جار التحميل...
يجب التأكيد على أنّ صاحب الشخصية الانطوائية لا يكره الآخرين ولا يخاف منهم، وليس خجولاً ولا يعاني من اضطراب الوحدة أيضاً، وإنَّما يتناسب بقاؤه بمفرده أكثر مع جهازه العصبيّ؛ فمثلاً عادة ما تُحفِّز رؤية الأشخاص الجُدد، الدماغ على إنتاج الدوبامين المُرتبِط بالمكافأة والشعور بالمُتعة، إلّا أنّ هذا الأمر يحدث بنسبة أقلّ لدى الشخص الانطوائي.
هناك عِدَّة عوامل تؤدّي أدواراً مهمّة في تشكيل الشخصية الانطوائية لكلّ فرد، مثل البيئة التي نشأ فيها، وتجاربه الشخصية، ممّا سيؤثّر حتماً في كيفية ظهور الانطوائية في شخصيّته، وعلى الرغم من أنّ الأشخاص الانطوائيّين لن يكونوا مُتشابِهين في الصفات جميعها، إلّا أنّ هناك -بصورة عامَّة- بعض الصفات والسلوكات المُحتَمَلة للشخصية الانطوائية، وهي كالآتي:
يستمتع الأشخاص الانطوائيون، بالأوقات التي يقضونها بمفردهم، لممارسة هواياتهم، والبقاء في مكان هادئ لساعات دون أيّ تفاعل اجتماعي، ودون أن يشعروا بالإحباط أو التوتُّر.
وعلى الرغم من هذا، إلّا أنّهم لا يرغبون في الوحدة دائماً، وإنّما يستمتعون أيضاً بالتواصل مع الأصدقاء المُقرَّبين، والتفاعل الاجتماعي المُعتدِل بين الحين والآخر.
بعد قضاء وقت جيّد في ممارسة النشاطات الاجتماعية، يحتاج أصحاب الشخصية الانطوائية إلى الأوقات الهادئة لإعادة شحن طاقتهم؛ فعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤدّي الخروج مع الأصدقاء طيلة اليوم إلى استنزاف طاقة الانطوائيّ، فيصبح البقاء وحيداً في اليوم التالي لديه أمراً ضرورياً للراحة والاسترخاء، على عكس الشخص المُنفتِح الذي يُشحَن بالطاقة عند وجوده مع الآخرين.
عادة ما يُفضِّل الأشخاص الانطوائِيُّون العمل مُنفرِدين بدلاً من العمل في مجموعات؛ إذ يمكنهم الاستفادة من الوقت للتفكير والتأمل في العمل قبل التركيز على تنفيذه، وهذا لا يعني أنّهم يواجهون صعوبة في التعامل مع الآخرين دائماً، وإنَّما يعني أنّه يسهُل عليهم التركيز والعمل عندما يكونون بمفردهم فقط، وهذا في الحقيقة ما يجعلهم مُنجذِبين للوظائف المُستقِلَّة؛ كالمُحاسبة، أو البرمجة، أو المهامّ التي تبقيهم بعيدين على الأنظار.
يميل الانطوائيون عموماً، إلى إقامة عدد قليل من الصداقات الوثيقة بدلاً من الاهتمام بعلاقات اجتماعية واسعة النطاق، وهذا لا يتعلَّق بعدم قدرتهم على تكوين صداقات كثيرة، وإنَّما يرتبط بحاجتهم إلى المزيد من الوقت للانفراد والتأمُّل، الأمر الذي يجعل تقدير العلاقات لدى الانطوائيّ أكبر، واختيارهم دقيقاً لمن حولهم، كما أنَّهم غالباً ما يكونون أفضل في التعرُّف إلى الآخرين بشكل أعمق، ممّا يجعلهم جيِّدين في تقديم الدَّعم العاطفيّ.
يقضي أصحاب الشخصية الانطوائية، الكثير من الوقت في التفكير بتجاربهم الشخصية ومشاعرهم وأحلامهم، وفهم أنفسهم بشكل أعمق، وهذا ما يجعل وعيهم بذاتهم قوَّة لهم، كما يمكن أن يساعدهم ذلك على تحقيق التوازن والرضا الشخصي، واختيار كلّ ما يناسبهم بدقَّة؛ من علاقات، وأهداف، واهتمامات.
يميل الانطوائي، إلى استخدام التفكير الداخلي كوسيلة للهروب من المواقف غير المريحة أو المُتعِبة في واقعه، إلّا أنّ هذه العادة قد تؤدّي إلى تكوين انطباع خاطئ عنه؛ فقد يُفهَم الأمر على أنَّه شخص خجول أو غير مُهتَمّ، بينما يستخدم في الحقيقة هذا الهروب الذهنيّ، وسيلة للتعامل مع الضغوط النفسية.
قد يكون الشخص الانطوائي، أكثر حساسيّة للمشاعر والمُحفِّزات الخارجية، ممّا قد يجعل إدارة مشاعره أكثر صعوبة، علماً بأنّ الحساسية الزائدة يمكن أن تُسهم في التسبُّب بالاكتئاب لدى الانطوائيين، وتؤثِّر في تفضيلهم الأشخاص المُقرَّبين الذين يفهمون احتياجاتهم الشخصية، ويمنحونهم المساحة والدَّعم اللازم.
بدايةً، من المهم تسليط الضوء على أنَّ الانطوائيين لديهم العديد من الميِّزات والمهارات القيِّمة، مثل القدرة على الاستماع بتركيز، والمُلاحظة الجيِّدة؛ لذا من المهمّ احترام الانطوائية كصفة طبيعية لدى الشخص دون محاولة تغييرها لتتناسب مع المعايير الاجتماعية المُعتادة، إضافةً إلى ضرورة تقديم الدَّعم للشخص الانطوائي والتواصل معه، وعرض المساعدة عليه إن كان بحاجة إليها؛ فهذا سيساعد في تحسين شعوره بالراحة والثقة في العلاقة؛ بالنَّظر إلى أنّه غالباً ما يكتم مشاعره وأفكاره ومخاوفه.
وعند إجراء محادثة مع الشخص الانطوائي، قد يكون من الأفضل اختيار بيئة هادئة بدلاً من الأماكن المُزدحِمة؛ فهذا سيشعره بالراحة أكثر، ويُسهِّل عليه التحدُّث والتفاعل بشكل أكبر، كما يُفضِّل الانطوائي في بعض الأحيان، التواصل بشكل أكبر عبر الرسائل النصِّية ومواقع التواصل الاجتماعي؛ لأنَّه يجدها أكثر سهولة وراحة.
ومن المهمّ أيضاً تشجيع الشخص الانطوائي على التحدُّث ومشاركة أفكاره ومشاعره؛ بالتفاعل معه، والسؤال عن حاله ومشاعره وأحداث حياته، ومنحه الوقت والمساحة للتفكير والاستجابة للمُحادثة؛ إذ يمكن أن يحتاج إلى وقت إضافي للتفكير قبل الردّ، وعدم الضغط عليه في فترات الصمت، والاستماع له بعناية.
وبالرغم من أنّ الشخص الانطوائي لا يُفضِّل الانتباه الزائد ولفت الأنظار، إلّا أنَّه يستمتع بالتقدير والمدح، وخاصَّة إن كان من الأشخاص المُقرَّبين منه؛ لذا يُنصَح بالثناء الحقيقي عليه، والامتنان لوجوده؛ لتعزيز العلاقة به.
ومن أهم الأمور التي يجب مراعاتها أيضاً عند التعامل مع الشخص الانطوائيّ، منحُه بعض الوقت والمساحة الضرورية للاسترخاء الجسدي والعقلي؛ فهذا سيُقلِّل مُستَوَيات التوتُّر والضغط لديه، ويمنحه الفرصة لتجديد طاقته.
المراجع
[1] psychologytoday.com, Introversion
[2] sgs.upm.edu.my, Introvert Personality
[3] healthline.com, What an Introvert Is — and Isn't
[4] verywellmind.com, 8 Signs You Might Be an Introvert
[5] wikihow.com, How to Handle an Introvert