جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
بين الحقيقة والوهم

ما هو تأثير مانديلا؟ وما طرق التعامل معه؟

23 أكتوبر 2024 / 5:15 PM
صورة بعنوان: ما هو تأثير مانديلا؟ وما طرق التعامل معه؟
download-img
يُعد تأثير مانديلا حالة غريبة تختلط فيها الذكريات الكاذبة مع الحقائق، فيظهر المشهد واقعياً، وكأنّه حدث بالفعل لكنّه ليس كذلك، والأكثر غرابة أنّ هذا التأثير لا يُصيب شخصاً واحداً بل يؤثر في مجموعة من الناس، مما يجعل الأمر مريباً وكأن هنالك شيئاً خاطئاً في دائرة الزمن، أو في ذكرياتهم وعقولهم.

التعريف بتأثير مانديلا: عندما يختلط الوهم بالواقع 

يُشير تأثير مانديلا (Mandela Effect) بكل بساطة إلى ظاهرة تتعلق بالذاكرة الجماعية، حيث يتذكر مجموعة من الناس أحداثاً أو حقائق بشكلٍ مختلف تماماً عن الواقع.


وبمعنى آخر هو ظاهرة مرتبطة بذكرياتٍ مغلوطة وزائفة، تُراود طائفة من الأشخاص الذين لديهم الاعتقاد الخاطئ نفسه حول حدثٍ ما، لكن الواقع يكون مختلفاً، فالحدث ينبثق عن ذاكرتهم، وعلى الرغم من أنّه يبدو واقعياً، إلا أنّه لم يحدث، وهو مستوحى من أفكارهم الخاصة.


ومن الأمثلة الشهيرة عليه الذكريات التي انتشرت بين العديد من السكان حول وفاة الناشط الحقوقي نيلسون مانديلا، في السجون منذ ثمانينيات القرن العشرين، والذي ارتبط التأثير باسمه لاحقاً، والحقيقة هي أنّ هذا الرجل كان على قيد الحياة، وخرج من السجن، وأصبح رئيساً لجنوب إفريقيا، وتوفي لاحقاً عام 2013.

طرق التعامل مع تأثير مانديلا

للتعامل مع تأثير مانديلا بشكلٍ منطقي أكثر، وعدم المبالغة في ردود الفعل حوله، لا بُد من مراعاة الآتي:

فهم حقيقة التأثير وأسباب حدوثه

يرتبط تأثير مانديلا بالعديد من العوامل، من بينها الذكريات الخاطئة، التي يشترك فيها الأشخاص، حيث يرغبون بتصديق تفاصيل مختلفة حول حدثٍ ما، أو تُخلَق ذكرياتهم كمحصلة لمعلوماتٍ غير صحيحة منذ الأساس، تلقّوها من مصادر مضللة، إمّا عبر الاستماع أو التحريض من قِبل غيرهم، أو الاطلاع عليها من مواقع إلكترونية على شبكة الإنترنت، أو غير ذلك.


ولا بُد من التنويه إلى أنّ لشبكة الإنترنت حضوراً قوياً فيما يتعلق بتأثير مانديلا، حيث إنّها بوابة رقمية واسعة، يُمكن من خلالها الترويج للمعلومات، ونشرها لعددٍ كبير من المستخدمين، وقد تكون هذه المعلومات مغلوطةً، وغير مؤكدة من حيث موثوقية مصادرها، بالتالي عند تناقلها على نطاقٍ واسع فإنّ نسبة تأثّر البعض بها واردة جداً، وينتج عنها جماعات وأحزاب لديها الفكرة نفسها والمفهوم الخاطئ ذاته، الذي يُصبح بعد مرور الوقت ذكريات غير حقيقية، يربطونها لاحقاً بتأثير مانديلا.


وبحسب دراسة نُشرَت في مجلة (Science) التابعة للجمعية الأميركية لتقدّم العلوم (AAAS) عام 2018، حول نسبة انتشار المعلومات الحقيقية والكاذبة من خلال شبكة الإنترنت، شملت ما يزيد عن 100 ألف خبر ومنشور على مدار 10 أعوام، حيث أظهرت النتائج أنّ نسبة الشائعات والأخبار المغلوطة تفوق الأخبار الحقيقة بنسبة 70%.

التفريق بين الذكريات الحقيقية والكاذبة

ما يُربك الشخص المصاب بتأثير مانديلا هو صعوبة التفريق بين حقيقة ما يتذكره وصحة ما يراه على أرض الواقع، حيث إنّ أحدهما مزروع في باطن عقله، والآخر مرئي أمام عينه، بالإضافة إلى احتماليّة اختلاق البعض تفاصيل ودلائل تدعم ذكرياتهم الخاطئة، في حين أنّ الدليل الملموس والحقيقي عليها يكون مفقوداً على خلاف الأحداث الحقيقية.


وفي هذه الحالة يكون الخيار الأمثل الذي يُمكّن الشخص من التحقق من الحدث أو الموقف، ومطابقته مع الواقع هو البحث، والتقصي وسؤال الآخرين ممن يعانون من التأثير نفسه عن ما يتذكرونه، ومطابقة المصادر والمعلومات التي يجدها مع مصادر موثوقة أكثر، ومنها المواقع الإخبارية، أو المجلات المحلية المرموقة، التي تستعرض الحقائق لا الإشاعات والمعلومات المشبوهة.


بالإضافة إلى محاولة البحث عن أدلة تبرهن صحة الذكريات أو تنفيها، مثل صور قديمة، ومقالات في صحف، أو غيرها، وكذلك تطوير مهارات التفكير النقدي، المهمة في تحليل المعلومات وتقييمها بشكلٍ موضوعي، وأخيراً تقبّل حقيقة أنّه ليس كل شيء في الحياة يجب أن يكون واضحاً أو مؤكداً تماماً، فهناك جوانب خفية قد لا يعلمها أحد.

استشارة الطبيب في الحالات المُستعصية

يُنصح بالحصول على استشارة طبيّة من قِبل الأطباء ومقدمي الرعاية النفسيّة في بعض الحالات، التي يكون فيها تأثير مانديلا كبيراً وقد يُضر بالشخص، إذ قد يكون ناتجاً عن اضطرابات نفسيّة، مثل اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، الذي يُسبب مشاكل في الذاكرة، بسبب المرور بأحداث أو مواقف مؤلمة.


أيضاً قد يكون تأثير مانديلا مرتبطاً بالمعاناة مما يُعرف بالتخريف (Confabulation)، نتيجة وجود مشكلة في الذاكرة، تؤدي بشكلٍ لا إرادي إلى اختلاق ذكريات غير صحيحة، والتعامل معها كأنّها حدثت بالفعل، كما قد يكون سببه المعاناة من الاكتئاب، الذي يدفع الشخص إلى تذكّر الأحداث السلبية أكثر من الأحداث الإيجابية.


ختاماً، تجدر الإشارة إلى أنّ تأثير مانديلا هو ظاهرة غريبة بالفعل وغير عادية، لكن يعتقد البعض أنّها غير حقيقية، وأنّ ما يحدث غير منطقي، أو أنّ هنالك مشكلة في ذاكرة الأفراد، أو في طريقة إدراكهم للحقائق، إلّا أنّ علم النفس يُشير إلى وجود هذا التأثير فعلاً، واعتبره ظاهرة معرفيّة.


وعلى الرغم من عدم قدرة الباحثين وعلماء النفس على تفسير تأثير مانديلا كلياً، إلّا أنّه يرتبط بنظرية تُعرف بنظرية المخطط (Schema Theory)، والتي تشير إلى آلية إدراك وتذكّر العقل للصور والأحداث بشكلٍ خاطئ، بسبب تشابه التفاصيل المعقدة لها مع توقعاته.

 

المراجع   


[1] verywellmind.com, Mandela Effect Examples, Origins, and Explanations
[2] medicalnewstoday.com,Examples and explanation of the Mandela Effect
[3] psychologytoday.com, Mandela Effect
[4] britannica.com,Mandela effect
[5] healthline.com, The Mandela Effect: How False Memories Occur

October 23, 2024 / 5:15 PM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.