جار التحميل...
ومن أسهل الطرق للتعرُّف إلى الدافع للقراءة الإجابة عن الأسئلة الآتية: ما الهدف من القراءة؟، وما المادة المفضلة للقراءة؟، وما الذي يعيق القراءة يومياً؟، وبعد تحديد الدافع للقراءة، يُمكن اختيار الوقت المُناسب للقراءة؛ تبعاً لما تتطلَّبه القراءة من تركيز، أو حفظ، أو استمتاع.
وقت الصباح مذهل للقراءة؛ فهو أكثر وقت يكون الإنسان مرتاحاً فيه خلال النهار؛ لذا، تُعَدّ قراءة كتاب صباحاً مُنشِّطة للعقل؛ لأنّ الذهن يكون مُنتعِشاً وصافياً وفي أعلى مستويات تركيزه بعد الاستيقاظ من النوم؛ ممّا يُسهِّل تعلُّم المادّة المقروءة أو حفظها.
ثمَّ إنّ الهدوء في الفترة الصباحية، وخُلوّها من عوامل التشتيت، مثاليٌّ للاندماج في القراءة، ومن فوائد القراءة في الصباح أيضاً الشُّعور بالإنجاز منذ بداية اليوم؛ ممّا له تأثير إيجابي وملهم وتحفيزيّ في مواجهة أيّ مشكلات قد تحدث خلال اليوم.
ومن ناحية أخرى، قد لا يُفضِّل آخرون الاستيقاظ باكراً من الأساس، وهذا طبيعي بما أنّ طبيعة كلّ شخص تختلف عن طبيعة الآخر، وإيجاد وقت مناسب للقراءة صباحاً ليس صعباً على مَن اعتاد الاستيقاظ باكراً، ويُنصَح أن تكون جلسة القراءة الصباحية خلال أوّل ساعتَين من الاستيقاظ؛ ليكون العقل في ذروة تركيزه، ومُرتاحاً تماماً.
للقراءة ليلاً فوائد عديدة، وخاصَّة أنّ عدد المَهامّ الليلية يكون أقلّ من تلك النهارية؛ ممّا يجعله وقتاً للاسترخاء والاستعداد للنوم، كما أنّ القراءة ليلاً تُساعد على تحسين جودة النوم؛ نتيجة الشعور بالاسترخاء أثناء القراءة، وخاصَّةً إن كانت الكتب ورقية؛ فهي تُقلِّل التعرُّض لشاشات الهواتف والتلفاز التي تُؤثِّر سلباً في جودة النوم.
ولا يقتصر الأمر على ذلك فحسب؛ إذ تُقلِّل القراءة ليلاً التوتُّر والقلق أيضاً؛ نتيجة القراءة بدلاً من التفكير في المشكلات اليومية، ويُنصَح بتخصيص ساعة كاملة قبل النوم للقراءة في مكان مريح، ويُفضَّل أن تكون في السرير، أو بالقرب منه؛ لتهيئة الجسم للاسترخاء، ويُفضَّل أيضاً أن تكون الإضاءة خافتة؛ لتكون الأجواء ملاذاً للتأمُّل، والإجابة عن أسئلة كثيرة تدور في الذهن.
يتجاهل معظم الأشخاص القراءة في فترة ما بعد الظهر رغم ما فيها من فوائد جمّة؛ لأسباب عِدَّة، منها: أنَّه وقت الغداء أو القيلولة أو العمل، أو الانشغال بالمَهامّ المنزلية؛ ممّا يعني أنّهم غير مُتفرِّغين للقراءة في هذا الوقت.
وللقراءة أثناء النهار كما قلنا فوائد جمَّة؛ إذ تكون في ضوء الشمس الطبيعي، وهذا مفيد لتنشيط الذهن، وزيادة تركيزه وإدراكه المعلومات، ومن ثَمَّ الحصول على معلومات جديدة، ودمجها مع المعرفة السابقة، كما أنّ تغيير روتين هذا الوقت سيجعل اليوم أكثر فائدة ونشاطاً، ويُنصَح بالحصول على قيلولة سريعة بعد الغداء بحيث لا تزيد عن 20 دقيقة؛ ليستعيد الذهن نشاطه، ثمّ استغلال هذا الوقت بالقراءة.
تُعَدّ القراءة خلال ضجيج الحياة اليومية ولو لوقت قصير فرصة جيّدة للتركيز على شيء واحد، ومن ثَمَّ تهدئة العقل؛ فهي تُقلِّل مستويات التوتُّر؛ بالانغماس في نشاط يتطلَّب الابتعاد عن أيّ شيء مُزعج، وتُذكِّر الشخص أيضاً بأنّ هناك مخرجاً سليماً من الفوضى المُحيطة كلّها؛ فهي هواية مريحة لا تحتاج إلى مجهود بدنيّ.
ويتطلَّب هذا النوع من القراءة مجهوداً في إدارة الوقت؛ لتخطيط أوقات الفراغ، وإدارتها جيِّداً بما يُحقِّق الفائدة، ويمكن استغلال أيّ وقت للقراءة؛ كالقراءة أثناء استراحة الغداء، أو خلال وقت الانتظار في عيادة طبيب، إضافة إلى إمكانيَّة الاستماع إلى الكُتب الصوتية إن لم تتوفَّر الكتب الورقيَّة، أو كان التنقُّل بها صعباً.
والقراءة في أوقات الفراغ لا تعني عدم الاستفادة منها في تعلُّم أشياء جديدة؛ فهي ذات أهمية كبيرة في تنمية المفردات، وزيادة المعرفة؛ عبر قراءة القصص التاريخية والدرامية، والسِّيَر الذاتية لأشخاص مُلهِمين مثلاً، وهي تُنمّي أيضاً الخيال، وتُعزِّز مهارات الإبداع، وخاصَّةً عند قراءة القصص الخيالية، إضافة إلى أنَّها تُنمّي المهارات الكتابية الأدبية، وتساعد على تلخيص الأفكار بوضوح.
وختاماً، لا بُدَّ من أن تكون القراءة عادة يومية بغضّ النظر عن الوقت؛ لفوائدها العظيمة، ومن الأمور التي تُساعد على إنشاء روتين خاصَّ بالقراءة: تحديد أهداف صغيرة، مثل تخصيص وقت يومي مُناسب للقراءة، والالتزام به؛ فالهدف بناء عادة القراءة، وليس إنهاء الكتاب في أسرع وقت.
وفي الوقت نفسه، لا بُدَّ من الحفاظ على المرونة، وعدم الشُّعور بالذنب إذا مرَّ اليوم دون قراءة؛ نتيجة مشاغل الحياة وظروفها الكثيرة؛ إذ يمكن استكمال الخُطَّة في اليوم التالي؛ ممّا يُساعد في الالتزام بها على المدى الطويل، ويجدر التنويه إلى أنّ تقليل عوامل التشتُّت عند القراءة، مثل استخدام الهاتف، أو صوت التلفاز، أمر مهمّ جدّاً؛ للتركيز قدر الإمكان.
المراجع