جار التحميل...
يُشير مفهوم الأكل الصحي ببساطة، إلى تناول أطعمة منوعة وغنيّة بالعناصر الغذائية المختلفة، بما في ذلك البروتين، والكربوهيدرات، والدهون، والماء، والفيتامينات، والمعادن، التي لها دور مهم في الحفاظ على الصحة والإمداد بالطاقة الكافية، للقيام بالأنشطة اليومية المختلفة.
فالأمر ليس معقداً، ولا يتعلق بقيودٍ صارمة وحرمان النفس من الكثير من الأطعمة المفضلة، أو حتى النحافة الزائدة والوصول إلى وزنٍ أقل من الطبيعي، بل يتعلق فقط بالحصول على كمياتٍ معينة من السعرات الحرارية، تكفي لتزويد الجسم بالطاقة اللازمة لممارسة الأنشطة اليومية، والشعور بالراحة والصحة الجيّدة في نفس الوقت، وذلك عن طريق تناول أطعمة مفيدة ومغذية، تشمل أساسيات الأكل الصحي.
بشكلٍ عام يحتاج الرجل البالغ إلى 2,500 سعرة حرارية تقريباً في اليوم الواحد، بينما تحتاج المرأة البالغة إلى 2,000 سعرة حرارية، ولكن قد يحتاج البعض إلى تناول عدد سعرات حرارية أقل في حال الرغبة في إنقاص الوزن، وكذلك تناول عدد سعرات حرارية أكثر عند الرغبة في زيادة الوزن للوصول إلى الحدّ الطبيعي، كما يجب مراعاة تناسب كمية السعرات الحرارية المُستهلكة خلال اليوم، مع النشاط البدني والحالة الصحية في حال المعاناة من مرضٍ معين، مثل مرض السكري أو الضغط أو غير ذلك.
تعتمد التغذية الصحية بشكلٍ أساسي، على التنويع في الطعام للحصول على المغذيات المختلفة التي يحتاجها الجسم، إذ يجب أن تشمل المجموعات الغذائية الرئيسة، مثل الفواكه، والخضروات، والبروتين، والألبان، والحبوب، والتي يضم كلّ منها أطعمة متشابهة بالمحتوى الغذائي، بالإضافة إلى الدهون والماء، وكذلك الالتزام ببعض الممارسات الصحية، وفيما يأتي توضيح أكثر لذلك:
يُنصَح بتناول ما لا يقل عن خمس حصص يومية من الخضار والفواكه، حيث تعادل الحصة الواحدة من الخضار والفواكه الطازجة، أو المجمدة، أو المعلّبة 80 غراماً تقريباً، وحصة الفواكه المجففة حوالي 30 غراماً، وكلما كانت منوعة وملونة أكثر؛ كانت غنيّة بالفيتامينات، والألياف، والمعادن الضرورية للصحة.
يُمكن تناول الخضار والفواكه بطرقٍ مختلفة، بما في ذلك تقطيعها وتناولها مباشرة، خاصة في حال كانت طازجة، أو مزجها مع أنواعٍ أخرى من الطعام، مثل الشوربات، أو الصلصات، أو الزبادي، أو صُنع عصائر لذيذة منها وغنيّة بالفوائد، أو حتى تناول قطعٍ صغيرة من الفواكه المجففة كبديلٍ للحلوى أو الشوكولاتة.
ولكن لا بدّ من الانتباه إلى تناول الخضروات النشوية باعتدال؛ حيث تحتوي على نسبةٍ عالية من السعرات الحرارية التي تُؤثر سلباً في سكر الدم، خاصة في حال المعاناة من مرض السكري، ومن أبرز هذه الخضار؛ البطاطا، والذرة، والقرع، والبازلاء.
يُنصَح بتناول 90 غراماً من الحبوب الكاملة في النظام الغذائي اليومي للرجال، وحوالي 70 غراماً للنساء، بما في ذلك القمح الكامل، والشعير، والشوفان، والكينوا، والأرز البني، وغير ذلك من الأطعمة المصنوعة منها، مثل معكرونة القمح الكامل.
تُعد الحبوب الكاملة، مصدراً صحياً للكربوهيدرات، وكذلك الألياف التي تزيد الشعور بالشبع، كما تمنح العديد من العناصر الغذائية، خاصة الحديد، ومجموعة فيتامين ب (B)؛ وذلك لأنّها لم تتعرض لعمليات معالجة وإزالة أجزاء مفيدة منها، كما في الحبوب المكررة التي يُصنع منها الخبز الأبيض، والأرز الأبيض، والكيك، والبسكويت، والمعجنات مثلاً.
ملاحظة: لا بدّ من مراعاة أن يكون نصف الاستهلاك اليومي من مجموعة الحبوب الغذائية من الحبوب الكاملة تحديداً، في حال الرغبة في تناول أطعمة مصنوعة من الحبوب المكررة في بعض الأيام.
يُعد البروتين ضرورياً لصحة العظام، والعضلات، والجلد، ووفقاً للأكاديمية الوطنية للطب (National academy of Medicine)، فإنّ الحاجة اليومية للشخص البالغ من البروتين لا تقل عن 0.8 غرام لكل كيلوغرام واحد من وزن الجسم، ففي حال كان الوزن 63 كيلوغراماً مثلاً، فهذا يعني الحاجة إلى 50 غراماً من البروتين يومياً، حيث تمنح شريحة من سمك السلمون المشوي بوزن 113 غراماً حوالي 30 غراماً من البروتين، وكذلك يوفر كوبٌ من شوربة العدس حوالي 18 غراماً من البروتين.
بشكلٍ عام، يُمكن الحصول على البروتين الصحي من مصادر حيوانية أو نباتية، ومن أبرز المصادر الحيوانية الغنيّة به، ويُنصَح أن تكون ضمن وجبات الطعام اليومية، اللحوم، والدواجن، والأسماك، والألبان، والأجبان، والحليب، والبيض.
أمّا بالنسبة لأبرز المصادر النباتية، فهي تشمل البقوليات، مثل الفاصولياء، والبازلاء، والعدس، وفول الصويا، والفول السوداني، وكذلك المكسرات، مثل اللوز، والفستق، والكاجو، والجوز، والبندق، بالإضافة إلى البذور، مثل بذور القرع، واليقطين، وعباد الشمس، والكتان، والسمسم، والشيا، وأخيراً الحبوب الكاملة، بما في ذلك القمح، والكينوا، والأرز، والشوفان.
يحتاج الشخص البالغ، إلى ما يُقارب ملعقة إلى ملعقتين كبيرتين يومياً من الدهون الصحية المعروفة بالدهون غير المشبعة، حيث تحتوي على العديد من الفيتامينات أهمها فيتامين أ (A)، ود (D)، و(E)، وك (K)، كما تقلل خطر الإصابة بأمراض القلب، وتخفّض مستويات الكوليسترول في الدم بشكلٍ جيّد، ومن الأطعمة الغنية بهذا النوع من الدهون: الأفوكادو، والزيوت الصحية، مثل زيت الزيتون، وزيت القرطم، وزيت الكانولا، أيضاً المكسرات، مثل الكاجو، واللوز، والجوز البرازيلي، وكذلك الأسماك الزيتية، مثل السلمون، والسردين.
بينما يُنصَح بتجنّب أو التقليل قدر الإمكان، من تناول الدهون المشبعة أو الدهون المتحولة الموجودة في الزيوت المهدرجة والعديد من الأطعمة، مثل النقانق المُصنّعة، واللحوم التي تحتوي على الكثير من الدهون، والسَّمنة، والكريمة، والبسكويت، والفطائر الجاهزة.
عند إضافة السكر إلى الطعام أو الشراب أو تناول الأطعمة والمنتجات الجاهزة الغنيّة به، يعني ذلك اكتساب المزيد من السعرات الحرارية دون فوائد غذائية، لذا يُنصَح بالتقليل منه قدر الإمكان وتناوله بكمياتٍ محدودة، ووفقاً لتوصيات جمعية القلب الأميركية (American Heart Association)، فإنّ الاستهلاك اليومي من السكر المضاف للرجال يجب ألّا يزيد عن تسع ملاعق صغيرة، أي ما يعادل 36 غراماً أو 150 سعرة حرارية، أمّا بالنسبة للنساء يجب ألّا يزيد عن ست ملاعق صغيرة، أي ما يُعادل 25 غراماً أو 100 سعرة حرارية.
حيث يُسبب تناول كمياتٍ كبيرة من السكر المُضاف أكثر من المُوصى بها وبشكلٍ متكرر، مشاكل صحية مختلفة على المدى البعيد بما في ذلك تسوس الأسنان، والسمنة، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والمعاناة من مرض السكري من النوع الثاني.
ومن أبرز الأطعمة والمشروبات التي تحتوي على الكثير من السكر المضاف: الحلويات، والشوكولاتة، والمعجنات، والكيك، وكذلك المشروبات الغازية، حيث تشمل العلبة الواحدة منها بسعة 340 مليلتراً 32 غراماً من السكر المضاف!
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الخيار الأفضل للصحة، ليس التقليل من السكر المُضاف فقط، بل استبدال الأطعمة التي تحتوي على السكر بشكلٍ طبيعي به، لأن فيها قيمة غذائية جيّدة، مثل الفواكه والحليب أو حتى استخدام المحلّيات المستخلصة من الفواكه أو المُحلّيات الصناعية، مثل السكرين، والأسبارتام، والسكرالوز.
ملاحظة: يُمكن معرفة فيما إذا كان المنتج يحتوي على سكرٍ مضاف أم لا من خلال قراءة المعلومات الموجودة على البطاقة الغذائية الخاصّة به، وملاحظة وجود مكوناتٍ مثل: سكر المائدة، أو السكر الأسمر، أو المولاس (دبس السكر أو العسل الأسود)، أو العسل، أو سكر البودرة، أو مُحلي الذرة، أو شراب الذرة، أو شراب القيقب، أو جلوكوز، أو دكستروز، أو مالتوز، أو سكروز.
يُسبب تناول كمياتٍ كبيرة من الملح في وجبات الطعام اليومية، زيادة احتمالية الإصابة بارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، والسكتة الدماغية، لذا لا بدّ من تناوله بكمياتٍ محدودة، حيث يُوصَى بألا يتجاوز الاستهلاك اليومي له أكثر من ستة غرامات، أي ما يُعادل ملعقة صغيرة فقط، كما يجب ألّا يزيد عن 1.5 غرام لكل 100 غرام في الأطعمة الجاهزة، مثل المعلّبات، واللحوم المصنّعة، والصلصات وحتى الوجبات السريعة.
ملاحظة: يُشار غالباً إلى الملح باسم "كلوريد الصوديوم" في المعلومات الموجودة على البطاقة الغذائية الخاصّة بالمنتجات الجاهزة.
يُفضل شرب ما لا يقل عن 6-8 أكواب يومياً من السوائل بشكلٍ عام، بما في ذلك الماء والمشروبات التي تحتوي على كمياتٍ قليلة من السكر المضاف، مثل القهوة والشاي، ومن ناحيةٍ أخرى، تجنّب شرب أكثر من كوبٍ صغير واحد بسعة 150 مليلتراً من عصائر الفواكه أو الخضار؛ لأنّها تحتوي على نسبةٍ عالية من السكر الطبيعي، والابتعاد عن المشروبات الغازية أو المليئة بالسكر.
ختاماً…
يُمكن الاستفادة من فكرة "طبق الأكل الصحي"، التي ابتكرها خبراء في الطب والصحة العامة في جامعة هارفارد، والتي تتمثل بتقسيم طبق الطعام المُراد تناوله في الوجبات الرئيسة الثلاث خلال اليوم إلى أربعة أقسام، تشمل 30% خضروات، و20% فواكه، و25% حبوب كاملة، و25% بروتين صحي، بالإضافة إلى تناول كمياتٍ مناسبة من الدهون الصحية وشرب كمياتٍ كافية من الماء والسوائل، وكذلك ممارسة الأنشطة البدنية المختلفة، للتمتع بصحةٍ جيّدة.
كما يُنصَح بالاطلاع على "الدليل الإرشادي الوطني للتغذية"، الذي أطلقته وزارة الصحة ووقاية المجتمع، بالتعاون مع مكتب الأمن الغذائي في دولة الإمارات العربية المتحدة؛ للحصول على معلوماتٍ مفيدة وشاملة أكثر حول الأكل الصحي والتغذية الصحية.
المراجع
[1] mohap.gov.ae, الدليل الإرشادي الوطني للتغذية
[2] helpguide.org, Healthy Eating
[3] nhs.uk, 8 tips for healthy eating
[4] hsph.harvard.edu, Healthy Eating Plate
[5] betterhealth.vic.gov.au, Healthy eating and diet