جار التحميل...
وفي ما يأتي عرض أنواع المقارنة الاجتماعية، وأبرز سلبياتها على الإنسان، مع مجموعة من النصائح الذهبية التي تساعد في التخلُّص منها، أو الحَدّ منها قدر الإمكان:
هناك نوعان أساسيان للمُقارنة الاجتماعية؛ يتمثَّل الأوّل بالمُقارنة الصاعدة؛ وتعني أن يُقارن الشخص نفسه بمَن يعتقد أنَّهم أفضل منه، فيشعر أنّه أقلّ منهم، أو يتنبَّه إلى السلبيات الموجودة في حياته، أو في شخصيّته مثلاً، ويمكن أن يلجأ الإنسان إلى هذا النوع عندما يحتاج إلى تقييم أدائه، وتغيير سلوكاته أو ظروفه نحو الأفضل.
أمّا النوع الثاني، فيتمثَّل بالمُقارنة الهابِطة، وتحدث عندما يُقارن الشخص نفسه بأشخاص يعتقد أنّهم أقلّ منه، أو أسوأ، فيشعر بتميّزُه وإيجابيّات شخصيّته.
يمكن أن تصبح المقارنة بالآخرين فخّاً يسرق السعادة والثقة بالنفس؛ لأنّها تُشعِل مشاعر الغيرة والإحباط، وتُقلِّل مشاعر التقدير والاعتزاز بالنفس، وفي ما يأتي أبرز سلبيّاتها:
في معظم الأحيان، يُقارن الأشخاص أسوأ ما فيهم بأفضل ما يفترضون وجوده لدى الآخرين، وهذا الأمر يجعل أغلبيَّة المُقارَنات غير عادلة؛ إذ تُجرَى مقارنة بين أمرَين غير مُتكافِئَين، علماً بأنّ لكلّ شخص صفات وقدرات وإمكانات تُميِّزه عن غيره، ويستحيل أن يتشابه شخصان في المُميِّزات والظروف كلّها.
تُؤدّي المقارنات الاجتماعية غالباً إلى الإحساس بالإحباط أو الاستياء تجاه الآخرين أو تجاه النفس؛ فقد يشعر الإنسان بالسخط وعدم الرضا عن حاله، أو يشعر بالغيرة من الآخرين، وجميعها مشاعر سلبية تُشتِّت التركيز.
قد تحرم المقارناتُ الإنسانَ وقتَه الثمين؛ إذ قد يُهدر الكثير منه ومن طاقته في مُقارَنات ليس منها أيّ نفع أو فائدة، بدلاً من استثمارهما في الإنجاز وتطوير الذات.
قد يعتقد الإنسان بعدم كِفايته؛ نتيجة مقارنته نفسه بالآخرين باستمرار، وقد يشعر بافتقاره إلى الكثير من المُميِّزات الموجودة لدى غيره؛ ممّا يُزعزِع ثقته بنفسه، ويُقلِّل تقديره لذاته.
في بعض الأحيان، قد تكون مقارنة الشخص نفسه بمَن هم أقلّ منه أمراً مُفيداً؛ إذ تدفعه إلى تقدير ما يملكه، إلّا أنّه في أحيانٍ أخرى قد يُؤدّي إلى تضخُّم (الأنا) عند الإنسان؛ فيُصاب الغرور والكبرياء، ويشعر بأنَّه أفضل من الآخرين؛ فيُقلِّل من شأنهم، ويتعالى عليهم.
حتى لا تتحوَّل المُقارَنات الاجتماعية إلى كوابيس تُنغِّص حياة الإنسان وتحول دون مُواصلته نجاحاته أو تحسين ظروفه، لا بُدّ من تذكُّر بعض التوصيات والنصائح الفاعلة وتطبيقها، ومن أبرزها ما يأتي:
لا بُدّ للإنسان من أن يُحدِّد أهدافه القادمة، على أن تكون هذه الأهداف واقعية في حدود إمكاناته، ثمّ يبدأ بتحديد الإجراءات التي يجب اتِّخاذها؛ لتحقيقها.
للتغلُّب على مشكلة مقارنة النفس بالآخرين، ينبغي دائماً التركيز على نقاط القوّة الشخصية التي تُميِّز كلَّ فرد عن غيره بدلاً من التركيز على نقاط الضعف والقُصور، بالإضافة إلى تذكُّر النجاحات السابقة؛ لتكون حافزاً على تحقيق المزيد من النجاح.
لا يمكن تجاهل الدور الذي تمارسه وسائل التواصل الاجتماعي في تشجيع المقارنة الاجتماعية غير المفيدة، لا سِيَّما أنّ معظم مُستخدِمِيها يُركِّزون على نشر كلّ ما هو جميل عن حياتهم وشخصيّاتهم؛ ممّا قد يرسم صورة نمطية خاطئة تُشعر المُتابِعين والأصدقاء بأنّ حياتهم مِثاليَّة، فيبدؤون بمُقارَنتها مع واقعهم الطبيعي؛ لذا، لا بُدّ من زيادة الوعي والحذر عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
وختاماً، تُعَدّ المقارنة الاجتماعية عملية طبيعية، وهي ليست سيّئة دائماً، إلّا أنّه ينبغي التحكُّم فيها؛ لتجنُّب تأثيراتها السلبية في النفس، ومن الضروري التأكيد في هذا الصَّدد على أنّ لكلّ إنسان شخصيّته وصفاته ومهاراته الخاصَّة التي تُميِّزه عنن غيره في كثير من الأمور.