جار التحميل...
ويُعَدّ الشك في القدرات الشخصية، والشعور بالعجز إلى حدٍّ ما، من المشاعر الطبيعية التي يمكن أن يواجهها الإنسان في مواقف مختلفة، مثل عدم تحقيق نجاحات مُتوافِقة مع مَن حوله في بعض الأحيان، إلّا أنّ مشكلة عُقدة النقص تظهر عندما يتأثَّر الشخص أكثر بمشاعر الدونيّة، فتنعكس سلباً على حياته لدرجة تُعيق ممارسته أنشطته اليومية بصورة فعّالة، وتحُدّ من قدرته على تحقيق أهدافه، وتؤثِّر في علاقاته الشخصية والمهنية.
تظهر عُقدة النقص بمظاهر مختلفة بين الأشخاص الذين يُعانون منها، إلّا أنّ أبرزها يتمثَّل بما يلي:
تختلف كيفية التعامل مع التحدِّيات بين الأشخاص الذين يُعانون من عقدة النقص، والأشخاص الذين يتمتَّعون بالثقة بالنفس ضمن المستوى الصحِّي؛ فالأشخاص ذوو الثقة بالنفس يميلون إلى التفكير الإيجابيّ، والبحث عن الحلول، والتعلُّم من هذه التحدِّيات، بينما يميل الأشخاص الذين يُعانون من عقدة النقص إلى الانغماس في الأفكار السلبية، ومشاعر الإحباط والفشل، إضافة إلى الحديث السلبيّ مع الذات وعدم احترامها، والتركيز على نقاط الضعف، ممّا يؤثِّر في قدرتهم على التعامل بصورة فعّالة مع التحدِّيات وتجاوزها.
يميل الأشخاص الذين يُعانون من النقص إلى الانسحاب والانطواء على أنفسهم بصورة مُتكرِّرة عند التعامل مع المواقف الاجتماعية، حتى عند تعاملهم مع العائلة والأصدقاء والزملاء، وقد يكون هذا الانسحاب ناتجاً عن الشعور بالخجل، أو الإحراج، أو الذنب، أو الإحباط، وعدم تقدير الذات، كما قد يكون خوفاً من شعورهم بعدم قدرتهم على المنافسة مع الآخرين، أو رفضهم ممّن حولهم، ممّا يجعلهم يُفضِّلون العُزلة عن مجتمعاتهم.
قد يلجأ الأشخاص الذين يعانون من عقدة النقص إلى سلوكات سلبية؛ كالتنافُسيَّة المُفرِطة، أو النقد الزائد للآخرين، باعتبارها وسيلة لتعويض شعورهم بالنقص وعدم الكفاءة، وقد تظهر لدى البعض عقدة التفوق التي تتمثّل باعتقاد الشخص المُبالغ فيه أنَّه أفضل من الآخرين، فيسعى إلى إظهار ذلك؛ بتقليل قيمة من حوله، وفرض السيطرة عليهم.
ويمكن أن تظهر عُقدة النقص على الشخص أحياناً بسعيه نحو الكمال أو الإنجاز الزائد كوسيلة للتعويض عن شعوره بالنقص وعدم الرضا بوضعه الحالي، مع سعيه المُفرِط للتميُّز في مختلف جوانب الحياة، والعمل لجذب انتباه الآخرين إليه.
وبالرغم من احتمالية أن يكون السَّعي نحو التميُّز بسبب عقدة النقص ذا جانب إيجابي؛ كالتطوُّر الشخصي، والإنجازات الملحوظة، إلّا أنّ ذلك يعتمد على كيفية تحكُّم الشخص في هذه السلوكات، ومنع تأثيرها السلبي على حياته الشخصية والمهنية.
ومن جانب آخر، قد يتجنَّب البعض ممَّن يُعانون من عُقدة النقص المُنافسة مع الآخرين؛ بتفادي أيّ مواقف قد تُعرِّضهم للمُقارنة، وتعكس قدراتهم وإنجازاتهم؛ نتيجة خوفهم من الشعور بالفشل، وعدم التفوُّق على الآخرين.
قد يرغب الشخص الذي يُعاني من عُقدة النقص في البحث عن أخطاء الآخرين؛ لانتقادهم، والتقليل من شأنهم، وفي الوقت ذاته تجده حسّاساً جدّاً للانتقادات مهما كانت صغيرة، حتى وإن كانت بَنّاءة، كما أنَّه يجد تقبُّل اقتراحات الآخرين أمراً صعباً، وهذا ما يؤثِّر سلباً في علاقاته الاجتماعية مع الآخرين.
وفي المقابل، يمكن أن يشعر الأشخاص الذين يُعانون من عُقدة النقص بسعادة غامرة عند تلقّي المديح من الآخرين إلى حدِّ الاعتماد عليه كُلِّياً في حياتهم، فتنخفض ثقتهم بأنفسهم عندما لا يحصلون على المديح المُتوقَّع.
قد يرتبط التسويف بعقدة النقص؛ لشعور الشخص الذي يُعاني منها بأنّ جهوده لا قيمة لها، وبالتالي لا يرى الحاجة إلى المحاولة حتى، ممّا يدفعه إلى عدم تنفيذ المهامّ، أو تأجيلها.
كما أنَّ التأخير في اتِّخاذ القرارات، أو إهمال الأمور المهمَّة الأخرى، أو تأجيلها، لدى مَن يُعاني من عُقدة النقص، قد يكون ناتجاً عن شعوره بعدم جدوى ما يفعله، أو أنَّه ليس جيِّداً بما يكفي.
قد يشعر البعض بالنقص ويعتقدون أنّ الآخرين أكثر تميُّزاً منهم، وعلى الرغم من أنّ هذا الشعور طبيعيّ يمرّ به الكثيرون، إلّا أنّه لا بُدّ من تذكُّر أنّ الله تعالى خلق كلّ فرد بقدرات مُعيَّنة، وأنّ كلّاً منهم يمتلك مُميّزات ومواهب فريدة خاصَّة به، ولهذا يجب على الإنسان أن يكون راضياً وقنوعاً بما منحه الله تعالى، وحامداً لنعمه، فهو مفتاح السلام الداخلي، والتحرُّر من المشاعر السلبية، ومن بينها عُقدة النقص.
ورغم أنّ الطريق قد لا يكون سهلاً دائماً، إلّا أنّ الاعتماد على الله تعالى في الأمور جميعها، والثقة بأقداره، وتطبيق بعض المُمارَسات في التعامل مع مشاعر النقص؛ كالتفكير بإيجابية، وقبول الذات، والتفاعل الإيجابي مع المجتمع، وتقديم الدعم والمساعدة للآخرين، كلّها أمور تُمكِّن الفرد من تجاوز التبعات السلبية لهذا الشعور؛ سواء في العلاقة مع النفس، أو في العلاقات الاجتماعية.
ومن الاستراتيجيات السلوكية التي تساعد في التخلُّص من الشعور بالنقص الاحتفاظ بمُذكّرة، وكتابة المشاعر والأفكار حول الذات كأداة للتعبير عن النفس ومواجهة المشاعر، مع مراقبة التقدُّم في تغيير الأفكار السلبية إلى أفكار أكثر إيجابية، إضافةً إلى التحدُّث الإيجابي مع النفس، والتقرُّب من الأشخاص الإيجابيِّين، وتطوير المهارات الشخصية.
المراجع
[1] dictionary.apa.org, inferiority complex
[2] webmd.com, What To Know About an Inferiority Complex
[3] forbes.com, What Is Inferiority Complex? Signs, Causes And How To Treat It
[4] mentalwellnesscounselling.uk, 8 Steps to Overcome Your Crippling Inferiority Complex
[5] verywellmind.com, What Is an Inferiority Complex?