جار التحميل...
على الرّغم من عدم الاعتراف باكتئاب ما بعد الإجازة (Post-Vacation Depression) سريريّاً، إلّا أنّه ظاهرة حقيقيّة، وقصيرة المدى، وعادةً ما تستمر لمدة أسبوعين، كما يُمكن تجاوزها بكل سهولة بتطبيق العديد من الخطوات، وفيما يأتي أهمها:
تُعدّ العودة المفاجئة من الإجازة إلى الروتين اليوميّ بمثابة صدمة نفسيّة وجسديّة، إذ يحاول الجسم والعقل مقاومة هذه التغييرات المفاجئة، وللتّخفيف منها وإعادة التأقلم مع الحياة اليوميّة من جديد، يُنصح بالتّخطيط المُسبق لمرحلة ما بعد العودة، وتقليل الفجوة بين الاسترخاء التامّ في الإجازة والضغط الذي يليها.
وذلك بتخصيص فترة انتقالية من يوم أو يومين بعد الإجازة لإنهاء المهامّ البسيطة والاستعداد والتحضير للعودة للمسؤوليات المختلفة؛ مثل تفريغ الأمتعة والمشتريات، وإعطاء الجسم قسطاً من الرّاحة، مثل أخذ حمّام ساخن والنّوم مبكرّاً ولساعاتٍ كافية، فضلاً عن محاولة استعادة نظام النّوم الطبيعيّ والمعتاد قبل الإجازة، وتنظيف المنزل، وإعداد قوائم التسوّق، وكذلك تحضير ملابس العمل أو الدراسة لليوم الأول بعد الإجازة، وما إلى ذلك.
عند العودة إلى العمل أو الدراسة بعد الإجازة، يُفضل البدء ببطء، وعدم إثقال النّفس بالمهام الصعبة لتجنب الضغط النفسيّ، لذا يُنصح بالتركيز على المهامّ الصغيرة، والتي يُمكن إنجازها بسرعةٍ وسهولة، ممّا يساعد على التكيّف تدريجياً مع مسؤوليات الحياة اليومية.
وفي العمل تحديداً، يُفضل تجنّب التطوع للمشاريع الكبيرة خلال الفترة الأولى بعد الإجازة، حتى وإن بدت كفرصٍ للترقية، فقد يؤثر الإرهاق الشديد سلباً على إنجازها بالشكل المطلوب، وفي حال الاضطرار لإنجاز المهامّ الكبيرة، يفضل تقسيمها إلى مهامٍّ أصغر، وتنظيم الوقت لتقليل الشعور بالضغط والتوتر.
تنشأ المشاعر من الأفكار، وقد يكون سبب هيمنة مشاعر الكآبة هو التركيز على الأفكار السلبيّة فقط، لذا، من المهم الوعي بهذه الأفكار ومراقبتها بتحديد مصدر المشاعر السلبيّة أوّلاً، ومن ثم تغيير مسار الأفكار واستبدالها بأخرى إيجابية.
مثلاً، قد يكون الفكر المسيطر هو كثرة المهامّ المطلوبة بعد الإجازة، أو الصراع الدّاخليّ بين الرغبة في الاسترخاء، والحاجة لإنجاز الواجبات، ممّا يوّلد شعوراً بالذنب وعدم الراحة، وفي هذه الحالة، يُنصح باستبدال هذه الأفكار، بفكرة أنّ العمل يساهم في تحقيق التوازن في الحياة.
كما أنّ شعور الإنجاز بعد التّعب والجهد يعد ممتعاً، بالإضافة إلى المتعة التي تأتي من المكافآت والحوافز بعد النجاح في مهمّةٍ ما، بالتّالي؛ فإن التركيز على هذه الأفكار، بالإضافة إلى الحديث المحفّز مع النّفس وتذكيرها بكفاءتها، سيثير مشاعر الحماس ويشعل الطّاقة، ويقلّل من مشاعر القلق والخمول.
يميل المعظم إلى تجربة أطعمة متنوعة في الإجازات والسّفر، دون الاكتراث ما إذا كانت صحيّة أم لا، إذ تعزز الصحة الجيدة العقل السليم، مما يساعد على الشعور بمشاعر أفضل والتفكير بأفكار إيجابية بعيدة عن القلق والاكتئاب، لذا ينصح باتّباع ديتوكس غذائيّ (نظام غذائيّ يعتمد على تناول كمياتٍ كبيرة من الفواكه والخضروات والماء والسوائل لتخليص الجسم من السموم)، بالإضافة إلى ممارسة التمارين الرياضيّة بانتظام، لزيادة النشاط والتخلّص من الطاقة السلبية.
بلا شك، سيكون الرجوع إلى الروتين السابق ممّلاً بعد فترة من الإثارة واستكشاف الجديد، لذا يُنصح بإضافة أنشطة جديدة إلى الروتين المعتاد؛ مثل تبنّي هواية جديدة، أو تجربة نوع جديد من التمارين، أو الخروج في رحلةٍ لأماكن جديدة في عطلة نهاية الأسبوع، كما أن الخُروج إلى الهواء الطلق، والتأمّل في إبداع الخالق، والتواصل مع الطبيعة بطريقةٍ غير مسبوقة، والتنّفس العميق، له تأثير مهدئ مماثل لتأثير الإجازة الطويلة.
يُنصح بتوثيق الذكريات خلال الإجازة، سواءً بتدوين المذكّرات خلال الرحلة، أو التقاط الصور، أو شراء القطع التذكاريّة، إذ يساعد ذلك على استحضار الذّكريات السعيدة المرتبطة بتلك اللحظات.
لا يُمكن أيضاً إنكار أنّ فترة التخطيط للإجازة لها متعة خاصّة، لذا قد يُساعد البدء بالتخطيط للإجازة المقبلة على تجاوز الحزن المرتبط بانتهاء الإجازة السّابقة، وهذا يعتمد على إشغال العقل بالتفكير في التوقعّات المستقبليّة للتّجربة الممتعة القادمة، بدلاً من الحزن على ما مضى.
ختاماً، رغم أنّ مشاعر الحزن بعد الإجازة قد تكون طبيعيّة، وعادةً ما تتلاشى بعد فترة قصيرة، خاصة باتباع النصائح المذكورة، لكن إذا استمرت لأكثر من أسبوعين وبدأت تؤثر على الحياة اليومية، فمن المهم طلب المساعدة من المختصّين النّفسيين، إذ إن البحث عن الدعم يعد خطوة إيجابية نحو استعادة التوازن، والتمتّع بحياةٍ صحيّة سعيدة.