جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
بناء جسور الفهم والثقة

تحسين العلاقة الأسرية: طرق فعّالة للتواصل بين الآباء والأبناء

26 سبتمبر 2024 / 11:04 AM
تحسين العلاقة الأسرية_ طرق فعّالة للتواصل بين الآباء والأبناء
download-img
التواصل الفعّال أساس مُهِمّ للعلاقات الناجحة في الأسرة، ويُشير عموماً إلى القدرة على إرسال المعلومات وتلقّيها بين الأطراف المَعنيّة بهدف الوصول إلى فهم مُشترَك، إلّا أنّ هذا النوع من التواصل يكاد يكون معدوماً في بعض الأُسر الذي يقتصر التواصل فيها على إصدار الأوامر والتلقين، وإهمال أفكار الأبناء ومشاعرهم؛ ممّا يُخلِّف فجوةً بين الآباء والأبناء، ويُشكِّل تهديداً لكيان الأسرة.

وعليه، لا بُدّ من معرفة طرق التواصل الفعّالة، وإدراك أهمّيتها في بناء علاقات أُسَرية صِحِّية وسليمة.

كيفية تعزيز التواصل الإيجابي بين الآباء والأبناء

للتواصل الفعّال طرائق عِدَّة يمكن أن يستخدمها الآباء مع أبنائهم، ومنها ما يأتي:

الاستماع باهتمام وتركيز 

يُعرَف الاستماع بتركيز واهتمام للمُتحدِّث لفهم ما يُحاول قوله بـ "الاستماع النَّشِط"، ويُعَدّ وسيلة فعّالة تسهم في تواصل الآباء مع أبنائهم تواصلاً مثمراً، ويُمكن تطبيقه عبر التواصل البصري، والنَّظر إلى العينَين مباشرة، واستخدام لغة الجسد التي تُشير إلى الاهتمام الكامل بحديث الطرف الآخر، مثل إيماءات الرأس.


وينبغي أيضاً ترك أيّ شيء يدعو إلى الانشغال أثناء التواصل؛ كالهاتف المحمول، أو شاشة التلفاز، بالإضافة إلى طرح أسئلة مفتوحة على الأبناء بأسلوب لطيف، تبدأ بأدوات الاستفهام كيف، ولماذا، وماذا؛ لأنّها تدلّ على متابعة الحديث بعناية، وتُشجِّع على التعبير عن الأفكار والمشاعر، مثل: "لماذا شعرتَ بالحزن حين حدث هذا الموقف؟".


ويجدر بالذكر أنّ الاستماع الفعّال مُهِمّ حتى عند وجود خلاف بين الآباء والأبناء في وجهات النظر؛ لأنَّه يزرع فيهم قيمة احترام الطرف الآخر، ومهارة التعبير عن الأفكار بحُرِّية دون خوف.

التعبير بوضوح عن المشاعر

قد يكون من الصعب على الأبناء التعبير عن مشاعرهم في بعض الأحيان، لا سِيَّما إن كانوا في عُمر صغير؛ ممّا يُحتِّم على الآباء مساعدتهم على التعبير عن العواطف والمشاعر؛ فمثلاً، إن كان الابن يضحك أثناء اللعب، فيمكن أن يقول الوالِدان له: "أراك تبتسم كثيراً، فهل تشعر بالسعادة؟".

وهذه الطريقة تُشعِر الابن بأنّ والِدَيه يفهمان مشاعره، وتُعطيه القدرة على التعامل مع هذه المشاعر بصورة أفضل؛ ممّا يُنمّي لديه القدرة على فهم مشاعر والِدَيه، والمُحيط من حوله.

استخدام الأسلوب الإيجابي في التوجيه

لا بُدّ من استخدام أسلوب إيجابي في التواصل عندما يرغب الآباء في توجيه تعليمات إلى أبنائهم أو تصحيح أفعالهم، ومن الأمثلة على هذه الأساليب الإيجابية: تجنُّب أسلوب المحاضرات؛ لأنَّها تقطع التواصل بين الابن ووالِدَيه، وعِوَضاً عن ذلك ينبغي استخدام أسلوب الحِوار والنِّقاش، والامتناع عن استخدام كلمات مهينة، مثل: "أنت غبيّ"، أو "أنت أحمق".


ولا بُدّ أيضاً من توجيه الانتقادات إلى السلوك نفسه، وليس إلى شخصيّات الأبناء ذاتها؛ فبدلاً من قول:" لا أُحبّ أنّك كسول في المدرسة"، يُمكن استخدام عبارات ألطف، مثل: "أُلاحِظ أنّ أداءك متراجع في المدرسة، فهل هناك مشكلة مُعيَّنة؟".


ومن الأفضل كذلك تجنُّب استخدام العبارات التي تبدأ بـ "لا تفعل"، وغيرها من أفعال النهي؛ فعِوَضاً عن قول: "لا تركض في المنزل"، يُمكن استخدام عبارة أكثر إيجابيّة، مثل: "من فضلك امشِ بهدوء في المنزل".

قضاء وقت ممتع ومفيد معاً

تُعَدّ الأنشطة اليومية والروتينية من الأوقات الجيِّدة لممارسة التواصل بين الآباء والأبناء؛ كبدء المحادثات أثناء الذهاب أو العودة من المدرسة، وعلى مائدة الوجبات الرئيسة؛ كالغداء، والعشاء، ويُفضَّل أن تكون الأحاديث عن اهتمامات الأبناء، أو الاهتمامات المُشترَكة، ويمكن أن يسرد الآباء قصصاً إيجابية مناسبة لعُمر الأبناء ومستوى فهمهم.


بالإضافة إلى ذلك، يُعَدّ تخصيص وقت للَّعِب وممارسة الأنشطة والهوايات، أو حتى الخروج في نزهة معاً، من أفضل الطرق للتواصل الفعّال، وتعزيز الروابط الأُسَرية بين الآباء والأبناء. 

أهمية التواصل الفعال: نحو علاقة أُسَرية صِحِّية وداعمة

يُؤثِّر التواصل الفعّال إيجاباً ومباشرة في العلاقات الأسرية، وفي ما يأتي أبرز هذه التأثيرات:

بناء رابطة أُسَرية أساسها الثقة والاحترام

يُعزِّز التواصل الصادق والمفتوح الرّوابط الأُسَرية بين الأبناء والآباء بصورة كبيرة؛ إذ يُسهم في خلق جوّ أُسَريّ تسوده الثقة والاحترام المُتبادَلَين؛ ببذل الآباء جُهودهم في تنشئة أبناء يعرفون كيفية التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم، فيشعر الأبناء أنّ هناك مَن يستمع إليهم، ويُقدِّر أفكارهم، ويفهمها بعُمق.


والتواصل الفعّال في مثل هذه البيئة الداعمة، يُقوّي العلاقات بصورة صِحِّية ومُتوازِنة، ويُعلِّم الجميع أهمّية التواصل الحقيقي، وأثره الإيجابي في تعزيز المَحبَّة والتفاهُم داخل الأسرة.

حل المشكلات بفعالية أكبر

يُسهِم التواصل الفعّال في بناء أرضية مُشترَكة للنقاشات وتبادل وجهات النظر؛ ممّا يُعزِّز تطوير نهج جماعي لحَلّ المشكلات حلولاً صِحِّية وخالية من النزاعات؛ إذ يشارك أفراد الأسرة آراءَهم بحُرّية دون خوف من تقليل شأنها، بالإضافة إلى أنّ الجهد التعاوني في تقديم آراء مُتنوِّعة ومن زوايا مختلفة يزيد فرصة حَلّ المشكلات، والتصدّي للتحدِّيات بفاعلية أكبر.

تحسين الصحة النفسية والعاطفية

يُؤدّي التواصل الفعّال دوراً أساسياً في تحسين الصحة النفسية للأبناء؛ لأنّ البيئة التي يُنتجها التواصل الفعّال تكون مَبنيّة على الاحترام والدعم العاطفي، والقدرة على التعبير عن المشاعر، وهذا يُؤثّر إيجاباً في الصحّة النفسية والعاطفية للأبناء.

وبحسب ورقة بحثية نُشِرَت عام 2022 في مجلة (Indian Journal of Social Sciences and Literature Studies) المُتخصِّصة في نشر المقالات والبحوث في مجالات العلوم الاجتماعية والأدب، وُجِد أنّ التواصل الإيجابي والصحّي مُهِمّ جدّاً لتحسين الصحّة النفسية، وتطوير شخصية الأطفال، وتحسين علاقة الآباء مع الأبناء، وفي المقابل، قد يُسبِّب التواصل السلبي العديد من المشكلات النفسية والاجتماعية لدى الأطفال، مثل: المُعاناة من الاكتئاب، وتفضيل الوحدة والعُزلة.

وختاماً، يُولي الإسلام العلاقات الأسرية أهمية كبيرة؛ بوصف الأسرة أصغر وحدة في المجتمع، ولا بُدّ أن تُبنى على أساس صِحّي؛ حتى تُنتج أجيالاً تبني مستقبلاً واعداً للأفراد والمجتمعات، والتواصل الفعّال هو جوهر تحقيق ذلك، كما دعا الإسلام أيضاً إلى الحِوار الودود والمُحِبّ بين الآباء والأبناء، وأعطى نماذج عِدَّة، مثل: حوار النبيّ يوسف مع أبيه النبي يعقوب -عليهما السلام- عن الرؤيا التي رآها في منامه، وحِوار النبي نوح -عليه السلام- مع ابنه الذي رفض اتِّباع الحقّ.


وكما يقول المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان "رحمه الله": "الأسرة السويّة هي أساس المجتمع القويم، فيها يتعلَّم النشء التراحُم، والتلاحُم، وحُبّ الوطن، ومنها يتشرَّبون الأخلاق والقِيَم، وعبرها يتمثَّلون عادات المجتمع وتقاليده نهجاً وسلوكاً؛ فيحترمون نُظُمه، ويلتزمون قوانينه، وبذلك يكون الفرد المسؤول المُنتمي، والمجتمع الآمِن المُستقِرّ".

 

المراجع  

[1] unicef.org, How to communicate effectively with your young child
[2] jbcnschool.edu.in, Effective Ways Of Communication With Children
[3] onlinecoursesaustralia.edu.au, Why Family Communication Is Important
[4] youngscholarsacademycolorado.com, 5 Tips For Improving Parent-Child Communication 
[5] publicboard.ca, Effective Communication for Families: Building Stronger Bonds

September 26, 2024 / 11:04 AM

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.