جار التحميل...
وتتمتَّع الشخصية القوية بمجموعةٍ من الصفات التي تُميِّزها عن غيرها، وتجعلها مَحطَّ أنظار الجميع واحترامهم، مثل: الإيجابيَّة، والنظرة المُتفائِلة للحياة، والقيادة، والقدرة على إلهام الآخرين وتحفيزهم، والشجاعة، واتِّخاذ القرارات دون تردُّد، بالإضافة إلى التعاطف مع الآخرين، وتفهُّم احتياجاتهم ومشاعرهم، والمرونة والتكيُّف بسرعة وسهولة مع التغيُّرات، ورجاحة العقل، والتعامل مع المواقف المختلفة بكفاءةٍ عالية، وهذه الصِّفات كُلُّها تُشجِّع الآخرين على السَّعي لامتلاك شخصيَّة قويَّة، وللتعرُّف أكثر إلى أهمّ الصفات الأساسيّة لتحقيق ذلك، تابع القراءة.
تُمثِّل الثقة بالنفس شعوراً داخليّاً عميقاً بقيمة الذات وإمكاناتها، وإيماناً قويّاً بالقدرة على النجاح وتجاوز الصِّعاب في مواقف مختلفة، بالإضافة إلى القدرة الجيّدة على التعبير عن النفس بثقةٍ وإيجابيَّة، وبينما تكون لدى البعض بالفطرة والموهبة الربّانيّة، إلّا أنَّه يُمكن اكتسابها وتطويرها عند البعض الآخر؛ بالتدرُّب على التحدُّث بثقة، والابتعاد عن جَلد الذات عند كلّ خطأ، وبناء علاقاتٍ جديدة صحِّية، والحفاظ على عقليّةٍ مَرِنة ترغب في النموّ والتطوُّر دائماً، وتحدّي النَّفس؛ بوضع أهداف صغيرة، والالتزام بها، ثمّ تطويرها تدريجيّاً.
يُساعد التواصل مع الآخرين بفاعليّةٍ وكفاءة على التعبير عن الأفكار والمشاعر بوضوحٍ وثقة، وهو من أهمّ ما يُميِّز الشخصيَّة القويَّة؛ إذ يتمحور بشكلٍ أساسيّ حول إيصال الفكرة بأسلوبٍ جَذّاب؛ من خلال نبرة صوت واضحة، والتحدُّث بثقة، واستخدام مفاهيم واضحة، بالإضافة إلى الاستماع الجيّد؛ لإظهار التقدير للمُتحدِّث، وأخذ الوقت الكافي للتفكير في ردودٍ مناسبة.
كما أنّ تناسُب لغة الجسد والإيماءات مع الكلام، أو عند الاستماع للطرف الآخر، ضروريّ أيضاً للتواصل بفاعليّة ولبناء شخصيةٍ قويّة؛ فهي لغة تواصل غير لفظيَّة وعاملٌ مُهِمّ لتكوين انطباع أوّليّ إيجابيّ عن أيّ شخصية؛ فلغة الجسد القويّة تعني بالضرورة شخصية قويّة واثقة تتميّز بالحضور والكفاءة؛ كالتواصل البصريّ المُباشِر، وحركات اليد المُتناسِقة مع الحديث، وتعبيرات الوجه المُرتاحة، ومن ناحيةٍ أخرى، قد يكون عدم الاهتمام بلغة الجسد دليلاً على ضعف الثقة بالنفس، أو حتى الكذب، أو قِلَّة الاحترام، وهذه الصفات قَطعاً غير موجودة لدى الشخصية القوية.
تُعَدّ الحدود الشخصية الواضحة عنصراً أساسيّاً في رحلة بناء قوَّة الشخصية؛ فهي تُعزِّز الثقة بالنفس، وتُحسِّن الصحَّة العقلية والعاطفية، وتزيد التركيز على بناء الذات وتطويرها، ولا شكّ في أنَّها تمنح الاستقلالية، وتُساعد على التخلُّص من العلاقات السامَّة والاستغلالية، ورفض طلبات الآخرين غير المعقولة، وقول كلمة "لا" بكلّ وضوحٍ ولُطف، دون الشعور بالذَّنب أو التردُّد.
ويجدر بالذِّكر أنّ الحدود الشخصية ليست شيئاً ملموساً يُمكن رؤيته؛ لذا يُعَدّ وضعها بطريقةٍ مُباشِرة والإفصاح عنها بكلّ صراحةٍ ووضوح أمراً مُهِمّاً؛ فعلى سبيل المثال، يُمكن رفض طلب أحد الأشخاص عند عدم القدرة على القيام بأمر ما بوضوحٍ ودون خجل، بالقول مثلاً: "أنا آسف، لا أستطيع فعل ذلك الآن".
الشخصية القوية فضوليّة ومُهتَمَّة بالتعلُّم المُستَمِرّ مدى الحياة؛ فهي لا تتوقَّف عن البحث عن المعرفة، واكتساب مهارات جديدة من مصادر مختلفة؛ سواءً بالقراءة والمُطالَعة، أو الالتحاق بدوراتٍ تعليمية وتدريبية وجاهيّاً أو عبر الإنترنت، كما تسعى دائماً إلى خَوض مُغامَراتٍ وتجارب مختلفة، واكتساب خبراتٍ مُتنوِّعة، مع التركيز على التعلُّم لاكتشاف الذّات، وتطويرها دائماً، دون التفكير في تحقيق نتائج مُعيَّنة فقط.
الحزم هو التفكير بمنطقيَّة ودِقَّة، واتِّخاذ قراراتٍ صائبة وحكيمة، والتمسُّك بالقِيَم والمبادئ وعدم التنازل عنها بسهولة، أمّا المرونة فهي القدرة على تغيير التفكير ليصبح عمليّاً أكثر حسب ما يتطلَّبه كلّ موقف؛ أي أنَّها تحتاج إلى التخلّي عن بعض الأفكار المُسبَقة لتتناسب مع الظروف الحاليّة.
ومع أنّ المرونة تحتاج إلى شجاعة لتغيير المُعتَقَدات، إلّا أنَّها تحتاج أيضاً إلى التأنّي، وجمع معلومات كافية قبل تغيير الأفكار وتبنّي أخرى جديدة، كما تتطلَّب القدرة على التفكير في الخيارات المُتاحَة جميعها، والمُوازَنة بين الإيجابيّات والسلبيّات، والمُوازَنة بين هاتَين الصِّفتَين -أي المرونة والحزم- يُعَدّ من أبرز صفات الشخصية القويّة، ممّا يجعلها مُتميِّزة بالموثوقية والكفاءة في آنٍ واحد.
يتميَّز أصحاب الشخصية القويّة باحترامهم واهتمامهم الصادق بكلّ مَن يتعاملون معه؛ فهم يُظهِرون اللُّطف، والتعاطُف، والرحمة؛ من خلال شعورهم بالآخرين، وتفهُّم احتياجاتهم، والقدرة على التفاهم والتسامح مع وجهات النظر والأفكار المختلفة دون تعصُّب أو تحيُّز، إلى جانب الصبر والحِلم، بدلاً من الغضب تجاه أخطاء الآخرين وتصرُّفاتهم غير المفهومة، بالإضافة إلى تقديم الدعم والتشجيع النفسيّ لكلّ مَن يمرُّ بظروفٍ صعبة ومشاركته المشاعر والأحاسيس؛ فالشخصية القوية لا تُعبِّر عن التسلُّط أو الغرور، بل القدرة على التعامل مع الآخرين باحترامٍ وخُلُقٍ حَسَن، ممّا يُسهم في بناء علاقاتٍ إيجابيَّة وفعّالة.
تتميّز الشخصية القوية بدافعٍ قويّ للاستمرار بعزيمةٍ وإرادة، إلى جانب الاجتهاد، والتفاني، والمُثابَرة؛ للوصول إلى هدف مُعيَّن، أو إنجاز مهمَّةٍ ما، وبذل الوقت والجهد اللازِمَين لذلك مهما وُجِدَ من صعوباتٍ وتحدِّيات؛ من خلال تحديد الأولويّات والتركيز عليها، وإنهاء المهامّ في وقتها، والاستباقِيَّة وأخذ زِمام المُبادَرة، والمُحافَظة على الإيجابيَّة، والتفاني في إنجاز العمل، بالإضافة إلى التحلّي بالمرونة والتكيُّف مع التغيُّرات بسهولة، وإيجاد حلولٍ مُبتَكَرة وإبداعيَّة لأيّ مشكلة.
وفي الختام، يظهر أنّ الشخصية القوية لا ترتبط بالصراخ والصراحة الفَجّة، بل هي الصدق والموثوقية في الأقوال والأفعال، والأسلوب اللطيف والمفهوم عند الكلام، كما أنَّها مُرتبِطة بالتّواصُل الفعّال، ولغة الجسد الواثقة، والمرونة في التفكير والتعامل مع الأزمات، والتعاطف مع الآخرين، والتحلّي بالصدق والشجاعة لإظهار الشخصيَّة على حقيقتها، ومع أنَّها موهبة فطريَّة لدى الكثيرين، إلّا أنَّها مهارة كغيرها من المهارات التي يُمكن صقلها وتحسينها بالتدريب والمُمارَسة.
[1] brainmanager, 11 Strong Personality Traits: Signs That You Are a Strong Person
[2] verywellmind, 12 Ways to Have More Confident Body Language
[3] webmd, Setting Boundaries
[4] futurelearn, How to build confidence: 5 tips for being more confident
[5] trustwellnetwork, What Are the Most Important Personal Strengths for Work?