جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
بين الدلال والاهتمام

التدخل في تربية الأبناء: كيف يمكن أن يكون نعمة أو نقمة؟

16 أكتوبر 2024 / 12:31 AM
التدخل في تربية الأبناء_ كيف يمكن أن يكون نعمة أو نقمة؟
download-img
يُسهِم أشخاص آخرون غير الوالِدَين في تربية الأبناء، وتوجيههم، وإرشادهم في بعض الأحيان؛ كالأجداد، والأعمام، والعَمّات، والأخوال، والخالات، والأقارب الآخرين، ورُبَّما بعض الأصدقاء، أو أيّ شخص آخر مُقرَّب من العائلة والأطفال، وغالباً ما يحدثُ هذا بنيَّة حَسَنة منهم؛ حُبّاً بهم، واعتقاداً منهم بأنَّهم يعرفون مصلحتهم، أو الأمور التي عليهم تعلُّمُها.

وفي هذا المقال توضيح أهمّ الإيجابيات والسلبيات المُترتِّبة على التدخُّل في تربية الأبناء بدلاً من اقتصار دور التربية على الوالدين، فهل يمكن إدارة هذا التدخُّل وتوجيهه توجيهاً إيجابيّاً؛ للاستفادة منه بوصفه دعماً إضافيّاً يَصُبّ في مصلحة الأطفال، جنباً إلى جنب مع الحفاظ على استقرار النهج التربوي لهم؟ تابع القراءة؛ لتعرف أكثر. 

إيجابيات التدخل في تربية الأبناء

قد يكون لتدخُّل الآخرين في تربية الأبناء إلى جانب الدور الرئيس للوالِدَين، تأثيرات إيجابية ومفيدة؛ نتيجة تنوُّع خبرات هؤلاء الأشخاص، ومهاراتهم، وتجاربهم؛ ممّا يُوفِّر للأبناء بيئة تربوية غنية بالمصادر المُتنوِّعة التي تُعزِّز قِيَمهم، ومهاراتهم، ومداركهم الشخصية.


وهي تساعد الأبناء أيضاً في رؤية الأمور من وجهات نظر مختلفة ومُتعدِّدة، وتُعزِّز مرونتهم وقدرتهم على التعامل مع الاختلافات والتغيُّرات في المواقف الحياتية المختلفة، شريطة ألّا يتعارض ذلك مع القِيَم الأُسَرية التي يغرسها الوالِدان في أبنائهم، والنهج التربوي الذي يتِّبعانه في تربيتهم.


وقد تكون مُساهَمة الآخرين في تربية الأطفال مصدر دعم ومُسانَدة للوالِدَين في أحيان كثيرة، وخاصَّة عند انشغالهما بالعمل وتأمين لقمة العيش، وغيرها من الأعباء والمسؤوليات الأسرية المُلقاة على عاتقهما؛ فقد يغفل الوالدان مثلاً عن تعليم أبنائهما قِيمة أو مبدأ مُعيَّناً مُهِمّاً في الحياة؛ نتيجة انشغالهما الدائم، فيتعلَّمه الأبناء من أجدادهم، أو أقاربهم، وهذا يُعوِّض غياب الوالِدَين، أو التقصير الذي قد يصدر عنهما دون قصد. 


ويمكن أن يساعد تدخُّل الآخرين في تربية الأبناء على تطوُّر مهاراتهم الاجتماعية وقدرتهم على التفاعل والتواصل تواصلاً فاعلاً، إضافة إلى تعلُّمهم قِيَم الاحترام، والانضباط، وغيرها.


وعبر تفاعُل الأجداد والأقارب مع الأبناء، وتدخُّلهم تدخُّلاً معقولاً في تربيتهم؛ بإرشادهم، ونُصحهم، وتوجيههم، فإنَّهم يتعلَّمون معنى العائلة المُمتَدَّة، ويشعرون بالانتماء إليها؛ بدعم أفرادها لهم؛ ممّا يزيد ثقتهم بأنفسهم، ويُعزِّز شعورهم بالأمان.

سلبيات التدخل في تربية الأبناء

على الرغم من الفوائد والحَسَنات المُترتِّبة على التدخُّل الإيجابي في تربية الأبناء، إلّا أنّ هذا التدخُّل -إن كان عشوائيّاً وغير مدروس- قد يحمل في طَيّاته تأثيرات سلبية عِدَّة في نُمُوّ الأطفال، وتربيتهم، واستقرار الأسرة بصورة عامَّة؛ إذ قد يُؤدّي تعدُّد الآراء، والطرق، والأساليب التربوية التي يتلقّاها الطفل -مثلاً- من والِدَيه، وأجداده، وأقاربه، إلى شُعوره بالارتباك، وعدم القدرة على تمييز الصواب من الخطأ، ولا إدراك ما إذا كان السلوك مقبولاً، أم لا.


ويعني ذلك أنّ حُدود السلوكات تصبح غير واضحة ولا ثابتة بالنسبة إليه؛ فمثلاً، قد يرفض الآباء السماح لطفلهم بمشاهدة التلفاز أثناء تناول الطعام، في حين يسمح الأجداد بذلك بوصفه نوعاً من التسلية التي تُشجِّع الطفل على تناول الطعام؛ ممّا يجعل الأمر غير واضح كُلّياً بالنسبة إلى الطفل، إضافةً إلى أنّ هذا التنوُّع التربوي يمكن أن يخلق نوعاً من التضارُب أو التناقُض في القِيَم، والمبادئ، والقواعد، التي يتلقّاها الطفل وينشأ عليها.


وقد يُؤدّي تدخُّل الآخرين في تربية الأبناء إلى شعور الوالِدَين بفُقدان السيطرة على عملية التربية، أو بعدم التزام أبنائهم بتعليماتهم والقواعد التي يضعونها؛ ممّا يُؤدّي إلى إضعاف الترابط الأسري بعض الشيء، وقد يجعل عملية التربية والتعامل مع الأطفال أصعب؛ فكُلَّما زاد الأشخاص الذين يتدخَّلون في تربية الأبناء، زادت التحدِّيات والعَقَبات التي تُواجه العملية التربوية في الأسرة، وقد يُؤدّي ذلك -على المدى البعيد- إلى نتائج غير مُتوقَّعة. 

كيفية إدارة تدخل الآخرين في تربية الأبناء 

المرونة من أهمّ الأمور التي على الوالِدين التحلّي بها في تعاملهم مع تدخُّل الآخرين في تربية أبنائهم، وإدارته، وتوجيهه؛ للاستفادة من جوانبه الإيجابية، وتجنُّب الجوانب السلبية؛ بمعنى أنّ بإمكانهم التساهُل في بعض القواعد أحياناً؛ كالسماح للطفل بتناول قطعة حلوى في بيت الجَدّ، مع ضرورة الالتزام بقاعدة عدم السماح بتناول السكَّر خلال أيّام الأسبوع.

ويمكن الجلوس مع الأطفال، وخاصَّة الأكبر سِنّاً ممَّن يفهمون الحِوار؛ للتحدُّث إليهم، وتوضيح السلوكات المقبولة والسلوكات غير المقبولة؛ ممّا يبني نوعاً من الثقة المفتوحة بين الأطفال وأهاليهم، ويُعلِّمهم كيفية تحليل الأمور، ونقدها، وتمييز تلك الصحيحة من الخاطئة حتى لو سُمِح لهم بها من قِبَل الآخرين. 


ويُمكن اعتبار تدخُّل الآخرين في تربية الأبناء نوعاً من النصيحة التي يمكن الاستماع إليها وقبولها إن كانت جيِّدة، ويمكن رفضها بلُطف واحترام إن كانت خاطئة أو غير مناسبة للنَّهج التربوي الذي يعتمده الوالِدان. 


ويجدر التنويه إلى أنّ الوالِدَين يُمثِّلان القُدوة المُثلى لأبنائهما؛ لذا، عليهما أن يحرصا على التعامُل بحرص وكفاءة مع تدخُّل الآخرين في عملية التربية؛ فإن كانا يستمعان إلى كلام الآخرين باحترام وانفتاح، فإنّ الأطفال سيفعلون الشيء نفسه؛ ممّا يُظهر أهمّية إظهارهما السُّلوك الأفضل في التعامل مع هذا الأمر، وخاصَّة أمام الأبناء. 

 

المراجع 


[1] livehealthymag.com, How to deal with interfering relatives
[2] educationalwave.com, Pros and Cons of Grandparents Raising Grandchildren
[3] islamweb.net, 12 نصيحة لحل مشكلة تربية الأحفاد بين الآباء والأجداد 
[4] reallove.com, When Grandparents Interfere with Parenting

October 16, 2024 / 12:31 AM

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.