جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
كن سيد الموقف

فن التفاوض.. استراتيجيات ذكية لتحقيق أفضل النتائج

01 أغسطس 2024 / 8:30 AM
فن التفاوض_ استراتيجيات ذكية لتحقيق أفضل النتائج
download-img
السيناريو الأول الذي قد يتبادر إلى الذهن عند سماع مصطلح فنّ التفاوض، وجود صفقة تجارية ضخمة على المحكّ تدور بين مجموعة من رجال الأعمال؛ للحصول على استثمار ناجحٍ ومُربِح، إلّا أنّ التفاوض لا يحدث فقط في مثل هذه المواقف الصاخبة للغاية؛ إذ يمكن أن يحدث في أجواء هادئة أيضاً بين زوجَين يتَّفِقان على مكان لقضاء وقتٍ مُمتِع في عطلة نهاية الأسبوع، فالتفاوض مهارة حياتية نحتاج إليها في البيت، والسوق، ومكان العمل، وفي كلّ مكان، وليس مُجرَّد أداة يستخدمها رجال الأعمال للتغلُّب على مُنافِسِيهم.

استكشاف فن التفاوض: كيف تصبح سيد الموقف ومحل الثقة؟

يمكن وصف التفاوض بأنَّه نوع من الأخذ والعطاء؛ يُقدِّم فيه كلّ طرف تنازلاً معقولاً لصالح الأطراف جميعهم؛ للوصول إلى حلّ وسط يُرضي الجميع، وهو نقاش أو حوار يمكن أن يحدث بين مجموعة، أو بين طرفَين مُتعارِضَين أو مُتنافِسَين، بحيث يحاول كلٌ منهما الوصول إلى حلّ نهائي للنقاش بطريقة مقبولة تُرضي الطرفيَن، فيُقدِّمان ما لديهما بأسلوب مُناسِب مُدعَّم بأدلَّة وحُجَج مُقنِعة في محاولة لإقناع الطرف الآخر به.


إذاً، فالتفاوض هو فنٌّ ومهارة يمكن تعلُّمها، وإتقانها، ومُمارَسَتها؛ فالمفاوض الناجح يسعى إلى فهم ما يُريده مُنافِسه، ولا يُركِّز فقط على ما يُريده هو؛ لأنَّ فهم الطرف المقابل يعني الإمساك بكافَّة مفاتيح الإقناع، وهو يعلم بأنَّ استماعه بإنصات يُمَكِّنه من العثور على ثغرة مناسبة في حديث مُنافِسه ليستخدِمها في دَعم قضيَّته، ولذلك يُقاوم رغبته في الحديث بلا فائدة، ويُوهِم الطرف المُقابل بأنَّه يُمسك زمام الأمور ويتحكَّم فيها؛ ليُشعِره بالراحة، ويجعله أكثر ثقةً وتقبُّلاً وانفتاحاً عند طرح رأيه وبيان ما يُريده.

لتستطيع تحقيق ما تريد.. إليك هذه الاستراتيجيات الذكية لتفاوضٍ جيد

لأنَّ التفاوض مهارة أساسيَّة مُهِمَّة في الحياة اليومية العملية والمهنية، فقد جاء منهج فنّ التفاوض ليساعدنا على رؤيته مهارة يمكن صقلها وتحسينها، دون الاكتفاء بتعلُّمها فقط؛ بالخبرة، وتعلُّم حِيَل واستراتيجيات جيِّدة، واستخدامها عند الجلوس على طاولة المُفاوَضات، وفيما يأتي أبرزها: 

الاستعداد الناجح للتفاوض ومعرفة الأهداف يحدد مصيرك

دون التحضير الجيِّد، يمكن أن تكون عملية التفاوض كالمشي في الظلام؛ إذ يصبح من الصعب الوصول إلى النتائج المطلوبة، لذا يُعَدُّ التحضير الجيِّد أمراً أساسيّاً لنجاح أيّة عمليَّة تفاوض، وخلال هذه المرحلة، ينبغي وضع أسئلة تُوجِّه العملية، وتساعد في تحديد الأهداف، ووضع إجابات واضحة لها، مثل: ما هو الهدف من التفاوض؟، وما هي الحدود الشخصيَّة؟، وما التنازلات التي يمكن قبولها؟، وهل التنازلات المطلوبة من الطرف المقابل معقولة وعادلة أم لا؟، وما هي أفضل النتائج وأسوؤها؟

التدرب على أساليب التفاوض والتواصل البصري المباشر قبل المواجهة 

ممارسة أيّة مهارة، والتدرُّب عليها باستمرار، تؤدّي إلى إتقانها في نهاية المطاف، وهذا ينطبق على فنّ التفاوض؛ فعند انعدام الخبرة الكافية في التفاوض، وعدم وجود فُرَص مُتكرِّرة تُتيح مُمارَسة مهاراته واستراتيجياته، يمكن التدرُّب عليه ومُمارَسَته؛ من خلال مواقف تخيُّليَّة أمام المرآة -على سبيل المثال-،  أو التدرُّب عليه مع أحد الأصدقاء؛ من خلال تجسيد دور الطرف الآخر خلال التمارين؛ لفهم نقاط قُوَّته وضعفه، ومعرفة الطريقة التي قد يُفكِّر فيها، أو الدخول في مُفاوَضات بسيطة في الحياة اليومية قبل خوض تفاوُض مُهِمّ وحاسم في  العمل مثلاً.


وأثناء التدرُّب على فنّ التفاوض، ينبغي التدرُّب على النظر بثبات إلى الطرف المقابل، والحفاظ على تواصل بصريّ جيِّد معه؛ بهدف تعزيز الثقة، والتعبير عن القوة والقدرة على إيصال الأفكار بشكل صحيح؛ فتجنُّب النظر والتواصل بالعيون مع الطرف المقابل، يُعطي انطباعاً بأنَّ المُتحدِّث يُخفي بعض الأمور، وبأنَّه غير جدير بالثقة في كثير من الأحيان.


و يجدر التنويه هنا إلى ضرورة الحرص على البحث المُستمِرّ عن أحدث أساليب التفاوض؛ من خلال الكتب، والبودكاست، والدورات التدريبية؛ لضمان تحديث المهارات بانتظام، وتجربة تكتيكات وأساليب مُفيدة جديدة، مثل العرض، والطَّلَب، أو التأجيل، أو المفاجأة، أو غيرها.

 للتواصل الودّي مع الطرف المقابل 

من أهمّ مهارات التفاوض التواصل الجيِّد بين الطرفين، والذي يُبنى على استخدام أساليب حِوار لَبِقة ومناسبة؛ للتعبير عن الأفكار والآراء، وتجنُّب سوء الفهم، ومن الذكاء أيضاً إفساح المجال لنوع من التواصل الودّي والدافئ مع الطرف الآخر؛ بمعنى محاولة كسر الجليد، وإضفاء لمسة من التقارب والانفتاح قدر الإمكان؛ فمن شأن هذا الأمر أن يُعطي إشارة بالموثوقية، ويُقلِّل من التحفيز العدائي تجاه المُفاوِض، وخاصَّة في بداية النقاش، ويمكن أن يساعد أيضاً في زيادة احتمالات التوصُّل إلى اتِّفاقٍ ناجح. 


وينبغي أيضاً المحافظة على الوضوح والهدوء أثناء التفاوض، وأن تكون لغة الجسد مُريحة واحترافيَّة ومدروسة في الوقت نفسه، ويجب تجنُّب الخوف من طرح الأسئلة، وخاصَّة المُحايِدة منها؛ فالإجابات المليئة بالمعلومات يمكن أن تكون مفيدة خلال عمليَّة التفاوض.

الاستماع الجيد إلى حديث الطرف المقابل

في فنّ التفاوض لا يكمن النجاح في القدرة على الحديث والإقناع فقط، وإنَّما في الاستماع الجيِّد إلى حديث الطرف المقابل أيضاً؛ للتعرُّف إلى شخصيّته، وفهم رأيه ووجهة نظره جيِّداً، وتذكُّر أهمّ الأفكار التي يطرحها للاستفادة منها عند محاولة التوصُّل إلى حلٍّ وسط يُرضي الطرفَين، مع التنويه إلى أنَّ الاستماع أوَّلاً ثمّ التحدُّث يضمن نتائج جيِّدة في معظم الأحيان.

إحكام السيطرة على العواطف

من الاستراتيجيات المهمَّة في فنّ التفاوض الهدوء والقدرة على التحكُّم في العواطف الشخصية والسيطرة عليها، وخاصَّة مشاعر الغضب والإحباط التي قد تنشأ أثناء النقاش؛ لأنَّ هذه المشاعر يمكن أن تتحكَّم بالمُفاوِض فتنسيه الأهداف الرئيسة التي يودّ تحقيقها، ومن الأساليب التي يمكن اتِّباعها عند الشعور بعدم الرضا عن طريقة سير النقاش طلب استراحة؛ حتى يتمكَّن الطرفان من استعادة هدوئهما، والعودة إلى النقاش بصدرٍ رحب.


وختاماً، هناك الكثير من الاستراتيجيات التي يصعب حصرها، ولكن يمكن معرفتها، والتدرُّب عليها؛ لإتقان فنّ التفاوض، مع تكرار ممارستها والعمل بها؛ لضمان الوصول إلى اتِّفاقٍ مُجدٍ، وتحقيق الأهداف بأسهل الطرق. 

المراجع 

[1] coursera.org, How to Improve Your Negotiation Skills
[2] harvard.edu, the art of negotiation
[3] indeed.com, 12 Important Negotiation Skills (With Definition and Tips)
[4] negotiate.org, Negotiators: How Well Do You Listen?
[5] investopedia.com, Negotiation: Definition, Stages, Skills, and Strategies

August 01, 2024 / 8:30 AM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.