جار التحميل...
ومن ناحية أخرى، تُعَدّ معرفة أسباب تحدّي المراهق لأهله من أهمّ السُّبل التي تُسهم في معالجة هذه المشكلة بفعاليّة؛ إذ لا بُدّ في البداية من تقبُّل تمرُّد المراهق وعناده؛ فغالباً ما تكون تصرُّفاته طبيعيّة في هذه المرحلة؛ لأنّه يحاول إثبات نفسه واستقلاليته، ممّا يعني أنّ معرفة الأساليب الصحيحة للتعامل مع الابن المُراهق تساعد في تخطّي مرحلة المراهقة بأقلّ المشكلات، وفيما يأتي أهمّ هذه الأساليب:
لا بُدّ من وضع قواعد سلوكية ثابتة وواضحة للمراهق العنيد والمُتمرِّد؛ لضبط سلوكاته العامّة في المنزل، وأسلوب تعامله مع أفراد الأسرة؛ كالوالدين، والإخوة، والأخوات، والأقارب، إلى جانب الزملاء في الفصل الدراسي، وغيرهم؛ فهذه القواعد والتوجيهات المُستمِرّة تساعد المراهق على الانضباط، واتِّخاذ خيارات منطقيّة وصحيحة، واكتساب القِيَم التي يحتاج إليها في حياته؛ حتى يُصبح شخصاً راشداً، وعلى المراهق أن يكون على دِراية بالسلوكات المُتوقَّعة منه، وعلى دِراية بالعواقب المُترتِّبة على السلوكات الخاطئة التي يتجاوز بها الحدود، والقواعد المُتَّفَق عليها أيضاً.
ومن أبرز الأمثلة على هذه القواعد السلوكية، توجيه المراهق إلى إيقاف تشغيل الأجهزة الإلكترونية جميعها قبل ساعة واحدة على الأقلّ من موعد النوم، وعدم استخدامها أثناء تناول الطعام، أو أثناء الجلوس مع العائلة، ويمكن كذلك سؤاله المساعدة في إنجاز الأعمال المنزلية؛ كرمي النفايات، أو غسيل الأطباق، وغيرها.
التواصل الفعّال بين الوالِدَين وابنهما المراهق العنيد والمُتمرِّد من أهم الأساليب للتعامل معه؛ فهو يُشعِره بأنَّ صوته مسموع، الأمر الذي يساعده في الإفصاح عمّا بداخله؛ فالمراهقون المُتمرِّدون عادةً ما يكونون مُتحفِّظين، ولا يشاركون أيّ معلومات عن أنفسهم، أو علاقاتهم، أو حياتهم، إلّا أنّ التواصل الفعّال وبناء جسور الثقة معهم، إلى جانب شعورهم بالتعاطُف، يُسهِم في كسر حاجز الصمت لديهم، وبالتالي إفصاحهم عمّا يجول في خواطرهم.
وتجدر الإشارة إلى أنّ بناء قنوات التواصل الفعّال مع المراهق قد يستغرق وقتاً طويلاً، ويمكن أن يكون طرح الأسئلة عليه بأسلوب لطيف غير حادّ وانتظار الإجابة منه البداية للحصول على المعلومات التي يحتاج إليها الوالدان عنه، علماً بأنّ هذه الخطوة تُحسِّن علاقة الوالِدَين بابنهما، أمّا إن لم تَسِر الأمور كما يتوقَّع الوالِدان، فلا بأس؛ لأنّ هذه الوسيلة تُساعد المراهق في تطوير مهارات التواصل لديه، وبالتالي تغيُّر رُدود أفعاله بعد تكرار الأمر من الوالِدين أكثر من مرّة.
يحاول معظم المراهقين استفزاز والِدِيهم واستنزاف طاقاتهم؛ باختلاق المشكلات المُختلفة، لذا على الوالِدَين معرفة كيفية التعامل مع المشكلات التي يختلقها المراهق العنيد والمُتمرِّد، ومن أهمّ خطوات التعامل مع هذه المشكلات: تجاهُل المشكلات الصغيرة والترفُّع عن صغائر الأمور، وغضّ الطرف عنها، والتحلّي بالصبر لدى التعامل مع المشكلات التي تطرأ على اختلافها، ممّا يُسهِّل حلّها ومواجهة المواقف الصعبة.
وعلى الوالدين التركيز على الأمور المهمة فعلاً، مع الحفاظ على الهدوء، ومُمارسة التنفُّس العميق؛ فعلى سبيل المثال، إن رفض المراهق العنيد والمُتمرِّد أداء واجباته المدرسية، لا بُدّ من التحدُّث معه برفق، والتحلّي بالصبر؛ لمعرفة أسباب رفضه، ومحاولة مساعدته.
لا بُدّ من البحث عن النقاط الإيجابيّة والتصرُّفات الصحيحة لدى المُراهق العنيد والمُتمرِّد، ومدحها، والتركيز عليها؛ لما لها من دور في تعديل السلوك السلبي على نحو غير مباشر؛ بمدح التصرُّف الجيّد، ثمّ توضيح الانتقاد، ثمّ المدح مُجدَّداً، وهذا الأسلوب يكون لتوجيه النقد المُبطَّن بصورة يتقبَّلها المراهق العنيد والمُتمرِّد، بحيث تتضمَّن الثناء ومدح تصرُّفاته الأخرى.
فعلى سبيل المثال، عندما يُساعد المراهق العنيد والمُتمرِّد أخاه الأصغر في حلّ واجباته المنزلية، لا بُدّ من مَدحه؛ حتى يشعر بأهمّية فعله، ثمّ لفت نظره إلى أسلوب تعامله معه مثلاً -إن كان سيّئاً-، وتوضيح أنَّهذا الأمر غير صحيح ولكن بلُطف دون حِدَّة.
ينبغي استخدام أسلوب متوازن عند التعامل مع سلوك المراهق العنيد والمُتمرِّد؛ بحيث يشمل الحزم واللِّين في الوقت ذاته، وتجنُّب استخدام أحدهما فقط؛ لأنّ استخدام القسوة والشِّدَّة معه قد يُؤثِّر في العلاقة به، في حين أنّ التعامل بلِين وتساهُل كبيرَين قد يؤثّر فيه ويُبعده عن التصرُّفات الصحيحة والمنضبطة، وبهذا فإنّ سِرّ التربية السليمة يكمن في الاعتدال والتوازن في كلّ شيء.
فعلى سبيل المثال، إن رفض المراهق العنيد والمُتمرِّد تنظيف غرفته، فيُمكن التعامل معه بحزم، وإخباره أنّ عليه تنظيف غرفته، وشرح عواقب عدم تنظيفها؛ كعدم السماح له بالخروج مع الأصدقاء لمُدَّة يومَين، مع استخدام أسلوب اللِّين في الوقت ذاته؛ بالتواصل الفعّال، والتحدُّث بهدوء معه، ومحاولة فهم سبب عدم رغبته في تنظيف غرفته، والاتِّفاق على حلّ وسط يُرضي الأطراف جميعها.
لا بُدّ من تقبُّل حقيقة أنّ المراهق العنيد والمُتمرِّد قد يحتاج -في بعض الأحيان - إلى مراجعة بعض المُختَصّين؛ لحَلّ مشكلاته، ومساعدته في التعافي ممّا يمُرّ به، والاندماج مع عائلته بإيجابيّة وحُبّ.
ويجدر بالذكر أنّ الحصول على مساعدة المُختَصِّين لتعديل سلوك المراهق العنيد والمُتمرِّد لا يُقلِّل أهمية دور الوالِدَين في هذا الأمر، بل يقع على عاتقهما الجزء الأكبر في تحسين سلوك ابنهما؛ باتِّباع بعض الإجراءات التي تتمثَّل بتحسين العلاقة به، ومعرفة احتياجاته وما يمُرّ به، وعدم إلقاء اللوم عليه أو على الموقف، والإيمان بقدرته على تخطّي هذه المرحلة والوصول إلى ضفّة الأمان.
وختاماً، على الوالِدَين أن يتفهَّما أنَّ التصرُّفات العنيدة والمُتمرِّدة لابنهما المراهق لا تُعبِّر دائماً عن حقيقة شعوره تجاههما، لذا عليهما التعبير عن حُبّهما ومودّتهما وحنانهما له والعطف عليه دون شروط، بغضّ النظر عن تصرُّفاته غير المُرضِية لهم أحياناً؛ لحمايته من البحث عن ذلك خارج المنزل، والحصول عليه بوسائل خاطئة أحياناً، ومن أطراف غير مُناسبين، وينبغي على الوالِدَين دائماً أن يُمثِّلا قدوة حَسَنة لابنهم المراهق، ويتصرَّفا على النحو الذي يُريدانه منه، مع احترام خصوصيّته، والسماح له ببعض الوقت لقضائه في المكان الخاصّ به.
المراجع
[1] netportacademy.com, How to deal with rebellious teen.
[2] psychologytoday.com, 7 Keys to handling difficult teenagers.
[3] thewell.northwell.ed, How do I deal with my stubborn teen
[4] parentingtodaysteens.org, Rules, rewards and erpercussions: teaching your teen self control.
[5] parents.au.reachout.com, Tips for having a difficult conversation with your teen.