جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
حان وقت السيطرة

عقل قلق لا يتوقف: ما هي أسباب التفكير الزائد؟

14 أكتوبر 2024 / 9:09 PM
عقل قلق لا يتوقف_ ما هي أسباب التفكير الزائد؟
download-img
يُفكِّر الإنسان يوميّاً في كثير من الأشياء؛ فهذا جزء من وظيفة العقل لتوليد الأفكار، إلّا أنّ البعض مع ضغوطات الحياة اليومية، قد يغرقون في التفكير الزائد الذي يسرق كثيراً من الوقت والجهد، ويُؤثِّر سلباً في ممارسة الأنشطة اليومية، ورغم أنّ التفكير الزائد ليس اضطراباً أو مشكلة كبيرة في حَدّ ذاته، إلّا أنّه قد يكون عَرَضاً لأحد اضطرابات الصحّة العقلية، مثل: الاكتئاب، والقلق، واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

ويُعرف التفكير الزائد بأنّه الدخول في حلقة مُفرَغة من الأفكار السلبية والمخاوف؛ سواء التي تتعلَّق بالمستقبل، أو التي تتعلَّق بالماضي، وتُسبِّب التعب والتوتُّر وكثيراً من المشكلات الأخرى، مثل: الأرق، وفقدان التركيز، والخطوة الأولى في التعامل مع التفكير الزائد تتمثَّل بمعرفة جُذوره وأسبابه، وفيما يأتي أبرز هذه الأسباب:

الشعور بالخوف والقلق

الشعور بالقلق والخوف والوسواس من الأسباب الرئيسة للتفكير الزائد؛ فهما يُدخِلان العقل في حالة من اليقظة الشديدة؛ للتركيز على التفاصيل، وتوقُّع المشكلات أو المخاطر المُمكِنة، وبالتالي الدخول في دوّامة من التفكير السلبي، وخلق سيناريوهات مخيفة ومزعجة عمّا يُمكن أن يحدث في المستقبل، وما الذي يُخبِّئه المجهول، وتبدأ حلقة التفكير السلبي عادة بسؤال "ماذا لو"، مثل: ماذا لو فقدت وظيفتي؟ كيف سأدفع الفواتير وإيجار المنزل؟، أو ماذا لو أُصيب أحد أفراد أسرتي بمرض خطير؟، وما إلى ذلك.


السعي إلى الكمال

يؤدّي السَّعي نحو الكمال إلى دَوّامة من الإفراط في التفكير؛ إذ يفرض الهَوَس في فعل الأشياء بطريقة مثالية خالية من العيوب، والرغبة في التحقُّق الدقيق من كلّ شيء؛ خوفاً من الوقوع في الخطأ، أو حتى القلق من نظرة الآخرين عند الإخفاق؛ كأن يأخذ الشخص وقتاً طويلاً في التفكير والتدقيق في التفاصيل قبل أن ينشر منشوراً بسيطاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو أن يقضي وقتاً طويلاً في تعديل تقرير العمل ومراجعته قبل تسليمه إلى المدير.


التعرض لصدمات الطفولة والتجارب المؤلمة

تتَّخِذ صدمات الطفولة أشكالاً عِدَّة، مثل: التعرُّض للإهمال، أو الإساءة العاطفية، أو الجسدية، والتفكير الزائد ما هو إلّا وسيلة دفاعية يُطوِّرها العقل المُتضرِّر من تلك الصدمة؛ لمحاولة تجنُّب الأذى والتجارب السلبية في المرّات اللاحقة؛ فيكون الدماغ في حالة من اليقظة المُستمِرّة؛ بحثاً عن المخاطر المُحتمَلة، ولا يقتصر الأمر على صدمات الطفولة، بل يُمكن للتجارب المؤلمة أن تجعل الدماغ في حالة مُستمِرّة من التفكير والتحليل للأحداث؛ كنوع من أنواع الحماية ومحاولة السيطرة؛ لمَنع تكرار التجربة المؤلمة مرّة أخرى.


الشعور بتدني احترام الذات

عندما يشعر الإنسان بتدنّي احترام الذات، فإنّه سيعاني التفكير المُستمِرّ في نظرة الآخرين له، ورُدود أفعالهم تجاه تصرُّفاته؛ لأنّ لديه صورة سلبية عن ذاته، ويشعر أنّه غير جيّد وغير كافٍ ليتقبَّله الآخرون، وهذه الصورة السلبية تؤدّي إلى وضعه كلّ تصرُّف وكلّ قول تحت مجهر الانتقاد والتحليل، ممّا يجعله مُفرِطاً في التفكير تجاهها.

وتزيد حِدَّة القلق والإفراط بالتفكير في الأمور التي تخصّ قضايا الذات مع التجارب الجديدة، مثل: لقاء أشخاص جُدد، أو الحصول على وظيفة جديدة؛ بطرح أسئلة ممتلئة بالشكّ الذاتي، مثل: هل أملك مؤهلات كافية لهذه الوظيفة؟، أو ماذا لو فشلت، هل سيسخر منّي زملائي؟.


محاولة تجنب الصراعات والمشكلات

يتجنَّب البعض الخوض في الصراعات باعتبارها تجارب مؤلمة ومُخيفة، ممّا يستهلك الوقت والطاقة في التفكير الطويل وخلق سيناريوهات عن مدى صعوبة الصِّراعات، والتخطيط لكيفية تجنُّبها، بَيد أنّ هذا التجنُّب يُعزّز الخوف من مواجهة المشكلات حتى لو كانت صغيرة، ويُدخِل أصحابها في حلقة لا نهائية من التفكير؛ فمثلاً يمكن أن يشعر الموظَّف في العمل أنّ أيّ مشكلة أو خلاف مع المدير سيُهدِّد بقاءه في الوظيفة، ممّا يدفعه إلى الإفراط بالتفكير في كيفية تفادي أيّ مشكلة معه، وتجنُّب المواجهة المباشرة.


محاولة السيطرة على الأحداث الخارجية

محاولة السيطرة على الأحداث الخارجية من أبرز أسباب التفكير الزائد؛ سواء كانت تلك الأحداث مُتعلِّقة بالشخص نفسه، أو بالأشخاص المُقرَّبين منه، ولأنّ السيطرة على الواقع كلّه تظلّ وهماً لا يُمكن تحقيقه، فإنّ ذلك يزيد القلق والتفكير، لا سِيَّما عندما يتبيَّن للشخص أنّه عاجز بالفعل عن السيطرة؛ فمثلاً عندما يُصاب أحد أفراد العائلة بمرض مُزمِن، قد يغرق الشخص نفسه بالتفكير في سيناريوهات العلاج المُمكِنة جميعها؛ ظنّاً منه أنّ ذلك سيُعالج المشكلة، إلّا أنّ مساعدته ستكون محدودة؛ إذ لا يُمكن له السيطرة بصورة كاملة على ذلك المرض.


وختاماً، يُمكن تقليل التفكير الزائد على نحو ذاتي؛ بممارسة تمارين التأمُّل والاسترخاء والتنفُّس العميق، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وتساعد القراءة، والحديث الإيجابي إلى الذات، وطلب الدعم من الأصدقاء، على كسر حلقة التفكير الزائد، وإن لم تكن الرِّعاية الذاتية فَعّالة في التخلُّص من هذه المشكلة، فلا بُدّ حينها من طلب مساعدة المُتخصِّصين. 


وفي الأحوال جميعها، لا بُدَّ من التوكُّل على الله -عزّ وجلّ- دائماً، بعد الأخذ بالأسباب، وبذل الجهد، والسَّعي إلى تحقيق الأهداف؛ فالمؤمن يَثِق بأنّ الله لن يُحمِّله ما لا طاقة له به، وأنّ كلّ شيء يحدث بمشيئته، ممّا يُعزّز شعوره بالسكينة والطمأنينة، ويُخفِّف تفكيره الزائد، وبالتالي عَيشه حياة هادئة مُطمئِنّة.

 

المراجع

 

[1] verywellmind.com, How to Stop Overthinking
[2] betterhelp.com, What Is Overthinking Disorder? | BetterHelp 
[3] medindia.net, Overthinking: Simple Ways to Stop Overthinking and Ease Anxiety Symptoms 
[4] psychologytoday.com, 3 Origins of Overthinking | Psychology Today 
[5] hopequre.com, How to Stop Overthinking Causes and Symptoms of Overthinking

October 14, 2024 / 9:09 PM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.