جار التحميل...
تختلف عوامل الشُّعور بالملل وأسبابه في بيئة العمل، وفي ما يأتي أبرزها:
يُعَدّ الروتين المُتكرِّر للمَهامّ التي ينبغي إنجازها من الأسباب الرئيسة للشُّعور بالملل في بيئة العمل، وخاصَّةً إن كانت هذه المَهامّ بسيطة، وسهلة الإنجاز، ولا تتطلَّب تفكيراً كثيراً أو مهارات إبداعية قويَّة، مثل: ملء الجداول، وإدخال البيانات.
ويمكن أن تُؤدّي بيئة العمل الروتينيَّة وغير المُحفِّزة إلى شُعور الموظَّفين بالملل؛ إذ يشعرون بأنّ مَهامَّهم ليست ذات تأثير كبير في العمل؛ ممّا يعيق تطوُّرهم ونُمُوّهم وقدرتهم على اكتساب مهارات جديدة.
عندما يفتقر العمل إلى أهداف واضحة، يشعر المُوظَّفون بالتشتُّت، وفقدان الدافع لإنجاز المَهامّ؛ ممّا يُؤدّي إلى شعورهم بالإحباط والملل، وقد لا تكمن المشكلة في عدم وجود أهداف مُحدَّدة وواضحة، وإنَّما في عدم مشاركة المُوظَّفين الرؤية العامَّة والصورة الكُبرى لهذه الأهداف؛ فلا يُدركون القيمة الحقيقية لما يُقدِّمونه من وقت وجُهد.
تُؤدّي العلاقات الاجتماعية الضعيفة، وقِلّة التواصل والتفاعل بين المُوظَّفين في بيئة العمل، إلى الشُّعور بالملل؛ ويعود ذلك غالباً إلى الاعتماد الكبير على الأدوات التكنولوجية لإنجاز المَهامّ فرديّاً دون التعاون مع الآخرين، وعدم توفُّر الأنشطة الجماعية، مثل وُرَش العمل، أو الأنشطة الترفيهية والاجتماعية بين المُوظَّفين؛ ممّا يُقلِّل الشعور بالتحفيز والدافع للعمل، ويُعزِّز الشُّعور بالضجر والإحباط.
يرغب كثير من المُوظَّفين بتحقيق الاستقلالية في بيئة العمل؛ من خلال السيطرة على أعمالهم، وتنظيم جداولهم الزمنية، ومع ذلك، لا تمنح شركات كثيرة مثل هذه الحُرّية؛ ممّا يُشعِر المُوظَّفين بالقُيود والإحباط، ومن ثَمَّ تراجُع الحافز لديهم، وانخفاض مستويات الإنتاجية والإبداع؛ الأمر الذي يزيد شُعورهم بالملل؛ نتيجة عدم قدرتهم على التحكُّم في طبيعة أعمالهم بما يتناسب مع رؤاهُم الخاصَّة.
عندما لا تتوافق المَهامّ الوظيفية مع مهارات الأفراد وقدراتهم، فإنَّهم قد يشعرون بأنّ مواهبهم لا تُستغَلّ على النحو المطلوب، وأنّ جهدهم يضيع سُدى؛ ممّا قد يكون سبباً رئيساً للشُّعور بالملل، وما يُعزِّز هذا الشُّعور هو تكليفهم المُستمِرّ بمَهامّ لا تتناسب مع طموحاتهم المهنية؛ الأمر الذي يُولِّد لديهم شُعوراً بفقدان القيمة، وانعدام الرغبة في التفاعل الحقيقي، فيتراجع لديهم الحماس للمشاركة والإبداع.
يمكن أن يُؤدّي الشعور بالإرهاق إلى زيادة مستوى الملل في بيئة العمل؛ إذ يُؤثّر الضغط الناتج عن ظروف العمل أو الحياة الشخصية؛ كالمشكلات العائلية، أو الصحِّية، في طاقة المُوظَّفين، وحماسهم، ويمكن أن يُولِّد الإرهاق الشُّعور بالتعب النفسي والجسدي، فتصبح المَهامّ اليومية مُضجِرة للمُوظَّفين الذين يفقدون بدورهم الاهتمام بإنجازها.
يمكن أن يُؤثِّر الملل سلباً في أداء المُوظَّفين؛ كالانخفاض الملحوظ في إنتاجيّتهم، وجودة عملهم، وأدائهم العامّ، ويمكن أن يُؤدّي أيضاً إلى نقص الطاقة، وزيادة التسويف، وارتكاب الأخطاء، والتي لا تُؤثِّر على المُوظَّفين فقط، وإنَّما على الشركة وسُمعتها، إلى جانب أنّ الملل قد يؤدّي إلى ارتفاع مُعدَّلات الغياب عن العمل، وقِلَّة الانضباط.
والملل في بيئة العمل يمكن أن يؤدّي أيضاً إلى زيادة مُعدَّل الدوران الوظيفي؛ والذي يعني نسبة عدد الموظفين الذين يغادرون الشركة خلال مُدَّة مُحدَّدة؛ إمّا بالاستغناء عنهم من قِبَل الشركة؛ نتيجة انخفاض أدائهم، وإمّا بتقديمهم استقالاتهم بأنفسهم؛ نتيجة عدم الرضا عن البيئة الوظيفية؛ ممّا يُؤثِّر سلباً في شُعور الموظف بعدم الاستقرار الوظيفي، ويضرّ الشركات، ويُؤثِّر سلباً في سُمعتها.
ويُؤثِّر الملل الوظيفي سلباً في الصحّة النفسية للمُوظَّفين؛ فوفقاً لدراسة نشرتها المجلة العلمية "BMC Public Health" المُتخصِّصة في الصحّة العامّة عام 2024، وُجِد أنّ للملل الوظيفي علاقة مباشرة بتراجُع الحالة النفسية والأداء الإيجابي في العمل، وانخفاض الشُّعور بالرضا عن الحياة، ومن الممكن أن يُسبِّب أمراضاً نفسية، مثل: القلق، والاكتئاب.
ختاماً، يُسهِّل فهم أسباب الملل، وتأثيراته المباشرة في المُوظَّفين، معرفة طُرُق علاجه، والتخفيف منه؛ عبر توفير مَهامّ جديدة ومُتنوِّعة للمُوظَّفين، وخلق بيئة عمل مليئة بالتحدّيات التي تُحفِّز التفكير والإبداع، ويُمكن زيادة الأنشطة اللامنهجية؛ لتعزيز التفاعل والتعاون بين الفِرَق.
ويمكن للموظفين التخلُّص من الملل؛ عبر تعلُّم مهارات جديدة، أو تغيير بيئة العمل -إن أمكن ذلك-؛ كالعمل في المنزل، أو في أحد المقاهي، ويمكنهم أيضاً تغيير مساحة المكتب الشخصية وإعادة ترتيبها؛ لجعله أكثر راحة؛ كإضافة نبتة جميلة، أو شراء مُستلزَمات مكتبية جديدة.
المراجع
[1] aw.club, Bored at work? Here's Why You Should Get Out of Your Routine
[2] paystubsnow.com, 6 Causes Of Employee Boredom And How To Fight Them
[3] betterup.com, Bored at Work? Here’s What to Do!
[4] builtin.com, Bored at Work? Here’s What You Can Do About It.
[5] dtmates.com, The Most Neglected Cause of Turnover: Boredom At Work