جار التحميل...
ولكن لهذه الميزة جانباً مُظلماً، فتوجد فئة من الأشخاص غيّر التصويرُ حياتهم، وخلق لديهم رغبة مُزعجة وهوساً مؤذياً يدفعهم إلى التقاط صور كثيرة دون هدفٍ واضح أو سبب منطقي، وللحدّ من هذه الحال ومحاولة تحقيق الاتزان والتعامل مع إدمان التصوير بصورةٍ مناسبة يُمكن الاستعانة بالنصائح الآتية:
يلجأ البعض إلى التصوير بِعدِّه وسيلةً لكسب الرزق، فيما يجده آخرون هوايةً ممتعةً تبرز المناظر والمشاهد أو الأحداث المميزة، وآخرون يُشاركون به تفاصيل ومجريات حياتهم اليوميّة مع الأصدقاء والعائلة، في حين توجد فئة تُقلد ما تراه دون هدف، وفئة أخرى تتخذ التصوير أسلوباً لجذب الانتباه بغض النظر عن المقصد منه، سواءً كان لنيل التعاطف أو لكسب الاهتمام، وذلك بالظهور على نحو معين يدعم هدفهم خلف عدسة الكاميرا.
وأحياناً يكون الدافع الحقيقي وراء التصوير هو الشعور بالوحدة أو النقص وعدم احترام الذات والرضا عنها، بالتالي يلجأ الشخص إلى التقاط الصور ونشرها على نحو كبير وبعدّة وضعيات لإظهار الوجه الآخر لشخصيّته وجعلها تبدو مميزة وكاملة، أو بالأحرى منحها مثاليةً، وتصنُّع يغاير الواقع، عبر المبالغة في تصوير الأعمال، وأنماط الحياة، والرحلات والهوايات، أو تصوير المظهر الخارجي، والممتلكات وغيرها؛ لذا فإنّ فهم السبب على نحو دقيق يسهم كثيراً في حل المشكلة.
بعد أن يُدرك مُدمن التصوير غايته، ويتحدث مع نفسه بصدق عن دوافعه الخفية إلى الإسهاب في التصوير يُمكنه العثور على حل منطقي يُحقق الاتزان في حياته وسلوكياته، فإذا كان السبب في التصوير مُجرد هواية فحينها يُمكن ممارسة هوايات وأنشطة أخرى تشغله وتمنعه عن التصوير بكثرة دون سبب، مثل القراءة، أو ممارسة الرياضة، أو قضاء وقت مع العائلة والأصدقاء، وفي الوقت ذاته، لا مانع من التقاط بعض الصور ومشاركتها مع الأصدقاء، لكن ضمن حدود معيّنة.
أمّا في حال كانت الصور للظهور بمظهرٍ لائق وكسب الاحترام أو جذب الانتباه والتفاخر أمام الغير فحينها لا بد من أن يضبط الشخص نفسه ويُهذبها، ويمتنع عن تزييف الحقيقة واستخدام الصور دليلاً وهمياً يُظهره على نحو لائق على حساب شخصيته وذاته التي يحتاج إلى تطويرها وتحسينها، فيُمكنه ببساطة كسب مودة الآخرين واحترامهم وإظهار جوهره الداخلي الذي يتضح برقيّ تعامله وسلوكه وأخلاقه.
بالإضافة إلى اجتهاده ومثابرته لتحقيق أهدافه التي تجعله ناجحاً وفخوراً بنفسه وله تأثير ملموس وواضح في مجتمعه، وقد يجعله مصدراً للإلهام لغيره، ومؤثراً معنوياً واجتماعياً بارزاً فيهم، ولا يقتصر دوره على التأثير الشكلي الذي يُمكن مشاهدته وتقليده فقط بمتابعة الصور.
لا شيء أجمل من الاحتفاظ بتفاصيل بسيطة كانت جزءاً من حدثٍ كبير، وتوثيق اللحظات الجميلة والمضحكة وأحياناً الحاسمة من حياة المرء بعدسة الكاميرا، لكن الإفراط في التقاط الصور دون سبب أو دافع منطقيّ يُدمر اللحظات الجميلة ويُفسدها، فلا يستمتع الشخص بالتفاصيل المُميزة حوله؛ لأنّ تركيزه كله مُنصب على التقاط صور لها على حساب شعوره بها والاستمتاع باللحظة الحالية.
بالتالي لا بُد للمصوّر أن يوازن بين حاجته أو رغبته في توثيق اللحظة وتصويرها، وبين حقه في أن يعيشها ويتمتع بها، فالصور ليست كل شيء فيما يخص الذكريات؛ لأنّ ما يُخلد في الذاكرة هو السعادة والمتعة والمشاعر الأخرى المرهفة التي رافقت هذه اللحظات، وجعلتها مميزة من غيرها.
ختاماً، لا يُمكن للشخص أن يتجرد من إحساسه، أو ينفصل عن عالمه الذي يواكب كل ما هو جديد، ويُعدّ التصوير شيئاً مهماً ومميزاً يُنظر له على أنّه أسلوب تواصل، لكن لا بُد له من أن يوازن بين ما يُريده من الداخل، وما يقوده الآخرون إليه، وما يُمليه المنطق والعقل السليم بعيداً عن المعتقدات والسلوكيات الشائعة، فلا يُقلّد غيره، ويسير مع التيار دون هدف، ويَشغل نفسه بما هو مفيد، ويرفع قيمته بين أقرانه.
المراجع
[1] medicalnewstoday.com, How can selfies affect a teenager’s health?
[2] healthline.com,Do You Know Somebody Who Suffers From ‘Selfitis’?
[3] krepublishers.com, Possession and Obsession? Photography Shaping Our Lives
[4] cyme.io, Smartphone Photography: the new obsession?
[5] psychologytoday.com, Do You Know What "Selfitis" Is?