جار التحميل...
يواجه الكثيرون صعوبة الرفض؛ بسبب الخوف من إيذاء مشاعر الآخرين، أو القلق من رُدود أفعالهم، أو السَّعي لإرضائهم، أو الشعور بالخجل من الرفض، إلّا أنّ على الجميع أن يتعلَّموا كيفية قول "لا" عندما يكون ذلك ضرورياً، ودون الشعور بالذنب أو تأنيب الضمير.
ويتطلَّب تعلُّم فنّ الرفض بعض الأساليب والمهارات التي تُساعد في التعامل مع الآخرين في المواقف التي تتطلَّب رفضاً بمهارة وحِرَفيّة، دون التأثير في الشخص نفسه أو في الآخرين، وفيما يأتي أهمّ النصائح التي يُمكن اتِّباعها لتعلُّم الرفض.
لا بُدّ من الحصول على الوقت الكافي عند التفكير في القرار المناسب فيما يتعلَّق بطلبات الآخرين، ودراسة السلبيات والإيجابيات من كافَّة النواحي، وعدم التسرُّع أو إعطاء قرار مباشر، وخاصَّةً إذا كان القرار بالرفض؛ إذ يُساعد ذلك في تقبُّل الطرف الآخر للرفض؛ فطلبه لم يجرِ تجاهله، أو لم يُترَك لمُدّة طويلة وهو ينتظر الردّ، إلى جانب شعوره بمحاولة الموافقة على الطلب، ولا بُدّ أن يكون الرفض مباشرة وبوضوح وصرامة بعد التأكُّد من عدم القدرة على تلبية الطلب؛ حتى لا يظلَّ هناك أمل لدى الطرف الآخر بوجود فرصة مستقبلية.
يعلم كلّ شخص احتياجاته، وظروفه، وقدراته الخاصَّة، لذا لا بُدَّ من التحلّي بالجرأة وقول "لا" عند الشعور بالحاجة إلى الرفض دون تردُّد، وخاصَّة عندما تكون الأسباب التي تستدعي الرفض واضحة وضرورية؛ كالشعور بعدم الارتياح، أو عدم توفُّر الوقت الكافي للمزيد من المَهامّ والأنشطة، أو تجاوز الطلب الحدودَ الشخصية، أو القدرات والخبرات، أو تعارُضه مع الأهداف والقِيَم، أو أنّ تنفيذ الطلب يحول دون إنجاز أمر شخصي أكثر أهمّية، أو أنّ القبول سيدفع الشخص إلى الشعور بالتوتُّر أو الإرهاق.
فعلى سبيل المثال، قد يكون الرفض في بيئة العمل ضرورياً في بعض الأحيان، وخاصَّة عند تحمُّل الكثير من أعباء العمل؛ لأنَّ قبول الطلب في ظروف وأوقات غير مناسبة قد يُقلِّل الإنتاجية ويُرهِق الجسم.
ينبغي أن يكون رفض الطلب بأسلوب مُهذَّب ولطيف، مع الحرص على الاعتذار باستخدام عبارات لَبِقة وأقلّ حِدَّة من قول كلمة "لا"؛ لتجنُّب أيّ شُعور أو أثر سلبي قد يدخل في نفوس الآخرين أو يجرح مشاعرهم نتيجة الرفض؛ فقد تكون المشكلة في الأسلوب الفظّ وغير المناسب، وليس الرفض في حَدّ ذاته؛ فعلى سبيل المثال، يُمكن الرفض بقول: "أتمنّى أن أقوم بذلك، لكنّني غير مُتفرِّغ، أو لا أمتلك الخبرة الكافية لإنجاز طلبك".
ينبغي التصرُّف بحكمة وعقلانية عند رفض طلب ما؛ إذ يجب تقديم تبرير منطقي وصريح، وذكر الأسباب الحقيقيَّة للرفض دون مجاملة وبأسلوب واضح، مع ضرورة تجنُّب الكذب، أو تقديم أعذار غير منطقية؛ فذلك يساعد في تفهُّم الطرف الآخر، وتقبُّله قرار الرفض بروح إيجابية.
يمكن اقتراح حلول منطقية وقابلة للتنفيذ عند الرغبة الحقيقيّة في تقديم المساعدة والعَون؛ إذ يمكن تنفيذ جزء من الطلب، حسب التفرُّغ والقدرة وعلى نحو لا يتعارض مع الأولويات الشخصية، أو تحديد وقت لاحق أكثر مناسبةً؛ لتلبية الطلب، بالإضافة إلى إمكانية اقتراح مصدر موثوق أو بديل ذي قدرة على تقديم الدعم والمساعدة اللازمة؛ فقد يسهم ذلك في تلبية الاحتياجات دون تحمُّل أعباء إضافية، وبالتالي تحقيق الرضا لدى الأطراف كلّها.
يمكن أن يسهم تعلُّم فنّ الرفض في تحسين جودة الحياة كثيراً؛ فالوقت والجهد ثمينان لا بُدّ من استغلالهما بصورة مدروسة لصالح التطوُّر والنجاح رغم التحديات والعوائق التي تواجهه؛ فمن خلال ذلك يمكن استغلال الطاقة والقدرات في أداء مهامّ مفيدة، ممّا يساعد في تحقيق الأهداف الشخصية المطلوبة بتركيز وعلى نحو أفضل، وهذا ما لا تدعمه محاولة إرضاء الآخرين بهدف تحقيق رغباتهم لكسب القبول الاجتماعي على حساب الاحتياجات الشخصية.
ولا يقتصر الأمر على ذلك فحسب، وإنّما يسهم الرفض في تحسين الصحة النفسية، وتقليل مستويات التوتُّر والقلق، بالإضافة إلى تحسين الصحّة الجسدية؛ بتقليل الشعور بالإرهاق، والتعب، والإجهاد الناتج عن تحمُّل أعباء إضافية؛ من خلال إتاحة الفرصة للعناية بالنفس، واستعادة النشاط، وتعزيز الراحة، وممارسة الأنشطة والهوايات المُفضَّلة، مثل ممارسة التمارين الرياضية.
كما أنَّ تعلُّم فنّ الرفض يساعد في الحفاظ على علاقات صِحِّية مع الآخرين مَبنيَّة على الاحترام والتفهُّم، ورسم الحدود الشخصية، ومنع الاستغلال، وبالتالي زيادة الثقة بالنفس، وتحقيق التوازن في جوانب الحياة المختلفة.
[1] verywellmind.com, How to Say No to People
[2] psychcentral.com, How and When to Say No
[3] betterup.com, How to say no to others (and why you shouldn’t feel guilty)
[4] healthshots.com, 6 ways to say NO politely, firmly and without feeling guilty
[5] psychologytoday.com, How to Reject Someone —And Help Them at the Same Time