جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
فنّ التعامل مع الناس

مهارات الذكاء الاجتماعي وطرق تنميتها لتعزيز التفاعل مع الآخرين

30 سبتمبر 2024 / 4:23 PM
مهارات الذكاء الاجتماعي وطرق تنميتها لتعزيز التفاعل مع الآخرين
download-img
يتجاوز النجاح المهني والشخصي فكرة الحصول على المُؤهّلات والشهادات الأكاديمية، فإن لم يكن الشخص قادراً على التعامل مع الآخرين باختلاف شخصياتهم وخلفياتهم الفكرية والثقافية، فإنّ سبيل النجاح قد يطول ويزداد صعوبة؛ لذا، يُعَدّ الذكاء الاجتماعي (Social Intelligence) ضرورياً في حياة الأفراد.

ويتجاوز الذكاء الاجتماعي مُجرَّد معرفة كيفية التواصل مع الآخرين؛ إذ يشمل تعريفه القدرة على قراءة المشاعر والتصرُّفات الاجتماعية، ومعرفة أساليب التواصل والتأثير في الآخرين، ويُمكن اكتساب الذكاء الاجتماعي بتعلُّم أبرز مهاراته، والحرص المُستمِرّ على تطويرها.

ما أبرز مهارات الذكاء الاجتماعي؟

يتكوَّن الذكاء الاجتماعي من مجموعة مهارات أساسيَّة، وأهمّها ما يأتي:

الاستماع الفعّال

تُعَدّ مهارة الاستماع الفعّال من أبرز مهارات الذكاء الاجتماعي؛ فهي تتجاوز فكرة سماع الكلمات والجمل التي تصدر عن الآخرين؛ إذ تُركِّز على إيلاء الطرف المُتحدِّث الانتباهَ الكاملَ والحقيقيّ؛ بهدف استيعاب نواياه، وأفكاره، ومشاعره.


فمثلاً، عندما يُواجه أحد الأصدقاء مشكلة صعبة، فإنّ المستمع الجيّد الذي يملك مهارة الاستماع الفعّال، يُولي المشكلة اهتماماً كبيراً لفهمها أوّلاً قبل التسرُّع في تقديم النصائح أو الأحكام؛ لأنَّ هدفه الأساسي هو فهم صديقه، ودعمه بأسلوب ذكي ومناسب.

التحدُّث بلباقة وذكاء

لا تُوجَد مهارة تُبرز قوة الذكاء الاجتماعي عند الشخص مثل ما تفعله مهارة التحدُّث بفعالية؛ فهي تعكس القدرة على التعبير عن الأفكار والآراء بوضوحٍ وسلاسة، ومَن يتمتَّع بهذه المهارة يُمكنه أن يُوصِل أفكاره في النقاشات بصدق مع الحفاظ على الدبلوماسية واللباقة واحترام الطرف الآخر.


وعادةً ما يمتلك الشخص الذكيّ اجتماعيّاً روح الدُّعابة، والقدرة على تذكُّر التفاصيل التي يذكرها الآخرون أثناء المحادثة؛ ممّا يدلّ على اهتمامه العميق والصادق بهم، ومن ثَمَّ يُعزِّز التواصل والتفاعل بينه وبين الأشخاص، ويُسهِم في بناء علاقة قوية ومستدامة.

التعاطف مع الآخرين

تُعَدّ مهارات التعاطف من المهارات الاجتماعية المهمة؛ لأنَّها تساعد في فهم مشاعر الآخرين، وتفهُّم أفكارهم؛ ممّا يُعزّز القدرة على إدارة النقاشات والأحاديث بفاعلية، ويُسهم في بناء علاقات قوية قائمة على التفاهم والاحترام المتبادل؛ فمثلاً، عند حدوث مشكلة في بيئة العمل، أو في الحياة الشخصية، فإنّ الشخص الذي يملك مهارة التعاطف وفهم مشاعر الآخرين، يُمكنه رؤية الأشياء من منظور الطرف الآخر، ومن ثَمَّ يُقدِّم الحلول المناسبة التي تُرضي الأطراف جميعها.

التواصل غير اللفظي

من المهارات الأساسية في الذكاء الاجتماعي مهارة التواصل غير اللفظي، مثل: نظرات العيون، وتعبيرات الوجه، ووضعية الجسد؛ فالتعبيرات غير اللفظية تسهم في التعبير عن حالة الإنسان الشُّعورية والنفسية بأسلوب قد يفوق قدرة الكلمات؛ لذا، يساعد فهم لغة الجسد الصحيحة في تعزيز الرسائل المنطوقة للمُتحدِّث، وفهم المعاني الكامنة وراء الكلمات التي يتحدَّث بها.


وعلى سبيل المثال، قد يُشير الصوت المنخفض، وتجنُّب النظر المباشر إلى العيون، إلى عدم الصدق، بغضّ النظر عن قوة الكلمات المستخدمة، وفي المقابل، يعكس التواصل البصري كثيراً من المعاني، مثل: المصداقية، والاهتمام.

التعامل بحكمة مع النزاعات

يمتاز الأشخاص ذوو الذكاء الاجتماعي بمهارة التعامل مع النزاعات بفاعلية؛ فهم يعرفون كيف يَصِلون إلى نقطة اتِّفاق مشتركة تُرضي الأطراف جميعهم مهما اختلفت شخصيّاتهم وآراؤهم، وتتطوَّر لديهم هذه المهارة؛ بسبب استماعهم لوجهات النظر المختلفة، وتقييمها بموضوعية.


ويتميَّز الشخص الذكي اجتماعياً أيضاً بقِلَّة الجدال؛ فهو لا يُحاول السخرية من الآخرين لإثبات رأيه حتى لو كان رأيه لا يتوافق مع هذه الآراء، وإنَّما يستمع لهم بعقل منفتح دون اللجوء إلى الجدال.

وسائل تنمية مهارات الذكاء الاجتماعي: لعلاقات أقوى وأكثر فاعلية

يُمكن تطوير مهارات الذكاء الاجتماعي بوسائل مختلفة، وأبرزها ما يأتي:

تعلُّم أساسيات لغة الجسد

لا يمكن فهم تصرُّفات الآخرين وتعابيرهم جيِّداً دون فهم لغة الجسد الخاصَّة بهم؛ لذا، يُعَدّ تعلُّمها من الوسائل الأساسية لتنمية مهارات الذكاء الاجتماعي، والخبر السارّ أنَّ تعلُّم لغة الجسد ليس أمراً صعباً أبداً؛ إذ تكفي لتعلُّمها قراءة بعض الكتب المُتخصِّصة، أو مشاهدة الفيديوهات المجّانية عبر الإنترنت، أو الالتحاق بالدورات والبرامج التدريبية المدفوعة في المراكز الموثوقة. 

ممارسة الاستماع النَّشِط 

تُعَدّ ممارسة الاستماع النَّشِط طريقة فاعلة في تعزيز مهارات الذكاء الاجتماعي؛ من خلال إيلاء أحاديث الآخرين الانتباه والاهتمام، وتجنُّب المقاطعة، أو إصدار الأحكام المُتسرِّعة، ويمكن تعزيز الاستماع النَّشِط؛ عبر طرح الأسئلة التي تدلّ على الاهتمام الصادق بالحديث، والتفكير الجيّد قبل إصدار أيّ رَدّ فعل أو استجابة.


وعلى سبيل المثال، إذا تحدَّث أحد الأصدقاء عن صعوبة دراسة مادّة مُعيَّنة، فيمكن الاستماع بعناية لحديثه، ثمّ البدء بطرح أسئلة مُوجَّهة؛ بهدف دعمه، ومساعدته على حَلّ المشكلة، مثل: ما هي التحدّيات التي تُواجهها في هذه المادّة؟، وهل جرَّبت طُرقاً مُعيَّنة لمواجهتها؟.

تعلُّم مهارة التحدُّث أمام الجمهور

يُسهِم تعلُّم مهارة التحدُّث أمام الجمهور بفعالية في تنمية مهارات الذكاء الاجتماعي اللفظية وغير اللفظية؛ لأنّ الشخص يتعلَّم بها كيفية التعبير عن الأفكار وإيصالها باستخدام الكلمات ولغة الجسد المناسبة.


بالإضافة إلى أنّ التحدُّث أمام الجمهور يتطلَّب فهماً جيّداً للفئة المُستهدَفة، بما في ذلك معرفة كيفية جذب انتباه الجمهور، والتفاعل مع رُدود أفعالهم، والفهم العميق لاحتياجاتهم، وهذا ما يُغطّي جانباً كبيراً من مهارات الذكاء الاجتماعي، ويمكن تعلُّم مهارة التحدُّث أمام الجمهور؛ من خلال الالتحاق ببرامج ودورات مُتخصِّصة. 

تنمية مهارة الملاحظة والانتباه

تُعَدّ مهارة ملاحظة الأشخاص والانتباه لهم في البيئة المُحيطة من الوسائل الأساسية لتنمية مهارتَي التواصل غير اللفظي، والتعاطُف، المُهِمَّتَين في الذكاء الاجتماعي؛ لأنّها تساعد في فهم سلوكات الآخرين وإشاراتهم الاجتماعية، وتحليلها.


ويمكن تحسين هذه المهارة باستخدام الحواسّ الخمس؛ للانتباه إلى تفاصيل تصرُّفات الأشخاص المُحيطين، وملاحظة تعابير وجوههم، أثناء التفاعل معهم والحديث إليهم، مثل: النظر إلى تعابير وجه الشخص الآخر وهو يتحدَّث، ومحاولة قراءة المشاعر الظاهرة عليه، مثل: مشاعر الحزن، أو السعادة، أو الارتياب، أو يمكن الاستماع جيِّداً لنبرة الصوت، وملاحظة ما إذا كانت تُشير إلى التوتُّر، أو الارتياح.


وختاماً، لا يُعَدّ الذكاء الاجتماعي مهارة عابرة يمكن إتقانها بالقراءة عنها، أو بتطبيقها في موقف واحد، وإنّما هو فنّ يتطلَّب ممارسة مُستمِرّة، وتطويراً دائماً، علماً بأنّ هناك عدداً من الأساليب غير التقليدية لتعلُّم هذه المهارة، مثل: التدرُّب على قراءة مشاعر الآخرين، وتعابير وجوههم، أثناء ممارسة الألعاب الترفيهية؛ كالشطرنج، بالإضافة إلى تعلُّم المهارات التمثيلية، وتقمُّص شخصيات جديدة؛ ممّا يُعزّز القدرة على التكيُّف مع الشخصيات، والبيئات المختلفة. 


ويُشار إلى أنّ الدين الإسلامي حثَّ على تطوير المهارات الشخصية والاجتماعية، وتعلُّم كيفية بناء علاقات جيِّدة مع الآخرين، ومراعاة مشاعرهم، وهذه جميعها جوهر الذكاء الاجتماعي، وأكَّد الإسلام أيضاً على التصرُّفات التي تُعزّز المهارات الاجتماعية، وتبني علاقات قوية ومستدامة بين الناس؛ كالتبسُّم في وجوه الآخرين، والتحدُّث إليهم بمَحبَّة صادقة ولغة لطيفة، ونهى عن استخدام الكلام الجارح والمُؤذي.

المراجع  

[1] verywellmind.com, How to Increase Your Social Intelligence 
[2] psychologytoday.com, How to Measure Your Social Intelligence
[3] tneg.nl, What Is Social Intelligence and How You Can Develop It? 
[4] indeed.com, What Is Social Intelligence (And How to Improve It)
[5] healthhub.sg, 6 Ways to Improve Social Skills and Increase Social Intelligence 

 
September 30, 2024 / 4:23 PM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.