جار التحميل...
ومن أسباب انعدام الشعور بالرضا عن النفس والحياة؛ النشأة في بيئة كئيبة وكثيرة الانتقاد؛ ممّا يُؤدّي إلى تدنّي مستوى تقدير الذات، أو جلد الذات باستمرار، وقد تكون كثرة مقارنة النفس بالآخرين، أو السَّعي وراء المثالية، أو تراكم المشكلات المالية والصحِّية، من أسباب انعدام الشعور بالرضا عن الوضع الحالي. وفيما يأتي مجموعة من الطرق والنصائح التي تُساعد على تعزيز الرضا عن النفس والحياة:
تُعَدّ الأهداف قصيرة المدى وسيلة فاعلة تُسهم في تحقيق نتائج طويلة المدى؛ فبدلاً من التركيز المُفرِط على الأهداف البعيدة، والشُّعور بأنّ الحياة ستبدأ بعد تحقيقها، يمكن التركيز على الأهداف الصغيرة، وتحقيق الإنجازات في اللحظة الحالية، والسَّعي لتحقيق المزيد تدريجيّاً، وبعد انتهاء كلّ مَهمَّة، سيكون الشعور بالإنجاز كأنَّه فوز منفصل، ويمكن تدوين هذه الإنجازات والتحدّيات، وعَدِّها دروساً يومية قصيرة، ومُكافأة النفس بعد كلّ خطوة بشيء بسيط؛ كالخروج مع أحد الأصدقاء.
ولتحقيق الأهداف قصيرة المدى، لا بُدّ من تجنُّب التسويف؛ لأنّ الوقت أثمن الموارد، وإهداره في أنشطة لا تخدم التقدُّم والإنجاز يستنزف الطاقة اللازمة للأمور المُهِمَّة، ومن ثَمَّ قِلَّة الرضا عن النفس في نهاية اليوم.
لذا؛ لا بُدَّ من التصرُّف بحَزم تجاه الأمور ما ينبغي إنجازه وما ينبغي تركه؛ بكتابة جدول يوميّ للمَهامّ التي يُراد إنجازها، وتقسيمها إلى مهامّ أصغر، وإرغام النفس على تنفيذها مهما ظهرت أفكار تُشجِّع على المُماطَلة، ويُنصَح بالتخلُّص من المُشتِّتات، مثل: وسائل التواصل الاجتماعي، والتلفاز، والهاتف، أثناء إنجاز تلك المَهمّات.
تتضمَّن الرِّعاية الذاتية أيّ شيء يمارسُه الشخص للعناية بصِحَّته النفسية، والجسدية، والروحية، وكُلّما زاد الاعتناء بالنفس، زاد الرضا عن الحياة، والتحفيز، والنشاط، ويمكن الاهتمام بالذات بطرائق عِدَّة، منها: ممارسة التأمُّل؛ أي الاسترخاء والشعور بالسعادة، والتفكير في اللحظة الحالية دون القلق والتفكير في المستقبل، أو الحزن على مشكلات الماضي، وخاصَّة إن كانت تُشكِّل عبئاً ثقيلاً، وتحول دون فتح الأبواب لكلّ ما هو إيجابيّ في الحياة.
ويمكن أيضاً ممارسة التمارين الرياضية، وتطوير خُطَط ماليَّة تضمن الاستقرار المالي، والحصول على شهادات في مجال العمل؛ لدعم المسيرة المهنية، والحصول على الترقية، والقراءة باستمرار، وتنمية الذهن؛ عبر حَلّ الألغاز، أو استكشاف أشياء جديدة، والمحافظة على الصلاة، وقراءة القرآن، والأذكار.
ويجدر بالذكر أنّ ترك الأفكار السلبية خطوة مُهِمّة لتحقيق الرضا عن النفس والحياة، ويمكن تحقيق ذلك عبر كتابة قائمة امتنان بكلّ شيء موجود حاليّاً، وإضافة نقاط جديدة إليها يوميّاً؛ ممّا يُؤدّي إلى تحقيق التوازن، ومن ثَمَّ الشعور بالرضا التامّ عن النفس والحياة.
تستنزف الشخصيات السامَّة الطاقة الإيجابية والأمل لمَن حولهم دائماً؛ لكثرة الانتقادات السلبيَّة، وقد يكون جزء كبير من عدم الرضا عن الحياة ناتجاً عن تأثير تلك الشخصيات وليس شعوراً حقيقيّاً؛ لذا، فإنَّ الابتعاد عنها، وقضاء المزيد من الوقت مع أشخاص إيجابيِّين، يمنح الفرد منظوراً مختلفاً تماماً للحياة، ويُعزِّز الثقة بالنفس، ويُشار هنا إلى أنّ النقد البَنّاء الذي يعتمد على تقديم الملاحظات بأسلوب إيجابيّ وودّي، يمكن قبوله برحابة صدر.
من وسائل زيادة رضا الفرد وسعادته تجاه نفسه وحياته تقديم المساعدة للآخرين؛ فبناء منظومة اجتماعية قوية وصِحِّية يزيد الشُّعور بالاستقرار، ويفتح الطريق أمام فرص جديدة، بالإضافة إلى أنّ التركيز على مساعدة الآخرين يُقلِّل التركيز على المشكلات، وخاصَّة لأولئك الذين ينتقدون تصرُّفاتهم وأفكارهم باستمرار، وهذا يُوجِّه الطاقات إلى الشُّعور بالتأثير الإيجابي والإنجاز في المجتمع، ومن ثَمَّ زيادة الثقة بالنفس وبالحياة.
لا فائدة من لَوم النفس والآخرين في ما يتعلَّق بالوضع الحالي، أو الأخطاء السابقة؛ لأنّ ذلك قد يزيد الشُّعور بالذنب، والخجل، ومن ثَمّ التأثير سلباً في الرضا عن النفس والحياة؛ ممّا يعني أنّه لا بُدَّ من فهم أنّ السلوك الخاطئ نابع من المعرفة والرغبات في تلك اللحظة تحديداً، وأنّ ممارسته كانت بهدف تحقيق النتائج المَرجُوَّة.
ويجدر التنويه هنا إلى عدم إمكانيَّة الضغط على زرٍّ الرجوع؛ لإصلاح ذلك الموقف، ولا فائدة من تأنيب النفس مراراً وتكراراً، وجُلّ ما يُمكن فعله الآن الاكتفاء بما في هذه اللحظة، وفعل كلّ ما يُمكن ليكون الواقع أفضل ما يُمكن، وهذا لا يعني أنّ كلّ شيء سيسير على ما يرام، بل يعني القناعة التامّة بإمكانيَّة إصلاح الأخطاء دون جلد الذات، أو لَوم الآخرين؛ إذ لم يكن بإمكانهم هم أيضاً أن يتصرَّفوا على نحو مختلف.
يعني خفض سقف التوقُّعات مساحة أكبر من الحُرِّية والتمكين، وإمكانية تحقيق التوقُّعات أوّلاً بأوّل، ويبدأ ذلك بالنَّظَر إلى النفس وفقاً لما تبدو عليه الآن، وليس وفقاً لما يجب أن تكون عليه، ثمّ التفكير في طرائق لتحسينها، مع الحفاظ على النظرة الإيجابيَّة والجيِّدة إليها، وعدم توقُّع أيّ شيء من الآخرين أكثر ممّا يتوقَّعه المرء من نفسه؛ لأنَّ رفع سقف التوقُّعات قد يُؤدّي إلى خيبة الأمل أو الغضب.
التركيز على تغيير شيء سلبيّ أو غير مُفيد في كلّ مرَّة، أفضل من الاهتمام بتغيير الأمور كلّها مرَّة واحدة؛ لأنّ ذلك يستهلك طاقة وجُهداً جسديّاً ونفسيّاً هائلاً، ولا بُدّ من فترات راحة مدروسة قد لا يتسنّى لمَن يُجرون تغييرات كبيرة الحصول عليها، بالإضافة إلى أنّ التغيير التدريجي يمنح شعوراً بإمكانيَّة معالجة أيّ أمر آخر، والحصول على أسلوب الحياة المنشود، وهذا يُعزِّز الشُّعور بالرضا عن النفس والحياة.
فمثلاً، يُعَدّ الالتزام بنظام حياة صِحّي مُفيداً جدّاً للصحّة الجسدية والعقلية، ولا يكون التغيير دفعة واحدة، بل باختيار أمر واحد، والالتزام به لمُدَّة مُعيَّنة؛ كممارسة التمارين الرياضية، والحصول على وجبات صِحِّية بدلاً من السريعة الجاهزة، ثمّ الانتقال إلى أمر آخر، وهكذا إلى حين تحقيق الأهداف المنشودة.
ختاماً، يجدر التنويه إلى أنّ عدم الرضا عن النفس والحياة لا يُعَدّ هزيمة، بل هو أمر طبيعي تماماً، وقد يكون -أحياناً- دافعاً إلى التقدُّم، وفرصة للتحسين المُستمِرّ.
ولا بُدّ من الاقتناع بأنّ الأوقات الصعبة جزء لا يتجزّأ من الحياة، وتجنُّب الهروب من مشاعر عدم الرضا عن النفس، والسَّخط على الحياة؛ عبر الحرص على التعامل معها من خلال خُطَط فعليَّة يجري وضعها بتأنٍّ وتنظيم، والاعتراف بالقُدرات الشخصية، وتقديرها، والمُضِيّ قدماً نحو ممارسة الأنشطة التي تبعث الأمل، وتعلُّم أشياء جديدة تُنمّي المعارف والمهارات.
[1] lifehack.org, 15 Things To Forget If You Want To Be Satisfied in Life
[2] masterclass.com, How to Be Happy With Yourself: 6 Tips for a Happy Life
[3] psychcentral.com, When You’re Never Satisfied with Yourself
[4] betterhealth.vic.gov.au, Self esteem
[5] webmd.com, What Is Self-Loathing?