جار التحميل...
وهذا يعني أنّ اتّخاذ قرار الرحيل ليس سهلاً، بل يتطلب الشجاعة، لكن بالتأكيد توجد عدة مزايا حيال ذلك تتمثل أبرزها في الحصول على حياة أفضل، وهناك عدة أمور يُمكن مراعاتها لتيسير الحياة الجديدة؛ كالوعيّ بالتحدّيات القادمة، والتعرّف عليها قبل مواجهتها.
تعد اللغة التحدّي الأوّل الذي يواجه الشخص عند الانتقال إلى بلدٍ آخر، خاصة إذا كانت هذه الدولة تتحدث لغة مختلفة لم يكن المغترب يجيدها، ومن شأن هذا التحدّي جعل الحياة أكثر تعقيداً، فهي ضرورية للتعبير عن الاحتياجات الشخصية في كافّة المجالات والأماكن، بدءاً من الوصول إلى المطار، والخروج إلى التسوّق، وصولاً إلى إجراء المحادثات المهمّة بشأن التأمين، أو الصحّة، أو زيارة الطبيب، أو البدء بالعمل.
مع ذلك، توجد عدة طرق لتعلّم اللغات، أبرزها؛ مشاهدة الأفلام باللغة المحلية، والتعامل مع السكّان الأصليين، وأخذ دورات تعليمية، إضافة إلى الاستعانة بمواقع وتطبيقات الترجمة لتسهيل التواصل في البداية.
تتميز كل دولة بالعادات الثقافية الخاصّة بها من حيث طرق المعيشة، وعادات الطعام، والمعايير الاجتماعية، والتي قد تكون صعبة الفهم أو القبول من قبل المغتربين، مما يُسبّب لهم ما يُعرف بالصدمة الثقافية.
كما أنّ التصرّفات المقبولة في الوطن، قد لا تكون مقبولة في البلد الجديد، مما يؤدي إلى صعوبة التكيّف مع ما هو جديد أحياناً، إلى جانب الحنين لعادات الوطن وتقاليده، إذ تتسبب هذه العوامل في خلق مشاعر الانزعاج وعدم الارتياح.
إلّا أنّ هذه المشاعر ستتضاءل بالاعتياد على البيئة الجديدة مع مرور الوقت، والتعرّف على العادات المحلية باستمرار؛ كحضور المهرجانات والأحداث والمناسبات المحلية، كما أنّ تكوين صداقات جديدة مع السكّان الأصليين قد يجعل المهمّة أسهل وأكثر متعة.
إنّ الحفاظ على العلاقات الاجتماعية القديمة قد يكون أمراً صعباً؛ إذ يصعب مشاركة المقرّبين في كلّ مناسباتهم كأعياد الميلاد، أو حفلات الزفاف، خاصة عند الانتقال إلى بلد بعيد جداً عن الوطن، كما أنّ التواصل عبر الإنترنت، أو الهاتف قد لا يكون دائماً فعّالاً؛ نظراً لاختلاف التوقيت أحياناً.
ومن الطبيعيّ أن يكون الشوق إلى الوطن أحد أكثر العواطف التي تنتاب المغترب، إذ يشعر بالحنين لأفراد العائلة، والأحباء، والأصدقاء، والأماكن المفضّلة والمألوفة، والحزن نتيجة الابتعاد عنها، لكن تجدر الإشارة إلى أنّ هذه المشاعر تعد طبيعية في البداية إذا كانت ضمن حدودها المعقولة، ويُمكن تجاوزها عن طريق ممارسة الأنشطة المُفضّلة، أو تكوين صداقات جديدة، والبقاء على اتّصال مع الأشخاص المقرّبين في الوطن عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
رغم أنّ تكوين صداقات في البلد الجديد يعد أمراً مهماً لتجاوز تحدّيات الغربة وتفادي مشاعر الوحدة والعزلة الناتجة عن الابتعاد عن العائلة والأصدقاء، إلّا أنّه -في كثير من الأحيان-، قد يكون تحدّياً هو الآخر؛ نظراً لصعوبة العثور على صديق جيّد من ثقافةٍ ولغةٍ وطباعٍ مختلفة.
وعلاوةً على ذلك، فإنّ مصادقة أشخاص من الخلفية الثقافية أو اللغوية ذاتها قد تكون غير دائمة في بعض الأحيان؛ إذ يمكن أن يقرر هؤلاء الأشخاص المغادرة والعودة إلى وطنهم أو الانتقال إلى بلدٍ آخر في أي وقت.
مع ذلك، يمكن العثور على صداقات جيّدة، وإيجاد عدّة طرق للاندماج معها رغم الاختلافات، وذلك من خلال الانفتاح على تجارب وفرص جديدة تتيح التعرّف على أناس جدد، مثل؛ أخذ دروس في اللغة، أو الانضمام إلى نادٍ رياضي، أو الانضمام إلى جمعية أولياء الأمور في المدرسة والتعرّف على آباء آخرين.
يتطلب الانتقال إلى بلدٍ آخر تجهيز كافّة المتطلبات القانونية المرتبطة بالتأشيرات، والتصاريح، والمستندات والنماذج اللازمة لتأمين انتقال سلس، ويشمل ذلك تجميع المستندات الأساسية من البلد الأصليّ، وترجمتها قانونيّاً إلى لغة البلد الجديد.
وفي هذا السياق، يُمكن أن يجد المغترب نفسه محاطاً بعدة أسئلة مثل؛ "ما نوع المركبات المسموح لي بقيادتها؟"، "ما المدة التي تسمح لي بها التأشيرة بالبقاء للعيش والعمل؟ وكيف يجب أن أجدّدها؟" "وكيف أتقدّم بطلب للحصول على الإقامة، وكم من الوقت ستستغرق المعاملة؟"، لكن مع التنظيم، والاستعانة بالحاسوب، والحصول على مساعدة خارجية من جهةٍ موثوقة، يُمكن تسهيل هذه المهمّة.
كما يجب على المغتربين فهم القوانين الخاصّة بالبلد الجديد لتجنب المخالفات، فقد تكون تلك القوانين معقدة أو صعبة نتيجة اختلافها عن تلك المعتمدة في أرض الوطن، مثل؛ القوانين الضريبية التي قد تختلف كليّاً من دولة لأخرى، لكن يُمكن تجاوز الأمر باستشارة محامي في هذا المجال، والاطّلاع على القوانين في مجالات أخرى أيضاً.
قد يبدو الانتقال إلى بلدٍ جديد غريباً في البداية بسبب اختلاف الأماكن والشوارع وأماكن التسوّق وغيرها، مما يزيد الشعور بالغربة، كما سيحتاج المهاجر إلى وقت للبحث عن أماكن مناسبة لتناول الطعام، وشراء السلع الأساسية، أو المشي والخروج في رحلة، وهو ما لم يكن يشكل له أي صعوبة في وطنه الأم.
وعلى أية حال، يُمكن التغلّب على هذه الصعوبات بتخصيص المزيد من الوقت لاستكشاف المدينة، إذ يُمكن الخروج بجولة في الحيّ والاطلاع على محلّات الملابس، ومراكز الرعاية الصحّية، والخدمات المتوفّرة، وكذلك البحث عن متاجر توفّر أصنافاً غذائية كتلك الموجودة في الوطن.
يترتب على العيش في الغربة تحمّل الشخص مسؤولية إدارة كافّة شؤونه الشخصية والمالية بمفرده مثل؛ شراء السلع، وتسديد إيجار المنزل، وتغطية النفقات الأخرى، إضافة إلى الاهتمام بشؤون المنزل والأطفال، كل ذلك دون تلقّي المساعدة من أحد أفراد العائلة الذين يُقدّمون الدعم عادةً عند الحاجة في الوطن، لكن يُمكن مشاركة هذه المسؤوليات مع الزوج أو شريك السكن، أو وضع خطّة منظّمة لترتيب الأمور قدر الإمكان.
وأخيراً، يُمكن للمغترب الاستفادة من هذه التحدّيات جميعها كنقاط قوّة؛ إذ تساعده على تحسين مهاراته الحالية، وتعلّم المزيد منها؛ كتطوير اللغة، ومهارات الاتصال والتواصل، كما أنّ مواجهة الصعوبات وحلّها يعزز الثقة بالنفس، وتقدير الذات، والرضا، فضلاً عن الإيجابيات الأخرى المتمثلة بالحصول على فرص مهنية أوسع، وحياة أفضل بالنسبة للكثيرين.
المراجع
[1] kuenste-im-exil.de, Living conditions and everyday life in exile
[2] upakweship.com, Moving Abroad Pros and Cons: 5 Advantages and Disadvantages
[3] momschoiceawards.com, The Difficulties of Living Abroad
[4] blog.speak.social, Migration, 7 Challenges of Living in a Foreign Country
[5] girlgoneinternational.com, 5 Most Common Challenges of Living Abroad and How To Overcome Them