جار التحميل...
ويُعَدّ التسامح من صفات الأنبياء الكرام؛ إذ حثّنا خاتم الأنبياء والمرسلين سيّدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- على التسامح والعفو عند المقدرة والتعامل مع الناس بمكارم الأخلاق؛ بقوله: (أن تعفو عمّن ظلمك، وتصل من قطعك، وتعطي من حرمك).
وعلى هذا النهج العظيم، سارت دولة الإمارات العربية المتحدة، فكانت منارةً في التسامح والعطاء بين دول العالم أجمع، وفي هذا المقام يقول صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم إمارة الشارقة: (التسامح بين الشعوب هو السبيل إلى الارتقاء بالعالم).
لا يُعَدّ التسامح مُجرَّد أداة لتحسين علاقة الفرد بالآخرين، وإنّما وسيلةً للوصول إلى السلام الداخلي والسعادة الحقيقية؛ إذ يضمن لصاحبه طهارة الروح، ونقاء القلب، ورقة النفس، ويعزز مشاعر العطف والمودة والرحمة والأمل لديه، ويُهذِّبه ويجعله قادراً على الإحساس بمشاعر الآخرين والتعاطف معها وتقديرها وأخذها في الاعتبار؛ فهو الفطرة الطبيعية التي فطر الله الخلق عليها، جنباً إلى جنب مع العمل الصالح والتحلّي بالخُلُق الحَسَن، والإنسان الذي يكون على فطرته يكون أكثر راحةً واستقراراً وسلاماً مهما واجه من تحدِّياتٍ وعقبات.
يُعزّز التسامح العلاقات الاجتماعية بين الناس، ويُقرّبهم إلى بعضهم بعضاً، ويجعلهم أكثر ترابطاً معنوياً وروحياً، كما يُحسّن الثقة المتبادلة بينهم كقوة إنسانية فارقة ذات آثار نفسية إيجابية ترفع جودة حياة الإنسان، وهذا يعني أنّ أبرز آثار التسامح على المجتمع هو التلاحم والانسجام المُجتمعيّ بين الأفراد.
كما يعزّز التسامح الرغبة في مساعدة الآخرين والتعاطف معهم، ممّا يسهم في خلق جوّ من التعايش الودّي والتوافق الصحيح بين أفراد المجتمع على اختلاف ثقافاتهم وأعراقهم وأديانهم دون استثناء؛ فهو يُمثّل حلّاً مهماً للمشكلات الناتجة عن التعدُّدية في المجتمعات الحديثة، والبديل الأفضل للتعصُّب ورفض الاختلاف، والسبيل الأمثل للتعايُش السلمي بين أفراد المجتمع الواحد والمجتمعات الأخرى.
ومن الآثار الإيجابية للتسامح أيضاً سيادة الشُّعور بالتفاؤل؛ فهو يَحثّ أفراد المجتمع على الشعور بالأمل والقناعة الإيجابية، وتوقُّع حدوث أفضل النتائج، والاستبشار بالخير، ممّا يرفع القيمة الحياتية للفرد وللمجتمع معاً، وبهذا يمكن القول إنّ التسامح يُشكّل حجر الأساس الذي يُبنى عليه المجتمع المُطمَئِنّ الآمِن، وتَرقى به الأُمَم، ويتحقَّق به الهدف الأسمى للإنسان؛ ألا وهو عمارة الأرض، وسعادة العيش ورخاؤه فيها.
ويجدر التنويه إلى أنّ التسامح لا يقتصر على جانبٍ واحد فحسب، وإنّما يشمل المجالات الاجتماعية والسياسية والدينية والثقافية وكافّة نواحي الحياة الأخرى؛ إذ يضمن التسامح في المجال الديني التعايش مع أفراد المجتمع الآخرين جميعهم على اختلاف دياناتهم واحترام شعائرهم الدينية والابتعاد عن التعصُّب، في حين يُؤكّد التسامح الثقافي على حُرّية التعبير واحترامها، وبالتسامح يتجنَّب الناس النظر بدونية إلى مَن يختلف عنهم في الأصل والعرق، وهو ما يُعرَف بـالتسامح العِرقِيّ.
في هذا الصدد، يُشار إلى تبنّي المجتمع الإماراتي الأصيل لقِيَم التسامح والمساواة والعدل والإخاء بين الناس؛ إذ تحتضن دولة الإمارات ما يزيد عن 200 جنسية، ممّا يجعل مجتمعها أحد أكثر مجتمعات العالم تنوُّعاً واختلافاً، ومع ذلك، يعيش الجميع فيها حياةً كريمةً قائمة على المودّة والاحترام والحُرّية مهما كانت دياناتهم أو ثقافاتهم أو عاداتهم أو أساليب حياتهم أو اهتماماتهم، وتحرص دولة الإمارات على وضع قوانين وتشريعات تضمن تحقيق التسامح كحقّ من حقوق الإنسان الأساسية دون الاكتفاء بكونه قيمة أخلاقية ضرورية فحسب.
وقد أعلن المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان "رحمه الله" عام 2019 عاماً للتسامح في دولة الإمارات، ممّا يُبرزها كعاصمة عالَمِيَّة للتسامح؛ بهدف التأكيد على عمق قيمة التسامح والحوار والانفتاح وتقبُّل الآخر وأهمية ذلك.
[1] icp.gov.ae, التسامح قيمة عظيمة
[2] zhic.gov.ae, التسامح وآثاره النفسية على المجتمع
[3] pchr.gov.ae, التسامح
[4] mominoun.com, في مفهوم التسامح
[5] u.ae, مبادرات التسامح
[6] sheikhdrsultan.ae, بقلمي