جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
تحت وطأة الضغوط

تأثير استمرار ضغوط العمل.. وكيف يمكن التخلص منها أو التعايش معها؟

31 يوليو 2024 / 12:29 PM
تأثير استمرار ضغوط العمل.. وكيف يمكن التخلص منها أو التعايش معها
download-img
يتعرَّض كلّ شخص في مرحلة ما من مسيرته المهنيَّة لضغوط تُسبِّب له التوتُّر ولو كان مُحِبّاً لوظيفته ويشعر بالرضا عنها، أو كان هذا الضغط قصير الأمد؛ كأن يكون نتيجة الالتزام بتسليم العمل في موعد مُحدَّد، أو أداء مهمَّة صعبة، وهذا شعور طبيعي، أمّا أن يصبح ضغط العمل مُزمِناً ومُستمِرّاً، فعندها يمكن اعتباره مشكلة حقيقية، وخطراً على الصحَّة الجسدية والنفسية إن لم يجرِ التعامل معه بالشكل الصحيح.

تأثير ضغوط العمل

قد يكون الإجهاد المُرتبِط بضغوط العمل ذا تأثير كبير في الصحَّة الجسدية والعقلية؛ فهو -مع الأسف- لا يزول بسهولة بمُجرَّد انتهاء يوم العمل، بل قد يستمرّ أو يتفاقم، وخاصَّة إن لم يعرف الشخص كيف يتعامل معه.


ويمكن أن تتسبَّب ضغوط العمل في العديد من المشاكل الصحِّية، مثل: الصُّداع، واضطرابات الجهاز الهضمي، والتنفُّس السريع أو الضحل، كما أنّ الإجهاد المزمن قد يتسبَّب -على المدى الطويل- في زيادة مخاطر الإصابة بالقلق والاكتئاب، والأرق المُزمِن، وارتفاع ضغط الدم، وضعف الجهاز المناعي، وآلام الظهر والعضلات، إضافة إلى زيادة احتمالات الإصابة بالسُّمنة، وأمراض القلب.


ومن التأثيرات السلبية لضغوط العمل في الصحَّة العقلية: صعوبة التفكير بوضوح، وضعف القدرة على التركيز، وهذا ما قد يؤدّي إلى زيادة ارتكاب الأخطاء في العمل والحياة الشخصية، كما يمكن أن يتسبَّب ضغط العمل في الشعور المُستمِرّ بالغضب، والتشاؤم، والإحباط، وقلَّة الحماس لأداء المهام، وانخفاض القدرة على التحمُّل، وكثرة التقلُّب المزاجي، والرغبة في العزلة بشكل دائم.


مع التنويه إلى أنّ مواجهة الأشخاص هذه المشكلات غالباً ما يكون نتيجة تعاملهم مع ضغوط العمل بطرق خاطئة، أو اتِّباع سلوكات غير صحِّية في بعض الأحيان لتخفيفها؛ كتناول الطعام بشكل مُفرِط، أو التدخين أو غيرها.

كيفية إدارة ضغوط العمل والتعامل معها

تُبرز  مقولة "نظِّم وقتك واعرف أولويّاتك، واستمتع بحياتك… واترك أثراً يدلّ عليك"، من كتاب "ومضات من حِكمة" لصاحب السُّموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، مدى أهمية التوازن بين الحياة المهنية والشخصية، وكيفية تحقيقه.


وتجدر الإشارة إلى أنّ ضغط العمل يُعَدّ على المدى الطويل ظاهرة مُنتشِرة عالَميّاً، وعلى الرغم من صعوبة تجنُّب مُسبِّبات الضغوط التي تنشأ في بيئة العمل، إلّا أنّ من الممكن اتِّخاذ خطوات فعّالة لإدارتها، ومن أبرزها: 

تتبّع مسببات التوتر وفهم ردود الأفعال

إن تحديد مصادر التوتُّر والإجهاد في العمل، ومعرفة كيفية الاستجابة لها خطوة أساسية في رحلة إدارة ضغوط العمل، وكاستراتيجية فعّالة لتحقيق ذلك، يُنصَح بكتابة مُذكّرات يومية لمدَّة تتراوح من أسبوع إلى أسبوعين، بحيث تتضمَّن العوامل التي تسبَّبت في الشعور بالإجهاد، بما فيها من مواقف، أو أشخاص، أو أحداث، وكيف كان التعامل معها؛ بالغضب؟ أم بالتأنِّي؟ أم بردود أفعال وسلوكات غير صحِّية؛ كتناول الكثير من الطعام؟ وما إلى ذلك.


ومن الأسئلة التي يمكن الإجابة عنها في هذه المُذكّرات: ما الذي كنت تفكِّر فيه عندما شعرت بالتوتُّر؟ وما هي المشاعر التي شعرت بها؟ وأين كنت؟ ومن كان معك؟ وما هي الظروف المحيطة؟ وكيف تصرَّفت؟ فتحليل هذه المعلومات ومراجعتها يمكن أن يساعد على البدء بتطوير استراتيجيّات أفضل للتعامل مع ضغوط العمل وتأثيراتها. 

تطوير استجابات صحية للتعامل مع الإجهاد

كثيراً ما يلجأ الأشخاص إلى سلوكات سلبية عند مواجهة ضغوط العمل، مثل: تناول الوجبات السريعة بكثرة، أو التدخين، أو الانعزال عن المجتمع، فتؤدي هذه الاستجابات السلبية بدورها إلى مشاكل صحِّية جسدية ونفسية مع مرور الوقت؛ لذا يجب أن ينتبه الفرد إلى استجاباته لضغوط العمل، فيختار الإيجابية والصحِّية منها؛ كأن يختار الأطعمة الصحِّية بدلاً من الوجبات السريعة، ويمارس الرياضة بانتظام، ويحصل على ما يكفيه من النوم، كما يمكنه اعتماد اليوغا والتأمُّل والتنفُّس العميق بشكل مُنتظم كوسائل للاسترخاء، وتخصيص وقت لممارسة الهوايات، وتطوير العلاقات الاجتماعية الإيجابية.  

وضع الحدود 

أثَّرت التكنولوجيا الرقمية في قدرة الأشخاص على تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية؛ من خلال إبقائهم مُتَّصِلين ومُتاحِين على مدار الساعة عبر طرق التواصُل عن بُعد، وعلى الرغم من اختلاف تفضيلات الأشخاص عندما يتعلَّق الأمر بمدى اختلاط العمل والحياة المنزلية، إلّا أنَّ وضع الحدود بينها؛ كتطبيق قواعد لموعد تلقّي مكالمات العمل والردّ على البريد الإلكتروني، يسهم في تقليل اندماج الأنشطة العملية والشخصية، ممّا يُقلِّل من التوتُّر والضغوط الناجمة عنها.  

تطوير مهارات إدارة الوقت وتحديد الأولويات

تساعد مهارات إدارة الوقت وجدولة المهامّ بشكل مناسب في التغلُّب على التسويف، وزيادة الإنتاجية، ومن ثمَّ تقليل شعور التوتُّر وضغوط العمل. 


ومن استراتيجيات إدارة الوقت والمهامّ المناسبة؛ لتخفيف ضغوط العمل: تخصيص جزء من الوقت الصباحيّ لإنجاز المهامّ الأكثر صعوبة أو الأقلّ مُتعة؛ إذ يكون الشخص عادةً في أفضل طاقاته وتركيزه، وإنجاز هذه المهامّ في وقت مُبكِّر من اليوم يمكن أن يُخفِّف من الضغط النفسي، ويمنح الشعور بالراحة، كما يمكن وضع قائمة مُحدَّدة للأولويات في بداية الأسبوع، مع تصنيف المهامّ، وتحديد مدى أهمِّيتها، والفترة الزمنيَّة اللازمة لإنجازها.

إعادة شحن الطاقة

يحتاج المُوظَّف بين الحين والآخر إلى الحصول على بعض الوقت للراحة وإعادة شحن طاقته، وتجنُّب التأثيرات السلبية لضغوط العمل، ويمكن تحقيق ذلك باستغلال أيام العُطَل للراحة، وعدم ممارسة أيّة أنشطة مُرتبِطة بالعمل أو التفكير بها لفترة من الوقت، والاستمتاع بأنشطة غير عمليَّة؛ كالحصول على إجازة لعدَّة أيام، أو قضاء بضع دقائق خلال اليوم المُزدحِم بالعمل في التحدُّث مع صديق، أو الاستماع إلى بودكاست مثير للاهتمام، أو تصفُّح مواقع التواصل الاجتماعي.   

التواصل مع المسؤول في العمل

يُنصَح في بعض الحالات بالتواصل الفعّال مع المسؤول في العمل لطلب الدَّعم، وخاصَّة أنَّ الإنتاجية في العمل مُرتبِطة برفاهية المُوظَّف، ويمكن تحقيق ذلك من خلال إيجاد الوقت المناسب، ثمّ التحدُّث مع المسؤول بهدوء للتوصُّل إلى حلول بَنّاءة لمشكلة ضغوطات العمل بدلاً من التركيز على الشكاوى، ممّا يُعزِّز فُرَص الحصول على دعم فعّال، فمثلاً يمكن أن يطلب المُوظَّف من المسؤول إعادة النظر في ما هو مُتوقَّع منه خارج ساعات العمل الرسمية؛ لما تسبِّبه له من إرهاق. 

طلب الدعم

من المهم أحياناً طلب الدعم الاجتماعي عند التعامل مع ضغوط العمل من الأصدقاء وأفراد العائلة الموثوق بآرائهم؛ لما له من أثر إيجابيّ في تحسين الحالة النفسية، وزيادة القدرة على التعامل مع الضغوط؛ بتلقّي النصائح المفيدة والدعم بجميع أشكاله، كما يُنصَح بالاستعانة بأيّ موارد داعمة، أو برامج مساعدة المُوظَّفين في بيئات العمل، مثل: برامج الاستشارة النفسية في العمل، أو برامج التدريب على التحكُّم في الضغوط العملية إن توفَّرَت.  


وفي الختام، يجب التنويه إلى أنَّ خيار طلب الرعاية النفسية من الأخصائيِّين يصبح ضروريّاً إن لم تُجدِ تجربة هذه الطرق الذاتية للتخلُّص من ضغوط العمل نفعاً، حتى وإن كان الأمر لا يتعلَّق باضطرابات صحِّية عقلية؛ إذ يمكن للأخصّائي المساعدة في تحديد مصادر التوتُّر، واقتراح سُبُل فعّالة للتعامل معها. 

المراجع 

[1] apa.org, Coping with stress at work
[2] healthline.com, How to Keep Work Stress from Taking Over Your Life
[3] betterhealth.vic.gov.au, Work-related stress
[4] mind.org.uk, How to be mentally healthy at work
[5] urmc.rochester.edu, Managing Work-Related Stress

July 31, 2024 / 12:29 PM

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.