جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
بين العالَمين الحقيقي والافتراضي

تحديات تربية الأبناء في العصر الرقمي

14 أكتوبر 2024 / 12:11 AM
تحديات تربية الأبناء في العصر الرقمي
download-img
مع انتشار التكنولوجيا في العصر الحالي، أصبح استخدام الإنترنت؛ للوصول إلى المعلومات، والترفيه، والتعلُّم، والعمل، أمراً شائعاً؛ إذ لا يُمكن فصل أيّ جانب من جوانب الحياة الحالية عن الرقمنة، الأمر الذي نتج عنه فوائد كثيرة وتحدِّيات جمة في الوقت نفسه، والتي طالت الجانب التربوي أيضاً.

وفي هذا الصدد، يُشار إلى أنّه لا يكاد يخلو بيت من الاتِّصال بشبكة الإنترنت التي يستخدمها الآباء والأبناء على حدّ سواء؛ فوفقاً لموقع ستاتيستا (Statista) المُتخصِّص في الإحصاءات العالمية، فإنّ نحو 33% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3-17 عاماً كانوا قادرين على الوصول إلى الإنترنت من منازلهم في أنحاء العالم كلّه سنة 2020، ممّا يُشير إلى ضرورة تحقيق التوازن بين استخدام التكنولوجيا، وتعزيز نُمُوّ الأبناء على نحو صحّي.


وفيما يأتي مجموعة من التحدّيات التربوية التي جلبها العصر الرقمي، وتتطلَّب اتِّباع نهج مدروس؛ لضمان تربية الأبناء على نحو ملائم:

الإفراط في استخدام الأجهزة الإلكترونية

يُمثِّل الإفراط في استخدام الأجهزة الإلكترونية التحدّي الأكبر والأكثر انتشاراً؛ لقلق الآباء بشأن العواقب السلبية والمشكلات المُتنوّعة المُرتبطة به، مثل: اضطرابات النوم، وانخفاض النشاط البدني، وصعوبة التركيز،  وقلّة الاعتماد على النفس، والتأثيرات الأخرى المحتملة في الصحّة بصورة عامّة، الأمر الذي يُعاني بسببه الآباء عند محاولتهم تنظيم الوقت الذي يقضيه أطفالهم في استخدام هذه الأجهزة، أو تحديده.


وبسبب المتعة التي يحصل عليها الأبناء عند استخدام الأجهزة الإلكترونية، أصبح جلوسهم أمام الشاشات الإلكترونية مصدراً للتشتيت والإرهاق لهم بدلاً من الاستفادة منها، لذا فإنّ القيود التي قد يضعها الآباء؛ لضمان تحكُّمهم في تحديد أوقات مُعيَّنة لاستخدام هذه الأجهزة، بحيث لا تزيد عن ساعتَين يومياً، ومنع استخدامها في غرف النوم، أو أثناء تناول الوجبات الغذائية، أمر بالغ الأهمّية.


ومع الاستخدام المُفرِط لهذه الأجهزة، قد يتحوَّل الأمر إلى الإدمان على الإنترنت؛ فلا يستطيع الطفل منع نفسه من استخدام الأجهزة الإلكترونية، ويقضي جُلَّ وقته عليها بعيداً عن الممارسات الحياتية الأخرى، الأمر الذي يُنتج مشكلات كثيرة؛ كالعُزلة الاجتماعية، والقلق، والاكتئاب، والحرمان من النوم، عدا عن المشكلات الجسدية، مثل: إجهاد العينَين، والصُّداع.

الأمن والسلامة عبر الإنترنت

كلّما زاد الوقت الذي يقضيه الطفل على الإنترنت، كان أكثر تعرُّضاً لمخاطر مُتنوّعة تشمل التنمُّر الإلكتروني، والمحتوى غير المناسب؛ كالمحتوى العنيف، أو المُضلِّل، والاتِّصال بالغرباء، وانتهاك الخصوصية، وسرقة المعلومات الشخصية، الأمر الذي يستوجب رقابة أبوية، والتحدُّث إلى الطفل بصراحة فيما قد يمرّ به؛ ليكون على استعداد لاتِّخاذ الاحتياطات المناسبة بغضّ النظر عن فئته العُمرية.


ورغم أنّ الأبناء -لا سِيَّما الأكبر سِنّاً- غالباً ما يلجأون إلى أقرانهم عند تعرُّضهم لمثل هذه المخاطر، إلّا أنّ دور الآباء في اتِّخاذ الإجراءات الرقابية؛ للتقليل من احتمالية تعرُّض أطفالهم لها أمر في غاية الأهمية ولا يُمكن إهماله، مثل: توعية الأبناء بمخاطر الإنترنت وكيفية بقائهم آمِنين على الإنترنت، واستخدام برامج الرقابة الأبوية؛ لتقييد وصول الأبناء إلى المحتوى غير المناسب، ومراقبة نشاطهم، ولا بُدّ هنا من الإشارة إلى ضرورة استخدمها باعتدال؛ لأنّ الرقابة المُشدَّدة قد تؤثّر سلباً في ثقة الطفل بوالِدَيه، وتُشعِره بعدم الاستقلالية، الأمر الذي تترتَّب عليه مشكلات وتحدّيات تربوية جديدة.

قِلّة التواصل الفعّال وجهاً لوجه

حَلَّت التكنولوجيا محلّ التفاعلات الحقيقية كثيراً، وقلَّلت العلاقات والتفاعلات الاجتماعية على أرض الواقع، وحتى داخل الأسرة بين الأبناء وآبائهم؛ إذ يُواجه بعض الآباء صعوبة في التواصل مع أبنائهم وإجراء محادثات فعّالة معهم، والانخراط في أنشطة تُعزِّز الروابط العاطفية فيما بينهم؛ بسبب تفضيل الأبناء قضاء معظم وقتهم أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية، والتواصل مع الآخرين من خلالها، ممّا يُشكِّل عائقاً أمام تكوين علاقة قويّة وطبيعية بين الطرفَين.

دور وسائل الإعلام السلبي على صورة الجسد

يُؤثّر الإعلام الإلكتروني في تصوُّرات الأبناء الشخصية ومعتقداتهم الخاصّة، ويظهر هذا الأمر بوضوح وعُمق لدى المُراهِقين؛ إذ تُسهم المعايير الجمالية المنتشرة في وسائل التواصل الاجتماعي كثيراً في مدى تقبُّل هذه الفئة العمرية لأجسادهم، الأمر الذي يتطلَّب من الآباء تعليم أطفالهم كيفية التمييز بين الواقع والإعلانات التمثيلية، بالإضافة إلى تشجيعهم على قبول الذات، والنظر في الصفات الإيجابية الداخلية بدلاً من التركيز على المظهر الخارجي فقط.

زيادة الضغوط والمشكلات النفسية

تتأثَّر نفسية بعض الأبناء سلباً عند استخدامهم التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي؛ بسبب مقارنتهم ذواتهم ومستوى حياتهم الشخصية بحياة الآخرين؛ سواء من الأصدقاء، أو المشاهير، بما في ذلك مقارنة المستوى الأكاديمي، والسفر، وخوض التجارب، وممارسة الأنشطة المتنوّعة، ومن جانب آخر، قد يجد الآباء أنفسهم مُنخرِطين في سلوكات استهلاكية غير مُعتادة؛ لإرضاء رغبات أبنائهم في امتلاك أحدث الأجهزة والألعاب الإلكترونية، ممّا يزيد الضغوط والتحدّيات المالية والنفسية عليهم.


وقد يكون من المفيد في مثل هذه الحالات زيادة الوعي عند الأبناء، وتوضيح أنّ السعادة الحقيقية لا ترتبط بالمظاهر والمُمتلَكات المادّية فقط، بل تكون نابعة من الداخل، ومساعدتهم على إدراك تأثير الوسائط الرقمية في صحّتهم العقلية والنفسية، وتقليل هذه الضغوط؛ بالحرص على قضاء وقتٍ جيّد يومياً بعيداً عن التكنولوجيا، وممارسة المزيد من تقنيات تخفيف التوتُّر، وزيادة الشعور بالهدوء والراحة والسكينة.


وختاماً: لا بُدّ من الإشارة إلى أنّ الآباء قدوة لأبنائهم، ممّا يُحتِّم عليهم الانخراط في السلوكات والعادات التكنولوجية الإيجابية قدر الإمكان، الأمر الذي يُتيح للأبناء تقليد آبائهم، أو التقيُّد بالتعليمات بسهولة أكبر؛ فمثلاً، لن يتقبَّل الابن التوجيهات عن مُدَّة استخدام الجهاز الإلكتروني إن كان أحد والِدَيه يقضي معظم وقته في المنزل مُمسِكاً بهاتفه الذكي، ويجدر التنويه إلى أنّ الآباء إن لم يُحاولوا ضبط سلوكاتهم، وتوجيه الأبناء للاقتداء بما يفعلونه بدلاً ممّا يقولونه، فقد تنتج صراعات ومشكلات تربوية جديدة.   

 

 المراجع


[1] janpetersoncdc, Parenting in the Digital Age: Navigating Challenges for Healthy Development
[2] thearkgroup, Parenting in the Digital Age: Navigating Challenges
[3] aspireearlyeducation.vic, Guide to Navigating the Challenges of Parenting in the Digital Age
[4] norden.diva, DIGITAL PARENTING
[5] opentextbooks.uregina, CRITICAL PERSPECTIVES ON TECHNOLOGY AND THE FAMILY

 
October 14, 2024 / 12:11 AM

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.