جار التحميل...
ويُشار إلى أنّ هناك أسباباً عِدَّة قد تُؤدّي إلى إدمان العمل، مثل: السَّعي إلى الكمال، والخوف من الفشل، بالإضافة إلى الرغبة في الحصول على المُكافَآت والترقية المهنية، وعلى الرغم من اختلاف أسباب إدمان العمل، فإنَّه لا يُمكن إهماله؛ لخطورة عواقبه، وفي ما يأتي أبرز خمس علامات تدلّ على إدمان العمل.
من العلامات الواضحة على إدمان العمل عدم القدرة على الانفصال عنه، والتفكير فيه طوال الوقت، بالإضافة إلى الشعور بالذنب والقلق عند أخذ أوقات راحة أو لحظات فراغ؛ بمعنى أنّ مُدمِن العمل يميل إلى التفكير في المَهامّ التي ينبغي عليه إنجازها في مختلف الأوقات، وحتى بعد انتهاء ساعات العمل، أو في حياته الشخصية عندما يكون برفقة عائلته، أو أصدقائه.
على سبيل المثال، لا يُوقِف مُدمِن العمل إشعارات البريد الإلكتروني على الإطلاق، وقد يُجيب على المكالمات والرسائل الواردة من العمل كلِّها حتى في إجازاته، وبعد عودته إلى المنزل؛ إذ تكون رسائل العمل أوّلأمر يتحقَّق منه عندما يستيقظ في الصباح.
لا ترتبط علامات الشخص المُدمِن على العمل بالتفكير فيه طيلة اليوم فقط، وإنَّما بتجاوز ذلك إلى قضاء ساعات طويلة في العمل أكثر من المطلوب أو المُتوقَّع، والعمل لساعات مُتأخِّرة، إضافة إلى الاستمرار في العمل حتى حين المرض والشُّعور بالإرهاق.
ومُدمِن العمل لا يمكنه رفض أيّ أمر يتعلَّق بمُتطلَّبات العمل خارج أوقات الدوام، ويُحاول أن يُوفِّر من أوقات فراغه وإجازاته؛ بهدف إضافتها إلى ساعات العمل، ورغم أنّ العمل لساعات طويلة قد يكون ضروريّاً في بعض الأحيان إن كان يُمثِّل مشروعاً أو مَهمَّة مُستعجَلة، فإنَّه يُمثِّل الوضع العامّ والسائد والمُستمِرّ عند مُدمِن العمل.
من العلامات البارزة على إدمان العمل إهمال العلاقات الشخصية والحياة الاجتماعية؛ إذ يكون العمل هو الأولوية الأولى لدى الشخص المُدمِن على عمله؛ فهو يُركِّز عليه بإفراط على حساب الوقت المُفترض أن يقضيه مع الأصدقاء أو العائلة؛ كتجنُّب حضور المناسبات الاجتماعية المُهِمَّة، وإلغاء اللِّقاءات مع الأصدقاء بحُجَّة الانشغال بالعمل.
ولا يُؤثِّر إدمان العمل في العلاقات مع الآخرين فحسب، وإنَّما في علاقة الفرد بذاته؛ كالاعتقاد بأنّ الهوايات الشخصية والأنشطة الترفيهية مُجرَّد مضيعة للوقت، أو أنّ العناية بالذات، والاستجمام، والحصول على قِسط من الراحة تُعَدّ رفاهيات لا داعي لها.
ويستخدم مُدمِن العمل وظيفته للهرب من المشكلات الشخصية والعاطفية؛ رغبة منه في نسيانها، أو تجنُّب التعامل معها ومواجهة توابعها؛ فمثلاً، عندما يُعاني أحد الأشخاص ظرفاً عائلياً؛ كوفاة شخص عزيز، أو فشل علاقة زوجية، فإنَّه يُفضِّل قضاء ساعات طويلة في العمل دون توقُّف، وهذا الانغماس يخلق له شعوراً مُؤقَّتاً بالانشغال، ويُعطيه ملاذاً آمِناً يمكنه السيطرة عليه.
قد يرفض مُدمِن العمل الاعتراف بمشكلته، إلّا أنّ الأعراض الخطيرة التي قد تظهر على صِحَّته العامَّة تكشف ذلك، ومن هذه الأعراض: الصداع المُستمِرّ، والشُّعور بالدُّوار، وألم في الصدر، وحدوث تشنُّجات في الجسم، وصعوبة في التنفُّس أحياناً، بالإضافة إلى المُعاناة من اضطرابات النوم، والإجهاد العامّ.
ويُمكن أن يُسبِّب الإدمان على العمل اضطراباتٍ نفسية، مثل: اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD)، واضطراب الوسواس القهري (OCD)، واضطراب القلق، وتجدر الإشارة إلى أنّ استبياناً شَمل 187 عاملاً ضمن دراسة نشرتها المجلّة الدولية للبحوث البيئية والصحّة العامة (IJERPH) عام 2020، أشار إلى أنّ 41.5% من العُمّال المُدمِنين على العمل يُعانون مُستوَيات عالية من الاكتئاب مُقارنة بزملائهم.
تُمثِّل المبالغة في ربط القيمة الذاتية بالنجاح المهني إحدى علامات إدمان العمل؛ إذ يصبح العمل مِحوَر الحياة، والمصدر الأساس لتقدير الذات، والمقياس الوحيد للنجاح والإنجاز في الحياة، وتكون هذه العلامة واضحة عندما يُصبح الشخص مهووساً بالعمل إلى الحَدّ الذي يجعله محور إجابته وحديثه على الدوام عندما يُسأل عن حياته ونفسه، ويتشكَّل لديه الخوف الشديد من الفشل، والقلق الدائم بشأن أدائه في العمل، والسَّعي المُستمِرّ إلى الكمال والمِثالية؛ لارتباط النجاح لديه بالقيمة الذاتية.
وختاماً، تُعَدّ معرفة علامات إدمان العمل الخطوة الأولى في رحلة علاجه، ومن اسمه (إدمان العمل)، فإنّ علاجه يُشبه علاج أيّ نوع آخر من الإدمان؛ إذ يتطلَّب الالتحاقَ ببرامج التأهيل والتشافي، أو العلاج لدى المُختَصِّين الذين سيُقدِّمون له خُطَّة علاجية شاملة للشفاء منه، بما في ذلك العلاج السلوكي المعرفي (CBT).
وتُسهِم ممارسة السلوكات التي تساعد على تجنُّب إدمان العمل في وضع حدود واضحة بين العمل والحياة الشخصية أيضاً، إلى جانب ممارسة تمارين التركيز والاسترخاء، والعَيش بوتيرة بطيئة في الحياة، والاستمتاع باللحظة الحالية، بالاضافة إلى الامتثال لأمر الإسلام الذي نهى عن الإرهاق الشديد في العمل، وشَجَّع على التوازن بين الراحة، والعمل، والحياة الشخصية، والعبادة.
المراجع
[1] healthline.com, Work Addiction: Symptoms, Diagnosis, and Treatment
[2] medicalnewstoday.com, Workaholic: Symptoms, diagnosis, and when to get help
[3] aw.club, Workaholic Symptoms: How to Know When You've Crossed the Line
[4] mindspace.me, How To Tell If You're A Workaholic
[5] psychetal.com, Signs You Are a Workaholic and How to Avoid Being One