جار التحميل...
تُعرف أزمة ربع العمر "Quarter-Life Crisis" بأنها فترة من القلق والحيرة يمرّ بها بعض الأشخاص في العشرينيات أو أوائل الثلاثينيات من حياتهم، ترتبط هذه الفترة عادةً بالتحديات النفسية والعاطفية التي تنشأ بسبب ضغوطات الحياة الشخصية والمهنية، وغالباً ما يشعر الأشخاص الذين يمرون بأزمة ربع العمر بعدم الرضا عن حياتهم الحالية، وتدور في أذهانهم تساؤلات عديدة حول مستقبلهم وأهدافهم الشخصية والمهنية.
فبعد التخرج من الكلية أو الجامعة تزداد المسؤوليات، وتتغير المفاهيم والأولويات، وتسيطر على التفكير مجموعة من القضايا والأمور المفصلية في الحياة، مثل الزواج، أو العمل في وظيفة مناسبة، أو شراء منزل، وغيرها.
وليس كل من شعر بالحزن أو القلق حيال أمر ما في تلك المرحلة من العمر يعني أنّه يمرّ بأزمة ربع العمر، إذ توجد مجموعة من العلامات الدالة على الدخول فيها، تتمثل بالتقلبات المزاجية الحادة، وسيطرة مشاعر الخوف والقلق بشكل مبالغ فيه، والشعور بالضياع أو فقدان الهدف والشغف، إلى جانب مواجهة صعوبة في اتخاذ القرارات والشكّ بها بكثرة، والشعور بالعزلة والوحدة، وتأثر العلاقات الاجتماعية بصورة سلبية، وعدم الرضا عن الكثير منها.
يمكن القول إنّ المرور بأزمة ربع العمر أمر طبيعيّ وشائع عند الكثيرين، لكن من المهم معالجتها والتعامل معها بحكمة وذكاء، واتباع مجموعة من الطرق والاستراتيجيات منها:
يساعد التأمل الذاتي الفرد على فهم مشاعره، وتحديد أسباب القلق والارتباك الذي يشعر به، فهو وسيلة فعالة لاستكشاف الذات واتخاذ قرارات مدروسة، لذا يُنصح بتخصيص وقت محدد يومياً أو أسبوعياً للتأمل الذاتي، الذي قد يكون من خلال الكتابة في دفتر يوميات، أو الجلوس في مكان هادئ للتفكر، مع ضرورة الابتعاد عن عوامل التشتيت المختلفة أثناء التأمل، مثل الهواتف، ووسائل التواصل الاجتماعي.
وخلال هذه الجلسة التأملية لا بدّ من أن يطرح الفرد على نفسه مجموعة من الأسئلة المهمة، مثل: "ما الذي أريده حقاً؟"، و"ما الذي يجعلني سعيداً؟" و"هل أنا راضٍ عن حياتي الآن؟"، والإجابة عنها بصدق وشفافية لفهم الذات والبدء برسم الطريق الصحيح.
إنّ تجنّب المقارنة مع الآخرين خطوة حيوية في التعامل مع أزمة ربع العمر؛ لأنّ المقارنة المستمرة قد تكون أحد العوامل الرئيسية التي تزيد من مشاعر القلق والارتباك خلال هذه المرحلة، خاصةً في عصر وسائل التواصل الاجتماعي والتواصل المستمر، إذ يميل العديد من الأشخاص إلى مقارنة إنجازاتهم وحياتهم الشخصية بحياة الآخرين، مما يؤدي إلى مشاعر الإحباط وعدم الرضا.
فمن المهم الإدراك أنّ لكلّ شخص مساراً خاصاً به، مع تحديات وفرص مختلفة، فما يبدو نجاحاً للآخرين قد لا يكون مناسباً أو ملهماً بالنسبة لآخر، كما أنّ ما نراه من حياة الآخرين سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو في الحياة الواقعية قد لا يعكس الصورة الكاملة، فغالباً ما يَظهر هو فقط جوانب النجاح أو السعادة، مما يجعل المقارنة غير دقيقة وغير عادلة.
لذا يُنصح بالتركيز على النمو الشخصي، وتحسين الذات، وتحديد الأهداف المراد تحقيقها، وتطوير المهارات المختلفة التي تساعد على تعزيز الثقة بالنفس، إلى جانب ذلك من الضروري التركيز على الأمور الجيدة في الحياة، والامتنان لها، وتذكرها باستمرار، وشكر الله تعالى على وجودها، والاحتفال بالإنجازات الشخصية مهما كانت صغيرة.
عند الرغبة في اختيار وظيفة معينة، أو مسار مهم في الحياة الشخصية مثلاً، يُنصح بالتحدث إلى أشخاص خاضوا تجربة مماثلة، واستطاعوا التقدم والتغلب على العقبات، إذ إنّ ذلك يعزز من إيمان المرء بقدرته على تحقيق أهدافه والوصول إليها، وسيدرك أنّ ما هم عليه الآن من نجاح، لم يكن بتلك السهولة، بل إنّ الأمور كانت بحاجة إلى الصبر.
كما أنه من الضروري طلب الدعم من الأصدقاء والعائلة لتجاوز هذه الأزمة، لكن في حال كان تأثير أزمة ربع العمر كبيراً، واقتضى مساعدة المختصين النفسيين فلا مانع من طلب المشورة والنصح منهم.
تتيح هذه الخطوة الفرصة للنمو الشخصي والمهني، وتفتح أمام الفرد آفاقاً جديدة ومختلفة قد تغير وجهة نظره ومنظوره للحياة، الأمر الذي يساعد على تجاوز أزمة ربع العمر بنجاح، فالبعض قد يكون غير راضٍ عن حياته الحالية، لأنه لم يكتشف بعد ما يُشعره بالحماس الحقيقي، فتجربة أنشطة أو هوايات جديدة يمكن أن يكون فرصة لاكتشاف شغف جديد.
لذا يُنصح بالدخول إلى عالم الأعمال التطوعية، أو تعلّم لغة جديدة، أو تعلم مهارة جديدة كالطهي، أو اكتشاف هواية جديدة، كالرسم، والتصوير الفوتوغرافي، كما يمكن الانضمام إلى نوادٍ أو مجموعات تهتم بأنشطة معينة، سواء أدبية أو فنية أو رياضية.
وأيضاً السفر واحد من أفضل الطرق لتجربة أشياء جديدة، إذ يمكن أن يساعد على توسيع الآفاق، والتعرف إلى ثقافات جديدة، واستكشاف جوانب مختلفة.
المراجع
[1] verywellmind.com, Surviving Your Quarter Life Crisis: Strategies and Support
[2] wikihow.life, How to Overcome a Quarter Life Crisis
[3] choosingtherapy.com, Quarter Life Crisis: Signs, Causes, & How to Cope
[4] mindwellnyc.com, Yes, Quarter Life Crises Are Real; Here’s Why And How To Deal With Them
[5] fortwellness.com, Understanding the Quarter-Life Crisis