جار التحميل...
وقد يُؤثِّر ذلك أيضاً في تدنّي محصول الطفل الأكاديمي والمعرفي؛ لذا، لا بُدّ من معرفة تلك السلوكات الخاطئة؛ لتجنُّب ارتكابها والوقوع فيها، وللمحافظة على نُمُوّ الطفل نُمُوّاً سليماً وطبيعياً، وفي ما يأتي أبرزها:
يؤدّي التهاون في وضع الحدود إلى إشعار الطفل بعدم سيطرة الوالدَين، وإمكانية التلاعُب بهما، أو تقليل احترامهما، وقد ينعكس ذلك على انخراطهم في سلوكات ضارَّة أو غير مُهذَّبة أحياناً، أو قد يُؤثِّر سلباً في قدرتهم على ضبط النفس؛ لذا، ينبغي وضع قواعد منزلية خاصَّة، وتعريف الطفل بها؛ سواء أكانت مُجهَّزة مُسبَقاً، أم ناشئة بصورة طارئة عن بعض المواقف والمناسبات.
ولا بُدّ من تقسيم تلك القواعد إلى أنواع حازمة تماماً لا يُمكن تغييرها أو النقاش فيها؛ لأهمّيتها وخطورتها إذا تجاوزها أحد، وأخرى أقلّ حِدَّة يُمكن مفاوضة الطفل بشأنها؛ للوصول إلى اتِّفاق، ويجدر بالذكر أنّ الاستسلام لضغط الطفل في الأمور الحازمة، أو الصَّرامة في بعض المواقف التي تتطلَّب مرونة، من أساليب التربية الخاطئة التي تدفع الطفل إلى التمرُّد، أو تجاوز رأي الأبوَين عندما يأمن عدم مراقبتهم.
ومن الأمثلة على تلك الحدود: عدم قبول شراء كلّ ما يطلبه الطفل، مع وضع نظام عادل ومنضبط لعملية التسوُّق، وتخصيص أوقات مُنتظَمة قدر الإمكان لتناول الطعام، أو النوم، والتأكيد على احترام الوالدَين وعدم التطاول عليهما بالألفاظ غير المناسبة مثلاً للحصول على المُراد.
يلجأ بعض الآباء والأُمَّهات إلى استخدام أسلوب العقوبات الصارمة أساساً مع الأطفال بدلاً من التوجيه الصحيح والتعليم، وقد يشمل ذلك تهديد الطفل، أو تخويفه، أو حبسه في غرفة مظلمة -على سبيل المثال-، وهذا أسلوب غير مقبول إطلاقاً؛ لما له من تأثير سلبي في نفسية الطفل.
وتنتج تلك التصرُّفات عادةً بسبب اعتماد الوالِدَين أسلوب التربية الاستبدادي الذي يخلو من العلاقة العاطفية مع الطفل، ويهدف فقط إلى السيطرة عليه، دون مراعاة طفولته، أو شخصيَّته المُتفرِّدة، أو مدى قدرته فعلاً على التصرُّف بالأسلوب الذي يتطلَّع الآباء إليه.
يقع بعض الآباء والأُمَّهات في خطأ عدم تكليف الطفل بأيّ مسؤوليات يلتزم بها، فينشأ تبعاً لذلك مُراهق لا يرغب في تأدية أيّ واجب، أو تقديم أيّ مساعدة، والتصرُّف السليم يكمن في تكليف الطفل بمَهامّ منزلية في مرحلة ما قبل المدرسة، بما يُناسب سِنَّه؛ كالمساعدة في طَيّ الملابس مثلاً، أو ترتيب الفوضى، ولا تكمُن إيجابية هذا الأمر في تعزيز المسؤولية عند الطفل فحسب، وإنَّما في تعزيز شُعوره بالإنجاز أيضاً، والانتماء إلى العائلة، أو المجموعة.
ولا بُدّ من التنويه إلى أنّ فرض مَهامَّ كثيرة على عاتق الطفل يُعَدّ سلوكاً تربوياً خاطئاً أيضاً؛ لذا، تجب مراعاة جدوله، وما يحتويه من أنشطة، وألعاب، وواجبات مدرسية، وغيرها، قبل تكليفه بالمَهامّ؛ تجنُّباً لشُعوره بالانزعاج والتوتُّر، أو فقدان الاهتمام.
يرتبط العنف الجسدي أو النفسي بأنواعه كافَّة مهما كان صغيراً بمخاطر تمسّ سلامة الطفل؛ فقد يُؤدّي إلى إشعار الطفل بالخوف، وحدوث مشكلات في النوم، أو في الشهِيَّة، ونقص الانتباه، وقد يتطوَّر الأمر في بعض الحالات إلى التصرُّف بعُدوانية تجاه المُحيطين به بمَن فيهم الأصدقاء، وأفراد العائلة.
ويُمكن أن يُسبِّب العنف الجسدي أضراراً جسدية ونفسية قد تمتدّ إلى حياة الطفل بجوانبها كلِّها، وقد يُؤثِّر سلباً في احترام الطفل لذاته أيضاً؛ لذا، فإنّ استخدام هذا الأسلوب مرفوض دائماً مهما كانت الأسباب.
يميل بعض الآباء والأُمَّهات إلى استخدام أسلوب الصُّراخ على الأطفال عند الشعور بالغضب، إلّا أنّ هذا السلوك رغم شُيوعه، فإنّه خاطئ؛ إذ يدلّ على أنّ الوالِدَين عاجزان تماماً عن السيطرة على مشاعرهم، إلى جانب ما ينطوي عليه من إهانة للطفل، ومن ثَمَّ فقدان التواصل السليم معه، وزيادة احتمالية تصرُّف على نحو مُشابِه لاحقاً عند مواجهته ما لا يُعجبه.
وللسيطرة على الغضب، لا بُدّ للوالِدَين من التنفُّس بعُمق وبُطء، والتركيز على المشكلة المُراد حَلّها؛ لعدم تكرارها مستقبلاً، بدلاً من التركيز على الطفل وصَبّ جام الغضب عليه، والذي غالباً ما يكون بهدف التفريغ الخاطئ، لا التوجيه والإصلاح.
يشمل إهمال الوالِدَين الطفلَ عدمَ الاهتمام باحتياجاته العاطفية والجسدية، مثل: الرِّعاية الصحِّية، أو النظافة الشخصية، أو المتابعة المدرسية، أو عدم إظهار الحبّ الكافي، أو الغياب المُتمثِّل بعدم المشاركة أبداً في حياة الطفل، أو تجاهل تفاصيلها؛ ممّا يتنافى مع حاجة الطفل إلى اهتمام والِدَيه، ومَودَّتهما، ودَعمهما، وحضورهما، فيُؤثِّر في نشأته الآمِنة والسليمة.
وعلاوةً على ذلك، يُعَدّ عدم الاستماع إلى الطفل شكلاً من أشكال الإهمال أيضاً، وفيه يلجأ الآباء إلى إلقاء الأوامر على الأطفال دون الحِوار معهم، ودون الاستماع له، رغم أنّ الإصغاء إليهم عندما يتحدَّثون عن إنجازاتهم، أو التحدِّيات التي يُواجهونها، أو الاستماع إلى احتياجاتهم ورغباتهم المُتغيِّرة، وسُؤالهم عن آرائهم ووجهات نظرهم في المواقف المختلفة، ومناقشتها معاً، هو المنحى السليم الذي ينبغي عليهم أن يسلكوه.
الشُّعور بالخجل أو الذنب من المشاعر الصعبة التي يُمكن أن يمرّ بها أيّ طفل، لا سِيَّما أولئك الذين لم يستطيعوا التعامل مع هذا النوع من المشاعر بعد، وقد ينتج عنها ضعف في شخصية الطفل، وانخفاض في ثقته بنفسه أحياناً، وتجدر الإشارة إلى أنّ الوالِدَين قد يتسبَّبان في معاناة أطفالهم من هذه المشاعر عندما يُشعِرونهم بأنَّهم ليسوا جيِّدين بما يكفي، أو عند إلقاء اللَّوم عليهم في أشياء لم يفعلوها، أو لم يقصدوا فِعلها، أو عند مقارنتهم بالآخرين؛ بهدف التقليل من شأنهم، أو السُّخرية منهم.
الحبّ والاهتمام من الحقوق الطبيعيَّة للطفل، وليسا مِنَّةً أو مُكافَأة؛ لذا، لا يجوز التفاوض على نَزعها مُطلَقاً، وإنَّما ينبغي أن يتلقَّى الطفل ما يحتاج إليه من قبول وحبّ مهما بدا الموقف في حاجة إلى عكس ذلك؛ فارتكاب الأخطاء، يستدعي دائماً التوجيه الصحيح، والحزم بحكمة، والعطف، وليس الحرمان من الحبّ، أو التهديد بحجبه، أو نزعه.
ولا بُدّ من التنويه إلى أنّ الأهل الذين يلجؤون إلى السلوكات الخاطئة في تربية أبنائهم، ليسوا بالضرورة آباء سيِّئين ما داموا يُدركون أنّها خاطئة، ويعترفون بذلك، ويسعَون إلى إصلاحها بجدِّية.
المراجع
[1] regain.us, Examples Of Bad Parenting And What To Do About It
[2] americanspcc.org, What the Research Says about Bad Parenting: 8 Profoundly Negative Effects
[3] psychcentral.com, How 'Negative' Parenting Styles Can Affect Your Child
[4] harleytherapy.co.uk, Bad Parents – Worried You are One?
[5] bekindcoaching.com, Understanding Bad Parenting: Tips to Avoid Common Mistakes