جار التحميل...
وتجدر الإشارة، إلى أنّ مُنظَّمة الصحّة العالَمية، وصفت الاحتراق الوظيفيّ، بأنَّه "ظاهرة مهنية" تحدث نتيجة الإجهاد المُزمِن في مكان العمل دون القدرة على إدارته وتجاوزه بنجاح، وهو بذلك يتضمَّن زيادة المشاعر السلبية لدى المُوظَّف تجاه مكان عمله، وانخفاض كفاءته المهنية، والشعور بأنَّه مُستنزَف ودائم الشعور بالإرهاق الجسدي وانخفاض الطاقة.
وفق استطلاع للرأي أجرته مجلَّة (Micro Biz Mag) البريطانية في سبتمبر من عام 2020، شَمل 1000 شخص بالغ في المملكة المُتَّحِدة، أفاد 22% منهم، أنَّهم يُعانون من الاحتراق الوظيفي، وهي نسبة لا يُستَهان بها، وتُشير إلى أنَّ هذه الظاهرة باتت مُنتشِرة بشكل كبير في مناطق مختلفة حول العالم.
وانطلاقاً ممّا سبق، كيف يمكن للشخص أن يتأكَّد من أنَّه يُعاني من الاحتراق الوظيفي؟ الأمر بسيط؛ لأنّ هناك علامات وإشارات واضحة تدلّ عليه وتُعطي تنبيهاً وإنذاراً قويّاً، وهي على النحو الآتي:
"جسدي كلّه يؤلمني"، إن ردَّد المُوظَّف مثل هذه العبارات عقب عودته من عمله كلّ يوم، وكان يشعر بالألم والتعب في معظم الأوقات دون وجود سبب واضح، فهذه إحدى الإشارات البارزة على الاحتراق الوظيفي، وتشمل الآلام التي يمكن المُعاناة، ومنها الصداع، أو آلام في المعدة.
يُعَدّ عدم الرضا عن مكان العمل، من أبرز العلامات التي تدلّ على الاحتراق الوظيفي؛ إذ يشعر الفرد بأنَّه لا ينتمي إلى المكان الذي يعمل فيه، أو أنَّه لا يُحبّه ولا يشعر بالراحة النفسية فيه مهما حاول، أو أنَّه دائم الرغبة في التغيُّب عنه وأخذ إجازة طويلة من فترة إلى أخرى، دون أن تنجح أيّ خطوات أو إجراءات في اجتياز هذه الحالة.
إنّ التعرَّض لضغوط مختلفة في العمل، أو الشعور المُزمِن بعدم الراحة في بيئة العمل، يمكن أن يجعل الشخص سريع الغضب، أو لا يستطيع التحكُّم في ردود أفعاله؛ فيكون سريع الانفعال في مواقف لا تستدعي ذلك؛ سواء مع الزملاء في العمل، أو مع أفراد العائلة، أو الأصدقاء.
مع الاحتراق الوظيفي، يزداد الشعور بالوحدة والرغبة في الابتعاد عن الناس وعدم الاختلاط بهم؛ فيتجنَّب المُوظَّف الجلوس مع زملائه في العمل وقت الاستراحة، أو يمتنع عن حضور الجلسات والاجتماعات العائلية بعد انتهاء دوامه؛ لأنَّه يشعر بالتعب النفسي والجسدي فقط.
ستؤثِّر الحالة النفسية السلبية والتعب الجسدي على الأداء في العمل، فتنخفض قدرة المُوظَّف على إنجاز المهام المطلوبة منه، وسيُلاحَظ تراجعاً واضحاً في أدائه المهنيّ.
يمكن أن يؤثِّر الإرهاق الشديد، نتيجة ضغوطات العمل في أجزاء من الدماغ، ما يؤدّي إلى تشتُّت الانتباه وعدم التركيز في الأداء، على الصعيدَ المهنيّ أو الشخصيّ، بالإضافة إلى النسيان بصورة واضحة ومُتكرِّرة.
إذا شعر الشَّخص أنّ الاحتراق الوظيفيّ بدأ يُلقي بظلاله عليه أو يقترب منه، فلا بُدّ أن يتَّخذ مجموعة من التدابير الوقائية التي قد تساعد على الحماية منه، وهي تتضمَّن ما يأتي:
إنّ أداء العمل على أكمل وجه لازم وضروري، والمرونة فيه مطلوبة ومهمة، للتكيف مع التغيرات والتحديات المختلفة، فلا بأس في بعض الأحيان من العمل الإضافي وتقديم المساعدة على مهام مختلفة، لكن في حال كان يسيطر على الموظف شعور بالضغط النفسي والإرهاق الجسدي، يمكنه الاعتذار عن عمل إضافي خارج إطار مهامه الرئيسة عند اللزوم فقط، حتى لا يصل إلى مرحلة لا يستطيع فيها تحقيق الإنجاز، إما لأنه لا يملك الوقت لأدائه، أو لا يستطيع الالتزام به لسبب شخصيّ، فلا يضع عبئاً إضافياً على نفسه.
ينبغي عدم إهمال الذات خارج إطار العمل، ومحاولة تجديد الطاقة باستمرار؛ بمعنى أنَّه من المفيد الحصول على إجازة كلّ بضعة أشهر؛ للترويح عن النفس، أو ممارسة نشاط مُمتِع بعيداً عن التفكير في أجواء العمل؛ كالخروج في نزهة مع العائلة أو الأصدقاء، أو الذهاب إلى أحد مراكز التسوُّق، أو ممارسة هواية مُفضَّلة، أو غيرها من الأنشطة التي يُفضِّلها الشخص وتُشعره بالراحة.
قد يُهمل البعض الأثر الإيجابي الذي تتركه التمارين الرياضية في حياة الإنسان؛ فهي تساعد على تحسين الحالة المزاجية، والحفاظ على صحَّة جيِّدة، لذا يمكن قبل الذهاب إلى العمل، ممارسة الجري أو المشي مع نسمات الصباح المُنعِشة بين أحضان الطبيعة؛ للحصول على طاقة إيجابيَّة، واكتساب القدرة على إدارة التوتُّر والإجهاد.
لدى الشعور ببدء المعاناة من أعراض الاحتراق الوظيفي، قد يكون من المفيد التواصل مع المدير أو المسؤول المباشر في العمل، والتعبير له عن الضغوطات التي يعاني منها الشخص، إذ يمكنه أن يُقدِّم المساعدة، ويُخفِّف من الأعباء التي يتحمَّلها، أو يُعطيه بعض النصائح التي تساعده على تجاوُز تلك الحالة التي يُعاني منها.
[1] who.int, Burn-out an "occupational phenomenon": International Classification of Diseases
[2] webmd.com, Signs You're Burned Out
[3] bu.edu, Work Burnout Signs: What to Look for and What to Do about It
[4] indeed.com, Preventing Burnout: How To Identify and Avoid It
[5] camh.ca, Career Burnout