جار التحميل...
ويشعر صاحب الشخصية الاعتمادية بالعجز، ويصعب عليه الاهتمام بنفسه، فيستسلم للآخرين دون مناقشة أو اعتراض؛ خوفاً من فقدان دَعمهم، إلى جانب انخفاض رغبته في تحسين قدراته، وعدم سعيه نحو الاستقلالية.
ويمكن لصاحب الشخصية الاعتمادية التحرُّر من قيودها شريطة وجود الرغبة الحقيقة في ذلك بدايةً، ثمّ باتِّباع النصائح الآتية:
يستطيع صاحب الشخصية الاعتمادية التدرُّب على الاستقلالية؛ بممارسة بعض النشاطات والمَهامّ مُنفرِداً دون الاعتماد على الآخرين، وجدولتها تدريجيّاً من السَّهل إلى الصعب؛ عبر تقييم العلاقات الحالية؛ لتحديد الجوانب التي يمكن الاعتماد فيها على الطرف الآخر اعتماداً مُفرِطاً، ثمّ اختيار مَهمَّة منها لإنجازها؛ أسبوعياً، أو شهرياً؛ كشراء حاجيات المنزل، ثمّ ممارسة مَهامّ أصعب بصورة فرديَّة؛ كتناول الطعام مُنفرِداً خارج المنزل.
وينبغي التدرُّب على تحمُّل مسؤولية هذه الأفعال أيضاً مهما كانت نتائجها، والحرص على الاستمرار فيها؛ لبلوغ المرحلة التي يُمكن فيها إنجاز الأنشطة كافَّة دون الحاجة إلى الآخرين.
يُعاني أصحاب الشخصيَّة الاعتمادية من الأفكار السلبية التي قد تُقلِّل قدرتهم على الاستقلالية، وثقتهم بإنجاز المَهمّات، والاعتماد على الذات، وما يرتبط بها من تصرُّفات اتِّكالية؛ لذا، لا بُدّ من تحدّي هذه الأفكار، وتجاوزها، أو عدم الاهتمام بها، ويُنصَح أيضاً بكتابتها على ورقة، ثمّ تفحُّصها بموضوعية، وسؤال النفس عمّا إذا كانت مَبنيَّة على حقائق، أم افتراضات؛ لمعالجتها، واعتماد الأفكار الإيجابيَّة بدلاً منها.
تتعدَّد طرق الاهتمام والرعاية الذاتية التي تساعد في تعزيز الثقة بالنفس، وتخفيف أعراض التوتُّر والقلق، وتحسين الصحَّة العامَّة والمزاج؛ فمثلاً، يُمكن ممارسة التمارين الرياضية والأنشطة البسيطة بانتظام؛ كالمشي في البداية، ثمّ ممارسة تمارين أصعب؛ لتُصبح طريقة لإنجاز المَهمّات الفردية أيضاً؛ ممّا يُعزِّز الشعور بالقدرة والقوَّة، ويُنصَح أيضاً بقراءة الكُتب المُفضَّلة، واتِّباع نظام غذائي صِحِّي، والنوم والراحة لساعات كافية؛ بهدف الحفاظ على الصحَّة النفسية.
ويساعد تعزيز الرعاية الذاتية في استكشاف الذات أيضاً، ومعرفة نقاط القوَّة، ومجالات الاهتمامات الشخصية بما يُمكِّن الفرد من تطوير نفسه فرديّاً؛ بممارسة الهوايات مثلاً، أو تنمية مهارات جديدة، أو الاشتراك في دورات تنمية الذات؛ كدورة فنّ الخطابة والإلقاء.
يُسهِم انتباه صاحب الشخصية الاعتمادية لمشاعره الداخلية وأفكاره تجاه اتِّخاذ قرار مُعيَّن -قبل استشارة الآخرين وسؤالهم عن آرائهم- في زيادة ثقته بنفسه؛ ممّا يزيد قدرته على اتِّخاذ القرارات مهما كانت، ويُعزِّز استقلاليته.
ويُسهِم الانفتاح، ومشاركة العائلة أو الطرف الآخر هذه المشاعر والأفكار، في تحديد المسؤوليات التي يتوقَّعها كلٌّ من الآخر، ومقدار مساحة استقلاليته، لتصبح علاقة مُتوازِنة وصِحِّية بدلاً من أن يكون توجيه الآخرين بالآراء والقرارات الشخصية حاجة اضطرارية تُعيق استقلالية الشخص الاعتماديّ في حياته.
إن لم تنجح الأساليب السابقة، فيُمكن اللجوء إلى الأطباء المُختَصّين؛ للتحرُّر من الشخصية الاعتمادية؛ إذ تتوفَّر أساليب علاج عِدَّة تهدف إلى استكشاف الأسباب والمخاوف التي تدفع الشخص إلى الاعتماد المُفرِط على غيره، وتُعالجها؛ بتعزيز الثقة بالنفس، والمساعدة في بناء علاقات صِحِّية متوازنة.
ومن أهمّ هذه الأساليب العلاج السلوكي المعرفي (Cognitive Behavioral Therapy) الذي يُمكِّن الشخص من فهم العلاقة بين مشاعره، وأفكاره، وأفعاله، وتحديد سلوكاته السلبية، وتصحيحها، وإدراك مساوئ هذه التصرُّفات على الذات والعلاقات مع الآخرين، والتدريب على مهارات توكيد الذات، والاستقلالية، والحزم.
ويمكن أيضاً المعالجة بأسلوب العلاج النفسي الديناميكي (Psychodynamic Psychotherapy)؛ فهو يُساعد في اكتشاف تأثير التجارب السابقة واستيعابها، وخاصَّة في مرحلة الطفولة التي سبَّبت ظهور هذه التصرُّفات الاتِّكالية فيما بعد، وتشجيع المريض على الاستقلالية، وزيادة ثقته بنفسه، على أن يحرص المُعالِج فيها على منع المريض من تكوين علاقة اعتمادية معه؛ كي لا يصبح العلاج جزءاً من المشكلة.