جار التحميل...
وعلى العكس من ذلك، فإنَّ قِلَّة النوم تُؤثِّر سلباً في هذه الوظائف جميعها، ممّا يُؤدّي إلى انخفاض الأداء الدراسي والمهني، إضافة إلى انخفاض القدرة على تقييم المخاطر واتِّخاذ القرارات السليمة، ويزيد خطر الإصابة بالأمراض، بما في ذلك أمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، والسُّمنة، حسب ما أشار إليه موقع مُنظَّمة النوم الأميركية (Sleep Foundation)؛ وهي مُنظَّمة غير ربحية، مُختَصَّة بتقديم معلوماتٍ موثوقة حول النوم وكلّ ما يتعلَّق به.
على الرغم من عدم وجود عدد مُعيَّن لساعات النوم بحيث يكون مُلائِماً للجميع، إلّا أنّ مُعظم البالغين عموماً يحتاجون إلى نحو 7-8.5 ساعات من النوم يومياً، ويعتمد عدد ساعات النوم الطبيعي التي يحتاج إليها كلّ شخص على العمر بشكلٍ أساسيّ.
ووفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المُتَّحِدة الأميركية (CDC)، فإنَّ الرُّضَّع الذين تبلغ أعمارهم ثلاثة أشهر يحتاجون إلى نحو 14-17 ساعة من النوم يوميّاً، ويَقِلُّ هذا المُعدًّل إلى نحو 11-14 ساعة يوميّاً بحلول عمر السنتين، أمّا قبل سِنّ المدرسة؛ أي بين عمر الثلاث والخمس سنوات، فإنَّ المُعدَّل الطبيعي للنوم يتراوح بين 10-13 ساعة يوميّاً، وفي عمر 12 سنة يحتاج الأطفال إلى نحو 9-12 ساعة من النوم.
وعند الوصول إلى سِنّ الثامنة عشرة، لن تكون هناك حاجة إلى أكثر من 8-10 ساعات من النوم يوميّاً، بينما يتراوح عدد الساعات الملائمة للنوم بين 7-9 ساعات يوميّاً لمَن هم في العشرين من العمر وحتى بلوغهم 64 سنة، أمّا بعد ذلك، فيبلغ عدد الساعات الملائمة للنوم نحو 7-8 ساعات يوميّاً.
يُمكن القول: إنَّ عدد ساعات النوم الطبيعيّ المذكور في الأعلى يكون بناءً على العمر، ومُقسَّماً بطريقةٍ مثاليَّة لا تأخذ في الاعتبار الفروق الفردية، لذا يُنصَح أيضاً بأخذ مجموعة من العوامل الأخرى في الاعتبار؛ لتحديد عدد ساعات النوم الطبيعيّ.
فعلى سبيل المثال، قد يحتاج الأشخاص الذين يُمارسون الرياضة بانتظام، أو أولئك الذين يُعانون من التوتُّر والاكتئاب، مَزيداً من النوم، أمّا كِبار السِّنّ أو الذين يُعانون من اضطرابات النوم المُزمِنة، مثل مُتلازِمة تملمُل الساقَين -الإحساس الشديد بالحاجة إلى تحريك الساقَين عند النوم-، وانقطاع التنفُّس الانسدادي أثناء النوم -توقُّف التنفُّس لفترات وعودته أثناء النوم-، أو ألم العضلات، فقد يحتاجون إلى وقت أطول للاستغراق في النوم، عَلاوة على أنَّ تناول بعض أنواع الأدوية يمكن أن تسبِّب آثاراً جانبيَّة، مثل الأرق.
وتمرّ الأُمَّهات، أثناء فترة الحمل أيضاً، بالعديد من التغيُّرات الهرمونية التي تُسبِّب صعوبةً في النوم وانخفاض جودته، وبعد الولادة غالباً لا يتمكَّنَّ من الحصول على ما يكفي من النوم، إلى أن ينتظم نوم أطفالهنّ، ومن العوامل الأخرى التي تُؤثِّر في طبيعة النوم وجودته أيضاً، اتِّباعُ عادات غير صِحِّيَّة، مثل التدخين، وشُرب كمِّيات كبيرة من الكافيين.
يُمكن اتِّباع عِدَّة طُرُق لمعرفة عدد ساعات النوم التي يحتاج إليها الجسم، ومنها: الاحتفاظ بملاحظات تتعلَّق بوقت النوم والاستيقاظ، وتتبُّع النَّمَط اليوميّ؛ من خلال معرفة ساعات النشاط الكبير، والخمول الشديد، وإذا بدأ النُّعاس منذ الظهيرة، فهذا يعني عدم حصول الجسم على ما يكفيه من النوم.
وتتمثَّل الطريقة الثانية، باختيار موعد ثابت للنوم والاستيقاظ دون مُنبِّه لمُدَّة أسبوع أو أسبوعَين -إن أمكن-؛ في وقت الإجازة من الدراسة أو العمل، وإن كان النوم في الأيّام الأولى أطول من غيرها، فهذا يعني أنَّ عدد ساعات النوم السابقة لم يكن مناسباً؛ لأنَّه من الطبيعيّ أن يحتاج الجسم إلى مَزيد من النوم بعد فترات الحِرمان.
أمّا الطريقة الثالثة، فهي استعمال حاسبة النوم (Sleep Calculator) المُتوفِّرة في كثيرٍ من التطبيقات والمواقع عبر الإنترنت، والتي تُحدِّد وقت النوم المثاليّ؛ للاستيقاظ بنشاطٍ وحَيَوِيَّة بناءً على عدد دورات النوم؛ فعلى سبيل المثال، يُحدِّد المُستَخدِم الوقت الذي يرغب بالاستيقاظ فيه في اليوم التالي، لتقترح عليه الحاسِبة، أوقات النوم المُلائِمة، للحصول على عددٍ كافٍ وصِحِّي من دورات النوم.
بدايةً وقبل التأكُّد من كيفية الحصول على نوم كافٍ، يجب التعرُّف إلى مراحل النوم الأربع؛ لأنَّ لكلٍّ منها أهمِّيّة خاصَّة في الحصول على قَدرٍ من الراحة ليلاً، والمساعدة في ممارسة أنشطة اليوم التالي.
وأولى هذه المراحل وثانيهما مرحلتا النوم الخفيف (N1-N2)، وتبلغ مُدَّتهما بحَدٍّ أقصى 25 دقيقة، أمّا المرحلة الثالثة، فهي النوم العميق (N3)، وتستَمِرّ من 20-40 دقيقة، وهنا تبدأ مَوجات الدماغ بالتباطُؤ، ويصعب فيها الاستيقاظ، وهي مُهِمَّة لإصلاح أنسجة الجسم، والنُّمُوّ، والتطوُّر، وتعزيز جهاز المناعة، وأخيراً، مرحلة حركة العين السَّريعة (REM) التي تستَمِرّ لمُدَّة تتراوح بين 10-60 دقيقة، ويزداد فيها نشاط الدماغ، وتُعَدّ من أهمّ المراحل لتعزيز القدرة على التعلُّم، وتقوية الذاكرة، وتنظيم المشاعر.
وتتكرَّر المراحل الأربع، ضمن ما يُعرَف بـ "دورة النوم"، وغالباً ما تستغرق الدورة الواحدة نحو 90 دقيقة تقريباً، وللتمتُّع بالنوم الطبيعي والحصول على ساعات نوم كافية، يجب الحصول على خمس أو ستّ دورات كاملة، وللتأكُّد من تحقُّق ذلك، يشعر الشخص بالانتعاش، والراحة، والطاقة لدى استيقاظه في صباح اليوم التالي، كما يشعر بالسكينة والقدرة على التحكُّم في عواطفه، واتِّخاذه القرارات جيِّداً، ولا يقتصر الأمر على ذلك فحسب، إذ يمتدّ إلى عدم شعوره بالخمول في فترة ما بعد الظهيرة، ولا تكون لديه حاجة إلى شُرب الكثير من الكافيين، أو حتى الشعور بالجوع أكثر من المُعتاد، وتكاد تنعدم لديه الرغبة في تناول الأطعمة الغنيَّة بالدُّهون، والسكَّر، والسُّعرات الحرارية.
وختاماً، للحصول على نومٍ مِثالِيّ، يُنصَح باتِّباع جدول مُنتَظَم للنوم والالتزام به حتى في عُطَل نهاية الأسبوع، والتقليل من المشروبات التي تحتوي على الكافيين، مثل القهوة والشاي، والابتعاد عن تناول وجبات ثقيلة أو شُرب الكثير من السوائل قبل موعد النوم بقليل.
كما أنَّه من المُهِمّ تجنُّب استخدام الهاتف أو الأجهزة اللَّوحِيَّة قبل النوم؛ إذ تُصدر هذه الأجهزة ضوءاً أزرق يُثبِّط إفراز هرمون الميلاتونين؛ وهو الهرمون المسؤول عن تنظيم النوم، بالإضافة إلى تحسين بيئة النوم؛ بإبقاء الغرفة مُظلِمةً، وهادئةً، وذات درجة حرارة مُعتَدِلة، واتِّباع روتين يزيد الشُّعور بالنُّعاس قبل النوم، مثل القراءة، أو مُمارَسة تمارين الاسترخاء.
[1] sleepfoundation.org, Why Do We Need Sleep?
[2] webmd.com, How Much Sleep Do I Need?
[3] health.clevelandclinic.org, How Much Sleep Do I Need?
[4] sleepfoundation.org, Stages of Sleep: What Happens in a Sleep Cycle
[5] helpguide.org, How Much Sleep Do You Need?