جار التحميل...
ويُصنَّف رُهاب الأمكنة الضيقة والمغلقة كنوع من أنواع الرُّهاب الشائعة نوعاً ما؛ إذ يُعاني منه نحو 12.5% من السكّان في العالَم، وأغلبهم من الإناث؛ وفقاً لما ورد في موقع المكتبة الوطنية الأميركية للطِّبّ (National Library Of Medicine) عام 2023.
يؤثّر رُهاب الأمكنة الضيقة والمغلقة سلباً في صحّة المريض؛ سواء الجسدية، أو النفسية؛ فتظهر عليه أعراض تُشبه أعراض القلق ونوبات الهَلَع، وتشمل تسارُع ضربات القلب، وضيق التنفُّس، والتعرُّق، والارتعاش، والشعور بالدوار والغثيان، والصداع وضيق الصدر، وتظهر بعض الأعراض العاطفية والنفسية، مثل: الخوف من الموت، والقلق من فقدان الوعي، والارتباك، والذُّعر، والقلق الشديد، بالإضافة إلى البكاء، ونوبات الغضب، وهي الأكثر شُيوعاً عند الأطفال.
غالباً ما يُصاب الأشخاص برُهاب الأمكنة المغلقة والضيقة في مرحلة الطفولة والمراهقة، وتُسهم عِدّة عوامل في ظهور هذا الاضطراب، مثل وجود خلل في اللَّوزة الدماغية -وهي جزء في الدماغ مسؤول عن التحكُّم في الخوف-، فتكون مُفرِطة النشاط، ويعتقد بعض العلماء أنّ السبب قد يكون وراثياً، ونتيجة وجود خللٍ جينيّ.
كما يمكن أن يكون بسبب التعرُّض لمواقفٍ مخيفة؛ كالعقاب والحبس في مكانٍ ضيّق ومغلق، مثل الحَمّام، أو الخزانة، أو حتى البقاء عالقاً في أمكنة ضيقة ومغلقة، مثل المصعد، وتؤثّر إصابة أحد أفراد العائلة برُهاب الأمكنة الضيقة والمغلقة في باقي الأفراد، واكتساب القلق ورَدّة الفعل نفسها تجاه المواقف والأمكنة التي يخافون منها، لا سِيَّما عند عدم القدرة على تهدئتهم.
تُشخَّص الإصابة برُهاب الأمكنة الضيقة والمغلقة من خلال طبيب نفسي مُتخصِّص يَطلب من المُصاب ملء استبانة تحتوي على عددٍ من الأسئلة المُتعلِّقة بالحالة، أو قد يسأله مباشرة عن طريقة تأثير الرُّهاب في الحياة اليومية، بالإضافة إلى تأثيره في العلاقة بالعائلة والأصدقاء، وعدد مرّات تكراره، وقد يطلب تحديد شِدّة الخوف والمُدّة التي تستغرقها نوبة الهَلَع، ويُمكن تعريض المريض لموقفٍ مُحفِّز لتشخيص رَدّة فِعله على نحو أدقّ، ومن الجدير بالذكر أنّ المعاناة الرسمية من هذا الرُّهاب تكون في استمرار الأعراض لمُدّة ستّة شهور أو أكثر.
يُمكن علاج رُهاب الأمكنة المغلقة بمساعدة طبيب نفسيّ مُعتمَد، وتختلف مدّة العلاج من شخصٍ إلى آخر؛ إذ قد تحتاج بعض الحالات إلى جلسة أو جلستَين فقط، بينما قد تحتاج حالات أخرى إلى نحو 10-12 جلسة، ويشمل العلاج عِدَّة سُبُل، تابع القراءة؛ لتتعرَّف إلى أبرزها:
يشمل العلاج النفسي عِدَّة أنواع، ويمكن استخدامها جميعها على نحو فَعّال لعلاج رُهاب الأمكنة الضيقة والمغلقة حسب حالة المريض، بما في ذلك العلاج السلوكي المعرفي (CBT) الذي يُركّز على العلاج بالكلام، والتحكُّم في طريقة التفكير، ورُدود الأفعال، والعواطف، والاستجابة للمُحفِّزات، ويكون بمناقشة الأعراض، واستكشاف المخاوف، وتطوير استراتيجيات لمواجهتها، بالإضافة إلى تعلُّم سلوكات فَعّالة للتقليل من الخوف والرُّهاب، والحفاظ على الهدوء، والتخلُّص من الأفكار السلبية.
بالإضافة إلى العلاج السلوكي الانفعالي العقلاني (REBT) الذي يُعَدّ نوعاً فرعياً من العلاج السلوكي المعرفي، ويُركّز على علاج السلوكات غير العقلانية والخاطئة تحديداً، وتوجيه المريض نحو السلوكات الصحيحة والطبيعية بدلاً منها، والتفكير بطريقةٍ منطقية وعقلانية أكثر، وأخيراً العلاج بالتعرُّض (Exposure Therapy)؛ بتعريض المريض لمواقف تُحفِّز الرُّهاب لديه تدريجيّاً بطريقةٍ مدروسة، ومساعدته على مواجهتها دون خوف؛ كعرض صور أمكنة ضيقة ومزدحمة ومغلقة عليه، أو حتى تركه مُدَّة مُعيَّنة في غرفة مغلقة تحت الإشراف الطبّي.
ويُمكن استخدام تقنيات الواقع الافتراضي ضمن العلاج النفسي؛ لعيش تجربة تُحاكي التجربة الحقيقية للوجود في أمكنة ضيقة ومغلقة، ولكن تحت الإشراف الطبّي أيضاً، وفي بيئة آمِنة ومُراقَبة، ممّا يساعد المريض على التعامل مع الموقف على نحو مُتكرِّر، وخفض مستوى القلق والذعر لديه، والتقليل من مشاعر الرَّهبة لدى التعرُّض للموقف على أرض الواقع.
يرافق العلاج بالأدوية عادةً أحد أنواع العلاجات السلوكيّة، فيصف الطبيب النفسي أدوية للسيطرة على أعراض رُهاب الأمكنة الضيقة والمغلقة، مثل الأدوية المُضادَّة للاكتئاب، والأدوية المُضادّة للقلق، وأشهرها: البنزوديازيبينات (Benzodiazepines) التي تُبطّئ عمل الجهاز العصبي المركزي، وتُخفِّض مُستَويات القلق على نحو سريع، بالإضافة إلى مُثبِّطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، لكنَّها تستغرق وقتاً أطول لتعطي النتيجة المطلوبة.
وختاماً، يُمكن اتِّباع بعض النصائح للتخفيف من حِدّة أعراض رُهاب الأمكنة الضيقة والمغلقة، وتجاوُز نوبات الهلع بسلاسة، مثل: ممارسة تمرينات الاسترخاء والتأمُّل والتنفُّس العميق، بالإضافة إلى ممارسة اليقظة الذهنية؛ وهي مهارة تُشجِّع على التركيز والاستمتاع باللحظة الحالية، وتذكير النفس بأنّ الخوف والفزع مشاعر مُؤقَّتة يُمكن السيطرة عليها بتخيُّل أمكِنة هادئة وآمِنة، أو تكرار عبارات تُؤكّد على أنّ الخوف غير منطقيّ، وأنّ الوجود في مثل هذه الأمكنة لا يُهدِّد الحياة فِعليّاً.
[1] webmd.com, Claustrophobia
[2] my.clevelandclinic.org, Claustrophobia (Fear of Enclosed Spaces)
[3] betterhealth.vic.gov.au, Claustrophobia
[4] healthline.com, Everything You Should Know About Claustrophobia
[5] anchortherapy.org, Rational Emotive Behavior Therapy (REBT)