جار التحميل...
يُعَدّ الاستكشاف مهارة مُهِمَّة في حياة الأطفال؛ إذ تبدأ بنُمُوّهم، وازدياد قدرتهم على الحركة، مدفوعين بفضولهم الطبيعي لاكتشاف ما يحيط بهم، وتكمُن أهمِّية هذه المهارة في أنّها أساسية لتطوُّر الطفل؛ جسديّاً، وعاطفيّاً، واجتماعيّاً؛ فبالاستكشاف، يبدأ الأطفال ببناء استقلاليَّتهم، وتعزيز ثقتهم بمَن حولهم.
ويمكن تشجيع هذا الجانب عبر توفير أدوات تُحفِّز مختلف الحواسّ، مع ضمان بيئة آمِنة للحركة والتنقُّل، وينبغي إتاحة الفرص للأطفال لخوض تجارب ثرية يوميّاً، والسماح لهم بالانغماس في الأنشطة دون قُيود مُفرِطة؛ فالضبط الزائد والتنظيم المُبالَغ فيه قد يحُدّان من فرص الاستكشاف.
يُعَدّ التواصل الفعال من المهارات الاجتماعية الجوهرية التي ينبغي على الأطفال اكتسابها منذ الصِّغَر، وهو يشمل جانبَين أساسيَّين، وهما: التعبير، والإصغاء؛ إذ تساعد مهارات التعبير الأطفال على توضيح احتياجاتهم، وأفكارهم، وآرائهم، بثقة ووضوح؛ ممّا يُقلِّل شعورهم بالإحباط، ومن ثَمَّ تنخفض احتمالية حدوث نوبات الغضب، أو ظهور السلوكات الصعبة التي قد تُؤثِّر سلباً في المُحيطين بهم.
أمَّا الإصغاء الفعّال، فهو الجانب الآخر المُهِمّ في عملية التواصل؛ إذ يتطلَّب من الطفل القدرة على سماع ما يُقال، وفهمه، واستخدام تلك المعلومات بصورة مناسبة؛ فمثلاً، يمكن للطفل الذي يُجيد الإصغاء أن يفهم تعليمات مُعلِّمه بدِقَّة، ويُنفِّذها على النحو المطلوب، أو يُدركَ متى يحتاج صديقه إلى الدعم.
وتُعزِّز هذه المهارات التفاعلات الاجتماعية الإيجابية للأطفال؛ فالطفل الذي يُتقن فنون التواصل والإصغاء، يكون أكثر قدرة على فهم الآخرين، والتعامل معهم بكفاءة، في مختلف المواقف الاجتماعية، بينما قد يواجه الأطفال الذين يفتقرون إلى هذه المهارات صعوبات في التكيُّف مع بيئاتهم الاجتماعية، وقد يجدون صعوبة في التعبير عن أنفسهم، أو فهم وجهات نظر الآخرين.
يُعَدّ التعاطف من أهمّ المهارات الاجتماعية التي ينبغي على الطفل اكتسابها، وهو يُمثِّل القدرة على إدراك مشاعر الآخرين وفهمها، ويتعلّم الطفل من خلال هذه المهارة أيضاً كيفية تقدير أوجه التشابه والاختلاف بين حياته وحياة الأشخاص الذين يقابلهم؛ ممّا يساعده على التعاطف معهم، بغضّ النظر عن مدى اختلافهم عنه، وقد يظهر التعاطف لدى الأطفال الصغار من خلال بعض التصرُّفات البسيطة؛ كأن يتوقَّف الطفل عن اللعب بلعبة مُعيَّنة عند رؤيته طفلاً آخر يبكي لرغبته في اللعب بها أيضاً، فيُعطيه إيّاها.
ومن المُهِمّ إدراك أنّ هذا الحِسّ التعاطفي لا يظهر فجأة، بل يتطوَّر تدريجيّاً عبر مواقف مُتنوِّعة؛ لذا، يُعَدّ إظهار التعاطف من قِبَل الوالِدَين تجاه أطفالهم من أفضل الطرق لتعزيز نُمُوّ هذه المهارة لديهم؛ فعندما يتعامل الأهل مع أطفالهم برفق وتفهُّم بصورة مُتكرِّرة، فإنّ الأطفال يتعلَّمون بدورهم كيفية التعامل مع الآخرين بالأسلوب نفسه.
تُعَدّ آداب السلوك والتصرُّف من المهارات الاجتماعية الضرورية التي يجب أن يكتسبها الأطفال؛ فقد يلجأ بعضهم إلى سلوكات غير مُهذَّبة؛ كإثارة الضجيج لجذب الانتباه، وعلى الرغم من أنَّ بعض هذه السلوكات قد تُمثِّل مُزاحاً بريئاً، فإنَّ تعليم الأطفال التصرُّف بأدب واحترام في المواقف الاجتماعية أمر بالغ الأهمية.
وتشمل آداب السلوك الأساسية استخدام كلمات، مثل: "من فضلك"، و"شكراً"، في التعاملات اليومية، وتتضمَّن أيضاً الالتزام بآداب المائدة، وآداب الاستئذان، والتحدُّث بلباقة، وغيرها، وهنا، يبرز دور الوالِدَين بوصفهما قدوتَين لأطفالهما؛ بإظهار الاحترام، وحُسن التصرُّف مع الآخرين، وفي تعاملاتهما مع أطفالهما؛ فعندما يستخدم الأهل العبارات المُهذَّبة في تفاعلاتهم كلِّها، فإنَّهم يُقدِّمون أنموذجاً عمليّاً لأطفالهم في ما يتعلَّق بالتعامل اللَّبِق في المجتمع.
والأطفال يميلون إلى تقليد سلوكات الوالِدَين في جوانب أخرى، مثل: طريقة الأكل، والعناية بالنظافة الشخصية، وترتيب الأشياء؛ ممّا يُحتِّم على الوالِدَين أن يكونا على وعي دائم بتصرُّفاتهم، وعاداتهم اليومية.
تعكس هذه المهارات قدرة الأطفال على التفاعل الإيجابي مع الآخرين، والعمل معاً؛ لتحقيق هدف مشترك؛ فعندما يُبدي الطفل استعداده لمشاركة لعبة، أو العمل مع زملائه في مشروع مدرسيّ، فإنَّه يُظهِر مهارات اجتماعية جيِّدة، ويُطوِّر قدرته على حلّ المشكلات.
ومن الجدير بالذكر أنَّ الأطفال في سنّ ما بين الثانية والسادسة، غالباً ما يُواجهون صعوبة في مفهوم المشاركة، إلّا أنّهم عند بلوغهم سنّ السابعة أو الثامنة، فإنَّهم يُطوِّرون فَهماً أفضل لمعنى العدل، ويصبحون أكثر استعداداً للمشاركة والتعاون، وتكمُن أهمِّية هذه المهارات في أنَّها تمنح الشعور بالرضا والسعادة؛ إذ تُعزِّز تقدير الذات، وتساعد الطفل في فهم أهمِّية العمل الجماعي.
والتعاون يُسهِم في بناء الاحترام المُتبادَل بين الأطفال؛ فهو يعني التعايُش في مجتمع؛ سواء في المدرسة، أو في المنزل، أو في الرياضة؛ ممّا يجعله مهارة أساسية في مختلف مجالات الحياة؛ لذا، من المُهِمّ تشجيع الأطفال برِفق على المشاركة والتعاون مع الآخرين، مع ضرورة أن يُمثِّل الوالِدان القدوة العملية في ذلك؛ عبر سلوكاتهم اليوميَّة.