جار التحميل...
ووفقاً للكايزن فإنّ تحسين العمليات أو تحسين الإنتاجية يحدث استناداً إلى عملية تدريجية ومنهجية، فهو ينصّ على أنّ التغييرات الصغيرة التي يُمكن تحقيقها الآن وعلى مدى فترة زمنية، يُمكن أن تُحدِث الأثر الكبير في المستقبل.
قُدِّم مفهوم الكايزن لأول مرة في أربعينيات القرن العشرين بعد الحرب العالمية الثانية، في حلقات الجودة (بالإنجليزية: Quality Circles) اليابانية، والتي تتمثل في مجموعة من الموظّفين الذين يحددون المشكلات المتعلّقة بالعمل، ويحللونها ويحلّونها بهدف تحسين الجودة والإنتاجية، ليُصبح الكايزن بعدها جزءاً أساسياً من مجال فلسفة الأعمال والإدارة في كافّة أنحاء العالم.
وفي العام 1986م طوّر الاقتصادي الياباني ماسكاي إيماي مبدأ الكايزن، وطبّقه على شركة تويوتا للسيارات، ليُصبح جزءاً من نظامها للكفاءة التشغيلية، والذي عُرف باسم "طريقة تويوتا" (Toyota Way)، وهو إطار إداري يتضمّن هدفين رئيسيين، هما: التحسين المستمر للجودة والكفاءة، واحترام الموارد البشرية.
يشتمل مفهوم الكايزن على مجموعة واسعة من المبادئ والأفكار، والتي تهدف جميعها إلى تحسين كفاءة بيئة العمل، وجعلها أكثر فعالية، عن طريق تحسين الإجراءات اليومية، وجعل العمل أقلّ إرهاقاً، وأكثر إنتاجاً وأماناً وغيرها، ومن أبرز هذه المبادئ ما يلي:
وفقًا للكايزن فإنّ التحسينات يُمكن أن تأتي من أي موظف وفي أي وقت، وإنّ نجاح الشركة هو المصلحة المشتركة بين موظّفيها، لذا فالمطلوب من الجميع السعي دائماً للحصول على أفضل عمل ممكن.
وهذا المبدأ يهدف إلى تشجيع كافّة الموظفين على تحمّل المسؤولية، وتعزيز ثقتهم بقدرتهم على تطوير أدائهم الفرديّ، وقدرتهم على إنجاح الفريق، وتعزيز الشعور لديهم بأنّهم جزء أساسي من الهدف الرئيسيّ للمنشأة، وهو التحسين المستمر.
وينعكس أثر هذا المبدأ إيجاباً على العمل، إذ إنّ جمع المعلومات والآراء من عدّة موظفين، بدلاً من موظفٍ واحد، من شأنه جعل العمليات أكثر كفاءة وسلاسة عموماً، كما يضمن أنّ نجاح الشركة أو فشلها لن يتحمّله شخص واحد فقط، بل هي جهود مشتركة.
إنّ فهم احتياجات العملاء من شأنه المساعدة على فهم المجالات التي يكون فيها التحسين مُستعجلاً، أو غير قابل للتأجيل، وبالتالي تُركّز المنشأة جهودها على تطوير ذلك المجال أولاً؛ لما له من تأثير أكبر في مصلحة العمل.
لضمان اتخاذ قرارات أكثر موضوعية وحيادية، وغير منحازة، يدفع الكايزن -كلّما أمكن- نحو استخدام البيانات كأساس لاتخاذ إجراءات بالتحسينات أو التغييرات التنظيمية، وإلى جانب الموضوعية فإنّ هذا المبدأ يضمن تحقيق نتائج متّسقة، على مستوى الشركة في كافّة الأقسام على اختلافها؛ لأنّ أساس العمل هو الآراء المبنية على السجلّات، وليس مجرّد آراء شخصية لا تستند إلى أساس.
تنصّ فلسفة الكايزن على مبدأ "الجودة لها الأولوية"، فهي تهدف وفي كافّة مجالات الأنشطة إلى الوصول إلى أفضل جودة ممكنة، مع تلبية أعلى المعايير من حيث التصميم، والوظيفة، والسلامة، والموثوقية، مع تأكيد أن الجودة أولوية في كافّة مراحل العمل، وليس فقط في الحصول على المنتج النهائي، وبهذا فإنّ الجودة العالية تبدأ من تطوير المنتج أو الخدمة، باستخدام أفضل العمليات والأنظمة، وصولاً إلى خدمة العملاء، ثمّ التسليم، والرضا عن النتائج.
واحدة من أساسيات مبادئ الكايزن هي التخلي عن الافتراضات؛ فالتمسّك بالمعتقدات المسبقة حول طريقة القيام بالشيء من شأنه الحدّ من القدرة على التفكير بشكلٍ مبدع، والخروج بحلول مبتكرة، بالمقابل فإنّ التخلّي عن ما هو مُفترض يزيد من الوعي والانفتاح الذهني، للتعامل مع كافّة التحديات، بَعد النظر لها من زوايا مختلفة، وإيجاد حلول مختلفة تقود لأفضل تحسين.
تعتمد الكايزن على أدوات مختلفة لتطبيق مبادئها وأفكارها، ويعتمد اختلاف هذه الأدوات على نوع وشكل الهدف المراد تحقيقه، ومنها:
يهدف هذا النظام إلى تعزيز كفاءة العمل وإنتاجيته وأمانه، ويتكوّن من خمس خطوات، وهي: الفرز (Seiri)، والترتيب (Seiton)، والتنظيف (Seiso)، والتوحيد (Seiketsu)، والاستدامة (Shitsuke).
ويتمثل نظام 5S بإزالة المواد والمعدات غير الضرورية من مكان العمل، ثم تنظيمها ليسهل الوصول إليها واستخدامها، واتّباع أسس النظافة في مكان العمل، كذلك وضع إجراءات موحّدة للحفاظ على الترتيب والنظافة، والتأكد من استمرار الالتزام بهذه المعايير والإجراءات، لتحقيق عمليات بجودة وكفاءة عاليتين.
يُستخدم نظام (Just-In-Time) اختصاره (JIT) في تحسين كفاءة العمليات وإدارة الإنتاج؛ وذلك من خلال تقليل المخزون، ووصول المواد إلى خطوط الإنتاج وفقاً للاحتياجات المطلوبة، ممّا يقلّل الهدر، ويخفّض التكاليف، ويضمن وصول المنتجات بجودة عالية في الوقت المناسب.
تستخدم الكازين أساليب وأدوات أخرى، مثل: أسئلة "لماذا الخمسة" أو "The five whys"، وهي: ماذا؟ ومتى؟ وأين؟ ولماذا؟ ومن؟، وهدفها معرفة السبب الجذري للمشكلة، كما تستخدم أداة رسم الخرائط كأداة تحليلية لتوثيق المعلومات، وتحليلها، وتحسينها، وإدارة الجودة الشاملة.
ختاماً، يجدر الذكر أنّ مجالات استخدام الكايزن واسعة، إذ تشمل الصناعات والقطاعات على اختلافها، مثل: الرعاية الصحية، وقطاع الخدمات، والتعليم، وتجارة التجزئة، والمطاعم، والفنادق، وغيرها.
المراجع
[1] investopedia.com, Kaizen: Understanding the Japanese Business Philosophy
[2] techtarget.com, Kaizen (continuous improvement)
[3] symestic.com, The Kaizen philosophy: A guide to continuous improvement
[4] bdc.ca, Kaizen process: 5 steps for radical transformations in your business
[5] creativesafetysupply.com, What is Kaizen Continuous Improvement?