نصائح لتطوير مهارة طرح الأسئلة

ويُسهِّل طرح الأسئلة طرحاً صحيحاً الوصولَ إلى الهدف المطلوب؛ سواء أكان الهدف إيصالَ معلومات، أم استنتاجها، ويشحذُ العقول؛ للتفكير، والتحليل، وربط المعلومات، والتوصُّل إلى المعلومات بدلاً من تلقّيها، أو تلقينها. 

معرفة أنواع الأسئلة والتنويع في استخدامها

هناك أنواع مختلفة من الأسئلة، ويَكمُن الفرق بينها في طبيعة الإجابة على كلٍّ منها؛ فمثلاً، تختلف الأسئلة المفتوحة عن الأسئلة المُغلقة في أنّ إجابات السؤال المُغلق تكون قصيرة وواضحة دون احتمالات كثيرة، وغالباً ما تكون بنعم أو لا، أو باختيار أحد خيارات مُحدَّدة، مثل: هل تُحبّ الشوكولاتة؟، أو هل حضرت الاجتماع أمس؟

بينما تتطلَّب الأسئلة المفتوحة إجابات تفصيليَّة تسمح بالتعبير عن الرأي والأفكار بحُرّية، وتشمل احتمالات لا محدودة، مثل: كيف تشعر حيال هذا الموضوع؟، أو ما التحدّيات التي تُواجهك في عملك؟.

ويُمكن البدء بطرح الأسئلة المغلقة بوصفها نوعاً من الإحماء في النقاشات الجماعيَّة، بينما يأتي دور الأسئلة المفتوحة في جمع المزيد من المعلومات عن موضوع ما، واستمرار النقاش، وسماع وجهات النظر المختلفة؛ ممّا يُؤدّي إلى فهم أعمق للآراء والمشاعر والأفكار.

التخطيط لصياغة الأسئلة

تتضمَّن عملية التخطيط للسؤال تحديد نوع الأسئلة، ومحتواها، والهدف من كلٍّ منها؛ عبر تجهيز قائمة الأسئلة، وصياغتها بوضوح وبأقلّ عدد ممكن من الكلمات؛ لكيلا تتغيَّر الصياغة أثناء النقاش أكثر من مرَّة، مع تجنُّب تكرار النوع نفسه من الأسئلة، أو طرح الأسئلة التي تتضمَّن إجابات ضمنيَّة بين ثناياها، ويساعد توقُّع الإجابات المُحتمَلة أيضاً على تخمين ما إن كانت الصياغة ملائمة، وتُركِّز على الهدف منها أم لا.

الوعي بطبيعة الطرف المستقبِل

تختلف طبيعة الأسئلة واللغة المستخدمة فيها باختلاف طبيعة الطرف الآخر، بما في ذلك المستوى الفكريّ، ودرجة الإلمام بالموضوع، والهدف من الحضور؛ فمثلاً، تختلف صياغة السؤال المُوجَّه إلى الموظف عن صياغته عند توجيهه إلى المدير، أو عندما يكون السؤال مُوجَّهاً إلى الطلّاب من فئات عُمرية ومراحل دراسيَّة مختلفة.

لذا؛ يمكن أن يقع الخطأ؛ بطرح السؤال على الشخص غير المناسب، أو طرح الأسئلة بمُستَوى لا يتلاءم معه، ولتجنُّب هذا الخطأ، لا بُدّ من التحليل المُسبَق لطبيعة الجمهور أو الشخص المقابل، وصياغة الأسئلة باللغة التي يفهمها، وتخمين الأسئلة التي يُحتمَل طرحها، وتخمين رُدود الأفعال، وكيفية التفاعل مع الأسئلة.

 

اختيار التوقيت المناسب عند طرح الأسئلة

لا بُدّ من اختيار التوقيت المناسب لطرح السؤال؛ فقد ينتهي المطاف بالمُقدِّم أحياناً بطرح مجموعة أسئلة في الوقت نفسه؛ ممّا يُشتِّت الطرف المُستقبِل، وتُؤدّي عدم الموازنة في إعطاء الوقت المناسب للأسئلة المفتوحة أحياناً إلى تغيير مسار النقاش والابتعاد عن الهدف المنشود، ولتجنُّب هذا الخطأ، يمكن تحديد المُدَّة المناسبة للإجابة عن كلّ سؤال أثناء عملية التخطيط للأسئلة.

الاهتمام بلغة الجسد ونبرة الصوت

تُركِّز عملية التواصل على لغة الجسد، ونبرة الصوت، والكلمات المنطوقة؛ لذا، لا تقِلّ صياغة السؤال والاهتمام بمُحتواه أهمّية عن أسلوب طرحه؛ فلغة الجسد، ونبرة الصوت، يمكن أن تُؤثِّرا على فهم السؤال المطروح.

وتشمل لغة الجسد نظرة العيون، وتعبيرات الوجه؛ لذا، يُنصَح المُقدِّم بالتحكُّم فيها إن كان يمتلك مشاعر سلبية تجاه أمر ما، ويُنصَح بإظهار الاهتمام بقبول الرُّدود عن الأسئلة والانفتاح عليها، واستخدام نبرة صوت تُثير الفضول؛ ممّا يُحفِّز الطرف الآخر على الانخراط والتفاعل مع الأسئلة.

الاستماع الفعّال

ويشمل محاولة فهم ما يقوله المُتحدِّث جيّداً، وإعطاؤه الوقت الكافي للإجابة والتفصيل، وإبداء الرأي بحُرّية، وعدم التسرُّع في الحُكم على الإجابة، إضافة إلى عدم المقاطعة، وإظهار الانتباه والاهتمام بالإجابة؛ ممّا يُعطي المُتحدِّث شعوراً بالراحة والثقة بالنفس؛ إذ قد يشعر بعض الأفراد بالتوتُّر عند الإجابة؛ لذا، لا يقِلّ الاستماع إلى المشاعر ومحاولة فهمها أهمّيةً عن الاستماع إلى الحقائق والكلمات، وعند وجود نقطة مُعيَّنة غير مفهومة، يُمكن طلب التوضيح.

التسلسل في طرح الأسئلة وتعزيز التفكير الناقد

تَكمُن أهمية التفكير النقدي في تطوير مهارات التفكير، والاعتماد على العقل في التوصُّل إلى المعلومات؛ فالتحليل يُحفِّز الربط بين المعلومات ووجهات النظر، وتقييم الآراء، والاستنتاج في النهاية.

ويُمكِّن التسلسل في طرح الأسئلة من الاندماج في عملية التفكير الناقد بسلاسة وسهولة؛ لأنّ الأسئلة المُعقَّدة تُقسَم إلى أجزاء أصغر، ثمّ تُبنى عليها أسئلة أخرى، مثل: هل يمكنك توضيح وجهة نظرك؟، ولماذا تعتقد ذلك؟، وما الدليل الذي يدعم استنتاجك؟، وكيف تربط هذا بما تعلَّمناه سابقاً؟.

وتساعد الأسئلة ذات الطابع التسلسُليّ في عملية التفكير الناقد على عدم تشتُّت انتباه المستمعين، وإقحامهم في النقاش، والتوسُّع في أفكارهم؛ بالتعمُّق في إجاباتهم، وبناء أسئلة جديدة عليها، ويسهم ذلك في إثراء النقاش بالتفاصيل؛ ممّا يُؤدّي إلى فهم أعمق للموضوع، وتصحيح المفاهيم الخاطئة.

طرح الأسئلة باستخدام تقنيات التكنولوجيا الحديثة

أتاحت التكنولوجيا مُؤخَّراً عدداً من الوسائل غير التقليدية لطرح الأسئلة في البيئات التعليمية والتفاعُلية، ومن الأمثلة عليها: تطبيقات الاختبارات القصيرة والسريعة عبر الإنترنت، ومواقع الاستطلاع التي تُقدِّم أسئلة الاختيارات المُتعدِّدة التي يمكن استخدامها فوراً؛ إذ يُطرَح السؤال على الشاشة للقُرّاء، فيستخدم كلٌّ منهم جهازه المحمول للإجابة، دون إبراز شخصية المُجيب.

وختاماً، لا بُدّ من السَّعي المُستمِرّ لتحسين مهارة طرح الأسئلة وتطويرها؛ بالممارسة والتدريب مراراً وتكراراً، والتعلُّم من الزملاء والمُختَصّين، والمشاركة في الدورات التدريبيّة التي تُتيح تعلُّم وسائل جديدة في طرح الأسئلة، وتطبيقها، وتجربتها، والأخذ بالتغذية الراجعة عند تطبيقها، ويساعد التقييم الذاتيّ المُستمِرّ في تحسين مهارة طرح الأسئلة، بينما تُسهم التغذية الراجعة من المُستمِعين في تسهيل التقييم الذاتيّ.