جار التحميل...
ويُشار إلى أنّ استخدام وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حَدَّين؛ فهو يُعزّز التواصل الاجتماعي بين أفراد الأسرة، إلّا أنّه في الوقت ذاته ينعكس سلباً على الأسرة إن جرى استخدامها بصورة خاطئة.
لا يمكن إنكار أنّ دخول وسائل التواصل الاجتماعي إلى عالمنا غيَّر الكثير، وهذا التغيير قد يكون إيجابياً في بعض الأحيان، ويُمكن تلخيص التأثيرات الإيجابية لوسائل التواصل الاجتماعي في الحياة العائلية في ما يأتي:
تُتيح وسائل التواصل الاجتماعي لأفراد الأسرة البقاء على اتِّصال دائم، وخاصّة عند مغادرة المنزل، أو عند انفصال الوالِدَين، أو عند اضطرار أحد أفراد الأسرة إلى السفر والاستقرار في الخارج بعيداً عن الأهل؛ فهي الجسر الذي يربط المُغتَرِبين بأفراد عائلاتهم؛ عبر التواصل بالرسائل النصِّية المكتوبة، أو الصوتية، أو الاتِّصال بالصوت والصورة باستخدام مكالمات الفيديو؛ ممّا يُسهم في توطيد العلاقات وتقويتها، وتقليل الفجوات التي قد تحدث بين أفراد العائلة نتيجة البُعد.
تُتيح وسائل التواصل الاجتماعي للوالِدَين تحديداً فرصة الاطمئنان على الأبناء في أيّ وقت، والتحقُّق من تحرُّكاتهم، وأماكن وجودهم، والاطمئنان عليهم، والتحقُّق من عدم حاجتهم إلى المساعدة، وهي تضمن أيضاً سلامة الأبناء؛ لأنَّها تسمح لهم بالتواصل مع الآخرين بسهولة في الحالات الطارئة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأبناء؛ إذ تُتيح لهم فرصة الاطمئنان الدائم على والِدِيهم، وأفراد الأسرة كافَّة.
تكشف نوعية الأصدقاء على وسائل التواصل الاجتماعي، وطبيعة المحتوى الذي يشاركه ويشاهده الشخص على الإنترنت، طبيعة اهتماماته، والمجالات التي تجذبه، وباطِّلاع أفراد عائلته على هذه الاهتمامات، فإنَّهم يتعرَّفون أكثر إلى شخصيته، ويتمكَّنون من إيجاد مواضيع مشتركة بسهولة، وهذا ينعكس إيجاباً على العلاقات الأسرية؛ سواء العلاقة بين الزوجَين، أو بين الوالِدَين والأبناء، أو بين الإخوة.
في الوقت الذي يمكن الاستفادة فيه من وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة إيجابية تُعزِّز الترابط الأسري، يمكن أيضاً أن تكون لهذه الوسائل تأثيرات سلبية عِدَّة في الأسرة، ومنها ما يأتي:
يُؤدّي الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي إلى تجاهل الاهتمام بالتواصل الفعلي؛ ممّا يُؤثّر سلباً في مهارات التواصل وجهاً لوجه، وقد يصل الأمر إلى عدم قدرة بعض الأفراد على ترك وسائل التواصل الاجتماعي في الأوقات العائلية المهمة؛ كأوقات النقاشات العائلية، أو تناول الطعام؛ ممّا يُؤثّر سلباً في العلاقات الأُسرية أو الزوجية، وترابُطها، وقد يُؤدّي في بعض الأحيان إلى فتورها.
ويُشار إلى أنّ أفراد العائلة قد يكونون مُجتمِعين فعلاً في مكان واحد، إلّا أنّ عقولهم مشغولة بالهواتف، أو قد يعتمدون على وسائل التواصل في حديثهم معاً عند الحاجة بدلاً من تبادل الأحاديث وجهاً لوجه، والاستمتاع بقضاء أوقات مُميَّزة معاً.
غالباً ما ينشر الأشخاص الذين تجري متابعتهم من الأصدقاء، والأقارب، والمشاهير، الجوانب الإيجابية فقط من حياتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، فيُخيَّل للآخرين أنّ حياتهم مثالية، وأنّهم ينعمون برفاهية مطلقة، وهذا بدوره يُقلِّل إحساسهم بالرضا عن حياتهم، ويُؤثِّر في الاستقرار الأسري على المدى البعيد، وخاصَّة عندما يبدأ الأبناء أو الأزواج مقارنة حياتهم الواقعية بما يشاهدونه على مواقع التواصل إلى الحدّ الذي قد يصلون فيه إلى الاقتناع بأنّ حياتهم غير مُرضِية وينقصها الكثير.
انتشرت في الآونة الأخيرة مِنصّات التواصل الاجتماعي العديدة، والتي تُشجِّع المستخدمين على استخدامها؛ فبات أفراد الأسرة ينشرون أنشطتهم الاجتماعية واليومية، ويشاركون أفراحهم وأحزانهم مع الآخرين؛ سواء أكانوا مُقرَّبين وأصدقاء، أم غيرهم؛ بهدف التفاعل معهم، إلّا أنّ ذلك انعكس سلباً على خصوصيَّة العائلة؛ إذ أُتيحَت فرصة الاطِّلاع على خصوصيتها، وأسرارها، وتفاصيلها بسهولة، ودون الحاجة إلى دخول المنزل.
وسائل التواصل الاجتماعي عالم مفتوح يضمّ الجيِّد والسيِّئ في مكان واحد، ويمكن لاستخدامها باستمرار أن يزيد نسبة التعرُّض للتنمُّر، أو الانتقادات، أو الإساءة للشكل، والعِرق، والمبادئ، وأكثر مَن يتأثَّر بهذه الأمور الأطفال والمُراهِقون؛ ممّا يُؤثِّر في إحساسهم بالثقة، وقد يُؤدّي إلى شعورهم بالتوتُّر والإحباط في بعض الحالات، وهذا يُؤثِّر لاحقاً في طريقة تواصلهم مع أفراد العائلة، وقد يؤدّي بهم إلى السلوكات العصبيَّة؛ لتفريغ المشاعر السلبية والضغوطات التي يتعرَّضون لها.
وختاماً، لا بُدَّ من تحقيق التوازن والاعتدال في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي؛ لتعزيز الترابط الأسري، ومنع التأثيرات السلبية المُحتمَلة؛ بوضع الحدود لأفراد الأسرة؛ عبر تحديد أوقات مُعيَّنة لاستخدام الهواتف الذكية والمعلومات التي يُسمَح بنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي؛ الأمر الذي يُسهِم في الحصول على الفوائد المَرجُوَّة.
ولا يقتصر الأمر على ذلك فحسب؛ إذ يُمكن تنظيم الأنشطة والفعاليات الاجتماعية التي تحُدّ من استخدام الهواتف الذكية، وتُشجِّع على التواصل الفعلي بين أفراد العائلة، ويمكن أيضاً الاستفادة قدر الإمكان من وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز الترابط الأسري؛ عبر إظهار الحبّ للوالِدَين أو الإخوة، ونشر الذكريات الجميلة المشتركة، وتقديم التهاني، ومشاركة الصُّور المُميَّزة، والتعبير عن مشاعر الحبّ والامتنان؛ ممّا يُشعرهم بالفخر والسعادة.
المراجع
[1] gjournals.org, EFFECTS OF SOCIAL MEDIA ON FAMILY BOND AND COHESION: A STUDY OF PORT HARCOURT RESIDENTS, RIVERS STATE.
[2] ncbi.nlm.nih.gov, Families and Social Media Use
[3] parenting.firstcry.com, The Effects of Social Media on Family and Marriage
[4] theexchangesd.com, How to protect your kids from social media’s effects
[5] researchgate.net, Unveiling the Negative Impact of Social Media Addiction on Family Relationships