جار التحميل...
ويعكس هذا النوع من الفوبيا خوفاً مُفرِطاً من النار؛ إذ يشعر المريض بالذُّعر لمُجرَّد التفكير في النار، أو التحدُّث عنها، أو التواجد قُربها، ويُؤثِّر هذا الخوف في حياة الشخص، ويمنعه من ممارسة أنشطته اليومية بصورة طبيعيَّة.
يمكن أن تشمل الأعراض العاطفية أو النفسية لرُهاب الحرائق الإحساس بخوف شديد ومفاجئ عند التفكير في النار، أو تخيُّلها، أو التحدُّث عنها، أو التواجد في محيطها، مع عدم القدرة على التحكُّم في هذا الخوف، على الرغم من إدراك الشخص أنّ هذا الخوف غير منطقي وغير مَبنيّ على خَطَر ملموس.
وتشمل الأعراض النفسية أيضاً حرص المريض الدائم على تجنُّب النار، أو تجنُّب البقاء في أيّ مكان قد تتواجد فيه، مثل: المطبخ بجانب موقد الطهي، أو في غرفة تحتوي على موقد مُشتعِل، أو بجانب رُكن الشواء، وغيرها، ويمكن أن يواجه المريض صعوبة في العمل، أو ممارسة الأنشطة المُعتادة؛ بسبب خوفه الشديد من النار.
لا تقتصر أعراض رُهاب النار على الأعراض النفسية فحسب، وإنَّما تشمل الأعراض الجسدية أيضاً؛ إذ يمكن أن يُصاب المريض ببعض الأعراض الواضحة عند التفكير في النار، أو الاقتراب منها، أو التعرُّض لها، حتى وإن كان هذا التعرُّض بسيطاً؛ كإشعال شمعة، أو تشغيل موقد الغاز، ويمكن أن تشمل الأعراض الجسدية الإحساس بالغثيان، وجفاف الفم، والارتعاش، وحدوث ضيق التنفُّس، وبرودة الأطراف وتعرُّقها، وتسارُع ضربات القلب، إضافة إلى احتمالية الإغماء أحياناً، أو الحاجة المُلِحَّة للذهاب إلى الحَمّام.
لا يوجد سبب مُحدَّد للخوف الشديد من النيران أو الحرائق، إلّا أنّ هناك عوامل يمكن أن تزيد خطر الإصابة بهذا النوع من الفوبيا، ومن أبرزها: التعرُّض لتجربة مؤلمة مع الحرائق في مراحل سابقة؛ كالإصابة بحروق خطيرة، أو التواجُد وسط حريق، أو مشاهدة حريق مباشرة، أو مشاهدة شخص يتفاعل بعنف مع النار، أو اشتعال النار في المنزل بالخطأ؛ إذ تترسَّخ هذه المواقف في الذاكرة، وتؤدّي إلى تفاقُم مشاعر الخوف، ويصبح الفرد أكثر حساسية تجاه أيّ مواقف أو مُحفِّزات تتعلَّق بالنار.
وأحياناً، يمكن أن يُصاب الأشخاص بهذا النوع من الرُّهاب إن كان لديهم رُهاب آخر، أو اضطرابات قلق أخرى، وكذلك الأمر إن كان لديهم تاريخ عائلي من الرُّهاب، أو اضطرابات القلق، أو اضطرابات الصحَّة العقلية الأخرى.
يمكن أن يُؤثِّر الخوف الزائد من الحريق أو النيران في الحياة اليومية، والأنشطة البسيطة؛ كانعدام القدرة على التعامل مع أيّ مصدر للنار، مثل: الغاز، أو الفرن، أو الشموع؛ ممّا يُعيق إنجاز بعض المَهامّ الأساسية، إلى جانب الشُّعور بقلق شديد لمُجرَّد شَمّ رائحة الدخان، أو رائحة اشتعال النار في المكان.
بالإضافة إلى حرص المريض على تفقُّد موقد الغاز وأجهزة التدفئة باستمرار وبصورة مُبالَغ فيها، وتجنُّبها عند الذهاب إلى بعض الأماكن، مثل: رحلات التخييم، أو المطاعم ذات المطابخ المفتوحة، وهذه المخاوف تخلق عوائق كثيرة؛ ممّا يحدّ القدرة على ممارسة الأنشطة اليومية.
يمكن للعلاج النفسي أن يساعد الأشخاص الذين يعانون رُهاب النار، ويجعلهم أكثر قدرة على التعامل مع خوفهم، وممارسة حياتهم بصورة طبيعيَّة؛ بتطبيق استراتيجيات مختلفة، من أهمّها: تطبيق العلاج السلوكي المعرفي الذي يُسهِم في تغيير طريقة تفكير الشخص في النار؛ عبر تعلُّم بعض الحقائق والإحصائيات، وكيفية التعامل مع الحرائق، وتقدير مدى خطورتها الفعلي، وتعلُّم أساليب لتهدئة النفس، وتخفيف نوبة الهلع، مثل: ممارسة التأمُّل، والتنفُّس، وغيرها.
وغالباً ما يُوصي المُعالِج النفسي بتطبيق استراتيجية العلاج بالتعرُّض، التي تساعد الأفراد على تقبُّل النار تدريجيّاً، مع إدراك أنّها قد لا تكون مُؤذِية في أحيان كثيرة إن جرى التعامل معها بوعي، ويشمل العلاج بالتعرُّض السماح للمريض بمشاهدة صُور أو مقاطع فيديو للنار، أو النظر إلى شمعة، أو عود ثقاب، وتعليمه كيفية التعامل مع النار بطريقة آمِنة، علماً بأنّ هذه العملية تهدف إلى تبديد مخاوفه، ومساعدته على التحكُّم في الانفعالات.
وفي بعض الأحيان، قد يضطرّ الطبيب إلى وصف أدوية مُعيَّنة تساعد على تخفيف رُهاب الحرائق، والأعراض النفسية المُصاحِبة له، مثل: مُضادّات القلق، أو مُضادّات الاكتئاب؛ إذ يمكن أن تُسهِم هذه الأدوية في تقليل الشعور بالقلق، وتساعد المريض على مواجهة مخاوفه بفاعلية أكبر.
المراجع
[1] healthline.com, Pyrophobia: Understanding the Fear of Fire
[2] verywellmind.com, What Is Pyrophobia?
[3] my.clevelandclinic.org, Pyrophobia (Fear of Fire)