جار التحميل...
وعموماً، يُمكن للطفل في عمر 18 شهراً فقط البدء بتعلُّم الألوان، ووفقاً لدراسة نشرتها معاهد الصحّة الوطنية الأميركية (NIH) عام 2022، فإنّ قدراً كبيراً من التطوُّر الإدراكي عند الطفل يحدث في السنة الأولى بعد الولادة؛ إذ ينتقل الرضيع خلال سِتّة أشهر فقط من اكتشاف الألوان المحدود جدّاً إلى إدراك أكثر تعقيداً؛ فيستطيع تمييز الأشياء وفهمها في العالم من حوله.
تُؤثّر الألوان في مزاج الأطفال، وتُشجِّعهم على التعلُّم، وتُلهِم خيالهم، لذا يُحفِّز تعليمهم الألوان بوسائل إبداعية وتفاعُلية حَواسّهم، ويُسهِم في تجنيبهم الشعور بالملل، ومن أبرز تلك الوسائل ما يأتي:
تُعَدّ قِطع الليغو المُلوَّنة، وبطاقات الألوان التعليمية، أدوات فعّالة في تعليم الطفل الألوان بسهولة، وإن لم تتوفَّر الوسائل التعليمية السابقة، فيُمكن استخدام أيَّة ألعاب أخرى لدى الطفل؛ كالكُرات البلاستيكية، أو السيّارات، ويُمكن استخدامها بالإشارة إلى ألوان هذه الألعاب، وتكرار أسمائها أمام الطفل بأسلوب مرح ومُسلٍّ إلى أن يحفظها ويُميّزها، مع الحرص على سؤاله في المرّات اللاحقة عن أسماء ألوان القِطَع ذاتها.
ويُمكن استغلال هذه الألعاب في تنمية القدرات الإدراكية والحِسّ الإبداعي لدى الطفل، وتطوير مهاراته في حلّ المشكلات والتفكير المنطقي، باستخدام الألعاب المُخصَّصة؛ لمُطابَقة الألوان، أو فرزها؛ تبعاً للشكل، واللون.
يُمكن استغلال روتين قراءة القصص قبل النوم في تعليم الطفل الألوان؛ باختيار قصص مُصوَّرة تتضمَّن ألواناً جَذّابة؛ إذ يُمكن للوالِدَين الإشارة إلى الصور، والأشكال، وإخبار الطفل بألوانها؛ كالقول مثلاً: "يأكل الأرنب الأبيض جزرة برتقالية لذيذة"، أو تكليفه بالإشارة إلى أشكال ذات لونٍ مُعيَّن في الصفحة، وما إلى ذلك، ويجدر بالذكر أنّ الاستفادة ممكنة أيضاً من الرُّسوم المُتحرِّكة وأفلام الكرتون في الإشارة إلى الألوان، وتعليمها للطفل أثناء مشاهدته إيّاها.
يظلّ الطفل مُتقِناً الأغنيات والأناشيد التعليمية حتى بعد تعلُّمه إيّاها لوقت طويل؛ فإيقاع الموسيقى وتناغم الكلمات يُسهِّل عليه الحفظ والتذكُّر، لذا يُمكن للوالِدَين تشغيل الأغاني الخاصَّة بتعليم الألوان، والبدء بترديدها على مَسامِعه، مع الإشارة إلى الألوان المُطابقة في الأغنية لألوان البيئة المُحيطة به، ويُمكن تشغيل مقاطع الفيديو التي تتضمَّن مثل هذه الأناشيد.
تُحسِّن دفاتر التلوين المهارات الحركية الدقيقة عند الطفل التي تتطلَّب استخدام عضلات اليدَين وأصابعها بدِقَّة، وفي الوقت ذاته، تُعَدّ وسيلة جيّدة لتعليمه الألوان المختلفة، ولزيادة الفائدة، يُمكن إضافة بعض الحروف والأشكال الهندسية إلى الرَّسم المُراد تلوينه؛ للدَّمج بين تعلُّم الألوان والأشكال.
ولأنّ استخدام المزيد من الحواس يُسهم في تثبيت المعلومات لدى الطفل، يُمكن السماح له بطلاء أصابعه بطلاء مُخصَّص للأطفال وقابل للغَسل، وإتاحة المجال له للتعبير، والتلوين، والتعرُّف إلى الألوان بالوسيلة التي يُفضِّلها، مُستخدِماً في ذلك أوراقاً بيضاء كبيرة، أو تركه يلعب بالمعجونة المُلوَّنة التي يمكنه عجنها لصُنع أشكال إبداعية بها.
وإن كان الطفل أكبر عُمراً، فقد حان الوقت ليتعلَّم كيفية مزج الألوان مزجاً مناسباً، ويساعده في ذلك استخدام الألوان المائية أو الزيتية؛ إذ يمكنه مزج ألوان مُتعدِّدة معاً؛ لاكتشاف كيفية صُنع ألوان جديدة.
عند تعليم الطفل الألوان، لا بُدَّ من أخذ بعض الأمور في الحُسبان، وأهمّها ما يأتي:
لا بُدَّ من التدرُّج واتِّباع خطوات مُتسلسِلة ومُنظَّمة لدى تعليم الطفل الألوان بما يتناسب مع عُمره؛ ففي عمر 2-3 سنوات، يُمكن للطفل التمييز بين أسماء الألوان الأساسية، مثل: الأحمر، والأصفر، والأزرق، والأخضر، وفي عمر 4-5 سنوات، يستطيع تصنيف الألوان في مجموعات؛ كالألوان الأساسية، والثانوية، ومع مرور الوقت، يُمكن تعليم الطفل تفاصيل أكثر عن الألوان، مثل درجات الألوان؛ فاللون الأحمر الفاتح يختلف عن الورديّ مثلاً، كما يمكن التطرُّق إلى درجات اللون الواحد؛ كالأخضر الفاتح، والأخضر الغامق.
يُمكن للوالِدَين استغلال الأشياء الموجودة في البيئة المُحيطة بالطفل؛ لتعليمه الألوان، أو لترسيخ ما تعلَّمه سابقاً، مثل استخدام الخضار والفواكه مع الرَّبط بين ألوانها وأشكالها؛ فبدلاً من أن تطلب الأم من الطفل إحضار البندورة من الثلّاجة مثلاً، يُمكن أن تَصِفها له بأنَّها حَبّة من الخُضار دائرية الشكل ولونها أحمر، أو يُمكن الإشارة إلى الأشياء المختلفة في الخارج عند التنزُّه مع الطفل؛ بالقول مثلاً: (هذه قِطَّة بيضاء)، أو (هذه الشجرة الجميلة أوراقها خضراء).
بالإضافة إلى التركيز على أنّ الشيء ذاته قد يكون مُتعدِّد الألوان؛ فقد يكون التفّاح أخضر مثلاً، أو أحمر، أو أصفر، ويُمكن إتاحة المجال للطفل؛ لاختيار لون القميص الذي يرغب في ارتدائه مثلاً، وما إلى ذلك من ممارسات بسيطة في الحياة اليومية.
يتعلَّم كلّ طفل الألوان وفقاً لسرعة تطوُّره المعرفي والفكري، إلّا أنّ اتِّباع أساليب ممتعة ومُسلِّية تجعل عملية التعلُّم أكثر سهولة وكفاءة، لذا لا بُدَّ من التحلّي بالصبر في هذه المرحلة، واستخدام لغة بسيطة يستطيع الطفل فهمها، مع الثناء على التقدُّم الذي يُحرزه مهما كان بسيطاً؛ من خلال التعزيز الإيجابي الذي يتمثَّل بالمدح، والكلام المُشجِّع، أو الهدايا، والمُكافَآت؛ كإعطائه قطعة من الحلوى، أو شراء لعبته المُفضَّلة وإهدائها له.
وختاماً، إن لُوحِظَ أنّ الطفل لا يزال غير قادر على تعلُّم الألوان رغم استخدام وسائل وأساليب مُتنوِّعة، فيُنصَح حينها بالاستعانة بطبيب الأطفال؛ إذ قد يكون ذلك ناتجاً عن حالة صحّية مُعيَّنة، أو مشكلات في النظر، مثل الإصابة بعمى الألوان؛ وهي حالة لا يُمكن للطفل فيها التمييز بين الألوان بسهولة، لا سِيَّما بين اللونَين؛ الأحمر، والأخضر.
المراجع
[1] splashlearn, When Do Kids Learn Colors: A Developmental Milestone Guide
[2] beginlearning, 6 Fun Activities to Teach the Names of Colors to Toddlers
[3] rainbowpreschools, 10 easy ways to help kids learn colours and shapes better
[4] montessori-academy, 10 Unique Ways to Help Kids Learn Colors
[5] playosmo, When Do Kids Learn Colors?