جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
لماذا يتكلم كثيراً؟

شخصية الطفل كثير الكلام: فهمها وسيلة للتعامل السليم معها

15 أكتوبر 2024 / 7:32 PM
شخصية الطفل كثير الكلام_ فهمها وسيلة للتعامل السليم معها
download-img
غالباً ما يستطيع أيّ طفل يبلغ 18 شهراً من العُمر أن يُعبِّر بكلمات منفردة عن أسماء الأشخاص، والأشياء المُحيطة به، ويُصبح في عامه الثالث قادراً على التعبير بجُمَل تتكوَّن من ثلاث كلمات على الأقلّ، وما إن يتقدَّم في العُمر حتى تصبح جُمَله أطول على نحو ملحوظ، ما لم تكن لديه مشكلات تحول دون تطوُّر اللغة لديه.

وفي بعض الأحيان، قد يكون الطفل مُفرِطاً في حديثه إفراطاً قد يبدو للآخرين مضحكاً، أو مثيراً للاهتمام، وفي الوقت ذاته، قد يكون مزعجاً، ومُقلقاً للوالِدَين؛ ممّا قد يشعرهم بوجود مشكلات سلوكية أعمق ينبغي التعرُّف إليها، وفهمها؛ للتمكُّن من التعامل معه بأسلوب سليم، دون أن يؤثّر ذلك سلباً في جوانب حياته المختلفة؛ سواء الاجتماعية، أو الدراسية.

أسباب شائعة تجعل الطفل كثير الكلام

رغم اختلاف طبيعة الأطفال، فإنّ حديث الطفل المُفرط غالباً ما يُعَدّ حالة طبيعة تدلّ على نُمُوّه وتطوُّره عموماً، علماً بأنّ هناك مجموعة من الأسباب التي تُؤدّي إلى سلوكه هذا، ومنها: 

الحماس والطاقة والنشاط

إن كان الطفل مُهتَمّاً بأمر مُعيَّن، فلا بُدَّ من أنّه سيُحاول مشاركة تفاصيل هذا الأمر مع مَن حوله بحماس كبير، ولن يتمكَّن حينها من التوقُّف عن الكلام، بل قد يستمِرّ فيه مُدَّة طويلة، بالإضافة إلى أنّ رغبته في إيصال أفكار مُعيَّنة، أو التعبير عن موضوع مُحدَّد يجعله مُفرِطاً في الحديث أيضاً.


وكلام الطفل الكثير قد يدلّ على موهبته وامتلاكه قدرات لفظيّة كبيرة؛ فحديثه إلى والِدَيه بالتفصيل عمّا جرى معه في يومه مثلاً، وتركيزه على أمور بسيطة وأخرى مُعقَّدة، يعني أنّ لديه مهارة التفكير المُتسلسِل والمُنظَّم والواعي.

جذب انتباه الوالدين

في بعض الأحيان، يُحاول الطفل جذب انتباه الآخرين بكثرة الكلام، لا سِيَّما والِدَيه؛ فممارسة الأمّ الأعمال المنزلية دون إبداء الاهتمام أو التفاعل مع طفلها مثلاً، يُشعره بالرغبة في لفت انتباهها أكثر، أمّا وجود رضيع في المنزل يحصل على جُلّ الاهتمام، فيُشعر الطفل بحاجته إلى الأمان والحُبّ الذي كان يحظى به سابقاً؛ ممّا يدفعه إلى التصرُّف بأسلوب مختلف؛ لجذب الانتباه، وقد يشمل هذا الأسلوب الكلام الكثير.     

القلق والتوتر من المواقف الاجتماعية

رغم أنّ القلق من المواقف الاجتماعية التي ترتبط بالخجل ومحاولة الابتعاد عن الآخرين، فإنَّه -أحياناً- يكون سبب حديث الطفل المُفرِط والسريع، وقد يدرك الطفل في تلك المواقف أنّه يتحدَّث بإفراط، لكنَّه يواجه صعوبة التحكُّم في اندفاعه، أو تهدئة نفسه على النحو الصحيح؛ فيكون مُنفعِلاً، ويتحدَّث كثيراً، وتصدر عنه تعبيرات عشوائية غير مُناسبة للموقف الحالي.

التطوُّر اللغوي والحديث مع الذات

يمرّ الأطفال بمراحل مختلفة من التطوُّر اللغوي، وقد تكون كثرة الكلام من مظاهر هذا التطوُّر؛ إذ يتحدَّث معظمهم منذ سنوات الطفولة المُبكِّرة إلى أنفسهم على نحو ملحوظ، ومع مرور الوقت، يأخذ هذا الأمر بالتلاشي؛ فمثلاً، قد نجد الطفل -أثناء لَعِبه بقِطَع الليغو- يتحدَّث إلى ذاته بإسهاب دون توقُّف وكأنَّه يُحدِّث شخصاً آخر، ويبدأ بتوجيه بعض التعليمات عن كيفية بناء بُرج من هذه القِطَع بدقَّة وتفصيل.


وبحديث الطفل الكثير مع نفسه، تتطوَّر لديه مهارات التخطيط، والتفكير النقدي، والأداء، مع ملاحظة أنّ هذا النوع من الحديث غالباً ما يكون في الثالثة من العُمر عفويّاً، لكنَّه يصبح أكثر تحديداً وتُقصَد به معلومات مُعيَّنة في الرابعة من العُمر.

مشكلات نفسية وراء كلام الأطفال المفرط

قد يكون التحدُّث المُفرِط لدى الأطفال أحياناً من الأعراض التي تُرافق المشكلات النفسية، المعروفة أيضاً باضطرابات الصحّة العقلية، وأبرزها:

اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط 

من الشائع أن يتحدَّث الطفل الذي يعاني اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD) لعِلَّة قهريَّة؛ فهو غير قادر على التوقُّف عن الكلام، ويجد صعوبة في تبادل الأدوار أثناء التحدُّث مع الآخرين؛ إذ يُقاطعهم على نحو واضح ومُبالَغ فيه، ويبدو غير قادر على توظيف المهارات الاجتماعية عموماً، مثل: التحدُّث بنبرة صوت معتدلة وطبيعية، أو الاستماع الفعّال، أو تفسير لغة الجسد، وإيماءات الوجه، ومن ثَمَّ استمراره في الحديث دون توقُّف.

اضطراب ثُنائي القُطب

يتضمَّن اضطراب ثُنائيّ القُطب (Bipolar Disorder) تقلُّبات مزاجية شديدة تتراوح بين الابتهاج والهوس غير الطبيعي، ونوبات الاكتئاب؛ ففي نوبات الهوس، يبدأ الطفل بالحديث على نحو مُفرِط جدّاً، وينتقل من موضوع إلى آخر دون ترابُط أو مُقدِّمات، بينما يُصبح في نوبات الاكتئاب أكثر هدوءاً وانعزالاً على نحو لافِت للانتباه؛ لذا، ينبغي التركيز جيّداً على معرفة إذا كان لديه هذا التناوب في النوبات؛ لتشخيص حالته، والتعامل معه على نحو صحيح بناءً على ذلك.

اضطراب الشخصية النرجسية

لدى الطفل النرجسي شعور مُبالَغ فيه بالأهمّية وتقدير الذات؛ لذا، يحاول أن يتصدَّر المحادثات مع الآخرين، وقد يُركِّز أثناء ذلك على حديثه عن نفسه كثيراً، ويُمكن ملاحظة مقاطعته المُستمِرّة لأحاديث الآخرين؛ كي يُدير الحِوار، ويُسيطر عليه كما يشاء.

اضطراب ما بعد الصدمة 

قد يُؤدّي تعرُّض الطفل لصدمة نفسية أو موقف مُؤلم إلى الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، وعندها قد يلجأ تلقائيّاً إلى الحديث المُفرِط عن ذلك الموقف، أو طرح أسئلة كثيرة عنه، بالإضافة إلى التحدُّث كثيراً عن أشياء أخرى لا علاقة لها بالموقف؛ في محاولة منه لتجنُّب المشاعر السلبية الكامِنة داخله.

اضطراب طَيف التوحُّد

وفقاً لما نشرته مُنظَّمة الصحّة العالمية (World Health Organization) عام 2023، فإنّ واحداً من بين 100 طفل في العالم مُصاب بالتوحُّد (Autism)، وقد يرتبط هذا الاضطراب بالتحدُّث المُفرط، ومشكلات عِدَّة في مهارات التواصل مع الآخرين.


ومثال ذلك، أنّ الطفل الذي يُعاني طَيف التوحُّد قد يجِد صعوبة في التواصل البصري، أو ملاحظة عدم اهتمام الشخص المقابل بما يتحدَّث فيه؛ فهو يُركِّز في حديثه المُفرِط على موضوع يهتمّ هو نفسه بشأنه، ورغم أنّ بعض هذه الأعراض قد تكون طبيعية لدى كثير من الأطفال، فإنّها قد تكون دليلاً واضحاً أيضاً على التوحُّد.

ختاماً: نصائح وتوجيهات للتعامل مع الطفل كثير الكلام 

من الطبيعيّ أن يُثير حديث الطفل المُفرِط مشاعر الاستياء والضجر لدى الوالِدَين، إلّا أنّ معرفة كيفية التعامل مع مثل هذه المواقف تعامُلاً سليماً، يُخفِّف من حِدَّة الأمر؛ إذ لا يحتاج حديث الطفل كثير الكلام إلى مَن يستمع إليه دائماً، لا سِيَّما إن كان يتحدَّث إلى نفسه، وفي هذا الصَّدد، يمكن تخصيص وقت مُحدَّد للاستماع إليه والتفاعل معه، حتى لو كان يتكلَّم كثيراً.


ويمكن توفير مزيد من التحدّي والتحفيز للطفل كثير الكلام؛ ليتمكَّن من التعبير عن ذاته، وتفريغ طاقاته وحماسه في نشاطات أخرى غير الكلام، مثل: الرَّسم، أو ممارسة الرياضة، وإتاحة المجال له؛ كي يتواصل مع الآخرين.


أمّا إن كان الأمر مُتعلِّقاً بمشكلة نفسية لدى الطفل كثير الكلام، فلا بُدَّ من طلب الاستشارة المُتخصِّصة، والحصول على التشخيص المناسب الذي يساعد على تعلُّم أفضل الوسائل للتعامل معه.

 

المراجع

 

[1] embarkbh, Excessive Talking: A Guide to Overly Talkative Teens and Children
[2] understood, Why some kids talk nonstop
[3] verywellmind, Excessive Talking in Children With ADHD
[4] jeevaniyam, ADHD In Children: An Excessive Talking Child!
[5] parents, How to Handle an Overly Chatty Kid Without Feeling Like a Mean Parent

October 15, 2024 / 7:32 PM

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.