو صحيح في المرات القادمة.
يُساعد حسّ المسؤولية الشخص على الخوض في التحديات والمخاطرة دون تردد؛ فتصبح لديه قناعة تامة بأنّ حياته الخاصة تعنيه وحده، ومسؤوليتها تقع على عاتقه، ما يعني أنه الوحيد القادر على اتخاذ القرارات المرتبطة بها، وهذا بدوره يزيد اكتفاءه بذاته، ويلغي فكرة انتظار الآخرين لدفعه نحو المضي قدماً في أي خطوة لحمل العواقب بدلاً منه.
تعد الإدارة المادية الناجحة من أهم أساليب تطوير الاعتماد على الذات، لا سيما أنّ الاتكال على الآخرين بمثل هذه الجوانب قد يؤدي إلى مواجهة مشكلات وأزمات مالية عند خسارة دورهم المحوري في حياته، إما لفقدانهم، أو انشغالهم بظرف ما، فقد يكون الشخص حينها فاقداً القدرة على التعامل مع الأمور المالية في حياته اليومية، فهو لم يعتدْ مثل هذه الأمور مُسبقًا.
ومثال ذلك، شخص اعتاد على الاعتماد على والديه في جميع قراراته الشرائية، وتنظيم أموره المالية منذ أن كان طفلاً، فمن غير المرجح أن يكون قادراًعلى فعل ذلك وحده على نحو سليم لدى تخليهم فجأة عن الدور الذي اعتمد عليهم في تأديته طوال حياته.
تسهم الإدارة المادية في اتخاذ القرارات المتعلقة بالشراء بحكمة دون الحاجة إلى استشارة طرف آخر في كل صغيرة وكبيرة، ويُنصح في هذا السياق بتجنّب الديون المتكررة، وتنمية حسّ المسؤولية قدر الإمكان؛ فلا مانع من الادّخار للطوارئ بدلاً من الإنفاق العشوائي دون تفكير، كما ينبغي العيش ضمن حدود الإمكانيات، مما يحقق له العيش الكريم بالقليل من الالتزام والوازع الداخلي فقط، أي دون الحاجة إلى تدخلات خارجية.
يعد الدعم العاطفي من الضرورات التي قد يغفل عنها البعض، وللاعتماد على الذات على نحو متكامل لا بدّ من التوقف عن انتظار الحصول على هذا الدعم من الآخرين؛ بل يجب الاعتناء بالنفس وتقديرها، ومعالجة المشكلات العاطفية حال وجودها؛ فالإنسان قادر على تحديد مشاعره السلبية الخاصة، والتعامل معها ذاتياً في الغالب، ومع ذلك لا مانع من مشاركتها مع الآخرين بحدود عند الحاجة، أو عندما تكون المشكلة مشتركة، كالمشكلات بين الأزواج مثلاً.
يعد تقديم الدعم العاطفي للذات ضرورياً؛ لأن الآخرين قد ينسحبون فجأة من الحياة، ما يعني ضرورة معرفة كيفية الوصول إلى السعادة دونهم، ويُنصح دائماً بممارسة الرعاية الذاتيّة، وتعزيز مشاعر الامتنان بدلاً من الإكثار من التذمر، بالإضافة إلى السعي نحو العطاء ومد يد العون للآخرين، ما يُعزز المشاعر الإيجابية المتمثلة بالسعادة والراحة.
لا يتنافى تطوير الاعتماد على الذات مع الحاجة إلى الحصول على الدعم من الآخرين في بعض الجوانب، فالاعتماد على الذات لا يعني الانعزال التامّ عن المجتمع، بل لا بدّ من الحفاظ على علاقات صحية وجيّدة مع الأهل، والأصدقاء، وزملاء العمل، للحصول على التوجيه والإرشاد، إلى جانب التشجيع عند الحاجة.
فعلى سبيل المثال قد يفتقر الشخص إلى بعض المهارات اللازمة لإنجاز مهمة معينة في العمل، ما يتطلّب الاستعانة بأحد الزملاء لتبادل المعرفة والمهارات، للخروج بأفضل النتائج، مع التنويه إلى ضرورة اختيار الأشخاص المناسبين لممارسة مثل هذه الأدوار في الحياة، والتأكّد من أنّهم يقدّمون الدعم الإيجابي بحدود دون التدّخل في الأمور التي لا تعنيهم، التي قد تؤثر في الاستقلالية.
المراجع
[1] positivepsychology.com, What is Self-Reliance and How to Develop It?
[2] freedomgpt.com, Personal responsibility and self-reliance
[3] sanjeevdatta.com, 14 Tips to Develop Self-reliance
[4] misterindependent.com, 10 Modern Examples of Self-Reliance
[5] wikihow.com, How to Be Self Reliant