جار التحميل...
تكمن أهمية الانطباع الأول في العلاقات في تحديد إمكانية إعطائها الفرصة للنموّ والتطوّر، أو اختيار إنهائها حيث هي، إذا ما كان الحكم المبدئي سيئاً مثلاً، ولمزيدٍ من التوضيح، فإنّ تأثير الانطباع الأول يتمثّل فيما يأتي:
من خلال اللقاء الأول يُمكن معرفة مدى قدرة الشخص على التواصل بشكلٍ فعّال يُمكّنه من الحصول على فرصة في استمرار العلاقة، ومن ذلك قد يحظى الأشخاص الذين يُمارسون التواصل بالعين مع الآخرين (التواصل البصريّ) بفرصةٍ أكبر في الحصول على لقاءات أخرى لاحقة مثلاً، وكذلك الأمر بالنسبة للأشخاص الذين يُظهرون المزيد من الرغبة في التواصل، ويبذلون جهداً واضحاً في سبيل ذلك.
ومن خلال التواصل الفعّال أيضاً، يُمكن تحديد الطريقة الأنسب للتعامل مع الطرف الآخر في العلاقة؛ إذ كلّما تضمَّن اللقاء حواراً أكثر إيجابيةً، وجوّاً أكثر راحة، أصبح بالإمكان إظهار المزيد من التعاون، والانفتاح على إجراء نقاشات ومفاوضات يُمكن من خلالها تقديم بعض التنازلات أو التسهيلات.
ومن أبرز مهارات التواصل اللازمة في هذا الشأن: الاستماع الجيّد للطرف الآخر، وعدم مقاطعته أثناء التحدّث بشكلٍ يُظهر الاهتمام بما يقوله، مع اختيار الوقت الصحيح للردّ، أو التدخل، أو تعديل مسار الكلام، وتجنّب الثرثرة المبالغة أو الجمود.
يُحدّد الناس استناداً إلى لقائهم الأول بالآخرين مدى التوافق الفكريّ بينهم؛ من حيث مشاركتهم القيم أو الأفكار أو المبادئ نفسها، أو باعتبارهم يتصرّفون أو يتحدّثون بشكلٍ إيجابيّ ومتفائل أو لطيف وودود، أو بسبب وجود تشابهٍ في السلوك أو الكلام، أو في المستوى التعليميّ أو الوظيفي، أو في غيرها من النقاط المشتركة.
وتكمن أهمية التوافق الفكريّ في العلاقات، بحدّه الأدنى على الأقل، في وجود احتماليةٍ أكبر لخوض تجارب لاحقة معاً، أو القيام بالمزيد من الممارسات الموافِقة للقيم المشتركة والمعزّزة لها.
من جهةٍ أخرى هناك التوافق من حيث المظهر الخارجيّ في العلاقات المهنية والعاطفية؛ ففي العلاقات المهنية، قد يحظى الشخص الأفضل مظهراً في لقائه الأول بمعدّل نجاحٍ أعلى في الحصول على وظيفة، كما يُمكن حصوله على تقييمات أعلى تتعلّق بالكفاءة لاحقاً بتدخّل غير واعٍ غالباً من قبل المدير أحياناً، أمّا من ناحيةٍ عاطفية، فإنّ الإنسان ينجذب في لقائه الأول عادةً إلى الشريك الذي يتمتّع بصفات شكلية معيّنة جذّابة بالنسبة له.
مع التأكيد أنّ المظهر الخارجيّ وحده لا يكفي لإنشاء علاقات مهنية أو عاطفية، كما لا يكفي حتّى لمجرّد منح هذه العلاقات فرصاً لاحقة للنموّ أو التطوّر، ما لم تتوفّر علامات أخرى إلى جانبه في اللقاء الأوّل نفسه تُشير إلى وجود توافقٍ فكريّ، أو توافقٍ مع مهارات ومتطلّبات المهنة كالكفاءة والخبرة في العمل.
تُبنى الثقة عادةً استناداً إلى سمعة الفرد ومصداقيته؛ إذ إنّ الشخص الذي دائماً ما تتطابق سلوكياته الظاهرة مع أقواله من شأنه أن يكون جديراً بالثقة أكثر من غيره، ولأنّ اللقاء الأول يفتقر إلى المعلومات أو المواقف التي يُمكن أن تُبنى عليها الثقة بمفهومها الشائع، يلجأ الأشخاص لإجراء تقييمٍ سريع بناءً على ما هو حاضر أمامهم، مثل: تعابير الوجه ولغة الجسد التي يُمكن أن تُعطي صورةً أوّلية مؤقتة عن مدى صدق الشخص وأمانته.
إلى جانب ملاحظة الطريقة التي عرّف بها الشخص عن نفسه، ومحاولة معرفة إذا ما كانت المعلومات المتعلّقة في هذا الشأن؛ كاسمه أو مستواه التعليميّ حقيقية أم لا، وتكمن أهمية الثقة باعتبارها واحدة من الأساسيات التي تقوم عليها العلاقات بأنواعها؛ الزواج أو الصداقة أو العمل، إذ لن يُفضّل أحد عادةً الدخول في علاقة غير آمنة، أو مع أشخاص غير صادقين منذ البداية.
ختاماً، يُمكن ضمان الحصول على انطباع أوّل جيد عن طريق ارتداء ملابس مناسبة، والابتسام والتحدّث بلغة لائقة، مع التأكيد أنّ الانطباعات الأولية يُمكن أن تكون خاطئة أو غير دقيقة، وقد تكون متحيّزة أو متأثّرة إلى حد بعيد وغير عادل بالمظهر الجسدي أو المعايير الاجتماعية أو الصور النمطية، لذا من الضروريّ التأنّي وعدم إصدار الأحكام على الآخرين بناءً عليها، بل الانتظار إلى حين الحصول على معلومات أخرى أكثر مصداقية وواقعية.
المراجع
[1] utoronto.ca, First impressions: Researchers examine what's being evaluated during – and prior to – a first date
[2] aithor.com, The Impact of First Impressions on Interpersonal Relationships
[3] psypost.org, New study sheds light on how three distinct types of first impressions predict subsequent dating outcomes
[4] psychologytoday.com, Unlocking the Hidden Potential of First Impressions
[5] verywellmind.com, First Impressions: Everything You Need to Make a Good Introduction